يعاني قطاع غزة من أزمة إنسانية وصحية كارثية، مع استمرار النزوح ونقص في التزود بالمياه والوقود والغذاء، إذ يواجه 1.8 مليون شخص داخله، الجوع الشديد، بحسب الأمم المتحدة. ورغم التوثيق الدقيق للإبادة الجماعية وإعلانها من قبل منظمات إنسانية دولية، فإن جمعيات طبية، ومجلات علمية، وجماعات ضغط طبية في الولايات المتحدة، تجاهلتها، عكس موقفها من الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما يعكس ازدواجية معايير واضحة.
الكارثة الإنسانية في غزة
بحسب وزارة الصحة في غزة، أودت الحرب الإسرائيلية بحياة أكثر من 44,000 ضحية منذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2023 الفائت، غالبيتهم من النساء والأطفال، وحوالي 1,000 من العاملين في القطاع الصحي. كما دُمِّرت مستشفيات رئيسية، أبرزها مستشفى الشفاء.
ووصفت منظمة العفو الدولية هذه الأعمال بأنها "إبادة جماعية متعمدة"، مشيرة إلى منع إدخال الغذاء والوقود والعلاج الطبي، إلى جانب استهداف الأطفال باستخدام القناصة. وأكدت منظمة الصحة العالمية أنّ الوضع الصحي في غزة يُعد "كارثة إنسانية شاملة"، حيث يؤدي انعدام المياه النظيفة والكهرباء والأدوية إلى استحالة تقديم الرعاية الطبية اللازمة.
يعاني الأطفال الذين يشكلون نصف سكان قطاع غزة من آثار العدوان الإسرائيلي المستمر. إذ يضم القطاع أكبر عدد من الأطفال مبتوري الأطراف في العالم، ومعظمهم لا يمكنه الحصول على العلاج أو الأطراف الصناعية.
وتشير التقارير إلى أنّ قصف المستشفيات ومنع الإمدادات الطبية قد خلق ظروفًا تجعل تقديم الرعاية الصحية مستحيلًا. المرضى الذين يعانون من إصابات معقدة يواجهون الموت، بينما الذين يعانون من الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب فتزداد سوءًا بسبب نقص الأدوية.
ازدواجية معايير الجمعية الطبية الأميركية
أظهرت الجمعية الطبية الأميركية في عام 2022 دعمًا قويًا لأوكرانيا من خلال المساعدات المالية والسياسية والإدانات العلنية، إلا أنّ هذا الموقف لم يتكرر في الحالة الفلسطينية. فالهجمات على المستشفيات واستهداف العاملين الصحيين في غزة لم تلقَ أي إدانة، رغم توثيقها من قِبل منظمات دولية مثل منظمة الصحة العالمية ولجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
وفي السياق ذاته، فإنّ الاحتجاجات التي شهدها اجتماع الجمعية في شيكاغو بالولايات المتحدة الأميركية، والتي نظمتها مجموعة من الأطباء والممرضين والطلاب، سلطت الضوء على هذه الازدواجية.
ففي الثامن من يونيو/حزيران العام الجاري، رفع المحتجون أصواتهم مطالبين الجمعية بالاعتراف بالإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق الفلسطينيين وإدانتها، معبرين عن خيبة أملهم من موقف الجمعية الذي وصفوه بالمتخاذل وغير الإنساني.
رغم هذه المطالب، واجهت الجمعية انتقادات شديدة لعدم استجابتها، لمعاناة ملايين الفلسطينيين في غزة. كما أشار المتحدثون خلال الاحتجاج إلى التناقض الصارخ بين دعم الجمعية السخي لأوكرانيا وصمتها المطبق تجاه غزة.
في حين لم يطالب المحتجون بمساعدات مالية لغزة، اكتفوا بالمطالبة بإدانة الإبادة الجماعية والاعتراف بحق الفلسطينيين في الحياة الكريمة.
وفي نفس السياق التزمت مؤسسة بيل وميليندا غيتس، الصمت تجاه جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في غزة، وهو موقف يتناقض بوضوح مع استجابتها السريعة لإدانة عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023.
تجاهل مجلة نيو إنغلاند الطبية للأزمة الصحية في غزة
تعد مجلة "نيو إنغلاند الطبية" من أكثر المجلات الطبية نفوذًا على مستوى العالم، لكنها التزمت الصمت حيال الكارثة الإنسانية في غزة. رغم التدهور الكبير في الأوضاع الصحية بسبب القصف وتدمير المرافق الطبية ومنع الإمدادات الإنسانية، لم تنشر المجلة أي دراسات أو مقالات عن هذه الانتهاكات، على عكس تغطيتها المكثفة لأزمات أخرى مثل الحرب في أوكرانيا أو الأزمة في سوريا واليمن.
ولاحظ مسبار أنّ المجلة لم تنشر أي تقرير عن آثار الاحتلال الإسرائيلي أو الحصار المفروض على الفلسطينيين منذ عام 1986، رغم الأدلة الدامغة التي توثق التدهور المستمر في الأوضاع الصحية في غزة والضفة الغربية، إثر الاحتلال الإسرائيلي.
اقرأ/ي أيضًا
الخروقات الإسرائيلية لاتفاقية وقف إطلاق النار بين الدعاية الإسرائيلية والتضليل الإعلامي
وسائل إعلام غربية تشكك في تقرير العفو الدولية الذي يتهم إسرائيل بارتكاب الإبادة الجماعية في غزة