تتداول حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، حديثًا، خبرًا يدّعي ناشروه سحب مشروع قانون مناهضة التطبيع مع سوريا من الكونغرس الأميركي، الأمر الذي وصفه بعض ناشري الخبر بأنه "ضوء أخضر لجميع الدول بما فيها دول الخليج العربي وأوروبا لتعزيز التواصل مع دمشق".
لكن "مسبار" تحقق من الادعاء ووجد أنه لا يستند إلى وثائق أو قرارات رسمية صادرة عن الكونغرس أو البيت الأبيض، إذ إنَّ واشنطن لم تعلن عن سحب مشروع قانون مناهضة التطبيع مع النظام السوري الذي صوّت عليه الكونغرس منذ شهرين.
اتهامات للبيت الأبيض بعرقلة إقرار القانون
وجاء تداول الادعاء بعدما نشر الكاتب السياسي الأميركي جوش روغين، مقال رأي في صحيفة ذا واشنطن بوست، نقل فيه عن نواب في الحزبين الديمقراطي والجمهوري، أن البيت الأبيض اعترض أثناء المفاوضات على إدراج مشروع قانون مناهضة التطبيع مع نظام الأسد ضمن حزمة التشريعات المستعجلة التي أقرها الكونغرس الأسبوع الماضي، والتي كان من بينها مشروع قانون "الكبتاغون 2"، وذلك على الرغم من عدم اعتراضه على إدراج قوانين تقضي بفرض عقوبات على إيران.
ووفق الكاتب، فإن الإدارة الأميركية ومكتب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بين كاردين "لم يعملا على المضي قدمًا لإقرار هذا القانون"، عندما تقدم النائب جيمس ريش من الحزب الجمهوري، وهو عضو في اللجنة، بمشروع القانون وملحقاته أمام المجلس في أيلول/سبتمبر 2023.
وقال ريش إن "الكونغرس ملزم بتحريك هذا القانون، ولكن على الرغم من المطالبات المتكررة للقيام بذلك، عرقلت الإدارة الأميركية وشركاؤها في الكونغرس عملية محاسبة الأسد مرات متكررة".
في المقابل، ذكر مسؤول في البيت الأبيض أن الإدارة الأميركية "تعتقد بأن لديها من الأدوات ما يساعدها على ملاحقة الأسد وشركائه"، مشيرًا إلى مخاوف تحدثت عنها بعض المنظمات الإنسانية الدولية والخبراء، من أن "العقوبات الجديدة يمكن أن تزيد الوضع الإنساني سوءًا في الداخل السوري، في حين عارض عدد من المنظمات الإغاثية السورية تلك المزاعم".
ما هو قانون مناهضة التطبيع مع النظام السوري؟
في الرابع عشر من فبراير/شباط الفائت، نجح مشروع قانون "مناهضة التطبيع مع نظام الأسد"، بالحصول على أصوات الغالبية العظمى في مجلس النواب الأميركي من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مجتازًا أولى خطوات قونَنَتِه قبل تمريره على مجلس الشيوخ وتوقيع الرئيس الأميركي جو بايدن ليصبح ملزمًا، وهو ما كان متوقعًا حدوثه قبل نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وركّز القانون في إحدى أهم جزئياته على تمديد العقوبات المنصوص عليها بموجب قانون "قيصر" حتى عام 2032 مع التشدد مع من "يحاول سرقة أموال الشعب السوري" عبر إعادة الإعمار، أو محاولة عقد صفقات تحقق امتيازات للنظام السوري، بعدما كان مقررًا أن تنتهي مع نهاية العام الحالي.
كما يتضمن توسيع العقوبات لتشمل الكيانات التي تحول المساعدات الإنسانية أو تصادر الممتلكات من السوريين لتحقيق الرفاهية أو تحقيق مكاسب شخصية، إلى جانب توسيع العقوبات لتشمل مجلس الشعب السوري وكبار مسؤولي حزب “البعث العربي الاشتراكي”، إلى جانب عقوبات على قطاعات الطاقة والتنمية.
ويسمح القانون لرئيس وعضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بطلب قرار رئاسي بشأن الكيانات المشتبه بارتكابها انتهاكات لقانون “قيصر”، مع التوجيه بالتحليل والإبلاغ عن مساعدات الأمم المتحدة التي تم تحويلها لمصلحة النظام، بما في ذلك من خلال التلاعب بالعملة.
ويعد المشروع تمديد لقانون “قيصر”، وتوسيع لأنظمة العقوبات الواردة فيه. لكن “قيصر” جاء لعرقلة جهود إعادة الإعمار قبل التوصل إلى تسوية في سوريا، بينما يركز مشروع القانون الجديد على تمديد “قيصر” وعرقلة مساعي التطبيع مع النظام من قبل دول أخرى.
اقرأ/ي أيضًا
تقرير يكشف كيف بنى إعلام النظام السوري روايته الخاصة حول مكافحة المخدرات
مشاهد من سوريا في حرب غزة: إعادة تدوير قد تبعد الأنظار عن الفظائع الحقيقية