الأخبار المتعلقة بالأجسام المجهولة، والصحون الطائرة، والكائنات الفضائية لطالما شغلت الرأي العام وأثارت فضول الجمهور، وأثارت نقاشات علمية وشعبية واسعة. ومع تطور وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها المتزايد، أصبحت هذه الأخبار أكثر تداولًا، لكنها غالبًا ما تكون مضللة وتعتمد على ادعاءات زائفة.
في المقال التالي، نسلط الضوء على أبرز الأخبار الزائفة التي تناولت الأجسام المجهولة والكائنات الفضائية، والتي تحقق منها مسبار.
الكونغرس يناقش فيديو لجسم غريب قبالة الكويت
عقد الكونغرس الأميركي في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري جلسة استعرضت مقطع فيديو يُعدّ غير مسبوق، يُظهر جسمًا غريبًا يتحرك قبالة سواحل الكويت.
الجلسة التي حملت عنوان "الظواهر الشاذة المجهولة: كشف الحقيقة"، جاءت ضمن جهود اللجنة لتوفير المزيد من المعلومات حول الظواهر الشاذة (UAPs) التي تُعرف أيضًا بالأجسام المجهولة.
وأثناء شهادته أمام مجلس النواب، أوضح الصحفي مايكل شيلينبرغر أنه تلقى معلومات عن اللقطات من مصدر موثوق. الفيديو، الذي تصل مدته إلى 13 دقيقة، يظهر كرة متحركة على بعد 20 ميلًا من ساحل الكويت، وقد تم تصويره بدقة عالية من طائرة هليكوبتر.
كما سلّم شيلينبرغر تقريرًا للكونغرس، أفاد فيه أن السلطة التنفيذية تدير قضايا UAP دون علم الكونغرس أو إشرافه، وربما لعقود.
لكن الجلسة لم تُقدّم أي معلومات جديدة، ولم يتم نقل أي شخص إلى الفضاء ولم تظهر أي مركبات فضائية أو تقنيات فضائية، والرسالة الرئيسية كانت دعوة عامة للحكومة لتكون أكثر شفافية في مشاركة بيانات الظواهر الجوية المجهولة (UAP)، وحماية الأشخاص الذين قد يقدمون شهادات متعلقة بهذه الظواهر.
كما لا يوجد دليل قاطع يثبت أن الأجسام الطائرة المجهولة (UFOs)، أو الظواهر الجوية المجهولة هي ذات طبيعة خارجية أو فضائية، ولكن هذه الظواهر تستمر في جذب اهتمام الجمهور.
وتتنشر هذه المشاهدات بشكل مستمر، رغم أن العديد منها يمكن تفسيره بسهولة، مثل الطيور، أو البالونات، أو الطائرات المسيّرة، أو في بعض الحالات المشاهد أو الصور المولّدة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، تبقى بعض الظواهر غير مفسّرة علميًا حتى الآن.
فيديو مفبرك على أنه يوثّق تصدي القوات الكويتية لصحنين طائرين
عقب جلسة الكونغرس، تداولت وسائل إعلام وحسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو ادّعى ناشروه أنه يُظهر محاولة القوات الكويتية التصدي لصحنين طائرين في أجواء الكويت.
وبالتحقّق، وجد مسبار أن الادعاء زائف، إذ تبيّن أن الفيديو المتداول تم فبركته عبر إضافة صوت مأخوذ من جلسة البرلمان الكويتي، في يناير/كانون الثاني عام 2010.
كما اتضح أن المشاهد الأصلية تعود لمحاولة تصدّي قوات البحرية الأميركية لأجسام غريبة، وهي منشورة منذ عام 2018.
فيديو مولّد بالذكاء الاصطناعي وليس لطبق طائر
في الأشهر الفائتة من العام الجاري، نشرت حسابات على موقع التواصل الاجتماعي إكس، مقطع فيديو ادّعت أنه يوثق تصوير طبق طائر من نافذة طائرة.
إلا أن تحقّق مسبار أكد أن الفيديو مولّد بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وقد لوحظ تغيّر تدريجي في شكل الطبق الطائر خلال الفيديو، إذ يختفي الجزء السفلي منه عند مقارنة لقطات من بدايته ونهايته.
وأظهر البحث العكسي أن أول من نشر الفيديو كان حسابًا باسم "بلاوال سيديهو" في الأول من أبريل/نيسان 2024.، وأرفق الحساب الفيديو بتعليق خيالي يتحدث عن طبق طائر يحرس الطائرة. صاحب الحساب، الذي يعرّف نفسه كمتخصص في المؤثرات البصرية، أوضح في أحد التعليقات أنه استخدم أدوات مثل "ميدجورني"، "رانواي"، و"أفتر إيفيكتس" لتصحيح درجات الألوان لإنتاج الفيديو.
وكشف تحليل الفيديو باستخدام أدوات مثل "هايف موديريشن" أن احتمال كونه مولّدًا بالذكاء الاصطناعي تتجاوز 90%. كما أكدت أداة "Is it AI" أن لقطات الفيديو تحمل احتمالية تزيد عن 80% بأنها مولّدة رقميًا وليست حقيقية.
فيديو بتصميم ثلاثي الأبعاد وليس لجسم فضائي في السويد
في فبراير/شباط الفائت، تداولت صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو ادّعت أنه يُظهر جسمًا فضائيًا غامضًا (UFO) في سماء السويد.
لكن تحقّق مسبار كشف أن الفيديو مركّب، وهو من ابتكار فنان سويدي متخصص في الرسوم ثلاثية الأبعاد، ونُشر الفيديو للمرة الأولى على حسابه انستغرام مرفقًا بوسوم مثل "فضائيين"، "السماء"، و"جسم فضائي غامض".
يُشار إلى أن الفنان السويدي ينشر مقاطع مشابهة تتناول كائنات وأجسام فضائية طائرة، إضافة إلى مشاهد مستوحاة من سلسلة أفلام "ستار وورز" ومقاطع إعلانية لسيارات رياضية.
وقبل نشر الفيديو في حسابه على انستغرام، شاركه الفنان على منصة "ريديت" بتاريخ الخامس من فبراير/شباط الجاري ضمن مجتمعي r/AliensAndUFOs وr/aliens.
الكائنات الفضائية بين الادعاءات وغياب الأدلة العلمية
لا تقتصر الادعاءات على مشاهد زائفة لأطباق طائرة أو أجسام غريبة في السماء، بل تستمر المزاعم المتعلقة بالكائنات الفضائية، ويدّعي ناشروها أنها توثّق بالفعل رصد هذه الكائنات.
حتى اليوم، لا يمكن الجزم بوجود الكائنات الفضائية نظرًا لغياب أي دليل مؤكد يدعم ذلك. على الرغم من التقدم الكبير في استكشاف الفضاء، بما في ذلك دراسة الكواكب مثل المريخ والأقمار مثل تيتان، لم تُثبت الأبحاث العلمية وجود حياة أو مخلوقات فضائية خارج كوكب الأرض.
كذلك، لم تثبت الادعاءات حول زيارة الكائنات الفضائية للأرض صحتها علميًا. هذه المزاعم تخضع للتدقيق المستمر، لكنها لم تُقدّم حتى الآن أدلة موثوقة تدعمها.
مومياوات فضائية مزعومة في البيرو
على سبيل المثال، في سبتمبر/أيلول 2023، قدّم الصحافي المكسيكي، خايمي ماوسان، أمام البرلمان المكسيكي مجسمين ادّعى أنهما بقايا مومياوات فضائية عُثر عليها في صحراء نازكا في البيرو عام 2017، مستندًا إلى تحليل تأريخ بالكربون قال إنه يشير إلى عمرهما الذي يتجاوز ألف عام.
وأوضح مسبار حينها، أن وزارة الثقافة البيروفية أكدت أن هذه المومياوات لا تعود إلى ما قبل القرن السادس عشر، وأنها حديثة الصنع وليست أثرية. كما أوضحت الوزارة أن الموقع الذي زُعم العثور فيه على هذه القطع غير معروف بدقة، مشيرة إلى تلقيها بلاغات تفيد باستخدام مكتشفي المومياوات أسماء مستعارة، ما دفعها إلى فتح تحقيق في احتمال التعدي على مواقع أثرية.
وفي تحليل أجراه معهد الطب الشرعي في البيرو كشف أن المومياوات صُنعت باستخدام جمجمة كلب معدّلة بعناية لتبدو فضائية، مع جلد مزيف وعظام بشرية مُعاد تركيبها لتشكيل الجسد. وأكد الباحثون غياب المفاصل وربط الأجزاء بطريقة بدائية، مع الإشارة إلى أن الأصابع الطويلة تعود لبشر من أعمار مختلفة.
لا دليل على كائنات فضائية ترسل إشارات إلى كوكب الأرض
تداولت وسائل إعلام وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي خبرًا زعمت فيه أن كائنات فضائية تواصلت مع كوكب الأرض عبر رسالة راديوية تتكرر كل 18 دقيقة، التقطها علماء فلك أستراليون وعملوا على تحليلها لفهم محتواها.
إلا أن تحقّق مسبار كشف أن الخبر قديم وينطوي على إثارة، إذ سبق أن نشرته صحيفة "ميرور" البريطانية بطريقة تنطوي على إثارة، ويعود أصل الخبر إلى نتائج مشروع بحثي أجرته الباحثة ناتاشا هارلي ولكير من جامعة كورتين الأسترالية في عام 2020.
خلال المشروع، رصد أحد طلابها مصدرًا غير عادي للموجات الراديوية في بيانات مخزنة تعود إلى عام 2018، لكنه اختفى بعد بضعة أشهر. سُمّي المصدر بـ "GLEAM-X J162759.5-523504"، ويندرج ضمن تصنيف "النجوم الراديوية الدوارة العابرة".
رغم التساؤلات الأولية حول احتمال أن يكون المصدر صناعيًا أو مرتبطًا بكائنات فضائية، أُثبت علميًا أن الطاقة اللازمة لتوليد هذه الموجات يمكن أن تأتي من مصادر طبيعية فقط. قدّم الفريق تفسيرين رئيسيين للمصدر: إما قزم أبيض أو نجم نيوتروني ذو مجال مغناطيسي شديد القوة.
وأكدت ولكير أن الموجات ليست صادرة عن مصادر صناعية أو كائنات فضائية، موضحةً أن الاكتشاف يمثل أول رصد لمصدر راديوي تتكرر موجاته كل 20 دقيقة. وأضافت أن غياب حالات مماثلة في الماضي قد يكون ناتجًا عن عدم التركيز على هذا النوع من الظواهر.
ناسا تنفي وجود كائنات فضائية وتواصل دراسة الظواهر الغامضة
ينشر مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي عادةً معلومات منسوبة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، باعتبارها مصدرًا موثوقًا لكل ما يتعلق بالفضاء، وهي معروفة بإجرائها دراسات مستمرة حول الكائنات الفضائية. على سبيل المثال، انتشرت في عام 2023 أخبار تزعم أن ناسا أكدت وجود كائنات فضائية.
لكن تحقّق مسبار أوضح أن الادعاء زائف، إذ نفت ناسا في تقريرها الصادر حينها وجود كائنات فضائية، كما نفت وجود أي أدلة تدعم هذه الادعاءات.
وكانت الوكالة قد أعلنت في التاسع من يونيو/حزيران 2022 عن دراسة مستقلة تهدف إلى توفير بيانات دقيقة حول الكائنات الفضائية والظواهر غير المعروفة في الكون. وأشارت إلى أن الدراسة ركزت على أحداث رُصدت في السماء فوق المجال الجوي للولايات المتحدة، من قبل شهود موثوقين، غالبًا طيارين عسكريين، موضحة أن هذه الظواهر لا يمكن تحديد طبيعتها علميًا على أنها طائرات أو ظواهر طبيعية معروفة.
وفي 14 سبتمبر/أيلول 2023، نشرت ناسا تقرير الدراسة التي أجراها فريق مستقل مكون من 12 خبيرًا متخصصين في مجالات متنوعة تشمل البيانات، الذكاء الاصطناعي، استكشاف الفضاء، سلامة الطيران، ووسائل الإعلام. وركز التقرير على تعزيز دور العامة في رصد هذه الظواهر، مشددًا على أهمية تطوير أنظمة لجمع البيانات، مثل تسجيلات الهواتف المحمولة.
في ختام التقرير، نفت ناسا وجود أدلة تشير إلى أن مصادر من خارج الأرض تقف وراء الظواهر الشاذة التي تم التحقيق فيها. وعلى الرغم من ذلك، لم تستبعد الوكالة احتمال وجود "تقنيات فضائية غير معروفة تعمل في الغلاف الجوي للأرض". وأوضح مديرها بيل نيلسون خلال مؤتمر صحفي أن احتمال وجود حياة في الكون الشاسع أمر يؤمن به على المستوى الشخصي، مضيفًا أن علماء ناسا يعدّون وجود حياة على كوكب مشابه للأرض احتمالًا قائمًا.
اقرأ/ي أيضًا
هل سبب التغير المناخي والكوارث الطبيعية هو اقتراب كوكب من الأرض؟
ما أبرز الادعاءات المرتبطة بنظرية المؤامرة حول مشروع الشعاع الأزرق؟