الأفكار الواردة في هذه المدونة لا تُعبّر بالضرورة عن رأي “مسبار”.
زعم صحفي تركي يدعى مراد جيريهان في تغريدة نشرها في شهر مايو/أيار الفائت، عبر حسابه على "تويتر"، أنّ اللاجئين السوريين تلقوا مبالغ بقيمة ثلاثة آلاف وأربعمئة ليرة تركية لكل أسرة، وقالت وسائل إعلام تركية "إنّ الصحفي نشر المعلومات دون الإشارة إلى أيّ مصادر، وفي هذا الأمر تحريض على العنصرية والكراهية تجاه اللاجئين السوريين الذين يقطنون في تركيا".
وادّعى الصحفي، وقتئذ، أنّ العائلات السورية "تلقّت المبالغ كمساعدات قبل الإغلاق الكامل لموجات كورونا"، وأضاف "لمعلوماتكم.. مكافأة العيد هي 100 ليرة تركية! لم يكن ذلك كافيًا، دعوني أخبركم أكثر: تم إرسال طردين من الطعام لكل عائلة سورية إلى عناوينهم كمساعدة اجتماعية".
وفي السياق ذاته، شارك النائب في اسطنبول عن حزب الجيد التركي أوميت اوزداغ، تغريدة الصحفي على صفحته، مُعلّقًا "هذا مقزّز بالقدر نفسه أو حتى أكثر. منذ أن حصل اللاجئون السوريون على الجنسية قبل انتخابات عام 2023 بهدف استغلالهم للتصويت في تلك الانتخابات، يتم إطعامهم ودعمهم بينما ينتحر الأتراك بسبب الجوع. يكفي".
وفي أغسطس/آب الفائت، اعتقلت الشرطة التركية 76 مواطنًا في العاصمة أنقرة، على خلفية الاعتداء على منازل سوريين وأفغان، ونهب المحلات وحرق أخرى، وقد أعلنت مديرية أمن المحافظة بتاريخ 12 أغسطس الفائت، بأنَّ الأتراك المعتدين هم ضحايا الأخبار الزائفة التي تنتشر والتي تتضمن خطابات كراهية وادعاءات باطلة تجاه السوريين.
اللاجئون السوريون.. ضحايا الخطاب الشعبوي
كًثُر الحديث في السنوات الأخيرة عن تصاعد اليمين بخطابه الشعبوي، وعن الخوف الناتج من الآخر اللاجىء. وبدأت الأزمة مؤخرًا، بعد نشر مقطع فيديو من مقابلة، سأل فيها مذيع يعمل لصالح إحدى المحطات التلفزيونية مجموعة مواطنين، عن الوضع المعيشي وعن الأزمة الاقتصادية التي حلّت في البلاد. فباشرت مواطنة تركية بإلقاء اللوم على السوريين، واصفة إياهم بالعبء، كما دعتهم إلى الرجوع لبلادهم. قاطعها على الفور، رجل تركي، قائلًا "ليس بإمكاننا شراء الموز، بينما أنتم تشترونه بالكليوغرامات من الأسواق الشعبية"، وفي الأثناء، هاجم بعض الأتراك المحتشدين، فتاة سورية جامعية، حاولت تبرير الموقف بقولها "ماذا تريدون من السوريين، طالما أنهم يعملون ويحصّلون رزقهم، مثل الباقين، بعرق جبينهم"، فما كان من المواطنين الأتراك إلا أن دعوها للرحيل، والرجوع من حيث جاءت.
الأمر الذي دفع بعض السوريين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى تداول المقطع المصور، ومقاطع فيديو أخرى، مرفقة بتعليقات ساخرة حول "قضية الموز"، التي دفعت الداخلية التركية للتحذير مما وصفتها بـ "الأفعال الاستفزازية"، كما اعتقلت الشرطة سبعة سوريين من بينهم صحفي، ساهموا في نشر بعض مقاطع الفيديو، بتهمة "تحريض الناس على الكراهية والإذلال".
الأزمة الاقتصادية والتضليل
في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة يأتي السؤال عن مدى تأثير الخطاب الشعبوي في تضليل الحقائق وفي إحداث شرخ بين الشارع التركي من جهة، واللاجئين السوريين من جهة أخرى؟
فمع تصاعد الخطاب الشعبوي، ازداد التضليل في الحديث عن تفسير أسباب الأزمة الاقتصادية، وأصبح الخطاب المعارض في جوهره ملامة، واقعة على السوريين اللاجئين، بل أكثر من ذلك، إذ بات يوجه أصابع الاتهام إليهم بشكل مباشر، على اعتبار أنّهم سبب الأزمة الحالية التي تعصف بتركيا. فلا يمكن نسيان مثلًا، ما صرح به رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كلجدار أوغلو في أحد الأعياد، الذي قال إنهم "حال استلامهم للحكم، سيرسلون السوريين إلى بلادهم في غضون عامين". واتخذ آخرون إجراءات مضادة بحق اللاجئين، فرئيس بلدية بولو "تانجو أوزجان"، المعروف بمعاداته للاجئين السوريين، رفع الرسوم والضرائب على السوريين، عدا عن تصريحاته التي يصفها البعض بالتمييز والكراهية وإساءة استخدام المنصب، الأمر الذي دفعه، بعد فتح مكتب المدعي العام في ولاية بولو التركية تحقيقًا بشأنه، إلى القول، "حظًا سعيدًا، أنا جندي من الأمة التركية، لقد أعدمني الموالون للصحافة بسبب ما قلته عن طالبي اللجوء".
أضرّ الخطاب الشعبوي في تركيا بمصالح اللاجئين ودرجة استقرارهم، وأثّر على الرأي العام التركي، عبر استخدام اللاجئين كورقة لتحقيق أهداف ومكتسبات سياسية.
المصادر والمراجع:
اللاجئون.. ضحية تصاعد الخطاب الشعبوي السياسي في تركيا
الموز والسوريون في تركيا: كيف تحولت فيديوهات ساخرة إلى أزمة سياسية تسببت بترحيل لاجئين؟
أزمة المهاجرين في أوروبا بين الأبعاد الأخلاقية وتبعات الاستقبال
هدوء في أنقرة بعد ليلة ساخنة وهجمات ضد السوريين
Muhacirlere yönelik asılsız iddiaya ilişkin, UMHD suç duyurusunda bulunacak