` `

أبرز الادعاءات المضللة التي رافقت سيطرة قوات المعارضة على سجن صيدنايا

فريق تحرير مسبار فريق تحرير مسبار
سياسة
9 ديسمبر 2024
أبرز الادعاءات المضللة التي رافقت سيطرة قوات المعارضة على سجن صيدنايا
ادعاءات مضللة عديدة انتشرت عقب السيطرة على السجن سيء السمعة

في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، شنت قوات المعارضة السورية هجومًا مفاجئًا استهدف قوات النظام في عدة محافظات سورية، وتقدمت على إثر ذلك بشكل سريع وغير مسبوق. وخلال أيام معدودة، تمكنت قوات المعارضة من السيطرة على مجموعة من المدن الرئيسية، وعلى رأسها العاصمة دمشق، التي دخلتها في الثامن من ديسمبر، ما أسفر عن انهيار نظام بشار الأسد وفراره إلى روسيا حيث مُنح اللجوء هناك.

مع إحكام السيطرة على دمشق، شرعت قوات المعارضة في تحرير عدد كبير من السجناء المحتجزين في الفروع الأمنية وسجون النظام، بما في ذلك سجن صيدنايا الذي يقع على بعد 30 كيلومترًا إلى الشمال من العاصمة السورية دمشق، والذي وصفته تقارير حقوقية بأنه "مسلخ بشري".

ومع التطورات المتسارعة، تداول مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي ادعاءات متضاربة ومعلومات غير دقيقة حول عملية التحرير وما جرى داخل سجن صيدنايا. رصد "مسبار" جزءًا واسعًا من هذه الادعاءات، ليفند ما هو زائف ومضلل منها.

فيديو من 2018 لأم فلسطينية تستقبل ابنها المحرر روّج على أنه في سوريا حديثًا

تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا مقطع فيديو زُعم أنه يظهر لحظة استقبال أم سورية لابنها بعد إطلاق سراحه من سجون النظام السوري، حيث قضى نحو 20 عامًا في الأسر، وذلك عقب تحريره من قبل قوات المعارضة.

إلا أن تحقيق مسبار بيّن أن الفيديو قديم ويعود إلى فبراير/شباط 2018، وهو يوثق لحظة مؤثرة لأم فلسطينية تستقبل ابنها الذي أمضى 20 عامًا في السجون الإسرائيلية. 

ووفقًا لما تم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي، فقد كان الابن يبلغ من العمر 18 عامًا عند اعتقاله، وخرج من السجن بعمر 38 عامًا.

ادعاء من 2018 لأم فلسطينية

ادعاءات مضللة حول صيدنايا روّج لها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي

مع انتشار مقاطع فيديو حقيقية لتحرير المعتقلين من سجن صيدنايا، تداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لقيت تفاعلًا واسعًا وزُعم أنها توثق لحظة خروج معتقل سوري من سجن صيدنايا بعد سيطرة المعارضة السورية على السجن وإطلاق سراح جميع المعتقلين.

لكن بعد التحقق من الادعاء، تبين لمسبار أنه زائف، إذ إن الصورة هي لقطة شاشة من مقطع فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي، وليست حقيقية.

ونُشر الفيديو الأصلي في 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري على حساب "sanzaruu" في منصة تيك توك، وهو حساب متخصص في إنشاء مقاطع فيديو باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي يظهر في المقطع شاب يخرج من حفرة تحت الأرض ممسكًا بعنكبوت ضخم، وأشار الحساب إلى أن الفيديو مولد بالذكاء الاصطناعي.

صورة بالذكاء الاصطناعي وليست لمعتقل سوري

وفي التاسع من ديسمبر/كانون الأول الجاري، انتشر مقطع فيديو على نطاق واسع عبر حسابات وصفحات على منصتي إكس وفيسبوك، زُعم أنه يوثق مشاهد لأحد المعتقلين السوريين في زنزانة انفرادية في القسم الأحمر في سجن صيدنايا، وذلك بعد تحريره.
ومع ذلك، أظهر تحقيق مسبار أن الادعاء زائف، حيث أظهرت الأدلة التقنية وتحليل المشاهد أن الفيديو يعود لمحاكاة فنية لزنزانة في متحف مخلفات حرب فيتنام بمدينة هو تشي منه (سايغون) جنوب شرقي فيتنام، وليس لمعتقل سوري في سجن صيدنايا.

وكانت المشاهد الحقيقية تشير إلى زنزانة ضمن قسم معرض السجناء في المتحف الفيتنامي، وتمكّن مسبار من العثور على مشهد مطابق للفيديو المنشور، ضمن جولة داخل المعرض ذاته على قناة يوتيوب بتاريخ 15 مارس/آذار 2017.

صورة متعلقة توضيحية

مقطع فيديو لأسير فلسطيني رُوّج على أنه يعود لمعتقل سوري

وتداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا مقطع فيديو زُعم أنه يظهر معتقلًا سياسيًا سوريًا قضى 30 عامًا في سجون حزب البعث السوري، وبعد تحريره من سجن صيدنايا، توجه إلى قبور أبنائه الذين قُتلوا أثناء الثورة السورية على يد جيش النظام.

لكن بعد التحقق من الادعاء، تبين لمسبار أنه مضلل، إذ إن مقطع الفيديو يعود لأسير فلسطيني يُدعى سامي غنيم، من بلدة برقين غرب مدينة جنين. نُشر الفيديو في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، ويُظهر غنيم بعد خروجه من السجون الإسرائيلية وزيارته لقبري ابنيه، محمد ونور، اللذين استشهدا برصاص الاحتلال أثناء وجوده في الأسر.

وكانت منصات إعلامية فلسطينية قد أجرت لقاءات مع سامي غنيم بعد الإفراج عنه، إذ تحدث عن وضع الأسرى داخل السجون الإسرائيلية، وعن فقدانه لابنيه خلال فترة اعتقاله التي استمرت عامين.

ادعاء لفيديو يعود لأسير فلسطيني

سجن صيدنايا: رمز للقمع وانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا

يقع سجن صيدنايا، الذي أُنشئ عام 1987 على بعد 30 كيلومترًا شمال العاصمة دمشق، في منطقة تحيطها السرية والعزل شبه الكلي عن العالم الخارجي. ويُعدّ السجن واحدًا من أكثر المرافق شهرة بسوء المعاملة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتحوّل إلى رمز للقمع السياسي والانتهاكات الإنسانية في سوريا. يوصف السجن بـ"المسلخ البشري" في إشارة إلى مستويات عالية الخطورة للعنف الممنهج داخله.

وفقًا لتقارير منظمات حقوقية، مثل منظمة العفو الدولية،  شهد سجن صيدنايا تاريخيًا ممارسات مروعة، شملت التعذيب الجسدي والنفسي، كالصعق الكهربائي، الحرمان من الطعام والماء، والإجبار على اتخاذ أوضاع جسدية مؤلمة لفترات طويلة، أدت إلى وفاة العديد من السجناء. 

وتشير تقارير منظمات إنسانية إلى أن ما بين 5,000 و13,000 شخص أُعدموا سرًا داخل السجن بين عامي 2011 و2015، في إعدامات تتم عادة دون محاكمة. علاوة على ذلك، كشفت شهادات ناجين عن ظروف احتجاز غير إنسانية، حيث يتم منع الرعاية الصحية تمامًا، ويتوفى السجناء بسبب الجوع أو الأمراض القابلة للعلاج.

حبل اعدام صيدنايا
صورة نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي لحبل إعدام ميداني كان يستخدم في سجن صيدنايا (Getty)

سيطرة المعارضة السورية المسلحة على السجن بعد سقوط النظام السوري تُعد نقطة تحول هامة في تاريخ سوريا الحديث.  ويرى مراقبون أن تحرير السجناء من صيدنايا وغيره من مراكز الاحتجاز، نهاية حقبة طويلة من الظلم والانتهاكات. وأن إطلاق سراح آلاف المعتقلين سيكشف عن فظائع تاريخية مارسها النظام السابق، ويُسهم في تقديم شهادات حية تسلط الضوء على حجم الجرائم المرتكبة داخله. مما يمهد بحسب ناشطين للمطالبة بالعدالة والمساءلة عن سنوات من القمع والانتهاكات.

فرق مختصة من الدفاع المدني السوري تبحث عن أبواب سرية داخل صيدنايا

قال الدفاع المدني السوري في بيان اليوم الاثنين إن فرقه المختصة والتي وصلت حديثًا إلى السجن، ما تزال تبحث عن أبواب سرية أو أقبية غير مكتشفة يحتمل وجود معتقلين فيها لم يفرج عنهم بعد.

كما أشار الدفاع المدني السوري أنه خصص مكافأة مالية بحدود ثلاثة آلاف دولار أمريكي، لكل من يدلي بمعلومات مباشرة تؤدي إلى تحديد أماكن سجون سرية في سوريا يوجد فيها معتقلون.

ومنذُ إعلان المعارضة المسلحة سيطرتها على سجن صيدنايا، توافد آلاف الأهالي إلى محيط السجن بحثًا عن أقاربهم ومعارفهم من المعتقلين، آملين في معرفة مصيرهم أو العثور عليهم. وقام الأهالي بمراجعة السجلات التي تم العثور عليها داخل السجن بعد السيطرة عليه، بحثًا عن أسماء تخصهم بين قوائم المحتجزين.

البحث عن معتقلين صيدنايا
مجموعة من الأشخاص يحاولون البحث عن أسماء معتقلين لهم في سجلات السجن (Getty)

اقرأ/ي أيضًا

الصورة مولدة بالذكاء الاصطناعي وليست لمعتقل سوري عقب تحريره من سجن صيدنايا

الفيديو من متحف في فيتنام وليس لمعتقل سوري في سجن صيدنايا

الأكثر قراءة