` `

تحقيق يكشف شبكة لنشر المعلومات المضللة لدعم ترامب في انتخابات 2016

محمد العتر محمد العتر
أخبار
20 أكتوبر 2021
تحقيق يكشف شبكة لنشر المعلومات المضللة لدعم ترامب في انتخابات 2016
تأسست شبكة معقدة من المصادر الوهمية تتشارك المحتوى المضلل وتعيد تدويره (Getty)

في حين وُجهت معظم الاتهامات إلى روسيا في التأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، يقول القرصان إكس، إنّ دور روسيا كان ثانويًا بالنسبة إلى نظام كامل للتأثير على الانتخابات من داخل الولايات المتحدة الأميركية نفسها.

كشف تحقيق صحفي نشره موقع آرس تكنيكا (ars technica) عن شبكة إلكترونية منظمة لنشر المعلومات المضللة ونظريات المؤامرة بهدف دعم دونالد ترامب في انتخابات 2016، حيث كشف القرصان إكس -العقل المدبر لهذه الشبكة- عن نفسه أخيرًا، وعن تفاصيل تأسيس وإدارة وعمليات هذه الشبكة على مدار عامين.

القرصان إكس لمواجهة هيلاري كلينتون

منذ 2015 بدأ العمل على تأسيس هذه الشبكة. كان القرصان إكس، الذي سنعرف أنه روبرت ويليس، يبحث عن عمل حين ­تم الاتصال به لإجراء مقابلة عمل في شركة لم تفصح عن اسمها ولا متطلبات العمل. أثار هذا الغموض فضول ويليس الذي ذهب بالفعل لإجراء المقابلة. 

وهناك فهم ويليس أنّ الشركة (لم يُفصح عن اسمها الحقيقي) تحتاج إلى خدماته في موقع صحفي سبق أن وظّفت له كتابًا ومحررين. وستتمثل خدمات ويليس في الدعم التقني واسع النطاق لهذا الموقع، بما في ذلك دعم انتشاره وظهوره القوي على محركات البحث وربطه بمواقع أخرى. 

وخلال المقابلة، شدّد مسؤولو التوظيف في الشركة على ضرورة الحفاظ على السرية، قبل أن تأخذ المقابلة منعطفًا آخر.

بدأ مسؤولو الشركة في الكشف عن جانب من التوجه السياسي لشركتهم، والذي بالضرورة سينعكس على عمل الموقع. وكان أبرز ما أخبروا به الموظف الجديد، هو "إن كنت ستعمل لدينا فسوف تساعد في وضع حد لهيلاري كلينتون". 

في تلك الأثناء كانت لا تزال المنافسة على نطاق الأحزاب، ووحدها هيلاري كلينتون من بين كل مرشحي الحزب الديمقراطي والجمهوري آنذاك، من يمكن اعتبارها الوجه المألوف الممثل للمؤسسة الأميركية، كانت زوجة رئيس سابق هو بيل كلينتون، وشغلت لاحقًا منصب وزيرةً الخارجية. وبالنسبة لويليس، كان ذلك كافيًا لأن يتخذ موقفًا مناهضًا لهيلاري. يقول "كرهت المؤسسة، جمهوريين وديمقراطيين على السواء، وكانت هيلاري الهدف، لأنها كانت المؤسسة"، لذا، وكما يقول، وافق على شروط الشركة.

تجارة المعلومات المضللة

انطلق الموقع الرئيسي للشركة؛ موقع صحفي تقليدي يغطي مجالات متعددة، بما في ذلك مواضيع تتعلق بالصحة والتغذية. واستطاع تحقيق أرباح مالية جيدة عن طريق الإعلانات "إعلان واحد صغير على الصفحة الرئيسية يعطي الشركة 30 ألف دولار شهريًا"، قال ويليس.

بمرور الوقت بدأ الموقع في اتخاذ منحى مختلف في المواضيع التي ينشرها. يقول أحد الكتاب السابقين في الموقع إنّه بدأ تكليفهم من قبل الإدارة بنشر موضوعات على شاكلة "علاج السرطان بالليمون" وقصص حول الكيمتريل، أحد أشهر نظريات المؤامرة وأكثرها انتشارًا والتي تفسر خطوط السحب البيضاء في السماء على أنها غازات كيميائية تطلقها طائرات في الجو لأهداف مؤامراتية.

ثم ومع قرب نهاية 2015، وكان دونالد ترامب على وشك أن يخوض منافسة الحصول على بطاقة الترشح عن الحزب الجمهوري، بدأ الموقع في نشر المزيد من القصص والتقارير المؤيدة لترامب، وبمجرد فوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، انصب تركيز الموقع على نشر المواضيع المناهضة لهيلاري، عندما صارت رسميًا منافسة ترامب على البيت الأبيض.

مع اشتداد المنافسة الانتخابية بين ترامب وهيلاري، ازدادت وتيرة المواضيع والتقارير ذات المحتوى المضلل على الموقع وشبكة من المواقع الأخرى كان الموقع الرئيسي يُحيل إليها بوصفها "وسائل إعلام مستقلة". كان معظم المحتوى المضلل موجهٌ ضد هيلاري كلينتون، مثل نَسْب تصريحات إليها لم تُصرّح بها في الواقع، أو الادعاء بأن برنامجها الانتخابي يتضمن مشاريع وأهداف لم يتضمنها ولم تُشر إليها هيلاري.

الشبكة

كانت المهمة الأساسية لروبرت ويليس تتمثل في تعزيز وصول المحتوى الذي ينتجه الموقع. وعلى هذا، توسعت الشركة في تعيين مزيد من الموظفين في الفريق الذي يقوده، من داخل الولايات المتحدة ومن خارجها، فعينت موظفين من المكسيك وجنوب إفريقيا وأوروبا الشرقية وتايوان.

عمل الفريق على إنشاء شبكة واسعة من مئات المواقع الإلكترونية الأخرى، بحيث يبدو كل موقع مستقل عن الآخر، فجُعل لكل موقع خادم منفصل وعنوان IP مختلف عن الآخر.

صورة متعلقة توضيحية
صورة لمكاتب الشركة حيث عمل ويليس

 كان الهدف من شبكة المواقع تلك، ربط المحتوى الذي ينتجه الموقع الرئيسي بهذه المواقع، والمحتوى الذي تنتجه بالموقع الرئيسي، بما يساهم في الترويج للمحتوى وتعزيز وصوله لأكبر قطاع ممكن من الجمهور، ومن جهة أخرى فإنه يُصعّب إمكانية تفنيد المحتوى المضلل؛ صارت هناك شبكة معقدة من المصادر الوهمية تتشارك المحتوى وتعيد تدويره ونشره.

كان ويليس المشرف على كل شيء، بما في ذلك صفحات كل مواقع الشبكة على "فيسبوك"، وقد وضع لإدارة هذه الصفحات استراتيجية لقطع أي صلة بينها وبين المصدر، أي الموقع الرئيسي والشركة الأم. استعمل شبكات VPN للدخول إلى كل صفحة من مدينة مختلفة، واستخدم أيضًا شرائح أرقام هواتف مختلفة لكل صفحة، وعندما بدأت شركات الاتصالات في المطالبة بأرقام الضمان الاجتماعي لإصدار شرائح للهواتف، كان يُقدم إليهم أرقام ضمان اجتماعي زائفة، بما في ذلك أرقام ضمان اجتماعي لأشخاص متوفين.

تمكنت صفحات مواقع الشبكة على "فيسبوك" من الوصول إلى جمهور مليوني. يقول روبرت ويليس إنهم وصلوا إلى قرابة ثلاثة ملايين شخص أسبوعيًا، وأراد زيادة العدد لعشرة أضعاف على الأقل، وقد تمكن من ذلك بالفعل عبر خطةٍ تُوائم بين نوعية المحتوى وبين توقيت نشره، على سبيل المثال تُنشر المواضيع ذات المحتوى الإيجابي في الصباح الباكر، حيث الجمهور سيكون أكثر تفاعلًا مع الأشياء الإيجابية عندما يستيقظون من نومهم، فيما تُنشر القصة الرئيسية لليوم في حدود الساعة 11 صباحًا، وهي الساعة التي لاحظ الفريق أنها تمثل وقت الذروة. 

بهذه الطريقة تمكنوا من مضاعفة عدد الجمهور الذي يصل إليه المحتوى عشرة أضعاف، وصولًا إلى 30 مليون شخصًا أسبوعيًا.

خلال تلك الفترة، كانت هناك وسائل إعلام تقليدية مؤيدة لترامب. لكن ويليس يزعم أنّ أيًّا منها لم يحقق تأثيرًا كالذي حققته الشبكة التي عمل عليها.

لا يوجد دليل دامغ على تأثير الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة على مجريات انتخابات 2016، مع ذلك لدى ويليس اعتقاد قوي بأن تلك الشبكة “ساهمت بلا شك في فوز ترامب بالرئاسة”.

المصادر:

ars Technica

David Keith's research group – Harvard University

اقرأ/ي أيضًا:

دراسة: فحص الحقائق هو الطريقة الأكثر فاعلية لمواجهة الأخبار الكاذبة

دراسة تتهم روسيا باختطاف التعليقات للتأثير على الرأي العام

الأكثر قراءة