نشرت مؤسسة تطوير الإعلام، وهي جهة رقابية محلية لوسائل الإعلام، تقريرًا عن الدعاية المعادية للغرب.
يتناول التقرير الاتجاهات والأنماط ومصادر الرسائل المعادية للغرب، محللًا وسائل الإعلام التقليدية/الجماهيرية (التلفزيون والصحافة المكتوبة والمواقع الإلكترونية)، بالإضافة إلى المصادر السياسية والدينية والتنظيمية والفردية. وفقًا لنتائج المؤسسة، ظهر السياسيون كمصدر رئيسي للرسائل المعادية للغرب في جورجيا في عام 2022. وأشار إلى أنه من بين الأحزاب السياسية، فإن الأحزاب الموالية للكرملين نقلت أكبر حصة من الرسائل المعادية للغرب.
تقرير مؤسسة تطوير الإعلام حول الدعاية المعادية للغرب في عام 2022
قامت مؤسسة تطوير الإعلام (MDF) بتجميع هذا التقرير عبر تمويل من برنامج التنوع الذي تشرف عليه الوحدة التابعة لوكالة التنمية الدولية الأميركية (USAID Unity Through Diversity Program)، والذي ينفذه اتحاد الأمم المتحدة في جورجيا (UNAG).
يظهر التقرير الذي يغطي الفترة ما بين 1 يناير/كانون الثاني إلى 31 ديسمبر/كانون الأول 2022، والمستند إلى تحليل ما يصل إلى 10 آلاف تعليق، أن الدعاية في جورجيا اتبعت خمسة مواضيع رئيسية "الجبهة الثانية"، "الميدان الثاني"، "الديمقراطية السيادية"، المؤسسات الديمقراطية، و"التمويل الغربي".
وكشف أن غالبية رسائل الدعاية استهدفت دول الغرب الجماعي والولايات المتحدة، مع التركيز على الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. وتضمنت مواضيع الانتقاد الأخرى أوكرانيا، والمؤسسات الديمقراطية مثل المنظمات غير الحكومية، ووسائل الإعلام، بالإضافة إلى الأفكار الليبرالية بشكل عام. ويبرز بشكل ملحوظ أن روسيا كانت الموضوع الوحيد الذي تم إظهاره بشكل إيجابي داخل هذا النقاش.
راقبت مؤسسة تطوير الإعلام، وسائل الإعلام الناطقة باللغة الجورجية، بما في ذلك وسائل الإعلام الرئيسية وكذلك المواضيع ذات الصلة بالكرملين والانتماءات الحزبية المحددة. واختارت 11 وسيلة إعلام تقليدية، بما في ذلك خمس قنوات تلفزيونية، و4 صحف مكتوبة، وموقعين على الإنترنت. وركز التقرير لعام 2022 على البرامج الحوارية ضمن وسائل الإعلام المرئية.
رسائل معادية للغرب
خلال عملية تحليل البيانات، تم تحديد خمسة مواضيع رئيسية لرسائل معادية للغرب. تشمل هذه المواضيع: السياسة الخارجية والأمن (42.2 في المئة).الديمقراطية والسيادة والمؤسسات الديمقراطية (21.7 في المئة)، والتدخل الروسي في أوكرانيا (20.5 في المئة) والهوية والليبرالية (11.9 في المئة) والمساعدات الخارجية والاقتصاد (3.6 في المئة).
فيما يتعلق بالمسائل الخاصة بالسياسة الخارجية والأمن، ظهر الاتحاد الأوروبي كهدف رئيسي. يرجع التقرير هذا التركيز إلى مسألة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لا سيما مسألة منح جورجيا حق الانتساب إليه.
يشدد التقرير على أن رسالة الدعاية الحساسة بشكل خاص، كانت الادعاء بأن الغرب يهدف إلى "سحب جورجيا إلى الحرب" و"فتح جبهة ثانية" في نزاع أوكرانيا داخل البلاد. ويلاحظ أن هذه السردية كانت مرتبطة بالمخاوف من الحرب، وتصاعدت في ظل نزاع روسيا في أوكرانيا، وكانت تعتبر أداة رئيسية للتلاعب السياسي في سياق انضمام جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي.
وأشار التقرير أن رفض منح جورجيا صفة مرشح للعضوية في الاتحاد في يونيو 2022، زاد من سردية الدعاية. علاوة على ذلك، وجهت الاتهامات إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) والولايات المتحدة والغرب الجماعي، وبشكل أقل إلى أوكرانيا. وكانت هناك انطباعات بأن هذه الجهات طالبت بمشاركة جورجيا في الحرب كشرط للحصول على الانضمام في الاتحاد الأوروبي.
في الوقت نفسه، تم تصوير الحرب الروسية في أوكرانيا على أنها فرصة لإصلاح العلاقات مع روسيا. إذ قامت الدعاية على نقل رسائل مفادها أنّ روسيا هي "الحل الوحيد" لعودة الأراضي المحتلة لجورجيا.
وأوضح التقرير وجود اتجاه مستمر من السنوات السابقة، يصور روسيا كوسيلة ردع لتركيا وجيران جورجيا الآخرين الذين يفترض أن لديهم نوايا عدوانية. وتم تصوير تركيا بدورها كتهديد لسلامة أراضي جورجيا، مع طموحات مزعومة لاستعادة الإمبراطورية العثمانية. وكانت الرسائل التي تستهدف تركيا مصحوبة بسردية تاريخية تهدف إلى تحويل التركيز من التهديد الذي تشكله روسيا إلى التهديد التاريخي الذي تشكله تركيا، معتبرة أنه "إذا كانت روسيا دولة محتلة، فتركيا دولة محتلة أيضًا".
علاوة على ذلك، تصاعدت مخاوف "معاداة الميدان" من خلال سردية الدعاية التي تزعم أن الولايات المتحدة (في معظم الحالات)، "الغرب الجماعي"، أو الاتحاد الأوروبي يخططون لتغيير الحكومة الجورجية من خلال "سيناريو ثوري"، مشابه لما حدث في ميدان أوكرانيا، في إشارة إلى الحراك الثوري لعام 2013، الذي اعتبرت أحداثه وفق الدعاية انقلابًا متطرفًا.
تؤكد الرسائل التي بثتها الوسائط، على ضرورة الدفاع عن "الديمقراطية السيادية"، وهي مصطلح نشأ في المجر واعتمدته روسيا، يقوم على أن القوى الخارجية ليس لديها الحق في التدخل في تفسيرها لـ"الديمقراطية". وكانت هذه الرسائل موجهة في المقام الأول إلى الولايات المتحدة، تليها الدول الغربية بشكل عام والاتحاد الأوروبي خصوصًا. وتشير التقارير إلى أن الحزب الحاكم والقوى الموالية للكرملين ربطت هذا الانتقاد بالتدخل الغربي في شؤون جورجيا السيادية، كما جاء ردًا على الانتقادات الغربية لممارساتها الديمقراطية.
كما اعتبرت بعض المؤسسات المحلية التي تعمل على مراقبة الحكومة تهديدًا أيضًا، وغالبًا ما تم تصويرها على أنها تتعاون مع الغرب وتعمل نيابة عنه، ووصفت بـ"العمالة الأجنبية"، وهو مصطلح له جذور تاريخية في المفردات السياسية السوفيتية ويحيل إلى معنى "الجوسسة". وتشمل هذه المؤسسات المنظمات غير الحكومية المحلية، الحقوقية نينو لومجاريا، ووسائل الإعلام.
يلاحظ التقرير أن هذه السردية تهدف إلى تقديم فكرة تفيد بأن تمويل هذه الكيانات من الخارج غامض، وتم ابتكار مصطلح "الجمعيات غير الحكومية الغنية" واستخدامه بنشاط في رسائل الدعاية. ودعمت منطق الحجج هذا، صياغة قانون على النمط الروسي "بشأن شفافية التمويل الخارجي"، الذي تمت الموافقة عليه في مارس 2023 خلال المراجعة الأولى، لكنه سحب لاحقًا بعد الاحتجاجات العامة.
مصادر الرسائل المعادية للغرب في جورجيا
وفقًا للتقرير، ظهر السياسيون كمصدر رئيسي للرسائل المعادية للغرب في جورجيا في عام 2022، حيث بلغت نسبتهم 45.5 في المئة، تليهم وسائل الإعلام بـ30.1 في المئة، والخبراء الموالون للحكومة بـ 16.1 في المئة، والمنظمات غير الحكومية بـ7.7 في المئة، ورجال الدين في الكنيسة الأرثوذكسية الجورجية بـ0.6 في المئة.
ومن بين الأحزاب السياسية، يسلط التقرير الضوء على أن الأحزاب الموالية للكرملين "Alt-Info/Conservative Movement" و"Alliance of Patriots"، يعبران عن أكبر حصة من الرسائل المعادية للغرب. يليهما الحزب المنشق عن الحزب الحاكم "People's Power" والحزب الحاكم نفسه "Georgian Dream".
اقرأ/ي أيضًا
وسائل إعلام غربية تتجنب الإشارة للخطاب الداعم لغزة في حفل الأوسكار
كيف يؤثر منع إسرائيل الصحفيين الدوليين من دخول غزة على إيصال الرواية الفلسطينية؟