يوم الأحد 10 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، نشرت صحيفة ذا واشنطن بوست الأميركية تقريرًا مفاده أن دونالد ترامب تحدّث هاتفيًا مع فلاديمير بوتين يوم الخميس وناقشا الحرب في أوكرانيا، وعزت مصدر الخبر إلى أشخاص مطلعين دون تحديد هويتهم.
نفت مصادر رسمية روسية وأوكرانية المعلومات الواردة في التقرير، الأمر الذي تسبب في حالة من الاضطراب لدى متابعي الشأن الروسي الأوكراني. فما هي القصة؟ وما أثر غياب المعلومات الموثوقة على متلقي الأخبار؟
هل تحدث ترامب هاتفيًا مع بوتين حول الحرب الروسية الأوكرانية؟
جاء في متن التقرير الذي نشرته ذا واشنطن بوست أن الرئيس الأميركي المنتخب نصح الرئيس الروسي بعدم تصعيد الحرب في أوكرانيا، وذكّره بـ”الوجود العسكري الكبير لواشنطن في أوروبا”.
وأضافت أن ترامب أعرب عن اهتمامه بمتابعة المحادثات بشأن "حل الحرب في أوكرانيا قريبًا".
وهنأ بوتين دونالد ترامب بفوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية، يوم الخميس السابع من نوفمبر الجاري، وأفاد بأنه مستعد لخوض محادثات مع ترامب، مضيفًا أن روسيا "ليست من أفسد العلاقات مع الولايات المتحدة، وهي مستعدة لإحيائها من جديد لكن القرار الآن يعود للولايات المتحدة في ذلك".
وقال إنه لا يعلم تفاصيل وعد ترامب بإنهاء الحرب في أوكرانيا سريعًا، لكنه يرى أن مقترح ترامب في هذا الصدد يستحق النظر. وكان ترامب قد قال في عدة مناسبات في حملته الانتخابية إنه سيجد حلًا لإنهاء الحرب "خلال يوم واحد"، لكنه لم يوضح كيف سيفعل ذلك.
وفي السياق، قال المتحدث باسم الرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف، يوم الجمعة، إن فلاديمير بوتين مستعد لمناقشة الأزمة الأوكرانية مع دونالد ترامب، لكن هذا لا يعني أنه مستعد لتغيير مطالب موسكو في هذا الصدد.
وفور انتشار تقرير ذا واشنطن بوست، سارعت روسيا إلى نفي ما جاء في التقرير حول انعقاد مكالمة بين ترامب وبوتين يوم الخميس الفائت، إذ قال بيسكوف خلال مؤتمر صحفي عبر الهاتف يوم الاثنين "لم تكن هناك محادثة" وإن التقرير "غير صحيح على الإطلاق، إنه محض خيال".
من جهة أخرى، قال مدير الاتصالات الخاصة بترامب، ستيفن تشيونغ في سياق الرد حول صحة المعلومات الواردة في التقرير "نحن لا نعلق على المكالمات الخاصة بين الرئيس ترامب وزعماء العالم الآخرين".
الخارجية الأوكرانية تنفي علمها المسبق بأي تواصل بين ترامب وبوتين
في التقرير ذاته، نقلت ذا واشنطن بوست عن أحد مصادرها، أن أوكرانيا كانت على علم مسبق بالمكالمة التي جرت بين ترامب وبوتين. وفي السياق، ذكرت وسائل الإعلام أن ترامب تحدث أيضًا مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم الأربعاء السادس من نوفمبر الجاري.
ونقلت صحيفة أكسيوس حينها، أن زيلينسكي شعر أن المكالمة سارت بشكل جيد وأن ذلك لم يزد من قلقه بشأن فوز ترامب.
ولكن يوم أمس 11 نوفمبر، نقلت وكالة رويترز عن الخارجية الأوكرانية نفيها المعلمومة التي وردت في تقرير ذا واشنطن بوست، بشأن علمها المسبق بمكالمة بوتين وترامب.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية هيورهي تيخي لوكالة رويترز "التقارير التي تفيد بأن الجانب الأوكراني أُبلغ مسبقا بالمكالمة المزعومة كاذبة. وأضاف "ثم إنه لم يكن بوسع أوكرانيا أن تؤيد أو تعارض المكالمة".
أثر غياب المعلومات الموثوقة على متلقي الأخبار؟
في مقال لمسبار حول دراسة صدرت حديثًا ناقشت أثر غياب المعلومات الموثوقة على الجمهور، أعدّتها أندريا برات من كلية كولومبيا للأعمال، وتشارلز أنجيلوتشي من كلية سلون لإدارة الأعمال في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، كشفت أنّ الخطر الأكبر لا يكمن في انتشار الأخبار الكاذبة بحد ذاتها، بقدر ما يكمن في نقص الوصول إلى مصادر إخبارية موثوقة، إذ يفتقر الأفراد في العديد من الحالات، إلى المعلومات الكافية حول القضايا المختلفة، مما يجعلهم عرضة للتأثر بأي نوع من المعلومات المتاحة، سواء كانت صحيحة أم خاطئة.
وتسمى حالة الافتقار إلى مصادر إخبارية موثوقة بـ"الجوع المعلوماتي"، إذ يصبح الأفراد في ظل هذا الجوع أكثر عرضة لتصديق الأخبار الكاذبة، حتى وإن كانت غير منطقية أو متناقضة مع معرفتهم السابقة. لذلك، قد يكون خطر نقص المعلومات الموثوقة أكبر من خطر انتشار الأخبار الكاذبة نفسها.
الحرب الروسية الأوكرانية
تستمر الحرب بين روسيا وأوكرانيا منذ فبراير/شباط عام 2022، إثر شن روسيا ما سمته بـ “عملية عسكرية خاصة” في أوكرانيا آنذاك. وأسفرت الحرب عن مقتل عشرات الآلاف بين الطرفين ونزوح ملايين الأوكرانيين. وعلى الرغم من الجهود الدولية لإنهاء هذه الحرب يصرّ الجانب الروسي على شروط ترفضها أوكرانيا وتعتبرها استسلامًا.
وكان قد حدد بوتين في 14 يونيو/حزيران الفائت شروطه لإنهاء الحرب: إذ يتعين على أوكرانيا أن تتخلى عن طموحاتها في حلف شمال الأطلسي وأن تسحب كل قواتها من جميع أراضي المناطق الأربع التي تطالب بها روسيا.
ورفضت أوكرانيا ذلك قائلة إن ذلك سيكون بمثابة استسلام، وقد طرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "خطة النصر" التي تتضمن طلبات للحصول على دعم عسكري إضافي من الغرب. وقال زيلينسكي في هذا الصدد إن العرض لا يمكن الوثوق به وإن بوتين لن يوقف هجومه العسكري حتى لو تم تلبية مطالبه بوقف إطلاق النار.
اقرأ/ي أيضًا
أشكال البروبغندا المختلفة في الحرب الروسية الأوكرانية بعد مرور شهر على بدئها
فيديو قديم وليس لجنرال كوري شمالي يتحدث عن العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا