` `

هل رفع الاتحاد الأوروبي العقوبات عن حلب بعد سيطرة فصائل المعارضة السورية عليها؟

فراس دالاتي فراس دالاتي
سياسة
4 ديسمبر 2024
هل رفع الاتحاد الأوروبي العقوبات عن حلب بعد سيطرة فصائل المعارضة السورية عليها؟
فصائل المعارضة السورية سيطرت منذ أيام على مدينة حلب (Getty)

تتداول حسابات على مواقع التواصل الاجمتاعي، حديثًا، أخبارًا تفيد بأنّ حلب "أصبحت خارج نطاق العقوبات الأوروبية على سوريا، وبالتالي يُسمح بعمل المنظمات الدولية الإنسانية بحرية تامة"، وذلك بعد أن أعلنت فصائل المعارضة السورية، بقيادة هيئة تحرير الشام، سيطرتها على كامل المدينة منذ أيام، في إطار معركة ردع العدوان.

الادّعاء بأنّ مدينة حلب أصبحت خارج نطاق عقوبات الاتحاد الأوروبي
الادّعاء بأنّ مدينة حلب أصبحت خارج نطاق عقوبات الاتحاد الأوروبي
الادّعاء بأنّ مدينة حلب أصبحت خارج نطاق عقوبات الاتحاد الأوروبي
الادّعاء بأنّ مدينة حلب أصبحت خارج نطاق عقوبات الاتحاد الأوروبي

فيما استخدمت حسابات مؤيدة للنظام السوري الخبر المتداول كـ "دليل" على "عمالة المنظمات الإنسانية" العاملة في شمال سوريا، بوصفها أدوات استخباراتية لدول الناتو تحت غطاء إنساني وقانوني، بحسب وصف المتداولين.

مستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي يتهمون المنظمات الإنسانية في سوريا بالعمالة
مستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي يتهمون المنظمات الإنسانية في سوريا بالعمالة

ما حقيقة هذا التغيير في سياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية تجاه حلب؟

تجدر الإشارة إلى أنّ الاتحاد الأوروبي لم يعدِّل أيًّا من بنود عقوباته المفروضة على سوريا خلال الأيام الفائتة، والحال أنَّ طريقة تطبيق العقوبات الأوروبية المفروضة على سوريا منذ عام 2013، تختلف عن الطريقة التي تعمل بها العقوبات الأميركية، والتي خوّلتها في عام 2022 على سبيل المثال برفع العقوبات عن الاستثمارات الخارجية في منطقة شمال شرقي سوريا، التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أميركيًا.

أما على الجانب الآخر، وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، ففي يوم 27 مايو/أيار 2013، اعتمد مجلس الاتحاد الأوروبي استنتاجات أدان فيها "العنف والانتهاكات الجسيمة المستمرة والمنهجية لحقوق الإنسان في سوريا، والمجازر التي ارتكبتها القوات المسلحة السورية وميليشياتها، وجميع حالات احتجاز رهائن قوات حفظ السلام، والفظائع التي ارتكبها النظام السوري". 

كما أعرب عن قلقه إزاء العمليات العسكرية التي يشنها النظام وأنصاره، فضلًا عن تصاعد العنف بدوافع دينية أو عرقية. ونظرًا لخطورة الوضع، اعتمد مجلس الاتحاد الأوروبي في 31 مايو/أيار 2013 تدابير تقييدية ضد سوريا في العديد من المجالات.

الاتحاد الأوروبي لم يرفع عقوباته عن مدينة حلب أو أيًا من المدن السورية عقب التطورات الأخيرة
الاتحاد الأوروبي لم يرفع عقوباته عن مدينة حلب أو أيًا من المدن السورية عقب التطورات الأخيرة

كما تم تقديم تدابير إضافية في 13 ديسمبر/كانون الأول 2013. وفي 12 ديسمبر 2014، فرض مجلس الاتحاد الأوروبي حظرًا إضافيًا على تصدير المواد التي استخدمتها القوات الجوية لنظام الأسد والتي تشن هجمات جوية عشوائية ضد السكان المدنيين.

وبحسب مجلس الاتحاد الأوروبي، فإنّ عقوباته لا تستهدف مدنًا ومحافظات سوريّة بعينها، بل إنّ الأشخاص والكيانات المدرجة في القائمة هم في الأساس "أولئك الذين يتقاسمون المسؤولية عن القمع العنيف الذي يمارسه النظام السوري ضد السكان المدنيين، ويقدمون الدعم للنظام السوري والجيش السوري، ويستفيدون من النظام السوري، ويساعدون في إنتاج وتطوير الأسلحة الكيميائية للنظام السوري، وينظمون هجمات بالأسلحة الكيميائية، وهم ضباط كبار في القوات المسلحة السورية وأجهزة الأمن والمخابرات السورية، وهم أعضاء في ميليشيات تابعة للنظام السوري".

وتستهدف التدابير التقييدية المعمول بها حاليًا ما مجموعه 316 شخصًا و86 كيانًا. ويخضع بموجبها الأشخاص المعنيون لتجميد الأصول، ويُحظر على مواطني الاتحاد الأوروبي والشركات توفير الأموال لهم. ويخضع هؤلاء الأشخاص أيضًا لحظر السفر، مما يمنعهم من دخول أراضي الاتحاد الأوروبي أو عبورها.

أما في 28 مايو الفائت، مدَّد مجلس الاتحاد الأوروبي التدابير التقييدية التي فرضها الاتحاد على النظام السوري وأنصاره حتى الأول من يونيو 2025، في ضوء "خطورة الوضع المتدهور في سوريا"، بحسب تعبير المجلس. وفي أعقاب المراجعة، قرر المجلس أيضًا إزالة خمسة أشخاص متوفين وشخص آخر من القائمة.

الاتحاد الأوروبي يبقي على هيئة تحرير الشام مدرجة كمنظمة إرهابية لدى قوائمه

في المقابل، فإنّ خروج حلب عن سيطرة النظام السوري لم يغير من الموقف الأوروبي، إذ لم يعلن الاتحاد الأوروبي، لا رسميًا ولا عبر وسائل إعلام، عن أي تغيير يخص مدينة حلب، كما لم يطرأ أي تغيير على خارطة الأراضي السورية التي تشملها عقوبات الاتحاد الأوروبي، وفقًا لآخر تحديث لها يوم 29 نوفمبر العام الجاري. 

خارطة عقوبات الاتحاد الأوروبي للأراضي السورية لم تتغير وفق آخر تحديث لها
خارطة عقوبات الاتحاد الأوروبي للأراضي السورية لم تتغير وفق آخر تحديث لها 

وما زالت هيئة تحرير الشام، التي تقود عملية "ردع العدوان" المستمرة في الشمال السوري، والتي سيطرت بموجبها على مدينة حلب، مُدرجة كمنظمة إرهابية على لوائح الاتحاد الأوروبي. وبحسب أحدث نسخة من "تقرير الدولة" السنوي الخاص بسوريا الذي يُصدره الاتحاد الأوروبي، فإنّ هيئة تحرير الشام "لا تزال مدرجة كمنظمة إرهابية من قبل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والعديد من الدول".

ويعود ذلك إلى تورط قوات هيئة تحرير الشام في عمليات قتل خارج نطاق القضاء واعتقالات تعسفية واحتجاز غير قانوني للمدنيين، إضافة إلى ورود تقارير عن حالات اختفاء قسري ومصادرة ممتلكات ومضايقة وترهيب ضد النساء.

ويشير الاتحاد الأوروبي في تقريره إلى أنّ ذلك التصنيف يبقى مستمرًّا رغم جهود الجماعة لإضفاء الشرعية "ومحاولتها أن تنأى بنفسها علنًا عن تنظيم القاعدة وتصوير نفسها كسلطة مدنية شرعية… واستمرارها في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان".

الحديث عن احتمال تخفيف الولايات المتحدة عقوباتها على النظام السوري

تأتي ادعاءات رفع العقوبات عن حلب بسبب سيطرة المعارضة عليها في الوقت الذي تنتشر فيه أخبار تفيد بالعكس، إذ نقلت وكالة رويترز، أمس الاثنين، عن خمسة مصادر مطلعة أنّ الولايات المتحدة والإمارات تجريان محادثات حول إمكانية رفع العقوبات الأميركية المفروضة على رئيس النظام السوري بشار الأسد، مقابل ابتعاده عن النظام الإيراني وقطع طرق نقل الأسلحة إلى حزب الله عبر سوريا. 

أميركا تبحث مع الإمارات رفع العقوبات عن نظام الأسد في سبيل تغيير سياساته تجاه إيران
أميركا تبحث مع الإمارات رفع العقوبات عن نظام الأسد في سبيل تغيير سياساته تجاه إيران

ووفقًا لتقرير رويترز، فقد تصاعدت هذه المحادثات خلال الأشهر الأخيرة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى احتمال انتهاء صلاحية العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا في 30 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بالإضافة إلى الغارات الإسرائيلية المستمرة على الجماعات الموالية لإيران، بما في ذلك حزب الله وحماس، وكذلك على مواقع وأصول تابعة للنظام الإيراني داخل سوريا.

وأشارت المصادر إلى أنّ هذه المحادثات تمت قبل الهجمات الأخيرة والتقدم المفاجئ الذي أحرزته المعارضة المسلحة ضد قوات الأسد في محافظتي حلب وإدلب. وأضافت المصادر أنّ المكاسب التي حققتها المعارضة تشير إلى "ضعف" في التحالف بين الأسد والنظام الإيراني، وهو ما تسعى الإمارات والولايات المتحدة لاستغلاله عبر هذه المبادرة.

اقرأ/ي أيضًا

حملة مضللة تربط مشاهد إنزال وحرق علم حزب البعث بالعلم الفلسطيني

أبرز المشاهد المضللة عن المعارك الأخيرة بين النظام السوري وفصائل المعارضة

الأكثر قراءة