اندلعت مظاهرات واحتجاجات في فرنسا بعد مقتل الفتى نائل الذي لا يتجاوز عمره 17 عامًا، على يد شرطي فرنسي في نقطة تفتيش مروري في منطقة نانتير، بتاريخ 27 يونيو/ حزيران الفائت.
وأوضحت السلطات الفرنسية بأنّ سبب إطلاق النار على نائل، هو عدم امتثاله لعناصر نقطة التفتيش ومحاولته تجاوزها، لكن مقطع فيديو نشر عن الحادثة أظهر مشاهد تتناقض مع رواية الشرطة الفرنسية حول مقتل نائل. في حين وُجّهت اتهامات بالعنصرية والتطرف إلى الشرطة الفرنسية.
وعلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن الأمر قائلًا إنه "لا شيء يبرر موت شاب"، واصفًا ما حدث بأنه "لا يمكن تفسيره ولا يغتفر". وتم توقيف الشرطي الذي قتل نائل، ووجهت إليه تهمة القتل العمد.
ادعاءات مضللة رافقت احتجاجات فرنسا
ورافقت الأحداث والاحتجاجات الأخيرة في فرنسا بانتشار الأخبار الكاذبة والادعاء المضللة التي رصدها "مسبار" وتحقق منها:
تداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو ادّعت أنه لتظاهر الجالية الجزائرية، خلال الاحتجاجات في فرنسا، بعد مقتل الفتى نائل برصاص الشرطة في باريس، وأظهر التحقق أنّه مضلّل وقديم. ويعود لتجمع في حفل موسيقي في العاصمة المكسيكية، مكسيكو سيتي في الرابع من يونيو/حزيران الفائت.
جزائريين يسقطون العلم الفرنسي ويرفعون العلم الجزائري
وانتشر فيديو قديم ادّعى ناشروه أنه لجزائريين يسقطون العلم الفرنسي ويرفعون العلم الجزائري خلال الاحتجاجات الأخيرة ، إلا أنّ الفيديو نُشر في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2013، وذكرت وسائل الإعلام آنذاك أنّه يُظهر لحظة إنزال العلم الفرنسي واستبداله بالعلم الجزائري من أعلى واجهة بلدية تولوز جنوب غربي باريس خلال احتفال مشجعين جزائريين بفوز منتخب بلادهم على منتخب بوركينافاسو وتأهلهم لبطولة كأس العالم البرازيل عام 2014.
ولا يظهر هذا الفيديو مواجهات بين جزائريين والشرطة الفرنسية بعد مقتل الشاب نائل، بل يعود لمواجهات جرت مساء الجمعة 30 أكتوبر/تشرين الأول 2020 في حي غامونال في مدينة بورغوس شمالي إسبانيا لرفض متظاهرين قيود الحجر الصحي وحظر التجوال المتعلقة بكوفيد-19 آنذاك.
وأمّا فيديو رقص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت ماكرون خلال حفلة موسيقية قديم ولا يتزامن مع الاحتجاجات الأخيرة، ويعود لرقص بريجيت، في مهرجان الموسيقى يوم 21 يونيو/حزيران الفائت، أي قبل بدء الاضطرابات الجارية في فرنسا بستة أيام.
اعتداءات على محال تجارية ومطاعم في فرنسا
ويعود فيديو تخريب واجهة مطعم ماكدونالدز إلى مارس/آذار الفائت، لمحتجين فرنسيين خلال اندلاع احتجاج في باريس، حينها. وليس من الاحتجاجات الأخيرة.
وفيديو نهب متجر آبل في فرنسا قديم وليس من الاحتجاجات الأخيرة، ويعود إلى ديسمبر/كانون الأول عام 2018 وكان لاقتحام متجر آبل في مدينة بوردو الفرنسية ونهبه، خلال مظاهرات لأصحاب السترات الصفراء حينها.
تعزيزات أمنية خلال الاضطرابات الأخيرة في فرنسا
ولا يُظهر هذا الفيديو الذي تداوله مستخدمون على موقع تيك توك، تعزيزات أمنية خلال الاضطرابات الأخيرة في فرنسا، إنّما يعود لاستعداد الشرطة الفرنسية لمواجهة مظاهرات خرجت في عدد من المدن، في مارس/آذار الفائت، احتجاجًا على إصلاحات نظام التقاعد.
وتداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعي فيديو لحيوانات في الشوارع تتجول ليلًا في مناطق حضرية، وادّعت أنّها تُظهر أسودًا وحصانًا وحمارًا وحشيًا وحيوانات أخرى، قام محتجون بتسريحها بعد اقتحامهم حديقة حيوانات في باريس، خلال الاحتجاجات على خلفية مقتل الفتى نائل.
وتبين لتحقق "مسبار" أنّ الادعاء مضلّل ومقطعي الفيديو قديمان، ونشر مقطع الفيديو المتداول على أنّه لأسود في شوارع باريس، منذ 11 فبراير/شباط 2020، مع تعليق أنّه التقط في منطقة سانت دينيس. ولم يعثر "مسبار" عليه منشورًا في أي مصدر موثوق يحدد طبيعة الحيوانات الظاهرة وما إن كانت قد هربت من حديقة حيوان.
ووجد "مسبار" الفيديو الثاني منشورًا منذ العاشر من إبريل/نسيان 2020، يظهر ركض حمار وحشي ومهران في الشارع الرابط ما بين بلدتي شونوفيار وشومبينيي الواقعتين على ضفاف نهر المارن في ضواحي باريس، بعد فرارهم من إحدى دور السيرك المجاورة، وفق موقع لوباريزيان الفرنسي.
إضرام حرائق في السيارات والمباني خلال احتجاجات فرنسا
وهذا الفيديو قديم وليس لحريق في فرنسا خلال الاحتجاجات التي أعقبت مقتل نائل، وتبين بالتحقق أنّه لحريق ضخم حدث في سوق ملابس مكتظة في مدينة دكا عاصمة بنغلاديش، في الرابع من إبريل/نيسان الفائت.
كما أنّ صورة حرق العلم الفرنسي في باريس عقب مقتل نائل قديمة، نُشرت يوم الثامن من يناير/كانون الثاني الفائت، إذ أحرق المحتجون العلم الفرنسي أمام السفارة الفرنسية في العاصمة الإيرانية طهران، احتجاجًا على الرسوم الكاريكاتيرية التي نشرتها الصحيفة الأسبوعية الفرنسية الساخرة شارلي إيبدو، للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.
وفيديو اشتعال النيران في السيارات الذي تداوله مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرّا، ليس من احتجاجات فرنسا الأخيرة، بل يعود إلى 28 إبريل/نيسان الفائت، وهو لحريق في مزاد بيكلز لبيع السيارات في مدينة بيرث في أستراليا.
وفيما يتعلق بفيديو إلقاء متظاهرين لسيارات من أعلى مبنى، خلال الاحتجاجات الأخيرة في فرنسا، وجد "مسبار" أنّه مضلّل وقديم، نُشر في يونيو/حزيران عام 2016، ويُظهر مشاهد سقوط سيارات من نوافذ مبنى موقف سيارات، في مدينة كليفلاند الأميركية، خلال تصوير فيلم Fast 8 أو (Fast and Furious 8 Crew) الذي عُرض عام 2017.
وفيديو الحريق الضخم في مبنى فرنسي كبير الذي تداولته صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الاحتجاجات الأخيرة، أظهر التحقق أنّه قديم ويعود إلى 22 مايو/أيار الفائت، وهو لحريق هائل في مكتب بريد مركزي تاريخي في العاصمة الفلبينية، مانيلا.
نزول مسلحين إلى الشوارع في فرنسا
وتداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو ادّعت أنّه لنزول مسلحين من اليمين المتطرف إلى الشوارع في فرنسا، خلال الاحتجاجات الأخيرة، ووجد "مسبار" أنّ الادّعاء مضلّل وقديم، نشرته مصادر إعلامية في يونيو/حزيران عام 2020 وذكرت أنه يعود إلى مجموعة مسلحة من الشيشان، يلوحون بالأسلحة في مدينة ديجون شرقي فرنسا، خلال احتجاجات اندلعت إثر الاعتداء على فتى شيشاني، يبلغ من العمر 16 عامًا.
ولم تعتدِ الشرطة الفرنسية على امرأة في المظاهرات الأخيرة، بل يعود الفيديو المتداول إلى قيام ضباط من الشرطة الإيطالية بالاعتداء على امرأة متحولة جنسيًا في مدينة ميلانو في مايو/أيار الفائت.
وادعى متداولو مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي أنّه لأعمال شغب وفوضى من قبل جزائريين وعرب بالقرب من برج إيفل خلال الاحتجاجات الأخيرة في فرنسا. ولكن في الحقيقة الفيديو لمشهد افتراضي لدمار في العاصمة الفرنسية باريس، التي بدت وكأنها تتعرض لضربات جوية، ونُشر في مارس/آذار عام 2022 من قبل شخصيات أوكرانية سياسية بارزة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وهذا الفيديو قديم وليس لهروب فرنسيين جراء هجوم من الجزائريين خلال الاحتجاجات التي أعقبت مقتل نائل، ويعود إلى أغسطس/آب عام 2022 ، وهو لفرار إسرائيليين من على أحد شواطئ تل أبيب بعد انطلاق صفارات الإنذار حينها، خلال جولة تصعيد بين حركة الجهاد الإسلامي والجيش الإسرائيلي.
مقالات حول قضية مقتل الفتى نائل
وفي مقال بعنوان "فرنسا تنفي ادّعاء حظرها شبكة الإنترنت وتبدي تخوفها من محتوى المنصات خلال الاحتجاجات"، فنّد "مسبار" حقيقة ادعاء إصدار وزارة الداخلية الفرنسية بيان يقضي بحظر شبكة الانترنت في البلاد خلال الاحتجاجات الأخيرة.
كما دحض "مسبار" في مقال بعنوان "كيف دحض مقطع فيديو رواية الشرطة الفرنسية حول مقتل نائل؟"، رواية الشرطة الفرنسية حول مقتل الشاب الجزائري نائل.
هذه كانت أمثلة على أخبار زائفة تحقق منها "مسبار"، انتشرت خلال الاحتجاجات الأخيرة في فرنسا عقب مقتل الشاب الجزائري ذو 17 ربيعا نائل برصاص الشرطة الفرنسية، والتي يُتوقع أن ينتشر المزيد منها خلال الأيام المقبلة، لذا لا تتردد بالتواصل معنا لتتحقق من أي خبر تشك بصحته من هنا.
اقرأ/ي أيضًا
الفيديو ليس لاعتداء الشرطة الفرنسية على امرأة في المظاهرات الأخيرة