"يرقد المخرج السوري محمد بايزيد في غرفة العناية المركزة في مستشفى في إسطنبول بعد تعرضه للطعن خلال ذهابه للعمل، وكان بايزيد يعمل على فيلم روائي عن سجن تدمر الذي يعد من أسوأ السجون السورية".
لا يزال هذا الخبر منشورًا على موقع بي بي سي عربي منذ عام 2017 بالرغم من الكشف عن زيفه بالكامل، إذ تبين وفق تقارير إخبارية لاحقة، أنّ المخرج اتفق مع آخرين على طعنه وتمثيل تعرضه للإصابة في تركيا.
وبعد نشرها الخبر على أنه حقيقي تراجعت عدة صحف ومواقع عالمية عنه موضحة حقيقته.
وقالت صحيفة العربي الجديد، وقتها، إن الشخص الذي استعان به المخرج لتركيب تمثيلية طعنه يُدعى محمد الهندي، ويعمل منتجًا إعلاميًا حرًا، وقد قرر الأخير عرض مقاطع الفيديو التي تُثبت استغلال بايزيد لتعاطف الجماهير مع الثورة السورية من أجل تحقيق مكاسب شخصية.
وتعرض مقاطع الفيديو تسجيلات لمحادثات أُجريت خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران من العام 2017، بين الهندي وبايزيد لتنسيق محاولة اغتيال بايزيد، والتي يهدف بها، بحسب قوله في إحدى المكالمات، إلى تمويل مشروع فيلمه الجديد "النفق".
وتشير إحدى المكالمات أن التمثيلية تتضمن إيذاءه جسديًا من خلال أحد السيناريوهات المقترحة، إما اختطافه لفترة قصيرة، أو محاولة اغتياله إما بسلاح أبيض أو بسلاح ناري. ويطلق بايزيد على السلاح لفظ "كاميرا" للتمويه، ويقترح أن يتم شراؤه ونقله إلى إسطنبول من جنوب تركيا، حيث يسهل الحصول على سلاح ناري، من خلال شخص يستقل حافلة عامة، إذ لا توقف دوريات الشرطة الحافلات العامة.
وظهرت المقاطع لتكون بمثابة صدمة للجماهير خاصة بعد الالتفاف العربي والعالمي حول المخرج، إذ إن حالة التعاطف والالتفاف القوية، تحولت إلى هجومٍ كبير، واتهامات بتشوية الثورة السورية، خاصة أن فيلمه الذي يحاول الحصول له على تمويل كان عن المعتقلين السياسيين في سورية.
واختفى بعدها المخرج وزوجته التي كانت مؤثرة أيضًا على وسائل التواصل الاجتماعي، وتصنع معه أفلامه.
ما حكاية خطف ابن أحلام العجارمة؟
قالت المذيعة الأردنية أحلام العجارمة، في شهر يوليو/تموز من العام الجاري، إن ابنها خُطف فجأة من تركيا، وذلك منذ عشرين يومًا، ثم نقل إلى سورية، موضحة أن الخاطفين يحملون الجنسيتين اللبنانية والسورية، واتهمت عصابة لتهريب البشر بنقله إلى إدلب في سورية.
وأضافت على حسابها في موقع تويتر "الجهود الكبيرة التي قامت بها السلطات التركية كان لها الفضل الرئيسي في استعادة طفلي من شمال سورية من دون أن يتعرض لأي أذى".
كما نشرت العجارمة مقطع فيديو عبر حسابها يوثق لحظة لقائها بطفلها بعد عودته سالمًا، وأوضحت أنّها كانت أصعب أيام حياتها مضيفة "انخطف ابني ما شفته ولا سمعت صوته ولا بعرف هو وين عشرين يوم دون نوم ولا أكل كنت أتمنى يكون كابوس وأصحى منه حسبي الله ونعم الوكيل على الي كان السبب".
وكسبت الحادثة تعاطفًا كبيرًا من قبل الجماهير والمشاهير معها، وتصدر الترند، وما هي إلا بضعة أيام حتى قال وليد سقالاكي زوج الإعلامية الأردنية في مقطع فيديو، أن ابنه كان معه ولم يتعرض للخطف من قبل عصابة للتجارة بالأعضاء، وأنّ كل ما قالته كذب وافتراء.
وأكد الزوج أن زوجته أحلام كانت تعرف أن ابنها معه وليس مخطوفًا، وقدم اعتذاره للشعب السوري ومنطقة إدلب تحديدًا بعدما شوهت صورتها، بحسب وصفه.
وأوضح سقالاكي وجود خلافات بينهما منذ عشرة أشهر، ودعوى في المحاكم التركية للحصول على حضانة الطفل، وأن المحكمة بتت له بقرار رؤية ابنه مرة واحدة في الشهر، ولكن بشروط الوالدة مثل رؤيته في “المول” فقط وبوجود حراسة، بحسب ما قاله ووصف أبو الوليد ما فعلته العجارمة عندما نشرت تسجيلًا مصورًا على حسابها في انستغرام لحظة تسلّمها ابنها من معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا شمالي حلب؛ بـ "الفيلم الهندي"، مؤكدًا عدم وجود عصابة خطف أو غيره.
ولم تعلق العجارمة مباشرة على ما صرح به زوجها، بل عبر حسابها على تويتر "أعتذر بشدة من جميع وسائل الإعلام العربية والأجنبية عن عدم الإدلاء بأي معلومات إضافية حول القضية كونها أصبحت بعهدة السلطات القضائية وبيد المحاكم التركية وهي الجهة الوحيدة المسؤولة عن سير إجراءات التحقيق. أعدكم جميعاً بعد انتهاء التحقيق والقصاص من الفاعل وفق القانون بالكشف عن بعض الحيثيات الأخرى التي تجنبت الحديث عنها حرصا على احترام المسار القانوني".
كما أعادت نشر تغريدة للإعلامية علا الفارس قالت فيها "سؤال.. عندما تأخذ طفل من مكان إقامته وتسلمه لأحدهم ليتم نقله من بلد لبلد بدون جواز سفر ولا عن طريق معبر حدودي رسمي مع مجموعة أشخاص متمرسين على التنقل بهذه الطريقة بين بلدين.. كيف ممكن أن تصف الواقعة جنائيا ومن قاموا بتنفيذها ما وصفهم؟".
موت أحمد الخليلي المفبرك
وفي السياق ذاته فجعت جماهير مواقع التواصل الاجتماعي بخبر وفاة اليوتيوبر الأردني أحمد الخليلي وأصبح اسمه ترند خلال ساعات معدودة عقب انتشار أنه توفي في حادث خلال وجوده في إجازة بمصر، وفي الليلة ذاتها ظهر المؤثر في مقطع فيديو يقول فيه إنه بخير، وأنه ليس من نشر خبر وفاته، ولا يستطيع دخول حسابه على موقع انستغرام بعد ما تعرض للقرصنة، في حين اتهمه العديد من المتابعين بنشر الإشاعة.
وبعد أن تصدر الترند كحالة تعاطف وحزن، سرعان ما تحولت المنشورات إلى موجة غضب وهجوم من فئة كبيرة من الناس الذين طالبوا الجهات المعنية بالتحقيق في الموضوع.
فهل أصبحت المآسي عنوانًا جديدًا لإشباع الرغبة في الظهور بالنسبة للمشاهير؟
تقول دراسة نشرتها الجزيرة نت، إن عالمَي الاجتماع زيجمونت باومان وديفيد ليون توصلا إلى أن أثر التحولات التواصلية والتقنية هو تقلص المجال الخاص وتآكل شرعيته كحيّز للشعور بالذات والأمان والمشاعر الصادقة، حيث باتت الحياة داخل الحيّز الخاص مهددة دائمًا بالشعور بالنقصان وبعدم الكفاية والفاعلية، ما لم تُعرض على العام وتُسوّق في صور جميلة وأخبار وقصص تدعو إلى الإعجاب.
وهو ما قد يدفع بأحد نجوم مواقع التواصل الاجتماعي إلى تلفيق قصة كاملة عن تعرضه للاغتيال أو تعرض ابنه للخطف، في محاولة لتسويق حياته الخاصة ومآسيها وأخطارها ليحصل على أكبر قدر ممكن من الانتباه والتضامن من جيش المراقبين بشكلٍ دائم، لعله يستثمر تلك المراقبة في تمويل أحد مشروعاته القادمة.
المصادر: