ظهرت في الثالث من مارس/الجاري، سحابة على شكل عدسة في سماء العاصمة السورية دمشق، مما أثار جدلًا على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر البعض ظهورها مؤشرًا على وقوع كارثة طبيعية كالزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في السادس من فبراير/شباط الفائت.
وأشارت ادعاءت على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أنّ ظهور هذا النوع من السحب يرتبط بتخلخل قشرة الأرض مما يؤدي إلى حدوث زلزال.
كما أشار ادعاء آخر إلى أنّ تلك الغيوم تحمل شحنة سلبية عالية، سيتم تفريغها عندما يقرّر "المجرمون" توجيه أشعة من مراكز هارب على شكل عاصفة أو زلزال. (انظر تقرير “مسبار” عن الادعاءات المرتبطة بنظرية المؤامرة حول مشروع هارب).
كما ادّعى مستخدمون أنّ سحابة مماثلة ظهرت قبل وقوع زلزال تركيا وسوريا، في سماء ولاية بورصة التركية.
ما هي السحب العدسية؟
السحب العدسية، تُعرف باسم (Lenticular Clouds)، وهي سحب تشبه شكل العدسة المحدبة، وقد تتخذ الشكل اللوزي أحيانًا. وتتشكل السحب العدسية عادة لأسباب تضاريسية (Orographic)، إذ يواجه الهواء أثناء انتقاله على طول سطح الأرض بعض العوائق والتضاريس الطبيعية (مثل الجبال أو التلال)، أو الهياكل الاصطناعية (مثل المباني)، إذ تؤدي هذه العوائق إلى تعطيل تدفق الهواء فتتحول حركته إلى دوامات، وتنشأ مناطق اضطراب عند هذه العوائق.
وعندما يتدفق الهواء الرطب المستقر فوق دوامة أكبر، مثل تلك التي تسببها الجبال، تتشكل سلسلة من الموجات الموقوفة (Standing waves) واسعة النطاق، على جانب الجبل المواجه للريح، وإذا انخفضت درجة الحرارة عند قمة الموجة إلى ما دون نقطة الندى المحلية، فقد تتكثف الرطوبة في الهواء لتشكل سحبًا عدسية.
وقد تتشكل سلاسل طويلة من هذه السحب بالقرب من قمة كل موجة متتالية، مما يؤدي إلى تكوين تشكيل يعرف باسم سحابة الموجة (Wave Cloud). ويمكن أن تُنتج أنظمة الموجات هذه تيارات صاعدة كبيرة، تكفي أحيانًا لتكثيف بخار الماء وتشكل الغيوم والأمطار.
وتتشكل السحب العدسية على ارتفاعات تتراوح بين 6400 و 16500 قدم، وتأخذ ثلاثة أشكال هي سحب ركامية متوسطة، سحب ركامية طبقية، سحب سمحاقية ركامية.
هل هناك علاقة بين السحب العدسية ووقوع الزلازل؟
تقول هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إنّه لا يمكن التنبؤ بحدوث زلزال كبير، مضيفة أنّه يمكن لعلماء الهيئة حساب احتمال وقوع زلزال كبير في منطقة معينة خلال عدد معين من السنوات، لكن لا يمكن تحديد توقيت ومكان وقوع الزلزال.
وتابعت بأنه "يجب أن يحدد التنبؤ بالزلازل 3 عناصر هي التاريخ والوقت، الموقع، المقدار"، لافتة إلى أنّ "قول بعض الأشخاص إنهم يستطيعون التنبؤ بالزلازل خاطئ، لأنه لا يستند إلى أدلة علمية، والزلازل جزء من عملية علمية، ولا علاقة له بالسحب أو الآلام الجسدية أو الرخويات".
وفي السياق نفسه، نشرت مجلة المخاطر الطبيعية وعلوم نظام الأرض في مايو/أيار عام 2015، ورقة تناقش ادعاء مفاده أنّ الزلزال الذي وقع في وادي بو في إيطاليا تم التنبؤ به بعد رؤية تشكيل سحابة غير عادي.
وأشارت المجلة إلى أنّ مجموعة من الباحثين من مؤسسات مختلفة في الولايات المتحدة الأميركية وإيطاليا، تولوا مهمة دراسة التكوينات السحابية في شبه الجزيرة الإيطالية بأكملها، وفحصوا صور الأقمار الصناعية لشمال إيطاليا على مدى أربع سنوات من أجل تحديد ما إذا كانت التكوينات التي شوهدت في وقت زلزال 2012، مرتبطة بالزلزال نفسه.
وخلص الباحثون إلى أنّه لا توجد علاقة إحصائية واضحة بين حدوث هذه التكوينات السحابية والزلازل التي حدثت في إيطاليا وحولها، لافتين إلى أنّ تشكيلات السحب تكونت نتيجة تفاعل الرياح المحمّلة بالرطوبة المتدفقة فوق الجبال.
كما قال رئيس وكالة ماتارام للأرصاد الجوية وعلم المناخ والجيوفيزياء (BMKG) في إندونيسيا، أجوس ريانتو، في يوليو/تموز عام 2019، إنّ ظاهرة السحب على شكل العدسة التي تصدرت جبل رينجاني، في لومبوك، لا علاقة لها بعلامات الزلازل الأخيرة التي ضربت منطقة نوسا تينجارا الغربية.
وأضاف ريانتو أنّ "السحب العدسية ظاهرة طبيعية، ولا علاقة للزلازل بها"، مؤكدًا أنّها "مجرد شائعة".
اقرأ/ي أيضًا
آلاف الحسابات روجت لمؤامرة تسبُّب برنامج هارب بزلزال تركيا وسوريا
هل يمكن التنبؤ بموعد وقوع الزلازل؟
المصادر
هيئة المسح الجيولوجي الأميركية (USGS)
Natural Hazards and Earth System Sciences
