` `

عشية الانتخابات الأميركية.. إعلانات لتطعيم المستخدمين ضد المعلومات المضللة

محمود حسن محمود حسن
أخبار
4 نوفمبر 2024
عشية الانتخابات الأميركية.. إعلانات لتطعيم المستخدمين ضد المعلومات المضللة
وجد مصممو النموذج فعالية في تحصين المستخدمين ضد التضليل

ساعات قليلة قبل موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي ترافقها موجة واسعة من المعلومات المضللة التي تنتشر بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي. وبحسب عدة تقارير سابقة راجعها مسبار كانت المعلومات الكاذبة والموجهة أداة رئيسية في محاولة التأثير على توجهات الناخبين وتوجيه الرأي العام، وأن جهات عديدة تحاول التدخل في الانتخابات الأميركية، لتحقيق مصالح مختلفة. 

تأتي دراسة جامعة كورنيل بدعم من شركة غوغل لتقدم رؤى جديدة حول كيفية توعية الناس بأساليب التضليل الشائعة التي قد تستخدمها جهات معينة لتوجيه الانتخابات، وبالفعل نفذت غوغل باستخدام  نتائج الدراسة نموذج تطبيقي قبل يوم من الانتخابات، وصل إلى ملايين الناس.

التطعيم النفسي كأداة لتوعية الناخبين قبيل الانتخابات

أظهرت الدراسة التي أجرتها جامعة كورنيل أن الاستراتيجية الجديدة في مكافحة المعلومات المضللة، كانت فعالة بشكل معقول قبل الانتخابات الأميركية، إذ اعتمدت على التوعية الاستباقية، أو ما يُعرف بـ "التطعيم النفسي".

ورغم أن هذه الاستراتيجية لا تساعد الأشخاص بمفردها في التمييز المباشر بين الحقائق والأكاذيب، إلا أنها تصبح أكثر فعالية عندما تُقرن بتذكيرات مستمرة تركز على أهمية مراجعة دقة المعلومات.

التطعيم النفسي، الذي يُعد شكلًا من "التصدي الاستباقي" أو "التأطير الوقائي"، ساعد الأفراد بحسب النتائج على كشف وتفنيد المعلومات المضللة قبل أن تتغلغل في أذهانهم. 

وتعتمد هذه الطريقة على مقاطع فيديو قصيرة، تُعرض كإعلانات، لشرح الأساليب الشائعة التي تستخدمها الأخبار الكاذبة، التحيّزات في التصويت، بالاستعانة بلغة عاطفية تُثير المشاعر، واستخدام خيارات زائفة (أبيض أو أسود) لإثارة الانتباه نحو الأحكام المسبقة، وأساليب أخرى لتوجيه اللوم إلى فئات معينة في المجتمع، ومن ثم عرض الحقيقة.

اعتمد الباحثون على نظرية تُعرف بـ "نظرية التحصين"، والتي تشبه عملية تحصين الجسم ضد الفيروسات، إذ يتم "تلقيح" الناس بجرعات صغيرة من المعلومات المضللة لمساعدتهم على التعرف على المحتوى المضلل لاحقًا وتجنبه.

طبقت غوغل الاستراتيجية على ملايين الأشخاص قبل يوم من الانتخابات

طبقت الاستراتيجية بالفعل على ملايين المستخدمين على منصات مثل يوتيوب وفيسبوك، إذ شاهد المستخدمون هذه المقاطع التي تعمل كنوع من "اللقاح العقلي" ضد التضليل. ومن المتوقع أن تستمر هذه المبادرة، وقد تكون مفيدة بشكل خاص مع الانتخابات الرئاسية الأميركية.

 تشير الدراسة إلى أن "التطعيم النفسي" هو خطوة مهمة لتحصين الأفراد ضد التأثر السلبي بالأخبار الكاذبة، إذ تساعدهم هذه المقاطع التوعوية على فهم الحيل والخدع التي قد تمررها بعض الجهات عبر الأخبار المزيفة.

أسلوب عاطفي جذاب يعتمد الرسوم المتحركة واللغة غير الرسمية

مدة مقاطع التطعيم النفسي نحو 90 ثانية، وصممت لتكون ممتعة وسهلة الفهم، وعرضت أيضًا كإعلانات على يوتيوب، وتم تصميمها لتعريف المستخدمين بأساليب التضليل بطرق فريدة قبل موعد الانتخابات مثل تحميل جماعات معينة المسؤولية (Scapegoating) وتقديم معلومات متناقضة عمدًا، ومن ثم كشف الحقيقة في إطار "التطعيم" والوقاية المسبقة ضد المعلومات المضللة.

أساليب التلاعب المقصودة والتدريب على كشف الحقيقة

غطت الرسوم المتحركة التي عرضت في مقاطع الفيديو عدة أساليب تلاعب لتدريب الأشخاص على كشف التضليل، منها استخدام كلمات عاطفية، خاصة السلبية منها والتي تثير الخوف أو الغضب، لجذب الانتباه والتأثير في مشاعر الجمهور، والخيارات الكاذبة وهو تقديم اختيارين فقط لموقف معين مع إخفاء الخيارات الأخرى.

الجدير بالذكر أن النموذج يعتمد لغة عاطفية، وأسلوب غير رسمي وأقل جمودًا في توعية الجمهور حول كيفية التمييز بين المعلومات الصحيحة والخاطئة.

يقول مطورو النموذج إنه غير منحاز سياسيًا لأي توجه

أوضح الدكتور جون روزنبك، الباحث الرئيسي في الدراسة، أن مقاطع الفيديو ليست متحيزة لأي مصدر معلومات، مما يجعلها فعالة على مختلف الفئات بغض النظر عن الخلفيات أو التوجهات السياسية للمشاهدين. 

ووجدت الدراسة أن هذه المقاطع زادت من قدرة المشاركين على تحديد المعلومات المضللة بنسبة تقارب 5%، كما حسنت من قراراتهم حول مشاركة المحتوى الكاذب حول الانتخابات. ويذكر بأن غوغل استخدمت مسبقًا هذه المقاطع ضمن حملة "تحصين" في دول مثل بولندا وسلوفاكيا والتشيك، تستهدف المعلومات المضللة حول اللاجئين الأوكرانيين.

نهج مزدوج بين التطعيم النفسي بمقاطع الفيديو والتذكيرات القصيرة

أشار مطورو النموذج أن الجمع بين أسلوب التطعيم النفسي وتذكير الأفراد بأهمية التأكد من دقة المحتوى يمكن أن يكون تدخلاً فعالًا قبل وخلال الانتخابات، حيث ستتمكن هذه الاستراتيجية المزدوجة، من الحد من انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة التي تستهدف التأثير على خيارات الناخبين. 

يُمكن لهذه الأساليب أن تعزز الوعي بين الجمهور حول أساليب التضليل المتبعة في الإعلانات السياسية الموجهة والعناوين المثيرة، وبالتالي يمكن أن تحد من تأثير الحملات المضللة وتساعد الناس على اتخاذ قراراتهم بناءً على معلومات دقيقة.

ويرى منجزو الدراسة بأنه عند تنفيذ هذه الاستراتيجيات على نطاق واسع عبر منصات مثل يوتيوب وفيسبوك، ستكون فعالة وستصل إلى ملايين الناخبين الأميركيين، مما قد يساهم في خلق بيئة انتخابية أكثر نزاهة. 

اقرأ/ي أيضًا

الانتخابات الأميركية: هل فشلت مواقع التواصل في الحد من تأثير المعلومات المضللة؟

دور إيلون ماسك في نشر المعلومات المضللة والتأثير على الانتخابات الأميركية

الأكثر قراءة