يحاول مستوطنون الاستيلاء على منازل تسكنها عائلات فلسطينية في حي الشيخ جراح، مدّعين أنّ ملكيتها تعود إلى عائلاتٍ يهودية منذ 1948، ما خلق أزمة في حي الشيخ جراح منذ أسبوعين، ما زالت مستمرة بعد أن سعت جمعيات استيطانية يهودية إلى استصدار حكم محكمة يقضي بإخلاء العائلات الفلسطينية من منازلها بالقوة، لتتحول إلى اعتداءات عنيفة تسببت بإصابة المئات من المصلين وأهالي المنطقة.
واتسعت رقعة الحدث، ليتفاعل معه الإعلام الدولي، ونجوم ومؤثرين عالميين ساندوا القدس وحيها الشيخ جراح. وفي سياق هذا التفاعل، انتشرت العديد من الشائعات والمعلومات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي حول ما جرى. بعض المعلومات المضللة انتشرت رغبةً في نشر الأمل والتفاؤل بين الناس المتعاطفين مع قضية أهالي الشيخ جراح، وبعضها لإثارة مزيد من الحماس والثورية على الاحتجاجات.
وحرصًا على أن تبقى القضية على أصالة مبدئها الأول، بأنّها بين محتل يريد سلب منازل ليست له وبين أصحاب الأرض، وبأنها قضية لا تحتاج إلى ترويج محتوى مضلل للإشارة إلى عدالتها وإلى تضحيات أصحابها، إذ ثمة من الحقائق على الأرض ما يكفي ويزيد لتكون جليّة، تتبع "مسبار" على مر أسبوعين هذه الأخبار والمعلومات المضللة، وكشف حقيقتها.
نبدأ بمقطع فيديو يُصوّر فرحة الفلسطينيين بدخول المسجد الأقصى بعد إزالة الحواجز من باب العامود، وقد وجد “مسبار” أنّه مُضلل، فهو قديم ولا علاقة له بالأحداث الأخيرة، إنّما هو لإزالة الحواجز في يوليو/تموز عام 2017، حين قرّر الاحتلال رفع البوابات الإلكترونية، والكاميرات، من مداخل المسجد الأقصى.
كما تم تداول مجموعة من الصور متعلقة بإفطار الصائمين في باحة المسجد الأقصى وصلوات التراويح، عثر “مسبار” عليها منتشرة في تواريخٍ سابقة من العام الجاري وعام 2017.
وفيما يخص بعض الصور التي انتشرت على انها لاعتداءات شرطة الاحتلال الإسرائيلي على أهالي القدس والمُصلّين داخل المسجد الأقصى، خلال الاحتجاجات على قرار تهجير عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، فكان بعضها قديمًا. مثل صورة لسيدة فلسطينيّة تتعرّض للتنمّر من قبل مستوطنين، بعد طردها من منزلها في حي الشيخ جراح في القدس، وكانت عام 2010. وصورة أخرى لاعتقال سيدة فلسطينية تبين أنها عام 2015، وأخرى لاعتقال شاب فلسطيني خلال الاحتجاجات الأخيرة في القدس المحتلة، لكنها قديمة إذ تم نشرها عام 2013 مع صور أخرى توثق لحظات اعتقال بعض الشبان الفلسطينيين في القدس.
وأيضًا تداولت صفحات وحسابات على موقعيّ فيسبوك وتويتر، مقطع فيديو لجندي إسرائيلي يركل مصلٍّ بقدمه أثناء تظاهرات حي الشيخ جرّاح الأخيرة في مدينة القدس المحتلة، بيّن “مسبار” بدوره تضليل هذا الفيديو، إذ إنّه قديم ولا يعود إلى أحداث حي الشيخ جرّاح الأخيرة، بل نُشر في يوليو/تموز عام 2017.
كما انتشرت صورة تظهر مئات المتظاهرين يشعلون أضواء هواتفهم الذكية ويرفعون العلم السوداني، وقال ناشروها إنها لمسيرة خرجت في السودان تضامنًا مع القدس، وتبين بالبحث العكسي عن الصورة أنها قديمة وتعود لاحتجاجات خرجت في 21 أبريل/نيسان عام 2019، في مدينة الخرطوم بالسودان.
ومقطع فيديو تم تناقله منذ 24 أبريل الفائت، يوضح إطلاق صواريخ من قطاع غزة على "إسرائيل"، نُصرةً لأهل مدينة القدس. تحقق "مسبار" من المقطع المتداول ووجد أنّه مضلل، إذ إنّه قديم ومنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي منذ عام 2014، ويأتي تداوله عقب إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي، يوم 24 أبريل الفائت، رصد إطلاق 3 صواريخ من قطاع غزة، بعد سماع صفارات الإنذار تدوي في منطقة "المجلس الإقليمي إشكول".
وفي السياق ذاته تداولت بعض المواقع مقطع فيديو قال ناشروه إنّه يعود إلى مواطن تركي يُشارك الفلسطينيين في احتجاجاتهم الأخيرة في القدس، وأنّه ألقى خطبة تحدث فيها عن قداسة مدينة القدس والمسجد الأقصى، ليتبيّن أنّه قديم ونُشر على قناة في موقع يوتيوب بتاريخ 10 ديسمبر/كانون الأول عام 2017 خلال زيارة وفد تركيّ للمسجد الأقصى، احتجاجًا على قرار الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل".
ووافقت المحكمة الإسرائيلية العليا، أمس الأحد 9 مايو، على طلب المدعي العام الإسرائيلي تأجيل جلستها المقرر عقدها اليوم الاثنين للنظر في عمليات إخلاء فلسطينيين من حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، حتى يدرس إمكانية المشاركة في الدعوى من عدمها.
وقالت المحكمة العليا في بيان إنّ الموعد الجديد للجلسة سيُحدد خلال ثلاثين يومًا من تاريخه. كما دعت الأمم المتحدة إلى الإنهاء الفوري لكافة عمليات الإخلاء القسري بحق الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة وحذرت من أنها قد "ترقى لجرائم حرب".
مصادر: