ادعاءات مضللة وغير دقيقة حول الاستقرار المالي والدعم الخارجي لتونس
الادعاء
مؤشرات حديثة لتحسن الوضع المالي والدعم الخارجي لتونس.
الخبر المتداول
تتداول صفحات وحسابات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، حديثًا، مؤشرات زعمت أنّها لتحسن الوضع الاقتصادي والأمني في تونس، وجاء فيها أنّه تم تسديد أقساط القروض في تاريخها، مع عودة إنتاج الفوسفات بنسبة عالية جدًّا، وأنّ القرية الصحية في القيروان في طور الإنجاز، إضافة إلى عودة الرحلات الجوية بقوة، واختيار أربعة ملايين سائح لتونس كوجهة لهم. كما ادّعت أنّ الميزانية سجلت فائضًا بقيمة 314 مليار، مع استقرار أمني وإحباط أكثر من 70 عملية إرهابية.
وذكر الادّعاء أنّ دولًا أوروبية وآسيوية تجدد ثقتها في تونس وتعتبر ما يحصل تحولًا نوعيًّا في سياسة البلاد نحو الديمقراطية الفعلية وإرساء دولة قانون ومؤسسات بعيدًا عن الفساد والمحاصصات الحزبية. وقالت إنّ لجنة البندقية اعتذرت رسميًّا عن تدخلها في الشأن التونسي، مع قرار من رئيس الجمهورية بطرد أي هيئة ديبلوماسية تحاول التدخل في الشأن الداخلي لتونس أو التآمر على سيادتها بمعية أعداء الداخل.
تحقيق مسبار
تحقق "مسبار" من الادّعاء المتداول وتبين أنّه مضلّل، إذ إنّ أغلب المؤشرات المتداولة غير دقيقة، زائفة أو انتقائية.
تسديد أقساط القروض في تاريخها
تعاني ميزانية تونس شحًّا في الموارد، وهو ما اضطرها إلى التداين الذي بلغ وفق وزارة المالية التونسية حوالي 105.7 مليار دينار (35.01 مليار دولار) في نهاية مارس/آذار الفائت، بزيادة 8.6% مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2021 ويمثل ذلك 82% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد.
وقالت نجلاء بودن رئيسة الحكومة التونسية إنّ حكومتها نجحت في "سداد الديون الداخلية والخارجية للبلاد" في شهر مايو/أيار الفائت، دون أن توضح طبيعة تسديدها.
وبالبحث وجد "مسبار" أنّه في أغسطس/آب2021، (قبل تشكيل حكومة بودن) سددت البلاد قرضًا من السوق المالية العالمية لسنة 2016، تقدر قيمته بنحو 503.54 مليون دولار أميركي وتتوزع على 500 مليون دولار بعنوان الأصل و3.54 مليون دولار بعنوان الفوائد.
كما لجأت تونس إلى الاقتراض من البنوك المحلية لتمويل ميزانيتها، ووافقت الدولة في 30 مايو الفائت، على الاقتراض من البنوك المحلية باليورو والدولار. وقال الخبير الاقتصادي والمالي معز حديدان تعليقًا على قرار الدولة التونسي الاقتراض من البنوك المحلية، لإذاعة إكسبرس إف أم بتاريخ 1 يونيو/حزيران الفائت، إن هذا القرض "سيخصص لتسديد الجزء الثاني من القرض الذي تم اقتناؤه في يونيو 2020 والذي يبلغ حجمه 257 مليون دينار ويقع سداده على 3 سنوات بنسبة فائدة 2 في المئة، وأنّ الحصة الثانية منه 80 مليون يورو وهي قيمة هذا القرض". أي أنّ سداد الدين تم عن طريق دين آخر وليس مؤشرًا لتحسن الوضع المالي والاقتصادي.
الوضع المالي في تونس
قالت وزيرة المالية التونسية سهام البوغديري لوكالة رويترز إنّ الحكومة تأمل في بدء مفاوضات رسمية في الأسابيع المقبلة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 4 مليار دولار، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أسوأ أزمة مالية.
وذكرت الوكالة أنّ "تونس تسعى للحصول على القرض لتجنب الإفلاس المالي العام، لكن هذا قد يعني الالتزام بإصلاحات غير شعبية، بما في ذلك تجميد الأجور وخفض دعم الطاقة والغذاء".
كما أعلنت الوكالة العالمية للتصنيف الائتماني ''فيتش رايتنغ''، في مارس الفائت، أنه تم تخفيض تصنيف تونس السيادي من B سلبي إلى CCC، مع آفاق سلبية.
وأوضحت، في بيان لها، أن خفض التصنيف إلى "CCC" يعكس مخاطر السيولة المالية والخارجية المتزايدة بالنسبة لتونس في سياق المزيد من التأخير في الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي بعد التغييرات السياسية التي عرفتها في يوليو/تموز 2021، وهو أمر ضروري للوصول إلى دعم الميزانية من معظم الدائنين الرسميين".
إنتاج الفوسفات
تضاعف إنتاج تونس من الفوسفات إلى 1.3 مليون طن في الربع الأول من عام 2022 مقارنة بالفترة نفسها من العام الفائت. وقال مسؤول في شركة الفوسفات الحكومية لرويترز في مايو الفائت، إن تونس استأنفت صادراتها من الفوسفات بعد 11 عامًا وتتوقع شحن أكثر من 300 ألف طن هذا العام بسبب زيادة حادة في الطلب العالمي وما لا يقل عن 600 ألف طن العام المقبل.
المدينة الصحية في القيروان
تعهد الرئيس التونسي قيس سعيّد عام 2020، بإنشاء مدينة صحية في القيروان وقال إنّ الدراسات المتعلقة بها تكاد تكون جاهزة، وأعلن بعد أشهر عن المرور إلى المرحلة الثانية من المشروع.
وفي يناير/كانون الثاني من عام 2022، صدر أمر رئاسي لإحداث وحدة تصّرف لتركيز مشروع المدينة الطبيّة في القيروان. وقد حُدّدت مدة إنجاز مهام وحدة التصرف حسب الأهداف بعامين تحتسب بداية من تاريخ نفاذ هذا الأمر الرئاسي، ويمكن التمديد فيها لمدة عام واحد. أي أنّ عملية الإنجاز الفعلية لن تتم قبل عامين على الأقل.
أربعة ملايين سائح يختارون تونس؟
لم يعثر "مسبار" على معطيات دقيقة حول عدد الرحلات والسياح الذين زاروا تونس أو بصدد الحجز لزيارتها، لكن تبين أنّ الأرقام المتداولة تعود إلى توقعات وزير السياحة محمد المعز بلحسين التي صرح بها في إذاعة موزاييك إف أم في 27 إبريل/نيسان 2022. وقال بلحسين إنّ "مؤشرات الموسم السياحي إيجابية بعد فترة صعبة جدًّا جراء جائحة فايروس كورونا التي تسببت في شلل تام في القطاع".
وبخصوص عدد السياح الذين سيزورون تونس في 2022، أوضح أنّ وزارته تعمل على تحقيق نصف ما تمّ تسجيله في 2019 التي شهدت زيارة 9.4 مليون سائح، أي حوالي أربعة ملايين سائح. وتابع أنّه سيتمّ التركيز على السوق الجزائرية والليبية.
وقال في حوار له مع موقع البورصة، إنّه وفق الإحصائيات التي قامت بها الوزارة، وفد إلى تونس مليون سائح في الربع الأول من عام 2022.
إحباط أكثر من 70 عملية إرهابية
لم يعثر "مسبار" على أي خبر في أي مصدر موثوق، يتعلق بإحباط القوات التونسية لأكثر من 70 عملية إرهابية في البلاد، مؤخرًا.
دول أوروبية وآسيوية تعتبر ما يحصل في تونس تحولًّا نوعيًّا
كما لم يعثر "مسبار" على أي بيانات رسمية لسفارات أو وزارات خارجية دول أوروبية أو آسيوية تعتبر ما يحصل في تونس تحولًا نوعيًّا في سياستها نحو الديمقراطية الفعلية وإرساء دولة قانون ومؤسسات بعيدًا عن الفساد والمحاصصات الحزبية.
ويشار إلى أنّ مجموعة الدول السبع أصدرت بيانًا في ديسمبر/كانون الأول 2021، دعت فيه تونس إلى عودة "سريعة لعمل المؤسسات الديمقراطية في البلاد وتحديد سقف زمني واضح لذلك"، وأكدت على "أهمية احترام الحريات الأساسية لجميع التونسيين".
وقال سفراء الدول الأعضاء في مجموعة السبع المعتمدون في بيانهم "نُعرب نحن رؤساء بعثات سفارات كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ووفد الاتحاد الأوروبي بتونس عن دعمنا الشديد للشعب التونسي في انتهاجه طريق الحوكمة الفعّالة والديموقراطية والشفافية".
لجنة البندقية تعتذر عن تدخلها في الشأن التونسي؟
دقق "مسبار" في هذا الادّعاء ووجد أنّه زائف، إذ لم تنشر لجنة البندقية أي اعتذار رسمي حول تدخلها في شأن تونس، ولم يصرح أي عضو في اللجنة بذلك.
يذكر أنّ الرئيس التونسي قيس سعيّد، عبّر عن رفضه لرأي لجنة البندقية في الإطار التشريعي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء الذي أعلن عنه ووصف تقريرها، بأنه "تدخل سافر وغير مقبول في الشؤون الداخلية التونسية". وقال إنّ وجود ممثلي اللجنة في البلاد غير مرغوب فيه. كما دعا وزير خارجيته إلى تعليق عضوية تونس في اللجنة.
وفي علاقة بالفائض المسجل في ميزانية البلاد بقيمة 314 مليار دينار، يعمل “مسبار” على إنجاز مدونة خاصة بهذا الادعاء، ستنشر في الإبان.
اقرأ/ي أيضًا
رسالة لاستشارة وزير أملاك الدولة للجنة البندقية وليست لقيس سعيد حول إجراءاته
عدم ذكر الإسلام كدين للدولة في تونس مقترح لمسودة الدستور الجديد ولم يتبن رسميًّا