` `

إسرائيل تستهدف فلسطينيي 48 بتهم مضللة تزامنًا مع العدوان على غزة

فريق تحرير مسبار فريق تحرير مسبار
سياسة
23 فبراير 2024
إسرائيل تستهدف فلسطينيي 48 بتهم مضللة تزامنًا مع العدوان على غزة
إسرائيل تشن حملة اعتقالات واسعة بحق فلسطيين تزامنًا مع العدوان على غزة (Getty)

منذ بدء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت، عقب تنفيذ كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس عملية طوفان الأقصى، التي استهدفت ثكنات عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في  منطقة غلاف غزة، تشن إسرائيل حملة اعتقلات واسعة وعقوبات تطاول المدنيين الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية والقدس وأراضي 48.

ويُعاني الفلسطينيون من حَمَلة الجنسية الإسرائيلية والمعروفين باسم "فلسطينيو 48" من تقييدات واسعة وعقوبات جماعية منها الاعتقال. 

وتدعي السلطات الإسرائيلية أن المعتقلين يؤيدون المقاومة ويحرضون على اليهود في منشوراتٍ على وسائل التواصل الاجتماعي، رغم أن المنشورات لا تحتوي على تحريض أو تأييد لحركة حماس.

تُطلق تسمية “فلسطينيو 48” على الفلسطينيين الذين استطاعوا البقاء في أراضيهم أو هجروا من قراهم ومدنهم إلى قرى ومناطق داخل الحدود التي أعلنتها إسرائيل بعد حرب عام 1948. وحصل معظمهم على الجنسية الإسرائيلية، بعد إصدار قانون المواطنة عام 1952 وبقوا في طور الحكم العسكري حتى عام 1966.

ويشكل فلسطينيو 48، حوالي مليوني شخص، جميعهم مواطنون في إسرائيل باستثناء بضع مئات الآلاف في القدس الشرقية، يحملون صفة “مقيمون دائمون”، وهي تسمية تمنحهم حقوقًا أقل.

"فلسطينيو 48" وتهم إسرائيلية مضللة بالتحريض ودعم "الإرهاب"

ريتا مراد شابة فلسطينية من مدينة الناصرة، اعتقلتها قوات الاحتلال عقب عملية طوفان الأقصى، بسبب نشرها ثلاثة منشورات في حسابها على موقع إنستغرام تعليقًا على العملية. واتهمتها السلطات الإسرائيلية "بالانتماء لمنظمة إرهابية" و"التحريض على الإرهاب".

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة ذا واشنطن بوست، يوم 12 نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، فإن الشابة الفلسطينية تعرضت للضرب خلال فترة الاعتقال، وتواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات إذا أدينت، وذلك تبعًا لمشروع القانون الإسرائيلي الجديد.

وبحسب الصحيفة فإن ريتا مراد واحدة من 56 فلسطينيًا على الأقل متهمين بتهم مماثلة. وأفاد محامي الدفاع عن الشابة، أحمد مصالحة، أن مثل هذه المنشورات في الأوقات العادية لا تستدعي حتى الذهاب إلى مركز الشرطة.

وأُفرج عن ريتا، في إطار صفقة تبادل الأسرى الأخيرة مع حركة حماس، على الرغم من اعتراضها ومحاميها على الإفراج عنها في الصفقة لما يترتب عليه من إجراءات وتقييدات إسرائيلية، لاحقًا.

وأشارت صحيفة ذا واشنطن بوست، في تقريرها نقلًا عن مؤسسات حقوقية، إن حوالي 100 آخرين تم اعتقالهم أو احتجازهم في حملة "عدم التسامح مطلقا"، ومنهم أحد أقارب الشابة ريتا، الذي نشر مقطع فيديو على موقع إنستغرام حول طهي الشكشوكة في السابع من أكتوبر، بتهمة "الاحتفال بالنصر".

ويقود هذه الجهود، بحسب الصحيفة، وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، الذي سبق وأدين هو نفسه بالتحريض على العنصرية ودعم منظمة إرهابية يهودية متطرفة.

ولا تُغطي لوائح الاتهام في القانون الإسرائيلي حول التحريض أي اتهامات تتعلق بالكراهية أو التحريض تجاه الفلسطينيين في أراضي 48.

أما فرقة العمل التابعة لبن غفير، والتي تم تشكيلها، لمعالجة التحريض عبر الإنترنت كما أشارت الصحيفة، فقد تم توسيعها، ومُنحت الشرطة الإسرائيلية صلاحيات جديدة.

تقرير عن قمع حريات الفلسطينيين بالتزامن مع العدوان على غزة
تقرير عن قمع حريات الفلسطينيين بالتزامن مع العدوان على غزة

كما اعتقلت قوات الاحتلال الفنانة الفلسطينية دلال أبو آمنة من مدينة الناصرة في 16 أكتوبر الفائت، بتهمة التحريض على الاحتلال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، ورافق اعتقال أبو آمنة حملة تحريضية إسرائيلية وتهديدات بالقتل وتظاهرات أمام منزلها في منطقة العفولة.

حملة إسرائيلية ضد الفنانة الفلسطينية دلال أبو آمنة
حملة إسرائيلية ضد الفنانة الفلسطينية دلال أبو آمنة

وجاء في نص منشور أبو آمنة، "لا غالب إلا الله" مع علم فلسطين، وهو ما اعتبرت الجهات الإسرائيلية أنه تحريض وتأييد لحركة حماس. وفي 18 أكتوبر الفائت، قررت المحكمة الإسرائيلية الإفراج عن الفنانة الفلسطينية بشروط منها، الحبس المنزلي في بيت والدتها بمدينة الناصرة لخمسة أيام، وإيداع كفالة قدرها 2500 شيكل، وعدم كتابة أي منشور لمدة 45 يومًا.

كما تواصل مسبار مع محامية أبو آمنة، عبير أبو بكر، التي أشارت إلى أن الاعتقال كان وليد التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي، وأكدت على تلقيها بلاغًا يفيد بإسقاط كل الشبهات والاعتراف بعدم وجود أي مخالفة جنائية منذ حوالي عشرة أيام.

وأفادت وسائل إعلامية، حينها، أن حملة التحريض تضمنت مطالبة المدير العام لمنظمة بيتسالمو، شاي غليك، من رئيس معهد إسرائيل التكنولوجي إبعاد العرب المؤيدن لحركة حماس عن المعهد، ومنهم دلال أبو آمنة، باعتبارها مؤيدة للحركة.

أي منشور يُشير إلى تضامن مع المدنيين في غزة يُعتبر تحريضًا

وتُلفق السلطات الإسرائيلية، تهمًا مضللة تدعي أنها تحريض وتأييد للمقاومة في حال نَشَر أو عَلّقَ أي فلسطيني على منشور قد يكون القصد منه التضامن مع المدنيين في قطاع غزة، في ظل العدوان الإسرائيلي الجاري.

ومن هذه التهم ما وُجه للناشط الفلسطيني مهند طه، من قرية كابول في 11 أكتوبر الفائت، بتهمة التحريض على إسرائيل والمساس بسلامة الجمهور، وسبب الاعتقال كان منشورًا كتب فيه "قلبي مع أطفال غزة،" وهو ما اعتبرته الجهات الإسرائيلية أيضًا ضمن التحريض والمساس بسلامة الجمهور.

وعلق المحامي عادل ذباح لموقع عرب 48، على تمديد اعتقال الشاب مهند طه، حينها، بالقول "الشرطة الإسرائيلية ادعت في توجهها لقاضي المحكمة حول اعتقال مهند، بأن موكلي ينشط كمؤثر بارز على شبكات التواصل الاجتماعي، بحيث تضم صفحاته قرابة مليون ونصف متابع، في حين أن نشر أية صورة أو فيديو أو حتى وضع إشارة إعجاب على منشوراته، يُعتبر تأثيرًا وتحريضًا على الدولة. أما عن المنشور الذي بسببه اعتقلت الشرطة مهند فهو عبارة عن نشر صورة لأطفال غزة وقد كُتب عليها عيناي تبكي على أطفال غزة".

وأفرجت سلطات الاحتلال فيما بعد عن طه ضمن حملة شروط ومنها الخضوع للحبس المنزلي لخمسة أيام، ودفع كفالة مالية قيمتها خمسة آلاف شيكل، إلى جانب المنع من استخدام الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي لخمسة أيام.

الإفراج عن الناشط مهند طه
الإفراج عن الناشط الفلسطيني مهند طه بعد اعتقاله بسبب منشور “قلبي مع أطفال غزة”

كما تعرضت الشابة دعاء أبو سنينة 22 عامًا من مدينة القدس للاعتقال في 23 أكتوبر الفائت، بتهمة التحريض على “الإرهاب”.

وفي حديثٍ مع شبكة "سي إن إن"، قالت أبو سنينة إن شرطة الاحتلال أخذت هاتفها لفحصه بحثًا عن حسابات لها على موقعي فيسبوك وتيك توك، وحين لم تجد لها حسابًا في أيً منهما، فحص شرطي حسابها الوحيد في موقع سناب شات ولم يجد أي منشور قد يدينها.

وتقول أبو سنينة “لاحظ الضابط أنني لم أكتب أي شيء، ثم انتقلوا إلى حساب واتساب الخاص بي، لقد نشرت آية قرآنية، واتضح أن هذا هو ما كانوا يبحثون عنه. قالوا إنني أحرض على الإرهاب”.

وأضافت أبو سنينة: الآية القرآنية هي "وما الله بغافل عما يعمل الظالمون".

تقرير اعتقال فلسطينيون بسبب تضامنًا مع غزة خلال العدوان الإسرائيلي الجاري
تقرير حول اعتقال فلسطينين بسبب تزامنا مع العدوان الإسرائيلي الجاري على غزة

عقوبات تعرض لها فلسطينيون خلال العدوان الإسرائيلي على غزة

وفي الشهر الأول من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فُصل نحو 150 عاملًا وحوالي 200 طالب وطالبة من الفلسطينيين من جامعات ومعاهد مختلفة لأسباب تتعلق بإبداء آراء متضامنة مع القطاع، على مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب تصريح مدير جمعية "مساواة" الحقوقية جعفر فرح لوكالة الأنباء الفرنسية، حول الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في الداخل المحتل ومزاعم التحريض ودعم "الإرهاب".

وطُردت معلمة فلسطينية من مدرسة ثانوية في مدينة طبريا، حتى إشعار آخر، بسبب وضعها علامة إعجاب "لايك" على صفحة "عين على فلسطين" على موقع “إنستغرام”. وتعليقًا على طرد المُعلمة قال رئيس بلدية طبريا بالإنابة بوعز يوسف "إذا أرادت أن تعلّم فلتذهب لتعلّم في غزة".

تقرير عن اعتقالات وطرد لفلسطينيين من الدراسة والعمل خلال العدوان على غزة
تقرير عن اعتقالات وطرد لفلسطينيين من الدراسة والعمل خلال العدوان على غزة

وفي السادس من فبراير/شباط الجاري، عرض مركز عدالة حالات لفلسطينيين، تعرضوا لعقوبات خلال العدوان الحالي، منها إدانة اللجنة التأديبية في جامعة بن غوريون، طالبة فلسطينية بسبب نشرها مقطع فيديو ينفي حدوث بعض الأحداث في عملية طوفان الأقصى. وقامت اللجنة بتوبيخها وفرض أربعين ساعة من العمل التطوعي كعقاب على نشر مقطع الفيديو مدعية أنه "يمس بمشاعر الطلاب والجامعة واحترامهما".

إلّا أنّ بعض الطلبة الإسرائيليين احتجوا على العقوبة واعتبروها مُخففة، مطالبين بتسديدها، كما هددوا الجامعة. فأضيفت إليها عقوبة التوقيف المؤقت عن التعليم لمدّة فصل دراسيّ كامل. 

وأرسل عميد الجامعة في السابع من فبراير الجاري، رسالةً إلى الطالبة جاء فيها، “أرى بأنّهُ في أعقاب إدانتك من قبل اللجنة التأديبيّة، لا يُمكنك العودة لمقاعد الدراسة وكأنّ شيئًا لم يكن”. وأضاف "أنصحُكِ بعدم الحضور إلى الدوام الدراسيّ غدًا أو في الأيّام القريبة، وَمُتابعة دروسك في المكتبة أو في أي مكان آخر ترينه مناسبًا" 

تقرير مركز عدالة عن حالة لفصل طالبة فلسطينية بسبب منشور على مواقع التواصل الاجتماعي
تقرير مركز عدالة عن حالة لفصل طالبة فلسطينية بسبب منشور على مواقع التواصل الاجتماعي

في المقابل، وعلى الرغم من كل هذه الاعتقالات والتهم المضللة والتقييد الذي يتعرض له الفلسطينيون من حملة الجنسيات الإسرائيلية إلا أن السلطات الإسرائيلية تدعي احترامها لحرية التعبير، إذ نقلت صحيفة ذا واشنطن بوست في تقريرها بتاريخ 12 نوفمبر الفائت، عن رئيس الأمن في مكتب المدعي العام، شلومي أبرامسون، قوله إنه "سيتم الحفاظ على حرية التعبير والنقد حتى عندما تظهر الأسلحة".

اقرأ/ي أيضًا:

رغم النفي الإسرائيلي: العفو الدولية تشير إلى احتمالية ضلوع إسرائيل في جرائم حرب في غزة

إسرائيل تشن حملة تشويه سمعة ضد صحافيين وصناع محتوى فلسطينيين

الأكثر قراءة