منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، أثارت تغطية وسائل الإعلام الغربية جدلًا واسعًا بشأن المعايير المهنية والأخلاقية التي تحكم معالجة الأخبار والتقارير المرتبطة بالحرب، وبرزت نماذج متكررة من الانحياز الإعلامي الذي يعزز الرواية الإسرائيلية على حساب التوازن والموضوعية، مما أدى إلى تشويه الحقائق وتهميش معاناة الضحايا الفلسطينيين في السرد الإعلامي العالمي.
وتعكس التغطية الإعلامية الغربية نهجًا متجذرًا يركز على تجاهل السياق التاريخي والسياسي للحرب والاحتلال، مع إظهار انحياز واضح للرواية الإسرائيلية من خلال عدة أشكال، منها عناوين الأخبار واستخدام مصطلحات محددة. وساهمت التغطية الغربية في تقديم إسرائيل كضحية "تدافع عن أمنها"، بينما صوّر الفلسطينيون في كثير من الأحيان كأرقام إحصائية فقط، مع تجاهل معاناتهم الإنسانية اليومية الناتجة عن القصف المكثف والحصار المستمر والانتهاكات الجسيمة التي أودت بحياة 45 ألفًا و206 فلسطينيين وأصابت 107 آلاف و512 آخرين حتى اليوم 442 منذ بداية الحرب.
علاوة على ذلك، أدى غياب الأصوات الفلسطينية في العديد من وسائل الإعلام الغربية إلى تعميق الانحياز. فقد ركزت التغطيات على تصريحات المسؤولين الإسرائيليين أو محللين يدعمون سياسات الاحتلال، مما أدى إلى تغييب الرواية الفلسطينية أو تقديمها بصورة مضللة.
رصد مسبار الانحياز لصالح إسرائيل في وسائل الإعلام الغربية
خلال الحرب الجارية على غزة، وثق مسبار انحيازًا واضحًا في تغطية وسائل إعلامية غربية كبرى تُعرف بتفاخرها بمستوى مهنيّتها وادعائها الالتزام بمعايير صحفية صارمة، وكشف مسبار أوجه الانحياز من خلال تحليل صياغة الأخبار وانتقاء المصطلحات التي تخدم الرواية الإسرائيلية وتدعم الاحتلال في حربه على غزة، مع تغييب متعمد لحقيقة المعاناة الفلسطينية. كما سلط الضوء على أساليب الانحياز الإعلامي المختلفة.
توثيق مسبار لانحياز بي بي سي خلال الحرب على غزة
من بين وسائل الإعلام الغربية التي رصدها مسبار خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، كانت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). وفي تقرير نشره مسبار، تناول تغطية بي بي سي لقضية الإبادة الجماعية بعد قرار محكمة العدل الدولية المؤقت الذي يُلزم إسرائيل باتخاذ تدابير عاجلة لمنع التصريحات المحرضة على الإبادة الجماعية، وذلك في إطار القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل.
نشرت بي بي سي تقريرًا ناقشت فيه مدى اتخاذ إسرائيل إجراءات لمنع التحريض على الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة.
ووجد مسبار أنه ركز على تعقيدات قانونية تتعلق بمفهوم التحريض، وأبرز صعوبة إثبات التحريض على الإبادة الكاملة أو الجزئية لجماعة معينة، وهو ما يفسّر كجهد لتخفيف وطأة التصريحات الإسرائيلية المثيرة للجدل من خلال ربطها بتعقيدات قانونية ومفاهيم مثل حرية التعبير، مما يساهم في تقديم التحريض الإسرائيلي كمسألة خلافية بدلًا من انتهاك صارخ للقانون الدولي.
كما لاحظ مسبار اختلافًا في تناول بي بي سي لهذه القضية بين النسختين الإنجليزية والعربية، إذ استخدمت النسخة الإنجليزية وصف “مزعومة” عند الإشارة إلى التحريض، مما يعكس تشكيكًا ضمنيًا، بينما غاب هذا التوصيف في النسخة العربية التي قدمت المعلومات بشكل أكثر مباشرة. علاوة على ذلك، وثّق مسبار اعتماد بي بي سي على اقتباسات مكثفة من مسؤولين إسرائيليين ومحاولات تقديم مبررات دينية وتاريخية لتصريحاتهم، بما في ذلك الإشارة إلى اجتزاء تصريحات الحاخام الإسرائيلي وإخراجها عن سياقها، في محاولة لتخفيف حدة هذه التصريحات وتقليل أثرها.
تحقيق يكشف انحياز بي بي سي للرواية الإسرائيلية
نشر موقع Drop Site News تحقيقًا أعده الصحافي البريطاني أوين جونز، يعد خلاصة بحث استمر أشهرًا، كشف فيه عن خلافات عميقة داخل هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بشأن تغطيتها للحرب الإسرائيلية على غزة، وحمل التقرير عنوان "الحرب الأهلية في بي بي سي حول غزة"، ووجّه فيه اتهامات مباشرة للهيئة بالترويج للرواية الإسرائيلية على حساب الحيادية الصحافية التي تزعم المؤسسة التزامها بها.
استند جونز في تحقيقه المطوّل إلى شهادات 13 صحافيًا حاليًا وسابقًا، إلى جانب موظفين آخرين في الهيئة، والذين اتهموا رافي بيرغ، محرر شؤون الشرق الأوسط في بي بي سي نيوز أونلاين" بالعمل على تخفيف حدة المحتوى الناقد لإسرائيل والتقليل من أهمية وجهات النظر الفلسطينية. أحد الصحافيين السابقين صرّح بأن بيرغ "يسعى لتلطيف التغطية المتعلقة بإسرائيل"، بينما أشار آخر إلى أن "وظيفته الأساسية هي تخفيف أي نقد حاد لإسرائيل". هذه المزاعم عكست شكاوٍ منهجية داخل الهيئة، حيث اعتقد عشرات الصحافيين أن تغطية بي بي سي تميل بوضوح لصالح الرواية الإسرائيلية، مع تغييب متكرر لمعاناة الفلسطينيين وروايتهم.
انتقادات حادة لدور بي بي سي في تغطية الحرب على غزة
تناول تحقيق أوين جونز ثلاثة محاور رئيسية، شملت نظرة معمقة على الشكاوى الداخلية من صحافيي بي بي سي، وتقييمًا كميًا لطريقة الشبكة في وصف الحصار الذي استمر عامًا على غزة، بالإضافة إلى مراجعة للتاريخ المهني للأشخاص المسؤولين عن التغطية، مع التركيز على المحرر رافي بيرغ. وأشار جونز إلى أن القرارات التحريرية التي يتخذها بيرغ لعبت دورًا محوريًا في تشكيل تغطية الحرب على غزة.
كما لفت جونز إلى أن بي بي سي تُعدّ من أكثر المواقع الإخبارية زيارةً على الإنترنت، إذ سجلت في مايو وحده 1.1 مليار زيارة، مما يبرز تأثيرها الكبير على الرأي العام العالمي. هذا التأثير، وفقًا لجونز، يجعل الالتزام بالحياد والإنصاف في تغطية النزاعات أمرًا بالغ الأهمية.
ووفقًا للتحقيق، تواجه بي بي سي انتقادات داخلية حادة بشأن تغطيتها للحرب الإسرائيلية على غزة. كشفت الشهادات عن دور القيادة العليا، وخصوصًا رافي بيرغ، في تخفيف حدة الانتقادات الموجهة لإسرائيل وإبراز مزاعمها دون مواجهة كافية. كما وثّق التحقيق تجاهل الإدارة لشكاوى متعددة من الصحفيين، الذين طالبوا بتغطية أكثر عدالة وتوازنًا.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، تصاعد الغضب الداخلي حين وقّع أكثر من 100 موظف في بي بي سي على رسالة مفتوحة تنتقد الهيئة لعدم التزامها بمعاييرها التحريرية، وتطالب بإجراء تغييرات جوهرية في تغطية غزة. تضمنت المطالب التأكيد على غياب الأدلة لدعم المزاعم الإسرائيلية عند الضرورة، واستخدام لغة متسقة عند مناقشة الضحايا الفلسطينيين والإسرائيليين، وإدراج سياق تاريخي أوسع في التغطية. كما تضمنت الرسالة مطالب بإعادة الالتزام بالحيادية الصحافية وتقديم تغطية متوازنة تشمل جميع الأطراف، مع التأكيد على تحقيق صارم مع المسؤولين الإسرائيليين كما يتم مع قادة حركة حماس. في المقابل، رفضت الإدارة هذه الانتقادات، معتبرة أن التعامل مع اعتراضات غير موقعة أو مجهولة المصدر غير ممكن. بينما رأى بعض الصحفيين أن رد الإدارة كان متعاليًا، أشار آخرون إلى أن القضية تتعلق بقبول الرواية الإسرائيلية دون تدقيق، ما يعكس إشكاليات أعمق في سياسة التحرير داخل المؤسسة.
اعتراضات داخلية في بي بي سي على السياسة التحريرية المنحازة
يُشير التحقيق إلى أنه بعد السابع من أكتوبر 2023، بدأ صحفيو هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بالتعبير عن إحباطهم من تغطية الحرب الإسرائيلية عبر منصات داخلية مثل مجموعات واتساب، وانتقد الصحفيون ما وصفوه بـ"أسباب واهية" لرفض إنتاج قصص تُبرز معاناة الفلسطينيين، موجهين أصابع الاتهام إلى رافي بيرغ، الذي اتُهم بتعزيز ثقافة "دعاية إسرائيلية منهجية" داخل الشبكة. وعلى الرغم من دعوة الإدارة الموظفين للتقدم بمخاوفهم، تجاهلت العديد من الشكاوى التي تضمنت أمثلة واضحة على التعديلات المتحيزة. بدلاً من التعامل مع هذه القضايا بجدية، نظمت الإدارة جلسات استماع في نوفمبر حاولت فيها إعادة صياغة الاعتراضات كقضايا عاطفية متعلقة بالصحة النفسية، وهو ما رفضه الصحفيون بشدة، مؤكدين أن المشكلة تتعلق بمعايير التحرير والحيادية.
بدوره، صرح أحد الصحفيين “كان الوضع سيئًا للغاية، لم يُعامل الموظفون بشكل جيد. كانوا يعبرون عن آرائهم بصدق، لكنهم قُوبلوا بالإسكات. طُلب منهم أن يكونوا صريحين، لكن المديرين لم يتقبلوا ذلك وهاجموهم". ومنذ الاجتماع مع ديبورا تورنيس في نوفمبر، طلب الموظفون ثلاث مرات تحديثات حول التقدم في معالجة الادعاءات المتعلقة بالتحيز، لكنهم لم يتلقوا أي ردود.
وفي مارس/آذار 2024، أصدر مركز مراقبة الإعلام تقريرًا من 150 صفحة بعنوان "التحيز الإعلامي: غزة 2023-2024"، انتقد فيه تغطية بي بي سي بسبب افتقارها للسياق التاريخي لحصار غزة واحتلال فلسطين، واستخدام لغة عاطفية أقوى لوصف المعاناة الإسرائيلية مقارنة بالفلسطينيين، إلى جانب تعزيز الرواية الإسرائيلية والتشكيك في الأصوات المؤيدة للفلسطينيين.
وعندما عُرض التقرير على ريتشارد بيرغس، مدير محتوى الأخبار في بي بي سي، الذي يشرف على المحتوى عبر منصات الشبكة، رفض الاعتراف بوجود أي تحيز، مما زاد من إحباط الموظفين واعتراضهم على سياسات التحرير.
تأثير جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل على تغطية بي بي سي
كشف التحقيق أنه بين نوفمبر 2023 ويوليو/تموز الفائت، عقدت بي بي سي خمس جلسات استماع لمعالجة اعتراضات الصحفيين بشأن تغطية الحرب الإسرائيلية. وفي اجتماع عُقد في مايو/أيار مع المدير العام تيم ديفي، لفت الموظفون إلى الضغوط التي تواجهها الشبكة من جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، مؤكدين أن هدفهم الوحيد هو الالتزام بقيم الحياد والإنصاف التي تروج لها بي بي سي. رغم ذلك، أعرب الصحفيون عن استيائهم مما وصفوه بتخلي الشبكة عن هذه المبادئ لصالح الروايات الإسرائيلية.
كما أبدى الصحفيون قلقهم حيال تأثير روبي جيب، عضو لجنة معايير التحرير في بي بي سي، المعروف بارتباطاته السياسية مع جماعات مؤيدة لإسرائيل. وطالبوا بإصلاحات تحريرية تركز على تحقيق تغطية أكثر توازنًا وإضافة السياق التاريخي والسياسي للقصص المتعلقة بالصراع. ورغم وعود الإدارة بالنظر في الشكاوى، لم تُتخذ أي إجراءات ملموسة حتى الآن، مما زاد من حالة الإحباط بين الصحفيين، خصوصًا مع سيطرة رافي بيرغ على القرارات التحريرية، بما في ذلك الموضوعات المرتبطة بإسرائيل وفلسطين خارج إطار الشرق الأوسط.
رافي بيرغ وعلاقته بإسرائيل
يتهم التحقيق رافي بيرغ، محرر شؤون الشرق الأوسط في بي بي سي نيوز أونلاين، بتوجيه التغطية الإلكترونية لدعم الرواية الإسرائيلية وتقليل الانتقادات الموجهة لإسرائيل، من خلال فلترة التقارير وإعادة صياغتها لتخفيف تأثيرها، مع استبعاد وجهات النظر الفلسطينية. كما يشير التقرير إلى أن بيرغ يتحكم في تفاصيل التغطية، مثل العناوين والنصوص والصور، بما يتماشى مع وجهات النظر الإسرائيلية.
ويُبرز التحقيق أن أول عمل لبيرغ في بي بي سي كان كمراسل، حيث نشر مقالًا بعنوان "المجندون الشباب في إسرائيل" عام 2002، قدم فيه جنود الجيش الإسرائيلي الشباب كمدافعين شجعان عن بلادهم، دون الإشارة إلى الاحتلال والاستيطان في الأراضي الفلسطينية أو الاتهامات الموثقة بارتكاب جرائم حقوق الإنسان. كما أعد بيرغ سلسلة من ثلاثة أجزاء حول المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية وقطاع غزة، صورت المستوطنين كضحايا يسعون إلى "حياة أفضل". يُضاف إلى ذلك مشاركته السابقة في فعاليات مؤيدة لإسرائيل، إلى جانب كتابه الذي تناول جهاز الموساد بأسلوب إيجابي، مما أبرز الاستخبارات الإسرائيلية بصورة مشرقة.
وفي أغسطس/آب 2020، نشر بيرغ صورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يجري مكالمة هاتفية، يظهر فيها نسخة من كتابه، معبرًا عن فخره بوجود الكتاب ضمن ممتلكات نتنياهو.
ويفيد صحفيو بي بي سي بأن بيرغ يلعب دورًا محوريًا في إعادة تشكيل كامل محتوى التغطية، مؤكدين أنه يسعى بشكل متكرر إلى إبراز وجهة نظر الجيش الإسرائيلي على حساب تجريد الجانب الفلسطيني من إنسانيته.
تحليل أكثر من 2,900 تقرير على موقع بي بي سي خلال الحرب
أشار التحقيق إلى أن بي بي سي، رغم المخاوف الجسيمة بشأن انحيازها وتحيز تغطيتها لقضايا فلسطين، لا تزال قوة رائدة في الصحافة العالمية، إذ يعمل لديها صحفيون مهرة قدموا تقارير مميزة، بما في ذلك تغطية الحرب على غزة.
ومع ذلك، يكشف تحليل لأكثر من 2,900 قصة وروابط على موقع بي بي سي خلال العام الذي أعقب 7 أكتوبر 2023 عن اختلال واضح في تغطية الأحداث بين الفلسطينيين والإسرائيليين. فعلى الرغم من أن عدد الضحايا الفلسطينيين يزيد بشكل كبير مقارنة بالإسرائيليين، أظهرت أبحاث الصحفيين دانا نجار ويان ليتافا أن بي بي سي تميل إلى استخدام لغة تُبرز الجانب الإنساني للإسرائيليين أكثر من الفلسطينيين. كما أظهرت الدراسة أن عدد الإشارات للأحداث المتعلقة بالفلسطينيين كان أقل مما يُتوقع بالنظر إلى حجم المعاناة.
استثناء وحيد لهذا النمط ظهر في الأول من إبريل/نيسان الفائت، عندما استهدفت طائرات إسرائيلية دون طيار قافلة لمنظمة World Central Kitchen، مما أسفر عن مقتل سبعة عمال إغاثة، ستة منهم غربيون. حصلت الحادثة على تغطية إعلامية واسعة، بينما أُشير إلى الفلسطيني سيف الدين أبو طه، المستهدف السابع، في سياق مرتبط بالمجموعة الغربية فقط تحت وصف "زميلهم الفلسطيني" أو "السائق الفلسطيني".
ووفقًا للباحثين، كانت هذه الحادثة السبب الوحيد الذي أدى إلى زيادة ملحوظة في الإشارات المتعلقة بالضحايا الفلسطينيين. ومع ذلك، بقي الفلسطيني في الخلفية مقارنة بالعمال الغربيين، مما يعكس استمرار النمط المنحاز في التغطية الإعلامية.
تفاوت تغطية بي بي سي لحياة الفلسطينيين والإسرائيليين
وعن تحليل دانا نجار ويان ليتافا لعناوين موقع بي بي سي، ركز الباحثان على التفاوت في الإشارة إلى المسؤولية عن القتل والمعاناة، وأظهر التحليل أنه خلال الأشهر التسعة الأولى بعد بدء الحرب على غزة، حددت 27 في المئة فقط من عناوين بي بي سي المتعلقة بمقتل فلسطينيين الجهة المسؤولة عن قتلهم، بينما ارتفعت النسبة إلى 43 في المئة في حالة الإسرائيليين. وبالمقارنة، عند تغطية بي بي سي للحرب الروسية على أوكرانيا، تم تحديد الجهة المسؤولة عن القتل في 74 في المئة من تقاريرها عن مقتل الأوكرانيين، ما يعكس تفاوتًا واضحًا في المعالجة التحريرية.
وأشار أحد صحفيي بي بي سي إلى العدد الهائل من القصص التي تناولت أحداث السابع من أكتوبر، دون أن تشمل الفلسطينيين رغم الفارق الكبير في حجم المعاناة. وأضاف آخر، بلهجة أكثر حدة "لم نشهد من قبل هذا المستوى العلني من العنصرية".
وفي ردها على النتائج العامة للدراسة، أوضحت بي بي سي أن الخوارزمية لا تقدم رؤى عن سياق استخدام كلمات معينة، سواء فيما يتعلق بهجمات السابع من أكتوبر أو الهجوم الإسرائيلي على غزة. وأضافت أن التغطية لا يمكن تقييمها فقط من خلال عدد الكلمات المستخدمة، مؤكدة أن هذا التحليل لا يثبت وجود انحياز.
وردًا على بيان بي بي سي، أوضح الباحثون أنهم لا ينسبون الانحياز بناءً على تحليل شكلي لتكرار الكلمات دون أي سياق آخر، مشيرين إلى وجود أدلة وفيرة تدعم استنتاجاتهم. وذكروا أن "كل كلمة تمثل خيارًا تحريريًا"، وأن الكلمات التي يتم اختيارها أو استبعادها بشكل متكرر على مدار عام كامل من التغطية تقدم مؤشرات قوية على السياسة التحريرية و/أو التحيز. وأضافوا أن التركيز بشكل غير متناسب على معاناة الإسرائيليين ومقتلهم، في وقت يموت فيه الفلسطينيون بأعداد أكبر بكثير، يعكس بوضوح مدى تباين القيمة التي تُمنح لحياة الفلسطينيين مقارنة بالإسرائيليين.
تحقيق العدالة والمهنية في تغطية الحروب
تحقيق العدالة والمهنية في تغطية الحروب، خاصة في وسائل إعلام كبرى مثل بي بي سي، لا يقتصر على الالتزام بالمعايير الصحفية فقط، بل يُعد عاملًا حاسمًا في تشكيل الرأي العام العالمي. كما أن معالجة التفاوت في التغطية الإعلامية تتطلب اعتماد سياسات تحريرية شفافة ومنصفة تُبرز الجوانب الإنسانية لجميع الأطراف دون تمييز، مما يساهم في تقديم صورة أكثر دقة وتوازنًا عن الحروب.
اقرأ/ي أيضًا
انحياز الإعلام الغربي في أسلوب صياغة الأخبار عن الحرب على غزة