فيديو وصول العتاد الفلاحي إلى أدرار أصلي ولم يولّده التلفزيون الجزائري باستخدام الذكاء الاصطناعي
الادعاء
مقطع فيديو ولّده التلفزيون العمومي الجزائري باستخدام الذكاء الاصطناعي، وزعم أنّه يوثق وصول عتاد فلاحي مسخّر من طرف الديوان الجزائري المهني للحبوب، إلى ولايتي أدرار وتيميمون جنوب غربي البلاد، استعدادًا لمباشرة حملة الحصاد والدرس هناك.
الخبر المتداول
تتداول حسابات على موقع التواصل الاجتماعي إكس، حديثًا، مقطع فيديو ادّعى ناشروه أنّ التلفزيون العمومي الجزائري ولّده باستخدام الذكاء الاصطناعي، وزعم أنّه يوثق وصول عتاد فلاحي مسخّر من طرف الديوان الجزائري المهني للحبوب، إلى ولايتي أدرار وتيميمون جنوب غربي البلاد، استعدادًا لمباشرة حملة الحصاد والدرس هناك.
تحقيق مسبار
تحقّق "مسبار" من مقطع الفيديو الذي نشره التلفزيون الجزائري وتبيّن أنه صحيح، إذ إنّ المشاهد حقيقية وتُظهر لقطات جوية مأخوذة بطائرة مسيرة (درون)، وليست مولّدة بالذكاء الاصطناعي كما جاء في الادعاء.
الفيديو مصوّر على الطريق الوطني رقم 6 في ولاية أدرار
عاد مسبار إلى مقطع الفيديو الأصلي واستخدم المعالم الظاهرة فيه لتحديد مواقع التقاط المشاهد. واستعان في ذلك بصور الأقمار الاصطناعية، التي تتيحها خدمة غوغل إيرث.
وحدّد مسبار ثلاثة مواقع رئيسية أُخذت منها لقطات الفيديو المختلفة، وتقع جميعها على الطريق الوطني رقم 6 في ولاية أدرار، الواقعة على بعد 1437 كيلومتر جنوب غربي العاصمة الجزائر.
موقع التصوير الأول
صورت منه اللقطة الأولى في الفيديو، وكان التصوير عكس اتجاه حركة سير المركبات. وظهرت في الّلقطة معالم بينها أشجار نخيل ومسار سيارات رملي وطريق معبدة، بالإضافة إلى دائرة محاصيل زراعية وأعمدة كهرباء وتشكيلات رملية.
ومن الموقع نفسه، صُوّرت اللقطة الثانية، لكن التصوير كان هذه المرة في اتجاه سير المركبات. وتبدأ اللقطة عند الثانية السادسة والأربعين وتنتهي عند الثانية الخامسة والخمسين، وتظهر فيها بنايات وأشجار نخيل وعمود اتصالات وأعمدة كهرباء، بالإضافة إلى الطريقين الرملي والمعبد اللذين ظهرا في اللقطة الأولى. كما يظهر جانب من دائرة المحاصيل الزراعية نفسها وكذلك التشكيلات الرملية.
موقع التصوير الثاني
أُخذت منه لقطات الفيديو الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة. تبدأ اللقطة الثالثة عند الثانية الخامسة والخمسين وتنتهي عند الثانية السادسة بعد الدقيقة، وصوّرت عكس اتجاه سير المركبات. يظهر في اللقطة طريق مزدوج يفصل بين اتجاهيه رصيف تتخلّله أعمدة إنارة، وتحفُّ جنباته أشجار نخيل.
أمّا في اللقطة الرابعة (1:06 إلى 1:11) فتظهر فتحات مستطيلة الشكل في الرصيف الفاصل بين جانبي الطريق المزدوج، تطابق تلك الظاهرة في اللقطة الثالثة وفي صور القمر الاصطناعي لمكان تصويرها. وعلى الرغم من عدم ظهور أعمدة الإنارة كاملة في اللقطة الرابعة، إلا أنّ قاعدة أعمدة الإنارة فيها مطابقة لتلك التي ظهرت في اللقطة الثالثة. كما يتضح بمطابقة ظل عمود الإنارة مع ظل أعمدة الإنارة في اللقطة الخامسة (1:11 إلى 1:14) أنّها أعمدة الإنارة نفسها التي تظهر في اللقطة الثالثة، ما يرجّح فرضية تصوير اللقطات الثلاث من الموقع نفسه.
وفي اللقطة السادسة (1:15 إلى 1:31)، يظهر في الأفق خزان مياه ومبنى أزرق السقف ومحطة وقود (من الأبعد إلى الأقرب). وأمكن التعرف على محطة الوقود بفضل ثلاث لافتات تحمل شعار شركة "نفطال" العمومية الجزائرية، التي تحتكر خدمات التزويد بالوقود في البلاد. وظهرت إحدى اللافتات الثلاثة على الجانب الأيمن من الطريق المزدوج، الذي تحف جنباته أشجار نخيل ويفصل بين اتجاهيه رصيف مطابق للرصيف الظاهر في اللقطات الثالثة والرابعة والخامسة.
وتبين بمراجعة صور القمر الاصطناعي أن المكان يقع على الطريق الوطني رقم 6 وأنّ اللقطة أخذت من موقع التصوير ذاته، الذي أخذت منه اللقطة الثالثة، وأنّ الفرق بينهما هو أن اللقطة الثالثة أخذت عكس اتجاه حركة سير المركبات، فيما صوّرت اللقطة السادسة في نفس اتجاه حركة المركبات.
موقع التصوير الثالث
صوّرت منه اللقطة السابعة والأخيرة (بدءًا من 1:32) ويقع بمحاداة الطريق الوطني رقم 6. ويظهر في اللقطة السابعة موقف تجمعت فيه شاحنات تشبه تلك الظاهرة في اللقطات الست السابقة.
وأظهرت صور القمر الاصطناعي قرب موقع تجمع الشاحنات من عشرات دوائر المحاصيل في المنطقة.
مراجعة اللافتات والكتابات والشعارات
راجع مسبار اللافتات والكتابات والشعارات الظاهرة في مختلف لقطات الفيديو ووجد أنّها سليمة ولا توجد بها أيُّ تشوهات كالتي تميّز عادة الصور والكتابات المولّدة بالذكاء الاصطناعي.
وحملت شاحنات عدّة لافتة عليها شعار الديوان الجزائري المهني للحبوب وكتب عليها "الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، الديوان الجزائري المهني للحبوب، الاتحاد الجهوي لتعاونيات الحبوب والبقول الجافة".
ولاحظ مسبار إلى جانب ذلك ظهور اللافتة نفسها بأوضاع مختلفة على مقدّمات الشاحنات بسبب ديناميكية الهواء المتغيرة، الناجمة عن حركة الشاحنات، والتي يصعب على الذكاء الاصطناعي محاكاتها. وتنسحب الملاحظة ذاتها على الأعلام الوطنية التي ثبّتت على مقدّمات بعض الشاحنات، وعلى حركة الرفرفة الطبيعية لعلم مثبّت على جانب إحدى الشاحنات.
وتمكن مسبار من تمييز عبارتي "البريد السريع" و"ما شاء الله"على مقدمتي سيارة وشاحنة.
وبمزيد من البحث وجد مسبار أنّ شركة النقل "SARL TSM"، التي يظهر اسمها على شاحنة فولفو حمراء اللون ضمن القافلة، موجودة بالفعل ومقرها ولاية وهران، شمال غربي الجزائر.
كما عثر مسبار على صورة تظهر فيها شاحنة بمواصفات مطابقة، أضيفت منذ سنتين إلى ألبوم صور الشركة على غوغل.
وراجع مسبار أيضًا كتابات باللغة الفرنسية، ظهرت على مركبات أخرى، وتأكّد من سلامتها الشكلية واللغوية. كما بحث عن اسم شركة النقل "Logitrans" الذي ظهر على إحدى الشاحنات ووجد أنّها شركة جزائرية تنشط في مجال النقل ومقرها بلدية بير مراد رايس في الجزائر العاصمة.
ويذكر الموقع الإلكتروني للشركة أنّها تعمل في مجال نقل البضائع نحو جميع أنحاء البلاد، غير أنّها تركز على جنوبها، حيث "تساهم في مجهود إعادة بعث النشاطات الاقتصادية بمناطق الظل والعمل على تحسين ظروف الحياة بالمناطق الحدودية"، بحسب الموقع.
وحملت الشاحنة التي ظهر عليها شعار شركة "Logitrans" شعار شركة أخرى تُدعى "Saren Algérie"، والتي تبيّن بالبحث أنّها شركة جزائرية تأسّست عام 2003 وتقدّم خدمات تأجير الرافعات ونقل العتاد الثقيل والهندسة.
مراجعة علامات المركبات
ظهرت في مقطع الفيديو شاحنات لعلامات منتشرة في الجزائر، بينها علامات بعض مصنعي شاحنات الوزن الثقيل، كلٌّ من مرسيديس ودايوو وشاكمان ومان ورونو وفولفو.
وظهرت سيارات من علامات بيجو ورونو وهيونداي وداسيا وهيغر، بالإضافة إلى علامة تويوتا شائعة الاستخدام في مناطق الجنوب الجزائري الصحراوية.
مراجعة المؤثرات البصرية
لاحظ مسبار انطلاقًا من حركات الشخص الذي أعطى إشارة انطلاق القافلة أن الفيديو مسرّع إلى غاية الثانية الأربعين منه. ولاحظ مسبار الأمر ذاته في اللّقطة الثالثة انطلاقًا من حركة سعف النخيل المتسارعة. وعلى النقيض من ذلك تبدو حركة المركبات أبطأ من الطبيعي في اللقطتين الرابعة والخامسة. وباستثناء ذلك، لم يلاحظ مسبار استخدام أيّ مؤثرات بصرية أخرى.
مشاهد أرضية في تقرير إخباري للتلفزيون الجزائري
في 26 إبريل/نيسان الفائت، نشر التلفزيون العمومي الجزائري لقطات من مقطع الفيديو المتداول ضمن تقرير إخباري بث في إحدى نشراته. وظهرت في التقرير مشاهد صُوّرت من الأرض للقافلة نفسها، كما ظهرت الشاحنات ذاتها والموقف (الذي ظهر في اللقطة السابعة) في خلفية الشاشة أثناء مقابلة أجراها التلفزيون مع بومدين عمراني، مدير النقل بالديوان الجزائري المهني للحبوب.
انطلاقًا من كلِّ ما سبق، توصل مسبار إلى أنّ التلفزيون العمومي الجزائري لم يولّد مقطع الفيديو المتداول باستخدام الذكاء الاصطناعي.
اقرأ/ي أيضًا
الإمارات وليست الجزائر من تقدمت بمشروع قرار عضوية فلسطين الأخير في الأمم المتحدة
فيديو محل بيع لحوم الحمير من سوق في تونس وليس من مدينة عنابة في الجزائر