يستطيع الخبراء الجيولوجيون معرفة الأماكن النشطة لحدوث الزلازل والبراكين، وأنّ زلزالًا سيحدث في دولة معينة عاجلًا أو آجلًا، لكن لا يمكن أنْ يحددوا المكان والزمان بالضبط.
وعكس هذه الحقيقة العلمية، انتشرت ادّعاءات حول العالم في أعقاب الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية، يوم الاثنين السادس من فبراير/شباط الجاري، بقوة 7.8 درجة، وتفيد هذه الادّعاءات بأنّ علماء الفلك والجيولوجيا يتوقعون أن يضرب زلزال مماثل باكستان، وادّعاءات أخرى قالت إنه سيضرب دول الخليج واليمن والعراق، وهناك من نشر إشاعاتٍ حول توقع العلماء وقوع زلزالٍ كبيرٍ آخر سيُصيب سورية وفلسطين وتركيا.
ووفقًا لهيئة المسح الجيولوجيّ الأميركية، لم يتوقع أي علماء على الإطلاق حدوث زلزال كبير، وقال ميشيل برونو، الأستاذ في جامعة بوفالو والخبير في هندسة الزلازل لوسائل إعلام عالمية "لا يوجد علم أو سحر في الوقت الحالي يجعل المرء قادرًا على التنبؤ بحدوث زلزال في منطقة معينة".
وهو أيضًا ما يوافق عليه إيغيل هوكسون، أستاذ الجيوفيزياء في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا الذي قال لوكالات أنباء دولية "نحن لا نفهم بعض الفيزياء الأساسية للزلازل، ولم يكن من الممكن حتى الآن معرفة الوقت الذي سيحدث فيه الزلزال".
وأضافت هيئة المسح الجيولوجيّ الأميركية أنّ العلماء يستطيعون الحديث في احتمالية حدوث الزلازل في مناطق معينة خلال أطر زمنية معينة، دون تحديد الوقت والمكان بالضبط.
من جهته أضاف هوكسون خلال تصريحاته أنّ الهند وباكستان من المناطق النشطة للغاية من حيث الزلازل. لكن التنبؤ المفترض بأنّ زلزالًا كبيرًا سيضرب الهند وباكستان في الأيام الخمسة عشر المقبلة ليس له أيّ فائدة علمية، بينما قال العالم برونو "لقد جرّب العلماء كلّ طريقةٍ ممكنة لمحاولة التنبؤ بالزلازل، ولم يتمكن أحد من كسرها والتوصل إلى تنبؤ ذي مصداقية".
"فوضى الشائعات"
ومع انتشار أنباء الزلزال المدمر جنوبي تركيا وشمالي سورية، لا يزال الملايين حول العالم يقرأون منشورات عن تغريدةٍ تقول إنّ زلزالًا قويًا سيضرب المنطقة نفسها، نشرها حساب زائف منسوب لخبير هولندي يُدعى فرانك هوغربتس، وقد فندها "مسبار" وقتها.
وقالت مواقع مختصة في الدراسات الجيولوجية إنّ الزلزال الأخير في تركيا وما لحقه من عشرات الهزات الارتدادية القوية يأتي في منطقة معروفة بأنها نشطة زلزاليًا، بل هي منطقة تتميز بـ"تقاطع ثلاثي" أي النقطة التي تلتقي فيها ثلاث صفائح تكتونية (لوحة الأناضول مع الصفيحة العربية والأفريقية).
من ناحية أخرى، فإن هيئة المسح الجيولوجيّ الأميركية قالت إنّ التنبؤ الحقيقي والدقيق بالزلازل يحتاج إلى التاريخ والوقت والموقع والحجم، وهذا ليس ما يحدث الآن بل هو عبارة عن فوضى شائعات، مؤكدة أنّ طبيعة الزلازل لا يمكن التنبؤ بها، لذلك من الصعب تطوير نظام موثوق للإنذار المبكر بالزلازل، فلا توجد تقنية متاحة يمكنها التنبؤ بدقة ومتسقة بموعد وأين سيضرب الزلزال.
كيف يحدث الزلزال؟
وقالت مواقع مختصة في الزلازل والبراكين حول العالم، إنّ قشرة كوكب الأرض تتكون من العديد من الصفائح التكتونية المترابطة والتي تتحرك باستمرار وتتفاعل مع بعضها البعض، مما يتسبب في حدوث الزلازل.
وعلى الرغم من أنّ العلماء تمكنوا من تحديد أنماط وسلوكيات معينة على مر السنين قد تشير إلى حدوث زلزال وشيك، مثل التغيرات في النشاط الزلزالي، وحركة الانصهار تحت الأرض، وتراكم الإجهاد في قشرة الأرض، إلا أنّ أيًّا من هذه العوامل لا يوفر تنبؤًا واضحًا وموثوقًا.
وقالت الأبحاث إنّ النماذج التي طورها العلماء لفهم سلوك الزلازل محدودة بنوعية وكمية البيانات المتاحة، فضلاً عن مدى تعقيد أنظمة الأرض، وعلى الرغم من استحالة التنبؤ بالزلازل بشكلٍ دقيق إلّا أن هناك عوامل تخفيف مثل قانون البناء الزلزالي، والوعي ونظام الإنذار المبكر بمناطق الزلازل التي سيكون لها تأثير كبير على المجتمع لأنها ستمنح الناس والمجتمعات وقتًا كافيًا للإخلاء والاستعداد، وتقليل عدد الضحايا وتقليل الأضرار التي تلحق بالممتلكات والبنية التحتية الحيوية، لكن العالم لم يصل إلى هناك بعد.
المصادر: