نشر موقع مكان الإسرائيلي في 11 أغسطس/آب الجاري تصريحًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت قال فيه إن "عدم مقدرة الدولة على شراء صواريخ للقبة الحديدية أيضًا أمرٌ خطير". لكن التصريح حُذف من متن الخبر عن الموقع لاحقًا فيما لا يزال يظهر بالبحث على غوغل، وقد تداولته عدة وسائل إعلام عربية ودولية.
حذف التصريح على الأرجح له علاقة بالرقابة العسكرية على وسائل الإعلام الإسرائيلية، إذ يُمنع نشر معلوماتٍ عن قدرات الجيش واستعداداته -على وجه الخصوص الثغرات- حتى لا تبني فصائل المقاومة الفلسطينية والدول والتنظيمات المعادية لإسرائيل على أساسها تكتيكات أو استراتيجيات قتالية معينة.
تصريح بينيت بعدم مقدرة إسرائيل على شراء صواريخ القبة الحديدية، يأتي بعد كشف تقارير إسرائيلية عن طلب إسرائيلي مستعجل للولايات المتحدة بالمساعدة في تعويض مخزون القبة الحديدية بعد العدوان الأخير على قطاع غزة في مايو/أيار الفائت، والذي شهد إطلاقًا مكثفًا للصواريخ من القطاع، وهذا يعني أن جيش الاحتلال كان غير مستعد في الفترة التي تلت العدوان لجولةٍ أخرى بذات الكثافة النارية من طرف المقاومة، ومثل هذه المعلومات تُسلط الضوء على نقاط ضعف الجيش، وتؤثر على الوعي الجمعي الإسرائيلي أو الشعور العام لدى الإسرائيليين والخشية على الأمن الشخصي في ضوء عدم مقدرة الدولة على توفير وسائل الحماية المناسبة للجبهة الداخلية.
والرقابة العسكرية هي وحدة تابعة لقسم المخابرات في الجيش الإسرائيلي وتختص في مراقبة البثّ التلفزيوني والإذاعي والإنترنت والصحف والكتب، ويقع مقرها في قاعدة الكرياه العسكرية في تل أبيب، وتعمل بموجب أنظمة الدفاع (الطوارئ) الصادرة عن الانتداب البريطاني في عام 1945، والتي تم تبنيها لاحقًا في القانون الإسرائيلي.
يرأس الرقابة العسكرية رئيس الرقابة على الصحافة والإعلام، المعروف باسم "الرقيب العسكري الرئيسي"، والذي تكمن مهمته في تحديد المعلومات التي يؤدي نشرها إلى إلحاق ضررٍ حقيقي بالأمن القومي، ورئيس قسم الرقابة الحالي هو البريجادير جنرال دورون بن باراك، النائب السابق لرئيس هيئة المحامين العسكريين.
خلال عام 2020، منعت الرقابة العسكرية نشر 116 مادة إعلامية، وتدخلت في محتوى 1403 أخرى منشورة في وسائل الإعلام، وفقًا لبيانات قدمتها الرقابة بناءً على طلب "حركة حرية المعلومات". وفي عام 2019 حظرت الرقابة العسكرية نشر 202 مادة إعلامية، وتدخلت في 1973 أخرى منشورة.
وتشهد الأعوام التي تقع فيها معارك أو جولات عسكرية نسبة حظر وتدخُّل أكبر في الأخبار والمواد الإعلامية مقارنة بغيرها من الأعوام، فمثلًا في عام 2014، وهو العام الذي شهد عدوانًا على قطاع غزة، تم تقديم 14274 خبرًا لفحصه لدى الرقابة العسكرية، وقد تدخلت في 3222 منها ومنعت نشر 597.
وبحسب إحصائيات حصل عليها موقع "العين السابعة" الإسرائيلي المختص في شؤون وسائل الإعلام، من وزارة جيش الاحتلال، حظرت الرقابة العسكرية منذ عام 2016 إلى شهر يونيو 2021 نشر 1200 مادة إعلامية، كما وتدخلت في 10 آلاف مادة بشكلٍ جزئي.
وتُبرر إسرائيل تفعيل دور الرقابة العسكرية بمنع تعريض الأمن القومي للخطر في أوقات الطوارئ أو الحروب، وتعتبر أن هذا منسجم مع الحق في الحياة الذي يُبرر بل ويُلزم الدولة بتقييد حرية الصحافة.
وترى بعض المراكز القانونية والحقوقية في إسرائيل من بينها المعهد الإسرائيلي للديمقراطية أن هذه الممارسة إشكالية وتتعارض مع القيم الديمقراطية وحق الجمهور في المعرفة.
المصادر:
دراسة: الرقابة العسكرية: صلاحيتها، والنقد القانوني والترتيب البديل