` `

كيف يستغل مروجو الأخبار الزائفة هفوات الانتباه لخداع المستخدمين؟

فريق تحرير مسبار فريق تحرير مسبار
تكنولوجيا
22 يوليو 2024
كيف يستغل مروجو الأخبار الزائفة هفوات الانتباه لخداع المستخدمين؟
(Getty) منتجو المحتوى الزائف يستغلون فجوات الانتباه عند الأشخاص لنشر محتواهم

قدمت ورقة بحثية حديثة نهجًا نظريًا جديدًا لفهم التفاعل بين قراء الأخبار على الإنترنت ومنتجي المحتوى. ويكشف الإطار المفاهيمي الجديد أنّ القراء المتعبين أو غير المنتبهين سيكونون أكثر عرضة للنقر على قصة إخبارية كاذبة، وأن منتجي المحتوى المضلل والزائف يستغلون فجوات الانتباه عند الأشخاص في تحقيق مزيد من الانتشار لمحتواهم.

أجرى الدراسة التجريبية والنظرية ألكسندر جيه. ستيوارت، من جامعة سانت أندروز وأنطونيو أ. أريشار، من مركز البحث وتعليم الاقتصاد (CIDE) وديفيد جي. راند، من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وجوشوا بي. بلوتكين من جامعة بنسلفانيا. ونُشرت الورقة البحثية في مجلة  (PNAS).

أسلوب جديد في فهم كيفية انتشار المعلومات المضللة

تشير الدراسة إلى أن معظم الأبحاث السابقة ركزت على البيانات التجريبية، بطرح أسئلة مثل: من يقرأ ويشارك ويصدق المعلومات المضللة؟ لماذا يقع الناس في فخ المعلومات المضللة؟ ما التدخلات التي يمكنها مكافحة المعلومات المضللة؟

في المقابل، تقدم الدراسة الجديدة نهجًا يعتمد على تطوير نموذج نظري يستخدم نظرية الألعاب لفهم كيفية تفاعل الأفراد مع الأخبار. يركز هذا النموذج على تحليل سلوك مستهلكي المعلومات بشكل تفاعلي مع منتجي المحتوى، بدلًا من اعتبارهم كيانات معزولة تتحكم بالكامل في تعرضها للمعلومات المضللة أو تجنبها.

يقول أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، نعلم أن المعلومات الزائفة يمكن أن تنتشر بشكل أسرع من المحتوى الواقعي، ومدى الضرر الذي يمكن أن تسببه على الخطاب العام والثقة في المؤسسات الديمقراطية. مع ذلك، كانت معظم الأبحاث السابقة في هذا المجال غير كافية لتفسير الأسباب وراء انتشار المعلومات المضللة، لذا أردنا في دراستنا فحص كيفية استغلال المواقع الإخبارية الزائفة لحظات ضعف التركيز لدى المتلقين لتوضيح أن القراء الذين يعانون من التشتت أو الضغط الإعلامي يكونون أكثر عرضة لتصديق الأخبار الزائفة. 

أنماط التفاعل مع المحتوى المضلل لا تعكس تفضيلات الأشخاص

تشير النتائج النظرية والتجريبية معًا إلى أن تفضيلات المستهلكين لا يمكن استنتاجها ببساطة من أنماط التفاعل المرصودة. بمعنى آخر، فإن النقر أو الإعجاب أو مشاركة المنشورات المضللة لا يعني بالضرورة أن الشخص مهتم بنشر المعلومات المضللة.

تُظهر النتائج أنه حتى الأشخاص الذين يسعون إلى الحصول على الحقيقة والمعلومات الموثوقة، يمكن أن يكونوا عرضة للانجرار إلى الأخبار الكاذبة عندما لا يكونون في حالة انتباه كامل. هذا يشير إلى أن لحظات ضعف التركيز أو التشتت يمكن أن تؤدي إلى تفاعل أكبر مع المعلومات المضللة، حتى بين القراء الذين يفضلون الدقة والموثوقية.

الأشخاص ليسوا أحرار دائمًا في تجنب المعلومات المضللة

ترى الدراسة أن تعرض الأفراد للمعلومات المضللة الناتجة عن هفوات الانتباه يرتفع خلال فترات الضخ الإعلامي الكثيف ودورات الانتخابات. وتنتقد الدراسة الافتراض الشائع بأن متلقي المحتوى الزائف يتابعون الأخبار والمنشورات التي تتماشى مع معتقداتهم وأنهم يختارون بحرية ما يتابعونه.

تكشف الاختبارات التجريبية أن منتجي المحتوى الزائف يستخدمون استراتيجيات معينة تجذب حتى القراء الذين يبحثون عن الحقيقة، مما يعني أن الأفراد لا يمتلكون الإرادة الكاملة في تجنب تلقي المعلومات المضللة. ويظهر عمل الباحثين أن معظم الناس في الواقع يفضلون التفاعل مع ومشاركة المعلومات الواقعية. مع ذلك، يكونون أقل عرضة للتحقق من صحة الأخبار عندما يكونون متعبين أو مرهقين أو كسالى فقط.

وترى الدراسة أن الأفراد ممن يتعرضون بشكل مستمر للتضليل الناتج عن فجوات الانتباه قد يطورون عادات تدفعهم إلى النقر على المزيد من المواقع والأخبار والمنشورات المضللة. يوضح هذا أن لحظات ضعف التركيز يمكن أن تُستغل من قبل منتجي المحتوى المضلل، مما يزيد من انتشار المعلومات الكاذبة حتى بين الأفراد الذين يفضلون الدقة والموثوقية.

دور الذاكرة والتجربة السابقة في التعرض للتضليل

يرى الباحثون بأن القراء قد يتخذون قرارات التفاعل بناءً على تجربتهم السابقة مع مصدر الأخبار، بدلًا من تقييم دقة الخبر الحالي. ويحدث ذلك إذا لم يكونوا قادرين على تقييم دقة الخبر في حالة عدم الانتباه أو التعب الفكري أو الجسدي، فإنهم يعتمدون على تجربتهم السابقة مع المصدر، ويتفاعلون في نهاية المطاف مع المعلومات المضللة إذا كانت تجاربهم السابقة إيجابية مع نفس المصدر. 

كما يمكن أن يكوّن القراء أو مستهلكي المعلومات عادة “التفاعل التلقائي مع العناوين” دون فحص دقتها. هذا التفاعل التلقائي يحدث عندما لا يستطيع القارئ تقييم دقة الخبر الحالي ويعتمد بدلاً من ذلك على تفاعلات سابقة أو يعتمد على استراتيجية فحص ثابتة للتفاعل مع الأخبار.

تحفيز التفاعل مع الأخبار الكاذبة

تصل اختبارات الدراسة لنتائج مفادها أن ناشري المعلومات المضللة يستخدمون استراتيجيات تجعل الأخبار الكاذبة تبدو أكثر جاذبية للقراء، باستخدام ثغرات متعددة، تشمل تعديل معدلات إنتاج الأخبار الصحيحة والخاطئة بمرور الوقت بناءً على تفاعل القراء السابق، مما يؤدي إلى زيادة التفاعل مع الأخبار الكاذبة حتى بين القراء الذين يفضلون الأخبار الدقيقة.

تختتم الدراسة بالتأكيد على الأهمية الكبيرة للتدرب على التحقق من المعلومات المضللة، بما في ذلك التحقق من المصادر وقراءة المحتوى كاملاً قبل النقر والمشاركة. لكنها تشير أيضًا إلى أن متلقي المعلومات غالبًا ما يكونون مرهقين ومستغلين من قبل ناشري المحتوى المضلل. 

ويتوقع الباحثون أنه نظرًا للمناخ السياسي والاقتصادي الحالي وزيادة انتشار المعلومات المضللة، فإن العام 2024 سيكون مليئًا بهذه المعلومات، خاصة مع استعداد 50 دولة حول العالم لتنظيم انتخابات وطنية.

اقرأ/ي أيضًا

دراسة: برامج شات بوت لم تقدم إجابات جديرة بالثقة بشأن الانتخابات الأوروبية

دراسة: للأخبار الزائفة أنماط لغوية تختلف عن الأخبار الحقيقية

الأكثر قراءة