في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، نشر "مسبار" 175 مادة تحقق تمحورت حول الأحداث الجارية في العالم، وأبرزها العدوان الإسرائيلي على لبنان والمواجهات بين حزب الله وجيش الاحتلال، وآخرها التطورات السورية عقب إطلاق فصائل المعارضة السورية عملية ردع العدوان العسكرية في شمالي سوريا، ضد قوات النظام والميليشيات الموالية له، في 27 نوفمبر 2024.
كما نشر مسبار 44 مقالًا تناول فيها حملات الضغط المتواصلة التي تقودها منظمات على وسائل الإعلام لتوجيه خطها لصالح إسرائيل، ومحاولات تقييد المحتوى الفلسطيني. كما شملت المقالات أبرز الأحداث العالمية وما ارتبط بها من تضليل وزيف على غرار الانتخابات الأميركية.
وعرض مسبار في شهر نوفمبر مجموعة من المقالات حول الادعاءات المتعلقة بنظريات المؤامرة على غرار مشروع "هارب"، والتأثير المباشر للمعلومات المضللة على حياة الناس.
عدد مواد التحقق حسب التصنيف
توزّعت الادعاءات المفنّدة على أربعة تصنيفات: تصنيف مضلل، نُشرت ضمنه 151 مادة، وتصنيف زائف ب22 مادة ومادة تحت تصنيف ساخر ومثلها تصنيف صحيح.
عدد مواد التحقق حسب نوع الخبر
وهيمنت الأخبار التي فندها مسبار حسب النوع بـ145 مادة، تلتها السياسة ب16 مادة، ثم الرياضة بست مواد. وتوزعت البقية على روحانيات ودين والتكنولوجيا والثقافة والفن والسفر.
عدد مواد التحقّق حسب الدولة
شملت مواد التحقق العديد من الدول بأعداد متفاوتة وفق الأحداث التي جدت فيها، وكانت لبنان في الصدارة بـ24 مادة تحقق، تمحورت أغلبها حول المواجهات بين حزب الله وإسرائيل، تليها سوريا بـ20 مادة تحقق من الادعاءات التي انتشرت عقب عملية ردع العدوان، ثم اليمن بـ12 مادة، ارتبطت باستهداف جماع الحوثي للسفن في البحر الأحمر.
التطورات السورية
بعد إعلان فصائل المعارضة السورية شمال غربي سوريا، الأربعاء 27 نوفمبر الجاري، عن بدء عملية “ردع العدوان”، التي قالت إن الهدف منها هو ردع مخططات قوات النظام السوري عبر توجيه ضربة استباقية مدروسة لمواقع القوات و"توسيع المناطق الآمنة تمهيدًا لعودة أهلنا إليها"، انتشرت ادعاءات مضللة وزائفة منها صورة تداولتها حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، على أنها لظهور قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني على الخطوط الأمامية خلال المعارك الجارية في ريف حلب الغربي.
بالتحقق وجد مسبار أنّه الادعاء مضلل، وأنّ الصورة منشورة منذ 2020، على أنّها لزيارة قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني إلى جبل الزاوية، حينها.
كما انتشرت مشاهد مضللة زُعم أنّها لأسر عناصر من فصائل المعارضة وقوات النظام، والفصائل الحليفة لهما. منها مقطعي فيديو تداولتهما حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، على أنهما يوثّقان أسر المعارضة السورية لعناصر من فصائل عراقية تابعة لحركة النجباء، في ريف حلب خلال المعارك الجارية. وبالتحقق وجد مسبار أنهما قديمان ومنشوران منذ 2016 على أنّها لأسر المعارضة السورية، عناصر من حركة النجباء في حلب.
أما هذا الفيديو الذي ادعت حسابات أنّه يظهر أسيرًا من فصائل المعارضة السورية في قبضة النظام السوري، بالتزامن مع الاشتباكات الجارية، فهو منشور منذ عام 2016، على أنّه لمقاتل من جبهة النصرة أسرته قوات حزب الله في سوريا، حينها.
كما تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، صورة ادعت أنها توثق نقل تركيا دبابات ومدفعية وعربات عسكرية إلى سوريا لدعم فصائل المعارضة السورية، في عمليتها الجارية ضد قوات النظام السوري في حلب. لكن تحقق مسبار وجد أنّها تعود إلى يناير/كانون الثاني عام 2018، وهي لقافلة تحمل دبابات تابعة للجيش التركي وصلت إلى مدينة هاتاي لتعزيز القوات التركية على الحدود السورية، ضمن إجراءات أمنية اتخذت آنذاك.
ونشرت أخرى مقطع فيديو ادعت أنّه لغارات جوية مكثفة من الطائرات الروسية والسورية على إدلب والمناطق المحيطة بها، خلال الاشتباكات الجارية، إلا أنّ مقطع الفيديو منشور عام 2019، على أنّه يوثق قصفًا جويًا ومدفعيًا تعرضت له بلدة الهبيط بمدينة خان شيخون في إدلب، في أغسطس/آب 2019.
وكشف مسبار في مقال حقيقة صور نشرها مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي على أنّها لانسحاب الجيش السوري من مدينة حماة باتجاه مدينة حمص. وبمطابقتها مع المعالم الجغرافية للمنطقة للتحقق من مكان الحدث، وجد أنَّ قوات الجيش السوري الظاهرة في الصورة تتحرك بالفعل من مدينة حماة باتجاه مدينة حمص، وتسلك المسار المتجه جنوبًا من طريق M5 الدولي الذي يربط العاصمة دمشق بمدينة حلب.
المواجهات بين حزب الله ولبنان
كشف مسبار في تقرير خلال شهر نوفمبر عن نشاط مكثف لحسابات إسرائيلية رسمية وغير رسمية هدفت إلى ترويج دعاية مضللة تزعم أن اللبنانيين مؤيدون لإسرائيل ولحربها على لبنان، وعكست انطباعًا عامًا أن الحرب الإسرائيلية تهدف إلى مساعدة اللبنانيين في التخلص من حزب الله، ورُوّج لذلك على أنه هدف لبناني قبل أن يكون إسرائيليًّا.
في إطار الحملة، وظّفت إسرائيل تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنشاء مقاطع فيديو وصور تحمل طابعًا عاطفيًا، وكانت هذه المواد تستخدم استراتيجيات نفسية مؤثرة، تهدف إلى صرف انتباه المتلقي عن الحقائق وإثارة مشاعر عميقة تصب في مصلحة الأجندة السياسية الإسرائيلية.
كما تحقق من لعديد من مقاطع الفيديو والصور المتعلقة بالمواجهات بين حزب الله وإسرائيل، منها مقطع نشرته صفحات وحسابات على موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وإكس، ادّعت أنه لمقاتلين من حزب الله اللبناني يتناولون الطعام وسط أجواء مرحة.
وبالتحقق تبين أنّ الادعاء مضلل وأن الفيديو يُظهر شبابًا من دول عربية مختلفة يتناولون الطعام خلال فترة استراحة من لعبة آيرسوفت العسكرية.
ونشر مستخدمون صورة زعموا أنّها تظهر مشاركة محمد جعفر عطوي، أحد عناصر حزب الله الذين أُعلن عن مقتلهم على يد الجيش الإسرائيلي مؤخرًا، وهو يقمع تظاهرات لبنان في أكتوبر/تشرين الأول عام 2019.
وبالتحقق وجد مسبار أنّ الصورة المتداولة للشاب اللبناني أسامة شمص، خلال احتجاجات مناهضة للسلطة السياسية في لبنان، خرجت في 17 أكتوبر عام 2019.
وقد استضاف الإعلامي اللبناني مالك مكتبي شمص في يناير عام 2020، للحديث عن الصورة، وقال إنّه كان يحاول الدفاع عن نفسه من محتجين حاولوا ضربه بعد أن استفزوه بسبابهم الأمين العام السابق لحزب الله، حسن نصر الله، وأن المرأة الظاهرة صادف مرورها أمامه وهو يركض حاملًا العصا، ولم يتعرّض لها بأي شكل.
وعقب سريان اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الأربعاء 27 نوفمبر، تداول ناشرون صورة قالوا إنّها تُظهر لبنانيين يرفعون أعلام حزب الله، خلال عودتهم إلى الجنوب، إلا أنّها تعود إلى الخامس من يونيو/حزيران عام 2000، وتظهر أنصار حزب الله اللبناني في الضاحية الجنوبية لبيروت على متن مركبات، خلال احتفالاتهم بانسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، حينها.
الانحياز الإعلامي لصالح سردية إسرائيل
كشف مسبار عن الانحياز الإعلامي وتضليل السرديات في كتاب حرب لبوب وودوارد الذي سلط الضوء على ثلاث قضايا محورية: الحرب الروسية الأوكرانية، الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والسباق الرئاسي الأميركي.
ووجد أن صاحبه يتبنى الكتاب السردية الإسرائيلية حول عملية طوفان الأقصى، ففي الفصل الثاني والأربعين، يبدأ الصحفي بسرد أحداث عملية طوفان الأقصى التي نفذتها عناصر كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، في الثكنات العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية في السابع من أكتوبر 2023، ويستعرض الأحداث المتسارعة واقتحام مقاتلي القسام للطرق الإسرائيلية في مستوطنات غلاف غزة، مشيرًا إلى أنهم "بدأوا بقتل أي إسرائيلي يجدونه".
ويزعم وقوع حوادث حرق لعائلات بأكملها، بما فيهم أطفال ورُضع، ويسرد ادعاءات عن قطع رؤوس، وإحراق جثث، وتقطيع أوصال إسرائيليين، وإحراق البعض أحياءً أثناء العملية.
كما يزعم الكاتب استهداف مقاتلي القسام للمستوطنين الذين فروا أو اختبأوا بين الأشجار أثناء الهجوم على المهرجان الموسيقي في قاعدة رعيم الإسرائيلية.
ومن أبرز الادعاءات التي يسردها الكتاب في بداية حديثه عن الحرب، مزاعم حول اعتداءات جنسية واغتصاب نفذها مقاتلو القسام، استنادًا إلى فيلم وثائقي بعنوان "صرخات قبل الصمت". ويصف وقوع أعمال عنف جنسي وحشية ارتكبها مقاتلو القسام بحق النساء، بما في ذلك ربطهن بالأشجار واغتصابهن بطرق متعددة. وينقل عن إسرائيلي يدعى راز كوهين، مشارك في الفيلم، أنه تم طعن إحدى النساء الإسرائيليات واغتصابها بعد طعنها، وهي ادعاءات لم تثبت صحتها ولا أدلة عليها.
وفي تقرير جديد، كشف مسبار كيف تواصل منظمة "كاميرا" الضغط على وسائل الإعلام لتوجيه خطها التحريري لصالح إسرائيل على غرار وكالة أسوشيتد برس التي حذفت في السابع من نوفمبر الجاري، تقريرها الذي احتوى عبارة أن “القانون الدولي يمنح اللاجئين الفلسطينيين الحق في العودة إلى ديارهم".
ونشرت الوكالة تقريرًا جديدًا ليصيغ الفكرة على لسان الفلسطينيين، بشكل لا يشير أنها حق في القانون الدولي أو ملزم التنفيذ، بل فكرة جدلية لا يمكن التأكد من صحتها.
كما تناول مسبار التقرير الذي نشره المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة) في 12 نوفمبر الفائت، بعنوان "احذف القضية: شهادات الموظفين في قطاع التكنولوجيا حول قمع المناصرة الفلسطينية في مكان العمل"، والذي عرض شهادات لموظفين حاليين وسابقين في شركات تكنولوجية كبرى، مثل ميتا، غوغل، باي-بال، ومايكروسوفت، تتناول القيود التي يواجهونها في دعم الحقوق الفلسطينية ضمن بيئة العمل.
تأثير الأخبار المضللة ونظريات المؤامرة على المستخدمين
سلط مسبار الضوء على دراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، شملت 500 مؤثر من 45 دولة، كشفت عن فجوات خطيرة في ممارسات التحقق لدى صناع المحتوى الرقمي. أظهرت الدراسة أن 63 في المئة من المؤثرين يفتقرون إلى ممارسات أساسية للتحقق من المعلومات، على الرغم من تأثيرهم الكبير على النقاش العام. كما أوضحت أن العديد منهم يعتمدون على مؤشرات سطحية، مثل التفاعل الاجتماعي (الإعجابات والمشاركات)، بدلًا من الرجوع إلى المصادر الموثوقة.
كما سلّطت الدراسة الضوء على أنماط تقييم صانعي المحتوى لمصداقية المعلومات، إذ يعتمد 42 في المئة منهم على مقاييس مواقع التواصل الاجتماعي، مثل "الإعجابات" و"المشاركات"، كمؤشرات رئيسية للمصداقية، بينما يشارك 21 في المئة المحتوى، بناءً على "الثقة في الأصدقاء" الذين قاموا بمشاركته مسبقًا.
كما نشر مسبار مقالًا حول تأثير المعلومات المضللة على توجهات ونوايا الناخبين، قدم فيه تقريرًا لمعهد بروكينغز الأميركي لدراسة العلوم الاجتماعية، الذي يفيد بأنّ المعلومات المضللة التي انتشرت حول الانتخابات الأميركية، وخاصة معلومات طاولت أداء المرشحة الديمقراطية كمالا هاريس وإدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، بشأن قضايا مثل المهاجرين غير النظاميين، ونسبة التضخم في الاقتصاد الأميركي وغيرها من الادعاءات التي ثبت عدم صحتها، أدت إلى توجيه نتائج الانتخابات في صالح دونالد ترامب.
كما أظهر مسبار في أحد تقاريره أنّ المعلومات المضللة تؤثر بشكل كبير على الفئات المهمشة، مثل اللاجئين والأقليات، مما يزيد من تهميشهم ويعزز الصور النمطية السلبية عنهم. فبحسب البيانات، فإنّ الوصول إلى التكنولوجيا بين المجتمعات المهمشة، مثل اللاجئين والأقليات، لا يزال محدودًا، مما يخلق فجوة رقمية تعوق هذه الفئات من الحصول على المعلومات والخدمات الأساسية.
وعقب اجتياح عاصفة قوية للمناطق الجنوبية والشرقية من إسبانيا، متسببة في فيضانات أودت بحياة أكثر من 200 شخص، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي نظريات مؤامرة تدعي أن العاصفة لم تكن مجرد كارثة طبيعية، بل كانت نتيجة تلاعب من مشروع "هارب" الأميركي، انتقامًا من إسبانيا التي قررت إلغاء عقود شراء أسلحة من شركات إسرائيلية. وأوضح مسبار أنّ مشروع الشفق القطبي النشط عالي التردد "هارب" أنشئ في الولايات المتحدة لأغراض بحثية.
وأوضح نقلًا عن العلماء أن نطاق تأثيرات "هارب" محدود في الغلاف الأيوني، ولا يشمل الطبقات السفلية مثل التروبوسفير أو الستراتوسفير، حيث تتشكل معظم الظواهر الجوية. كما أن ترددات الموجات الراديوية التي يستخدمها المشروع ليست كافية للتأثير على الطقس بشكل مباشر. ووفقًا لدراسات علمية، فإن اضطرابات الغلاف الأيوني الناتجة عن "هارب" ضعيفة جدًا ولا تستطيع التأثير على المناخ السطحي، ما يجعل فرضية تسبب "هارب" في عاصفة مثل "دانا" غير قابلة للتصديق علميًّا.
اقرأ/ي أيضًا