خلال فبراير/شباط الفائت، تابع “مسبار” تطورات الأحداث في المنطقة العربية والعالم، ونشر ما مجموعه 134 مادة تحقق، و46 مقالًا. وكان أبرزها استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وعمليات استهداف الحوثيين للسفن الإسرائيلية والمتجهة إلى موانئ إسرائيلية، فضلًا عن الأخبار التي رافقت التهديدات الإسرائيلية باجتياح مدينة رفح جنوبي غزة على الحدود مع مصر.
كما نشر مسبار 46 مقالًا، تمحورت بين تحقيقات معمقة، وتحليلات لتغطية قنوات إخبارية غربية، ومضامين مضللة وزائفة في الفضاء الرقمي.
عدد مواد التحقق حسب التصنيف
حاز تصنيف مضلل على الحصة الكبرى من مواد التحقق بمجمل 123 مادة، ثم تصنيف زائف بعشر مواد وتصنيف إثارة بمادة واحدة.
عدد مواد التحقق حسب نوع الخبر
طغى الطابع الخبري على مواد التحقق في شهر فبراير، بمجمل 109 مواد، ارتبطت بالأحداث الميدانية والسياسة في المنطقة العربية خاصة والعالم عامة، تلتها السياسة بعشرة مواد، والرياضة بسبع مواد، وتوزعت البقية على الروحانيات والدين بثلاث مواد ومادتان في قسم الثقافة والفن. وحازت كل من العلوم والصحة وألعاب الفيديو على مادة واحدة لكل منهم.
عدد مواد التحقق حسب الدولة
ونظرًا لاستمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فإن جزءًا كبيرًا من الادّعاءات التي رصدها مسبار خلال شهر فبراير الفائت، كانت عن فلسطين بـ45 مادة، تعقبها اليمن بإجمالي 15 مادة غالبيتها حول عمليات الاستهداف من قبل الحوثيين للسفن الإسرائيلية أو المتجهة للموانئ الإسرائيلية، ثم مصر بـ14 مادة، إلى جانب عدة دول عربية وعالمية موضحة في الشكل البياني أدناه.
الدعاية الإسرائيلية خلال الحرب على غزة
تستمر حسابات إسرائيلية وأخرى داعمة للرواية الإسرائيلية، في الترويج بأن الفلسطينيين في قطاع غزة يفبركون موتهم وإصاباتهم خلال العدوان الإسرائيلي عل القطاع، وذلك ضمن حملة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي تستخدم وسوم مثل #باليوود (Pallywood) و#غزاوود (Gazawood).
إذ نشرت حسابات تروج للدعاية الإسرائيلية مقطع فيديو يظهر أُمًّا تداعب وجوه أطفالها الذين قُتلوا بقصف إسرائيلي، مرفقًا بادعاء مفاده أن المشهد يظهر سيدة تضع مساحيق تجميلية لدمى في محاولة لتزييف الإصابات، إلا أنّ المشهد يُظهر سيدة فلسطينية، وهي تمسح على وجه إبنها وفي يدها مسبحة إلكترونية، وليس أداة لوضع المكياج على وجهه.
كما تداول مستخدمون مقطع فيديو ادّعوا أنه يظهر مشهدًا مفبركًا في أحد مستشفيات غزة، ولكن، تبين بالتحقق أنه يظهر كواليس فيلم مغربي، شاركها الممثل كريم دونيازال، في حسابه على تطبيق انستغرام في أكتوبر الفائت.
وفي السياق ذاته تداولت حسابات، مشهدًا ادعت أنه يظهر فبركة إصابات أطفال في غزة، فيما تبيّن أنه يُظهر جلسة تصوير في العراق ولا علاقة له في الحرب الجارية على القطاع.
إليكم كافة التفاصيل في سلسلة التغريدات التالية👇
انحياز وسائل الإعلام الغربية لصالح إسرائيل
وفي تغطية مسبار لأحداث فبراير الفائت، سلط الضوء على مظاهر تحيز وتعتيم وسائل الإعلام العالمية على تقرير الأمم المتحدة حول "الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان"، التي تتعرض لها النساء الفلسطينيات على أيدي عناصر الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية، منذ السابع من أكتوبر 2023.
وراجع مسبار تغطية وسائل الإعلام والصحف العالمية الكبرى للاتهامات الموجهة لعناصر حماس، وقارنها بتغطية وسائل الإعلام نفسها لتقرير الأمم المتحدة، على اعتبار أنهما يتناولان الموضوع ذاته، وأن الأمم المتحدة جهة تتمتع بموثوقية عالية عالميًا.
وجد مسبار أنّ هناك تحيّزًا جليًا في التغطية وتعتيمًا على تقرير الأمم المتحدة الأخير، فباستثناء شبكة سي إن إن وصحيفة ذا إندبندنت البريطانية وموقعي فويس أوف أميركا وBuzzFeed، لم تنشر الوسائل الإعلامية الكبرى مثل صحف ذا نيويورك تايمز وذا واشنطن بوست ووول ستريت جورنال ولوس أنجليس تايمز وذا غارديان وذا تيليغراف وشبكات PBS وCBS وCNBC وBBC، أيَّ خبر أو تقرير أو مادة صحفية من أي نوع تتحدث عن تقرير الأمم المتحدة الأخير، وهي عادةً ما تغطي كل ما يصدر، تقريبًا، عن المنظمة الأممية.
وبالمقارنة، لاحظ مسبار أن جميعها (وسائل الإعلام المذكورة)، نشرت أكثر من مادة واحدة عن ادّعاء استخدام العنف الجنسي من قبل حماس. إذ نشرت ذا نيويورك تايمز، أكثر من ثلاثة تقارير عن الموضوع.
كما نشرت صحيفة ذا واشنطن بوست في نوفمبر الفائت، أي قبل صدور التحقيقات حتى، تقريرًا بعنوان "إسرائيل تحقق في عدو بعيد المنال ومروع: الاغتصاب كسلاح من أسلحة الحرب"، ومقال رأي للكاتبة جينيفر روبن بعنوان "النساء الإسرائيليات مهمات أيضًا".
ومن جهة ثانية وجد مسبار أن وسائل إعلامية غربية أخرى تناولت تقرير الأمم المتحدة حول العنف الجنسي الممارس من قبل الجنود الإسرائيليين بحذر ومع تغييب لهوية الضحايا في العنوان الرئيسي.
وفي سياق مشابه، كشف مسبار في تقريرٍ آخر عن تضليل مارسته وسائل الإعلام الغربية خلال تغطيتها خبر إحراق الجندي الأميركي آرون بوشنيل نفسه أمام سفارة الاحتلال الإسرائيلي، في العاصمة الأميركية واشنطن، خلال بث مباشر أجراه، إذ هتف قبل حرق نفسه “الحرية لفلسطين”.
ففي تقريرٍ عرضته قناة الحرة الأميركية، يظهر الفيديو الأصلي للجندي وهو متجه إلى السفارة الإسرائيلية في واشنطن، لكن في الدقيقة الأولى و37 ثانية منه، يتم تجنب عرض الجزء الذي يتهم فيه بوشنيل الاحتلال بارتكاب الإبادة الجماعية في غزة، وأنّ إحراقه لنفسه لا يعدّ أمرًا متطرفًا إذا ما قورن بالإبادة التي يرتكبها الاحتلال بحق سكان قطاع غزة.
كما تجنبت صحيفة ذا غارديان البريطانية ووكالة رويترز ذكر سبب حرق الجندي نفسه.
بدورها ذكرت صحيفة ذا واشنطن بوست، أن للجندي الأميركي آرون بوشنيل خلفية تربوية دينية، وأن له ميولًا آناركية، في إشارة إلى اعتناقه ذهنية متطرفة، ولم تذكر أيضًا ما قاله بوشنيل في الفيديو.
استهداف الحوثيين للسفن الإسرائيلية
ومع استمرار جماعة الحوثي استهداف السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل في مضيق باب المندب، تنتشر المشاهد المضللة المرتبطة بهذا السياق، منها فيديو ذُكر أنه للحظة قصف الحوثيين سفينة أميركية معدة للحروب ومضادة للصواريخ في البحر الأحمر، لكن مسبار بيّن أن الفيديو نُشر في يوليو/تموز عام 2020، على أنه لحادثة انفجار السفينة الحربيّة الأميركية يو إس إس بونوم ريتشارد، بعد أن اشتعلت في ميناء كاليفورنيا أثناء إجراء أعمال صيانة في القاعدة البحريّة في سان دييغو، ولا علاقة لها بعمليات استهداف الحوثيين للسفن، مؤخرًا.
كما انتشرت صورة على أنّها لقصف سفينة أميركية في البحر الأحمر من قبل الحوثيين، لكنها قديمة تعود إلى يناير/كانون الثاني عام 2022، وتُظهر اندلاع حريق في السفينة التركية "بوراس"، والتي جنحت على رصيف الميناء كومكولار بمنطقة كوردونبويو في إسطنبول التركية، حينها.
التهديدات الإسرائيلية باجتياح مدينة رفح
ارتبط قسم من الأخبار الزائفة والمضللة، في شهر فبراير الفائت، بالتهديدات الإسرائيلية باجتياح مدينة رفح جنوبي القطاع على الحدود مع مصر، منها صورة نُشرت على أنّها من الجيش المصري شاركها ومعدّات وعربات عسكرية على الحدود مع غزة.
لكن تحقُّق مسبار أظهر أن الصورة قديمة، وتعود إلى عام 2012، وتُظهر شاحنات تابعة للجيش المصري وهي تنقل دبابات إلى مدينة العريش، شمالي شبه جزيرة سيناء، آنذاك.
كما انتشرت مشاهد على أنها لبدو مصريين وهم يتجهون بسياراتهم إلى الحدود مع قطاع غزة، ويطالبون بفتحها بغرض مساندة الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم، خلال الحرب التي تشنها إسرائيل على القطاع.
إلا أنّ تحقق مسبار أظهر أن المشاهد قديمة، ولا علاقة لها بالحرب الجارية على غزة. إذ يعود المشهد الأول إلى أغسطس/آب عام 2021، وانتشر حينها على أنه لبدو مصريين على الحدود مع ليبيا. ونُشر المشهد الثاني على تطبيق تيك توك عام 2022، على أنه من سباق الإبل التقليدي، الذي تنظّمه القبائل في جنوب سيناء.
أما المشهد الثالث، فنشرته قناة على يوتيوب قبل عامين على أنه من زيارة رئيس اتحاد قبائل سيناء، إبراهيم العرجاني، لقبيلة الصنافرة وبعض العائلات في مطروح.
وشاركت حسابات مقطع فيديو، لاقى رواجًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن نشره مستخدمون على أنه لفلسطينيين في مدينة رفح يستغيثون بالجيش المصري قرب السياج الحدودي. لكن الفيديو في الحقيقة يعود لوقفة تضامنية لمصريين أمام معبر رفح الحدودي للمطالبة بفتحه وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
كانت هذه أبرز الأخبار والمعلومات المضللة التي انتشرت في يناير الفائت، ومن المتوقع أن تستمر أشكال مختلفة من التضليل مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة والأحداث في المنطقة العربية والعالم، لذا لا تترددوا بالتواصل معنا حال مصادفتكم أي ادعاء تشكون في صحته.
اقرأ/ي أيضًا