مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، وازدياد المعلومات المنتشرة حول المرشحين، نُشرت العديد من التقارير والدراسات التي تناقش آثار انتشار المعلومات المضللة، ومدى فاعلية الأدوات التي تحاول السيطرة أو الحد من انتشارها.
يستعرض هذا المقال أبرز التقارير التي تتناول أزمة المعلومات المضللة في سياق الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستنُظم يوم غد الثلاثاء الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني.
ملاحظات المجتمع على موقع إكس لا تقلل من انتشار المعلومات المضللة
نشر مركز مكافحة الكراهية الرقمية البريطاني تقريرًا يوم الأربعاء 30 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، يفيد بأنّ ميزة التحقق من المعلومات التي يوفرها موقع التواصل الاجتماعي إكس لمستخدميه، والتي تسمى "ملاحظات المجتمع community notes"، قد "فشلت في مواجهة الادعاءات المضللة" حول الانتخابات الأميركية.
وذكر التقرير أنه من بين 283 منشورًا مضللًا قام المركز بتحليله، ظهرت الملاحظات على 209 منشورًا فقط، أي بنسبة 74% فقط من المنشورات المضللة.
وأضاف المركز في تقريره، أنّ عدد المستخدمين الذين ظهرت لهم منشورات تحوي معلومات مضللة أو مغلوطة، وصل إلى 2.2 مليار مستخدم، وحث من جانبه موقع إكس والقائمين عليه بالاستثمار في معايير الشفافية وحماية المستخدم.
يقول التقرير إنّ ملاحظات المجتمع ضعيفة بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالموضوعات الحساسة، إذ من النادر أن تتوصل مجموعة مستخدمين مختلفة الهويات ومتعددة الخلفيات، إلى إجماع حول ما إذا كانت الملاحظة التي أضيفت "مفيدة" أم لا، وحتى عندما تكون ملاحظات المجتمع مفيدة، فمن المقدر أنّ المحتوى المضلل غالبًا ما يُشاهد بنسبة 5 إلى 10 مرات أكثر من الملاحظة نفسها.
ويضيف التقرير إنه وخلال البحث عن نقاط ضعف في الموقع تبيّن أنّ 50 منشورًا فقط من منشورات "إيلون ماسك" التي تحتوي -حسب خبراء - على معلومات مضللة، وحصدت أكثر من مليار مشاهدة، قد رافقها ملاحظة مجتمع تشير إلى فحواها المضلل.
على نحو مماثل، وجد التقرير بعد تحليله 1060 منشورًا من حسابات كانت مؤثرة في الترويج لمزاعم كاذبة ومضللة، حول المهاجرين والمواطنين البريطانيين، والتي بدورها أدت لانتشار أعمال عنف في بريطانيا، أنّ منشورًا واحد فقط ظهرت فيه ملاحظة مجتمع تشير إلى تضليله.
وحلل التقرير 16 منشورًا بإجمالي 126 مليون مشاهدة، روّج لمزاعم مضللة حول دونالد ترامب، بما في ذلك مزاعم بأنه غير مؤهل للانتخابات المقبلة أو الترشح للرئاسة.
كما حلل التقرير منشورًا احتوى على مقطع فيدو "مقتطع السياق" لدونالد ترامب، يخبر فيه المسيحيين بأنهم "لن يضطروا إلى التصويت بعد الآن"، وقد حصد المنشور 8.7 مليون مشاهدة.
كيف يتكسب مروجو المعلومات المضللة من مواقع التواصل الاجتماعي
نشرت شبكة بي بي سي البريطانية يوم 30 أكتوبر الفائت، تقريرًا صحافيًا يفيد بأنّ العائد المادي يعتبر سببًا أساسيًّا يدفع العديد من الحسابات المروجة للمعلومات المضللة والزائفة على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة موقع إكس، لمواصلة عمليات نشر الأخبار الزائفة، والتي بدورها تؤثر بالسلب على الانتخابات الرئاسية الأميركية.
يذكر التقرير أنه وفي يوم التاسع من أكتوبر الفائت، غيرت إدارة موقع إكس قواعدها الخاصة بالمدفوعات المستحقة، إذ باتت الآن تُقدّم للحسابات ذات القاعدة الجماهيرية كبيرة النطاق، ووفقًا لكمية التفاعل من قِبل المستخدمين، أي عدد الإعجابات والمشاركات والتعليقات على منشوراتهم، بدلًا من عدد الإعلانات المرفقة أسفل منشوراتهم.
ويضيف التقرير أنه على عكس معظم إدارات مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، فإدارة موقع إكس لا تحدد إرشادات معينة للحسابات التي تحقق ربحًا من خلال منشوراتها، ولا حتى تلك التي تنشر معلومات قد تكون مضللة.
ومن بين المنشورات التي حللتها الشبكة في تقريرها، منشورات تروج لنظريات مؤامرة عن عمليات تزوير الانتخابات الرئاسية الأميركية. بالإضافة لانتشار ادعاءات مضللة تتهم مرشحي للرئاسة ونائبيهما، بأنهم متحرشون جنسيًا. كما انتشرت تلك الادعاءات المضللة وما يماثلها على العديد من مواقع التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، فيس بوك وغيرها.
ويشير التقرير إلى مثال تظهر فيه صورة للمرشحة الرئاسية كامالا هاريس مرتدية زي العاملين في سلسلة المطاعم الأميركية الشهيرة ماكدونالدز، إذ زعم ناشروها أنها تظهر المرشحة الديمقراطية في شبابها، عندما كانت تعمل في السلسلة.
ولكن بعدما انتشرت الصورة على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، تحقق حساب يسمى the infinite dude من حقيقة الصورة، ونشر بدوره منشورًا يشير فيه إلى أنّ الصورة المنتشرة لكامالا هاريس معدلة بواسطة الذكاء الاصطناعي، بعدما انتشرت ادعاءات تتهم حملة المرشحة الديمقراطية بفبركة الصورة، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.
سياسات يوتيوب الجديدة تتيح انتشار المعلومات المضللة حول الانتخابات الأميركية
نشرت منظمة ميديا ماترز media matters المختصة في مراقبة المحتوى الصحافي والإعلامي في الولايات المتحدة، تقريرًا جديدًا يفيد بأنّ سياسات موقع يوتيوب التي تغيرت في يونيو/حزيران عام 2023، قد سمحت بنشر المعلومات المضللة والزائفة حول الانتخابات الرئاسية الأميركية، خاصة المؤثرين ذوي التوجهات اليمينية، حسب تقرير المنظمة.
وأحد تلك المعلومات المضللة المنتشرة، هي ادعاء أنّ الحزب الديمقراطي الأميركي ينوي إفساد الانتخابات وتزويرها، من خلال تسريب أصوات اقتراع مزورة داخل مراكز الاقتراع في مدن يعدّ توجهها يساري، وهي الادعاءات التي تداولها المرشح الجمهوري ترامب وحملته منذ خسارته الانتخابات الفائتة عام 2020.
وتقول الدراسة إنها راجعت محتوى نُشر على موقع يوتيوب في الفترة بين الأول من مايو/أيار و31 أغسطس/آب من العام الجاري، من خلال 30 قناة يمينية أو قنوات استضافت شخصيات يمينية بارزة. ووجد أنّ 286 مقطع فيديو قد بلغ مجموع مشاهداتها 44 مليون مشاهدة على الأقل بما في ذلك 93 مقطع فيديو حقق دخلًا لصاحبه، احتوى على معلومات مضللة حول انتخابات الرئاسة الأميركية للعام 2020 و2022، و2024.
ووفقًا للدراسة، كان محامي ترامب السابق رودي جولياني هو الأكثر نشرًا للمعلومات المضللة عن الانتخابات، إذ كان مسؤولًا عن 77 من أصل 286 مقطع فيديو، وكان لدى المذيع اليميني بيني جونسون أكبر عدد من مقاطع الفيديو التي تحوي إعلانات مدفوعة الأجر.
ويضيف التقرير أنه وفي الأشهر التي سبقت انتخابات الرئاسة الأميركية، دفعت شخصيات إعلامية "محافظة سياسيًا" جمهورها من خلال يوتيوب للشك في أي نتيجة تخالف فوز ترامب، ومن بين القنوات الثلاثين التي تم فحصها فإنّ ما لا يقل عن 22 قناة رددت ادّعاءات كاذبة ومضللة حول انتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2024، بإجمالي 115 مقطع فيديو على الأقل.
وشملت هذه الادّعاءات مزاعم بأنّ العملية الانتخابية "مزورة" لصالح هاريس والديمقراطيين، وأنّ القضايا المرفوعة ضد المرشح الجمهوري تشكل "تدخلًا في الانتخابات"، وأنّ الديمقراطيين يريدون تمكين "غير المواطنين" من التصويت لصالحهم لتحقيق الفوز في الانتخابات، وأنّ كامالا هاريس "تم تنصيبها بشكل غير قانوني" كمرشحة ديمقراطية في "انقلاب" ضد جو بايدن.
ما مدى تأثير المعلومات المضللة وانتشارها على الانتخابات الأميركية؟
في تقرير جديد نشرته مؤسسة رويترز بالتعاون مع جامعة أوكسفورد البريطانية، يوم 24 أكتوبر الفائت، تسألان فيه عن مدى التأثير الفعلي لانتشار المعلومات والادعاءات المضللة والزائفة على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة مع اقتراب موعد الاقتراع في الانتخابات الأميركية.
إذ يقرأ في افتتاحية التقرير، أنه في استطلاع رأي أخير أجرته مؤسسة برايت واتش لايت الأميركية، ظهر أنّ ربع الجمهوريين يتفقون على أنّ كامالا هاريس ليست مواطنة أميركية، وأنّ أكثر من ثلث الناخبين الديمقراطيين أيدوا تصريحات كاذبة تزعم أنّ محاولات اغتيال دونالد ترامب كانت مدبرة.
ويتابع التقرير، قوله إنّ ملايين الأميركيين جاهزون تمامًا لتصديق تصريحات وادّعاءات مضللة وزائفة، وهو ما يعدّ أمرًا خطرًا، وخصوصًا في خضم انتخابات مهمة كتلك التي تخوضها الرئاسة الأميركية للعام 2024.
اقرأ/ي أيضًا
التضليل الإعلامي واستهداف الجاليات المهاجرة في الانتخابات الأميركية
الانتخابات الأميركية: أبرز الادعاءات المضللة والزائفة عن المرشح الرئاسي دونالد ترامب