مع اشتداد المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع خلال الأسابيع الأخيرة، في مدينة الخرطوم وما حولها، وفي شرقي دارفور ومناطق مختلفة من السودان، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي العديد من المشاهد المضلّلة. وادّعى الناشرون أنها تعود إلى التصعيد الأخير بين طرفي الحرب السودانية، المستمرة منذ منتصف إبريل/نيسان 2023، في حين أنّها قديمة أو من أماكن أخرى.
في الآتي أمثلة على تلك المشاهد التي رصدها مسبار وكشف حقيقتها.
الفيديو من 2013 وليس لصواريخ نصبها الجيش السوداني في ولاية الجزيرة حديثًا
لقي مقطع فيديو رواجًا بين مستخدمين على وسائل التواصل، إذ ادعوا أنّه يظهر منصات صواريخ استراتيجية بعيدة المدى، نصبها الجيش السوداني في ولاية الجزيرة، تزامنًا مع تقدمه على محاور عدّة.
كشف تحقّق نشره مسبار أنّ المشاهد قديمة، وأنّها منشورة منذ عام 2013 على أنّها لراجمة صواريخ تابعة للقوات المسلحة السودانية. ولم يتسنَّ لمسبار التثبت من مكان وتاريخ التقاط الفيديو، لكن تاريخ نشره يؤكّد أنّه ليس من المعارك الأخيرة. وانتشر الادعاء تزامنًا مع أنباء عن إطلاق الجيش عمليات عسكرية لاستعادة ولاية الجزيرة من أيدي قوات الدعم السريع.
المشاهد ليست لقصف استهدف قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة
كذلك انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، على أنّه لقصف الجيش السوداني مواقع تابعة لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة. وانتشر الادعاء بالتزامن مع أنباء عن تحركات للجيش في الولاية لإعادة السيطرة عليها.
تحقّق "مسبار" من المشاهد، ووجد أنّها تعود إلى عام 2021 وأنّ لا علاقة لها بالحرب الجارية في السودان، إذ توثق اشتباكات اندلعت بين الجيش السوداني وقوات إثيوبية في منطقة الفشقة. وجاءت تلك الاشتباكات، بعدما أعلن الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني، تعرض جنود سودانيين يعملون في منطقة متاخمة للحدود مع إثيوبيا، لهجوم من طرف مجموعات إثيوبية، مؤكدًا أنّ القوات السودانية تصدت لها.
الفيديو من الحرب على غزة وليس من حرب السودان
وفي ظل الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، نشر مستخدمون مقطع فيديو يُظهر تفجير جيش الاحتلال منزلًا في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، وزعموا أنّه من المعارك الدائرة في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ونَشر مقطع الفيديو الأصلي المصوّر الفلسطيني محمد حازم المصري عبر حسابه على موقع فيسبوك، في 26 إبريل/نيسان الفائت، وقال إنّه يوثق قصفًا إسرائيليًّا استهدف منزلًا في بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع.
الفيديو ليس لقنص مسلح من قوات الدعم السريع
مع استمرار المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، انتشر مشهد قنص، ادّعى متداولوه أنّه لاستهداف أحد جنود الجيش السوداني عنصرًا من قوات الدعم السريع، كان على متن دبابة.
تحقّق مسبار من الادعاء ووجد أنه مضلل، لأنّ مقطع الفيديو منشور منذ عام 2011 على أنه من ليبيا، ويصوّر استهداف قناص في مدينة سرت، ولا علاقة له بالحرب الجارية في السودان.
فيديو شكر مندوب السودان للإمارات في مجلس الأمن قديم
تداول مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو على أنّه حديث لجانب من خطاب ألقاه مندوب السودان في مجلس الأمن، وشكر خلاله الإمارات على دعمها للشعب السوداني.
الفيديو كما أظهر تحقّق مسبار، مجتزأ من كلمة مندوب السودان في جلسة لمجلس الأمن في 26 إبريل عام 2023. وشكر فيه المندوب السوداني الحارث إدريس، الذي كان يشارك في جلسة طارئة لمجلس الأمن لمناقشة الأوضاع في السودان، دولة الإمارات على تبرعها بمبلغ 50 مليون دولار لدعم العمليات الإنسانية في البلاد.
وجاء تداول الادعاء بعدما تقدم السودان، حديثًا، بطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث ما سماه "عدوان الإمارات على الشعب السوداني"، ومساندتها لقوات الدعم السريع في الحرب. وفق ما صرح به مسؤول سوداني لوكالة فرانس برس، في 27 إبريل/نيسان الفائت.
الصورة ليست لقوات الجيش السوداني وهي في طريقها إلى الفاشر
تداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل صورة قال ناشروها إنّها لوصول تعزيزات للجيش السوداني إلى مدينة الفاشر، لدعم الجيش الذي يخوض معارك مع قوات الدعم السريع في المنطقة.
لكن تحقّقًا لمسبار أوضّح أنّ الصورة قديمة وأنّها تعود إلى عام 2013 وألا علاقة لها بالحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. ونشرت الصورة وسائل إعلام وقالت إنّها لمركبات عسكرية تابعة للقوات التشادية وهي تتحرك في صحراء مالي. والتقط الصورة المصور الصحفي باتريك روبرت، وقال إنّها تظهر جانبًا من عمليات استهدفت جماعات جهادية في المنطقة.
الفيديو ليس لإعلان انتهاء الحرب في السودان
تداول مستخدمون على موقعي فيسبوك وإكس، مقطع فيديو زعموا أنّه لاجتماع الاتحاد الأفريقي، وأنّه أسفر عن اتفاق لإنهاء الحرب السودانية ووقف إطلاق النار.
لكنّ الفيديو مضلل، إذ أظهر تحقق لمسبار أنّ المشاهد قديمة وأنّها مجتزأة من مقطع فيديو نشرته قناة الجزيرة في 31 مايو/أيار 2023، لتقريرٍ عن اجتماع للجنة الاتصال الدولية الموسّعة الخاصة بالسودان، عُقد بهدف بحث خارطة لحل النزاع.
وجاءت تداول الادعاءات السابقة، مع تصاعد المعارك بين طرفي النزاع في السودان، وفي الوقت الذي يقول فيه الجيش السوداني إنّه أحرز تقدّمًا عسكريًا حساب قوات الدعم السريع، حول العاصمة الخرطوم وفي ولايات شرقي دارفور والجزيرة ومناطق أخرى.
ويتابع مسبار رصد الأخبار المتداولة عن الحرب السودانية، إذ ينشر باستمرار تحقيقات تُفنّد المشاهد أو الأخبار المضلّلة المنتشرة عنها. وخصص نافذة على موقعه الإلكتروني للاطلاع على كل التقارير المتعلقة باشتباكات السودان.
اقرأ/ي أيضًا
حرب السودان: روايات متضاربة حول مجزرة أم درمان
أخبار زائفة رافقت الاشتباكات الأخيرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان