` `

كيف ساهمت ميتا في جمع تمويلات لجيش الاحتلال الإسرائيلي عبر إعلاناتها؟

محمود سمير حسنين محمود سمير حسنين
تكنولوجيا
25 ديسمبر 2024
كيف ساهمت ميتا في جمع تمويلات لجيش الاحتلال الإسرائيلي عبر إعلاناتها؟
تقاعس تنفيذ سياسات ميتا تسهل ترويج الاحتلال الإسرائيلي تمويل قواته (Getty)

نشرت منظمة إيكو الرقابية الأميركية تقريرًا مفصلًا عن كيفية استخدام مؤثرين وجنود ومشرعين إسرائيليين لإعلانات ميتا مدفوعة الأجر، لاستقطاب ممولين لصالح قوات الاحتلال الإسرائيلي، لدفعهم إلى شراء أسلحة مثل المسيّرات المتقدمة تكنولوجيًا، البنادق، وغيرها من معدات تكتيكية تستخدمها إسرائيل في حربها على قطاع غزة.

يقول التقرير إنه فنّد أكثر من 90 إعلانًا مختلفًا كان موجهًا بشكل كبير إلى دول الاتحاد الأوروبي عن طريق الجمعيات الخيرية المؤيدة لإسرائيل. مضيفًا أنّ الإعلانات شابها خطاب يحض على الكراهية، واللغة التحريضية والدعوات الصريحة للعنف، التي تنتهك القانون الدولي، وهو ما تستفيد منه شركة ميتا بشكل مباشر من خلال إتاحة المنصة للترويج لإعلانات مدفوعة الأجر بهدف التكسب من المروجين.

تقرير  منظمة إيكو الرقابية يؤكد تكسب ميتا من إعلانات إسرائيلية محرضة على العنف
تقرير  منظمة إيكو الرقابية يؤكد تكسّب ميتا من إعلانات إسرائيلية محرضة على العنف

ويشير التقرير إلى أنّ هذه النوعية من الإعلانات مدفوعة الأجر التي تستخدمها إسرائيل لتمويل قواتها المتوغلة في غزة والضفة الغربية ولبنان، تناقض بشكل صارخ التزامات ميتا العلنية ومسؤوليتها تجاه كبح انتشار خطاب الكراهية على منصاتها.

منظمات إسرائيلية تدعو لإبادة الفلسطينيين عن طريق إعلانات ميتا

من جهة أخرى يعرض التقرير تخوفات من أنّ المنظمات التي تعمل على نشر الإعلانات هي منظمات لا ينطبق عليها قانون الضرائب، وهو الأمر الذي يثير مخاوف قانونية بموجب قوانين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية فيما يتعلق بالمساهمات الخيرية الموجهة لأغراض عسكرية، إذ عادة ما تعرض هذه الحملات الدعائية نداءات من قبل جنود تابعين للاحتلال الإسرائيلي، وبعضهم ينتمي إلى وحدات متورطة بشكل مباشر في انتهاكات للقانون الدولي، مثل لواء الكوماندوز رقم 551، الذي ظهر أحد أفراده وهو نقيب ضمن اللواء، ليناشد التبرعات بتزويد وحدته بمعدات عسكرية، مثل صفائح للدروع، خوذ تكتيكية، مسيّرات (طائرات بدون طيار) ذات تكنولوجيا متطورة من طراز DJI MAVIC PRO 3، التي تمكّن قوات الاحتلال الإسرائيلي من تعديلها لتحمل متفجرات وتستخدم في الحرب الإسرائيلية الجارية على القطاع. 

وفي السياق ذاته، رصد التقرير إعلانات دعت إلى احتلال غزة ولبنان وإعادة الاستيطان فيهما، وضم الضفة الغربية، خاصة في أعقاب فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي حملت عبارات تحض على الكراهية والعنصرية، لتبرير العنف ضد ما يسمونه "غير اليهود".

وزير إسرائيلي يحض على تهجير الفلسطينيين من خلال إعلان مدفوع الأجر على ميتا
وزير إسرائيلي يحض على تهجير الفلسطينيين من خلال إعلان مدفوع الأجر على ميتا

ويذكر التقرير أنّ بعض الإعلانات كانت تروج لمهرجان ومؤتمر حركة المستوطنين اليمينية المتطرفة المثيرة للجدل في إسرائيل، وغيرها من إعلانات تابعة لمنظمات متشددة تمجد علنًا جرائم الحرب تحت ستار القومية، مستخدمة ميتا كأداة للدعاية للأجندة العسكرية الإسرائيلية المتطرفة.

مؤتمر لليمين المتطرف الإسرائيلي يدعو لاستيطان غزة
مؤتمر لليمين المتطرف الإسرائيلي يدعو لاستيطان غزة

قوات تابعة للاحتلال الإسرائيلي تطلب علنًا تمويل لواءاتها لمواصلة الحرب على غزة

ويثير التقرير تساؤلًا حول هذه الدعوات التي تركز على جمع التبرعات للمسيّرات المتطورة (الطائرات بدون طيار)، التي تستخدم في العمليات العسكرية لقوات الاحتلال.

إذ يقال إنّ العديد من المسيّرات من نماذج DJI المدنية أو الصناعية، قد تم تعديلها من قبل الجيش الإسرائيلي لحمل المتفجرات، فوفقًا لموقع Bellingcat المختص في التحقيقات الصحفية مفتوحة المصادر، فإنّ نوعية المسيّرات المدرجة في هذه الإعلانات لجمع التبرعات، قد تم تعديلها لحمل وإسقاط المتفجرات وتم استخدامها في معارك سابقة. 

قوات إسرائيلية توثق انتهاكاتها ضد المباني المدنية في قطاع غزة وتتفاخر به
قوات إسرائيلية توثق انتهاكاتها ضد المباني المدنية في قطاع غزة وتتفاخر بها

وهذا بدوره يثير مخاوف عديدة بخصوص تكييف المعدات الممولة من خلال هذه الإعلانات واستعمالها في العمليات العسكرية الهجومية، مما قد يؤدي إلى تفاقم العنف المستمر في غزة والضفة الغربية ولبنان. كما تعرض المنظمات الخيرية التي تدير هذه الإعلانات أدلة بمقاطع الفيديو والشهادات حول كيفية استخدام هذه المعدات العسكرية في العمليات الجارية في غزة والضفة. 

ويأتي التقرير بمثال على تلك الإعلانات مشيرًا إلى إعلان ماير مالك، وهو يظهر جنديًّا تابعًا لقوات الاحتلال الإسرائيلي ضمن لواء الكوماندوز 551، يروج لتمويله برشاشات متطورة، ونظارات للرؤية الليلية، كائنًا أمام مسجد مدمر، قبل أنّ يتم مهمته التالية في غضون أربعة أيام، كما يقول في المقطع المروج له.

نقيب في قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي يطالب الدول الأوروبية وأميركا بتمويل لوائه لاستكمال الحرب على غزة
نقيب في قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي يطالب الدول الأوروبية وأميركا بتمويل لوائه لاستكمال الحرب على غزة

وبحسب موقع بيلينغكات للتحقق من المصادر المفتوحة، فإنّ لواء الكوماندوز 551 مرتبط بكتيبة الهندسة القتالية 8219، التي وثقت دورها في عمليات الهدم واسعة النطاق في قطاع غزة، بما في ذلك هدم الكتل السكنية والمساجد والأحياء بأكملها، وهي أفعال وصفها المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالسكن اللائق بأنها جرائم محتملة ضد الإنسانية. وشملت عمليات الوحدة تدمير آلاف المباني، وكانت في بعض الحالات تمثل أعمال انتقامية من قبل جنودها.

وقد نُشرت أربع نسخ من هذا الإعلان في يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، ولا تزال جميعها نشطة بحلول وقت نشر هذا التقرير.

الحملات الدعائية الإسرائيلية لتمويل قواتها العسكرية تخرق القانون الدولي

يختم التقرير قوله بأنّ حملات جمع التبرعات التي تظهر في هذه الإعلانات، والتي تستهدف كل من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، تثير مخاوف قانونية وأخلاقية كبيرة بموجب قوانين التبرعات الخيرية في هذه المناطق.

ففي فرنسا، على سبيل المثال، يحظر القانون صراحة استخدام التبرعات الخيرية لأغراض عسكرية، ويقيد الخصومات الضريبية على المساهمات التي تدعم الأنشطة الإنسانية وغير العسكرية. ووفقًا لوزارة المالية الفرنسية، فإنّ التبرعات التي تدعم الكيانات العسكرية الأجنبية، مثل قوات الاحتلال الإسرائيلي، غير مؤهلة للإعفاءات الضريبية المتاحة عادة للجمعيات الخيرية المسجلة، والتي تركز فقط على الجهود الإنسانية. وقد أوضحت وزارة المالية والاقتصاد الفرنسية أنّ "التبرع لجمعية فرنسية تهدف إلى مساعدة جنود جيش أجنبي لن يفي بالمعايير المطلوبة للتأهل للحصول على تخفيض ضريبي". 

الإعلانات الإسرائيلية على ميتا تخرق القانون الدولي بما فيه قانون فرنسا الضريبي
الإعلانات الإسرائيلية على ميتا تخرق القانون الدولي بما فيه قانون فرنسا الضريبي

أما في الولايات المتحدة، فتنطبق قيود مماثلة، وقد تتعارض الإعلانات التي تطلب التمويل المباشر لشراء المعدات العسكرية، بما في ذلك الأسلحة والمعدات التكتيكية، مع القواعد التي تحكم المساهمات الخيرية.

ميتا لا تطبق سياساتها على الإعلانات الإسرائيلية مدفوعة الأجر

أما بالنسبة لميتا فتحظر سياسات الشركة الإعلان والترويج للأسلحة والذخيرة والمتفجرات والمعدات العسكرية. وينبغي أن يشمل ذلك أي شكل من أشكال جمع الأموال المخصصة لشراء أو استخدام أيًا من تلك العناصر. 

صورة متعلقة توضيحية

وتؤكد إكو أنّ الإعلانات التي تم تحديدها في التقرير، والتي تطلب التبرعات للمعدات العسكرية المخصصة لجنود الاحتلال الإسرائيلي، تتعارض بشكل مباشر مع هذه المبادئ التوجيهية. ومن خلال الترويج لبيع أو دعم المعدات العسكرية التي قد تستخدم في عمليات تنتهك القانون الإنساني الدولي، فإنّ هذه الإعلانات لا تنتهك سياسة ميتا المحددة بشأن السلع والخدمات المحظورة فحسب، بل إنها تثير أيضًا مخاوف أخلاقية.

صورة متعلقة توضيحية
قوانين ميتا تحظر سياسات الشركة للإعلان والترويج للأسلحة والذخيرة 

إذ تفرض شركة ميتا إرشادات صارمة ضد المحتوى الذي يروج لخطاب الكراهية أو العنف أو يحرض على إيذاء الأفراد أو الجماعات بناءً على هويتهم. وقد تضمنت العديد من الإعلانات التي رصدت خلال العمل على التقرير خطابات ولدعاءات عنصرية يمكن تصنيفها على أنها خطاب كراهية، مما ينتهك إرشادات ميتا بشكل مباشر.

ولا تروج هذه الإعلانات للعنف فحسب، بل إنها تخاطر أيضًا بالمساهمة في إلحاق الضرر في العالم الحقيقي، وتأجيج التحريض وتصعيد العنف المدمر في غزة ولبنان والضفة الغربية وغيرهما. ويتحدى مثل هذا المحتوى التزام ميتا بإنشاء بيئة آمنة وشاملة على شبكة الإنترنت، مما يستلزم اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لمنع انتشار مثل هذه النوعية من الدعاية والخطاب المحرض. 

اقرأ/ي أيضًا

كيف تستخدم إسرائيل إعلانات غوغل المدفوعة لتشويه وكالة الأونروا؟

كيف تسهم شركات التكنولوجيا الكبرى مثل غوغل وأمازون في دعم الجيش الإسرائيلي خلال حربه على غزة؟

الأكثر قراءة