رغم تردي الأوضاع الإنسانية وتفاقم الأزمة في قطاع غزة، بحسب جهات أممية معنية بخطر المجاعة وخاصة في شمال القطاع، زعمت الولايات المتحدة الأميركية يوم أمس الثلاثاء 12 نوفمبر/تشرين الثاني، أنّ الاحتلال الإسرائيلي لم ينتهك القانون الأميركي فيما يتعلق بإجراءات دخول المساعدات الإنسانية لغزة.
ودعت من جهتها للقيام بالمزيد من الخطوات والإجراءات لضمان دخولها، وذلك بعد انقضاء المهلة المحددة منذ شهر سابق، والتي كانت من دورها أن تعلق جزءًا من الدعم العسكري الأميركي الذي ترسله إلى إسرائيل، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على فلسطين في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، عقب عملية طوفان الأقصى.
وكانت إدارة بايدن قد أرسلت إنذارًا نهائيًا جديدًا للحكومة الإسرائيلية، لمعالجة الأزمة الإنسانية المتدهورة في غزة، أو المخاطرة بفرض قيود على المساعدات العسكرية الأميركية المستقبلية.
وفي رسالة وجهها يوم الأحد 13 أكتوبر 2024، إلى وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، حذر وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن من أن الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وطالبت إسرائيل بمزيد من الإجراءات للسماح للمساعدات بدخول القطاع، بحسب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي.
ووفقًا لنسخة من الرسالة حصلت عليها شبكة سي إن إن، دعا المسؤولان إلى "اتخاذ إجراءات عاجلة ومستدامة هذا الشهر لعكس هذا المسار".
وتمنح الرسالة التي أرسلتها الإدارة الأميركية، إسرائيل مهلة ثلاثين يومًا لإثبات التزامها بمعالجة عدد من المخاوف الأميركية، وهو الموعد النهائي الذي سينقضي بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني. وإذا فشلت إسرائيل في الوفاء بالتزاماتها، فقد تواجه عقبات إضافية في الوصول إلى التمويل العسكري الأجنبي الأميركي.
تقارير أممية ودولية تؤكد تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة عكس ادعاءات أميركا
وعكس ادعاءات الإدارة الأميركية الحالية، بأنّ إسرائيل حسنت من إجراءاتها لضمان دخول أكبر عدد ممكن من المساعدات الإنسانية، أكدت ثماني جهات إنسانية دولية معنية بالمساعدات والإغاثة الإنسانية في غزة وفلسطين، متمثلة في أنيرا Anera، كير إنترناشونال Care international، ميد غلوبال MedGlobal، ميرسي كور Mercy Corps، مجلس اللاجئين النرويجي norwegian refugee council، أوكسفام Oxfam، الدولية للاجئين refugees international، وأنقذوا الأطفال save the children، في تقرير مشترك نشر يوم أمس الثلاثاء 12 نوفمبر الجاري، أنّ الاحتلال الإسرائيلي قد فشل تمامًا في الامتثال لهذه المطالب.
إذ صرحت الجهات بأنّ "الوضع الإنساني في غزة الآن في أسوأ حالاته منذ بدء الحرب في أكتوبر عام 2023". ودعت حكومة الولايات المتحدة إلى اتخاذ قرار فوري على أساس أنّ إسرائيل تنتهك ضماناتها بموجب مذكرة الأمن القومي رقم 20 (NSM-20) والقسم 620i من قانون المساعدات الخارجية"، وهي المذكرة التي تلزم الولايات المتحدة الأميركية بإيقاف إرسال المساعدات العسكرية إلى إسرائيل أو أي بلد آخر، يعمد إلى عدم إيصال شحنات المساعدات الإنسانية إلى الطرف الآخر.
من جانبه أكد جيريمي كونينديك، وهو رئيس منظمة اللاجئين الدولية والمسؤول السابق في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID، أنّ هذا التقرير الأخير "يثبت بوضوح أنّ الحكومة الإسرائيلية تنتهك التزاماتها بموجب القانون الأميركي والدولي لتسهيل الإغاثة الإنسانية للفلسطينيين المعذبين في غزة"، مضيفًا أنه مع توقعات الخبراء الدوليين مرة أخرى بالمجاعة الوشيكة في شمال غزة خاصة، لا يوجد وقت نضيعه.
وقال إنه يتعين على الولايات المتحدة الأميركية، أن تفرض قيودًا فورية على التعاون الأمني مع إسرائيل كما هو مطلوب بموجب المادة 620i من قانون المساعدات الخارجية".
الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين يؤكد التجويع المتعمد في غزة
وفي السياق ذاته، قال الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، يان إيغلاند، أنه قد شهد خلال زيارته لغزة الأسبوع الفائت، التجويع المتعمد لنحو مليوني مدني، في ظل القصف الإسرائيلي المستمر. وأكد أنه لم يشهد عبور أي مساعدات إلى قطاع غزة، مضيفًا بأنّ المساعدات القليلة التي تصل إلى غزة يتم نهبها في كثير من الأحيان، بسبب إبادة القوات الإسرائيلية للشرطة الفلسطينية، ورفضها تأمين أو توفير طرق وصول آمنة إلى الأماكن التي يمكن للمنظمات الإنسانية، توزيع المساعدات فيها على السكان الجائعين".
وحسب التقرير، لم تسمح إسرائيل بدخول 350 شاحنة مساعدات إنسانية يوميًا، كما طالبت أميركا منها في الرسالة التي أرسلها بايدن ووزير دفاعه أوستن الشهر الفائت. إذ يقول التقرير إنّ الاحتلال الإسرائيلي أدخل ما يقارب من 42 شاحنة يوميًا فقط منذ تسلمه الرسالة الثنائية، وأنّ معدل 1000 شاحنة مساعدات فقط دخلت للقطاع من أربعة مداخل حدودية حددتها إسرائيل.
ويؤكد التقرير أنّ هذا المعدل لا يكفي لسد الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، إذ كان عدد شاحنات الإغاثة الإنسانية التي تدخل القطاع قبل بدء العدوان الإسرائيلي في الثامن من أكتوبر الفائت، 500 شاحنة، ولم يكن ليكفي لسد حاجة المواطنين، آنذاك.
بالإضافة إلى أنّ التقرير يشكك في الأرقام الإسرائيلية التي تدعي زيادة عدد الشاحنات منذ بداية شهر نوفمبر الجاري، إذ وصل إلى 229 شاحنة يوميًا، مؤكدين أنّ هذه الأرقام لا تتماشى مع أرض الواقع، ولا تمتثل أيضًا لعدد الشاحنات الذي أوصت به الولايات المتحدة الأميركية.
اقرأ/ي أيضًا
تقرير: بلينكن حجب معلومات حول منع إسرائيل للمساعدات الإنسانية عن غزة لضمان تزويدها بالأسلحة
عكس ادعاءاته بالمعاملة الإنسانية: تقارير تثبت تعمد الجيش الإسرائيلي استهداف الأطفال في غزة