كثُرت الدراسات التي تناولت التأثيرات السلبية التي تُسببها الأخبار الزائفة على الشباب، والدراسات التحليلية التي ناقشت القلق السياسي كنتيجة مباشرة للمعلومات المضللة والأخبار الزائفة المنتشرة على صحفات مواقع التواصل الاجتماعي. لا سيما أنَّ انتشار هذه الأخبار بات يشكل خطرًا كبيرًا في الآونة الأخيرة على شريحة الشباب، لنكون بالتالي إزاء ظاهرة تُحايِث مجمل السردية التكنولوجية الحديثة.
لهذا السبب، اقترح عدد من التربويين الحداثيين تضمين مادّة التربية الإعلامية لتوعية الفئة الشبابية وجعلها قادرة على التمييز بين الأخبار المزيفة والأخبار الصحيحة، وتنْقية مواقع التواصل الاجتماعي من جميع المعلومات التي قد تشكل بلبلة، خصوصًا الكاذبة منها، وبالتالي دفع الشباب نحو الإجابة عن الأسئلة التي من شأنها أن تجعلهم متنبّهين، حذرين، وقادرين على التريّث قبل مشاركة الأخبار مع الآخرين. على سبيل المثال، سؤالهم عن مدى صدقية المصدر، ومَن هو كاتب الخبر وناشره؟ ومتى تاريخ النشر؟ هل هو خبر قديم أو حديث؟ وفي حال كانت صورة، هل هي حديثة أم قديمة، وهل نُشرت لتحريك المشاعر؟ هل هي حقيقية أم مفبركة وخاضعة لتقنية التزييف العميق؟
الإجابة عن هذه الأسئلة كافية لحماية الشباب من الأخبار المضللة التي تساهم في بث القلق السياسي لديهم. والسؤال الذي يُطرح بقوة حيال هذا الموضوع هو “كيف تساهم الأخبار- المعلومات الزائفة والمضللة في بثّ وتعزيز القلق السياسي لدى الفئة الشبابية بالذات”؟
يتصدر الإنترنت قائمة اهتمام الفئة الشبابية في العالم، وتنتشر الأخبار الزائفة والأفكار السلبية التي تُنتِج شعورًا بالكراهية وتحريضًا واضحًا على شبكات التواصل الاجتماعي. يليه ما تبثّه الصّحف الرقمية والمطبوعة بنسختها الإلكترونية، ثمَّ القنوات التلفزيونية وبرامجها التي صار من السهل متابعتها عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعيّ.
وأظهرت نتائج دراسة ميدانية تشمل عينة من الشباب الجامعيّ السعودي، بعنوان "الأخبار السلبية على شبكات التواصل الاجتماعي وعلاقتها بمستوى القلق السياسي لدى الشباب السعودي: دراسة ميدانية على عينة من الشباب الجامعي"، أجراها الباحث سعد بن سعود بن محمد بن عبد العزيز آل سعود، أنَّ "منشأ القلق السياسي لا يكمن في مجرد التعرّض للأخبار السلبية والزائفة بل في تصديقها، إذ إنّ أكثر المستخدمين تصديقًا وثقةً في وسائل التواصل الاجتماعيّ كمصادر إخبارية هم الفئات الأكثر قلقًا".
ويُعتبر القلق حالة تنتاب الجموع في أوقات معينة لها مظاهرها وصورًا متعددة. ويشترك القلق مع شعور الاضطراب والانزعاج والغضب، ويدفع بالفرد إلى تغيير الطريقة التي ينظر بها إلى الحياة المعاشة اليومية، أي يصبح أكثر سلبيةً، ومُصاحَبًا بخوف وارتياب غير مبرَرين، ممّا يدفعه إلى تغيير آرائه السياسية.
كيف يحصل ذلك؟
يمكن تخيّل القلق الناتج عن تدفق الأخبار الزائفة، وكيف يمكن له أن يؤدي إلى تشكيل حالة من الوعي الزائف لدى الضحية، ووجهات نظر تودي به إلى طرق ملتوية، وإلى تشتيت انتباهه. لذلك، فإن الأشخاص القلقين يميلون نحو خطابات تروّج لحمايتهم من وهم الخطر المحدق بهم.
ومثال على ذلك، قضية الهجرة التي تتصدر قضايا العالم في هذا العصر. فإنَّ الترويج للأخبار المضللة حولها، كالخطر الذي يشكله الشخص المهاجر على البنية الاجتماعية والاقتصادية والهوية الوطنية؛ هذا القلق السياسي الذي ينمو داخل الشبكة الاجتماعية، غالبًا ما ينتج عنه تصديق أعمى لخطابات السياسيين الذين يروجون لقدرتهم على حلّ جميع مشاكل البلاد، عبر طردهم للمهاجرين وإغلاق الحدود وفرض إجراءات أمنية تحمي المواطنين من خطرهم.
وحسب دراسة نُشرت سنة 2009، فإنَّ أولئك الأكثر تصديقًا للتهديد، يميلون إلى الشعبويين واليمينيين المتطرفين، الذين يتشدّقون بحماية المجتمع من التهديدات المصطنعة، التي تعززها الأخبار المضللة، والزائفة. عبر تعزيز قوة الجيش وتطبيق عقوبات شديدة على المهاجرين ومعارضة أي خطاب يميل للدفاع عنهم.
يرتبط القلق السياسيّ كثيرًا بنشر الأخبار الزائفة والمضللة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحف، ما يجعل من الواقع مشوهًا، ومن الكراهية والخوف والاضطراب شعار العصر.
إقرأ/ي أيضًا:
خداع المستهلكين خلف ملصقات المنتجات الغذائية المضللة
هل أعراض القلق النفسي عند الرجال خطيرة؟
المصادر: