نشر موقع "توني بيزنيس" خبرًا اقتصاديًا عنوانه "عائدات السياحة في تونس سجلت نموًا بقيمة 181 مليون دينار".
بالتحقق، وجد "مسبار" أنّ العنوان مضلل، ولا يُعبّر عمّا ذكر في متن الخبر. فوفقًا لبيانات البنك المركزي التونسي، بلغت مداخيل السياحة المتراكمة في الفترة ما بين الأول من يناير/كانون الثاني والعاشر من إبريل/نيسان 1331.2 مليون دينار تونسي، فيما بلغت قيمة تحويلات الجالية التونسية في الخارج 1991,6 مليون دينار.
يعني ذلك أنّ إجمالي مداخيل العملة الصعبة، خلال الفترة ذاتها، بلغ 3322.8 مليون دينار، وأنّ الزيادة المقدرة بـ 181 مليون دينار تخصُّ عائدات السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج، وليس عائدات السياحة وحدها. وأمكن استنتاج ذلك بمقارنة مداخيل الفترة ذاتها من العام الفائت، إذ بلغت عائدات السياحة 1236 مليون دينار تونسي، وقُدّرت تحويلات التونسيين المقيمين في الخارج بـ 1905.8 مليون دينار.
هل سجّلت عائدات السياحة في تونس ارتفاعًا قياسيًا؟
وصفت مواقع إخبارية تونسية عدّة الارتفاع المقدر بـ 5.8 في المئة، الذي سجلته عائدات قطاع السياحة وتحويلات التونسيين في الخارج بالقياسي. لكنّ الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي أكّد، في تصريح لمسبار، أنّ الارتفاع طفيف وأنّه في المستوى نفسه مقارنة بالأرقام المسجّلة خلال العام الفائت، وخلال الأعوام التي سبقته. كما أوضح الشكندالي أنّ من غير الممكن الحديث عن عائدات قياسية في ثلاث أشهر أو إصدار أحكام، إلا بعد انقضاء العام، معتبرًا أنّ الأرقام المقدّمة متفائلة.
وتتباين عائدات السياحة في تونس من عام لآخر، إذ بلغت بحلول 20 إبريل من عام 2022 نحو 659 مليون دينار تونسي، فيما كانت في أواخر الشهر ذاته من عام 2021 في حدود 439.2 مليون دينار، متأثرة بإجراءات الحجر والإغلاق التي فرضها عقب انتشار جائحة كورونا.
وتمثل السياحة إحدى أهم ركائز الاقتصاد التونسي، الذي يواجه العديد من التحديات. وبلغت قيمة الاستثمار السياحي 133 مليون دينار عام 2022 و118 مليون دينار في 2021 و294 مليون دينار في 2020. أما عام 2019 فبلغت قيمة الاستثمارات 196 مليون دينار، وذلك بحسب إحصائيات الديوان الوطني التونسي للسياحة.
العائدات تساهم في التقليص من ديون تونس الخارجية، لكنها غير قادرة على سدادها
يعتبر الشكندالي أنّ الدين الخارجي لتونس ما يزال ثقيلًا وأنّ لدى البلاد التزامات كبيرة لتسديد الديون الخارجية هذا العام، مشيرًا إلى أنّها ما كانت لتلجأ إلى الاقتراض من البنك المركزي لو كانت عائدات تحويلات التونسيين بالخارج والسياحة قادرة على سداد تلك الديون.
وترجع خلود التومي، المختصّة في الشؤون الاقتصادية، تكلفة خدمة الدين الخارجي المرتفعة إلى اعتماد البلاد، طيلة سنوات، على الاقتراض الخارجي لتمويل ميزانية الدولة. كما أشارت إلى أنّ الحديث عن تغطية الديون الخارجية يتجاهل معطى مهمًا، هو التوجّه نحو الاقتراض المباشر من البنك المركزي التونسي، لتمويل ميزانية الدولة وسداد الديون الخارجية. وقالت التومي إنّ البنك خصّص سبع مليارات دينار لسداد الديون السيادية للدولة.
وأوضحت الخبيرة، في حديثها مع مسبار، أنّ البنك المركزي خصّص، هذا العام والعام الذي سبقه، مخزونه من العملة الصعبة وما لديه من سيولة لسداد ديون الدولة، أو اقتراض مبالغ بالعملة الصعبة من البنوك المحلية ومن البنك الأفريقي للتنمية، التي كانت مخصصة لتمويل النفقات الجارية الدولة. واستعمل البنك تلك المبالغ في سداد القروض، ما يعني أنّ تونس سدّدت بالفعل ديونها، لكن تكلفة ذلك حسب تعبير التومي كانت "باهظة".
وفي فبراير الفائت، سدّدت الدولة ما قيمته 898 مليون أورو من السندات الخارجية، باستعمال مخزونها الاحتياطي من العملة الصعبة، ما أدّى إلى تراجعه بـ 14 يوم توريد.
إقرأ/ي أيضًا
هل تعد تونس الدولة الأقل مديونية لدى صندوق النقد الدولي على المستوى العالمي؟
