في 30 أغسطس/آب الفائت، نشرت حسابات إسرائيلية مقطع فيديو ادّعت فيه أن شركة مقرها قطاع غزة، تُدعى "عالم الملصقات"، تبيع ملصقات مزورة للأمم المتحدة لاستخدامها من قبل مقاتلي المقاومة في غزة بهدف تجنب الغارات الجوية الإسرائيلية. إلا أن فريق التحقق في "مسبار" كشف أن هذه الادعاءات مضللة ولا أساس لها من الصحة. وأوضحت الشركة لمسبار أنها لا تقدم أي خدمات حساسة، مثل الملصقات أو الأختام، إلا بناءً على طلب رسمي من منظمة معترف بها.
مجموعة Own It: عالم الملصقات
"عالم الملصقات"، هي شركة محلية متخصصة في تقديم حلول مبتكرة لحماية الأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك التغليف الحراري المصنوع من مواد مقاومة للصدمات والخدوش، وتقدم الشركة مجموعة متنوعة من المنتجات، تشمل المطبوعات الجلدية، الملصقات، الأختام، دفاتر الفواتير والشيكات، بالإضافة إلى ملصقات الكمبيوتر المحمول، الهاتف المحمول، والسيارات.
كان المقر الرئيسي للشركة يقع في منطقة الرمال في غزة، لكنه تعرض للتدمير جراء الغارات الجوية الإسرائيلية في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الفائت، إلى جانب الحي المحيط.
وعلى الرغم من الحرب الإسرائيلية المستمرة، استأنفت شركة عالم الملصقات عملياتها في مطلع يوليو/تموز الفائت، وذلك بعد إجراء إصلاحات جزئية في الموقع الأصلي.
وفي 21 أغسطس الفائت، افتتحت الشركة مركزًا جديدًا في منطقة الصحابة، مواصلةً مهمتها في تقديم حلول الحماية ومنتجاتها الوقائية، بما في ذلك ملصقات السيارات، لتلبية احتياجات عملائها.
متصيدون إسرائيليون يتهمون شركة عالم الملصقات بتزويد سيارات المقاومة في غزة بملصقات مزورة للأمم المتحدة
في 30 أغسطس، نشرت حسابات إسرائيلية مقطع فيديو على منصة تيك توك يُظهر إعلانًا تسويقيًا لشركة عالم الملصقات، يدعو العملاء لزيارة مقرها الجديد والاستفادة من خدماتها المستمرة.
وعمدت حسابات مؤيدة لإسرائيل إلى تشويه تصريح الشركة الذي جاء فيه "نرحب بطلباتكم"، مدعية زورًا أن الشركة تزود “ملصقات مزورة للأمم المتحدة لتوضع على سيارات الإرهابيين”.
كما رددت الصحيفة الإسرائيلية الشهيرة "جيروزاليم بوست" الادعاء في مقال نُشر في 30 أغسطس، بعنوان "متجر في غزة يصنع ملصقات مزورة لليونيسف للمركبات الفلسطينية".
وفي السياق نفسه، شاركت منظمة HonestReporting، وهي هيئة رقابية إعلامية مؤيدة لإسرائيل تدعي أنها تكشف التحيز ضد إسرائيل وتحاسب وسائل الإعلام، مقطع فيديو يظهر فيه متحدث باسم المنظمة يدّعي أن شركة "عالم الملصقات" في غزة، تنتج ملصقات للسيارات تهدف إلى جعل المركبات تبدو وكأنها تابعة للأمم المتحدة. كما نفى المتحدث في مقطع الفيديو استهداف الجيش الإسرائيلي السابق لقوافل ومركبات المساعدات.
شركة عالم الملصقات تنفي الادعاءات الإسرائيلية لمسبار
في مقابلة مع مسبار، نفى مالك شركة "عالم الملصقات"، الادعاءات بشأن استخدام ملصقات حساسة للمركبات. وأوضح أن الشركة لا تزوّد أي جهة بهذه الملصقات إلا بعد تلقي طلب رسمي موجه إليه شخصيًا من المنظمة المعنية، مع التحقق من صحة الطلب.
وأكد المالك أنه عندما تطلب إحدى الوزارات، على سبيل المثال، خدمات من الشركة، فإن "عالم الملصقات" لا تبدأ بأي إجراء إلا بعد الحصول على توجيه رسمي من الجهات المعنية. كما أشار إلى أن عالم الملصقات، هي مزود معتمد لمنظمات وشركات عدة.
وعند سؤاله عن الفيديو المتداول بين الحسابات الإسرائيلية، والذي يُظهر شخصًا يقوم بتنزيل وطباعة شعار "اليونيسيف" على ورقة ملصقات كبيرة لتثبيتها على سيارة من طراز كيا بيضاء، أوضح المالك أن المركبة، التي تحمل لوحة فلسطينية رقم 3-1801-06، كانت مستأجرة رسميًا من قبل اليونيسيف.
كما أشار إلى أنّ الموظف في اليونيسف الذي زار الشركة، قدم وثائق وعقدًا يؤكدان أن السيارة تنتمي إلى المنظمة الأممية. وبناء على ذلك، تم توجيه الشركة لإزالة شعار اليونيسف من سيارة الكيا البيضاء بناءً على طلب رسمي من المنظمة، على الأرجح استجابةً لضغوط خارجية.
وتحدث مالك الشركة مع مسبار عن ادعاء صحيفة جيروزاليم بوست، بأن متجره نشر مقطع فيديو يُظهر “تحويل شاحنة بيضاء عادية إلى سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني، بما في ذلك الشعارات وملصقات الجسم الحمراء”. وأوضح أن الشاحنة كانت تابعة للجمعية الفلسطينية للإسعاف.
كما أوضح أن الجمعية طلبت من الشركة تغيير لون الشاحنة من الأبيض إلى الأحمر في 27 سبتمبر 2023، أي قبل شهر من بدء الحرب على غزة.
ولتأكيد تصريحه، قدّم مدير الشركة لمسبار لقطة شاشة تُظهر العمل على تغيير لون الشاحنة في ذلك التاريخ، بالإضافة إلى صور للشاحنة قبل تغيير اللون.
وأشار أيضًا إلى أن الشاحنة تحمل شعار الجمعية الفلسطينية للإسعاف، مما يعزز تأكيد انتمائها للجمعية.
كما بحث مسبار في حساب الجمعية الفلسطينية للإسعاف على موقع فيسبوك، وتأكد من أن الشعار المعروض على الصفحة مطابق للشعار الذي وُضع على الشاحنة في الصور التي قدمتها شركة عالم الملصقات.
وفي تصريحاته الأخيرة لمسبار، عبّر مالك الشركة عن إحباطه من تعليقات الكراهية والتحريض الموجهة إلى عالم الملصقات، من قبل المتصيدين الإسرائيليين. وكشف أن بعض الحسابات الإسرائيلية قامت بالإشارة إلى الحساب الرسمي للجيش الإسرائيلي على منصة إكس، وحتى مشاركة الموقع الدقيق لشركته، مطالبين الجيش باستهدافها في غزة، وهذا ما حدث إذ بالفعل تعرضت بالفعل للقصف في أكتوبر 2023.
وأضاف لمسبار "جميع المنظمات التي عملنا معها ستزودنا بتقارير ووثائق رسمية بعد هذا التشهير، لمواجهة مثل هذه الادعاءات الكاذبة في المستقبل".
عالم الملصقات تتعاون مع منظمات دولية في مبادرات الإغاثة
حلل مسبار الادعاءات التي نشرتها الجهات الإسرائيلية، ووجد أنها لا أساس لها من الصحة، مؤكدًا أن عالم الملصقات، هي شركة قانونية تم تأسيسها قبل وقت طويل من الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر 2023.
وعلى الرغم من الاتهامات التي وجهتها الحسابات المؤيدة لإسرائيل بأن الشركة تقدّم خدماتها للجميع، فإن عالم الملصقات، تتعاون مع منظمات دولية تعمل في غزة، خلال الحرب الإسرائيلية الجارية.
على سبيل المثال، تتعاون الشركة مع منظمة “اليونيسف” ومنظمة "أميركيون من أجل أيتام فلسطين"، التي تكرس جهودها لتقديم الدعم الأساسي والتمويل للأيتام الأكثر ضعفًا في غزة. كما هو موضح في مقاطع الفيديو التي نشرتها الشركة، فهي تزود هذه المنظمات بقمصان للعاملين، ومطبوعات قماشية، ومطبوعات جلدية.
علاوة على ذلك، تتعاون الشركة مع Move One، وهي شركة رائدة في مجال الخدمات اللوجستية، ونقل المغتربين، وتقديم خدمات النقل عبر أوروبا الشرقية، وأفريقيا، والشرق الأوسط، والبلقان، ورابطة الدول المستقلة.
إسرائيل تستهدف العاملين في مجال الإغاثة والقوافل في غزة
ادّعت الجهات الإسرائيلية أن شركة عالم الملصقات تحمي المركبات من الضربات العسكرية الإسرائيلية، عبر وضع ملصقات المنظمات الدولية عليها. إلا أن التقارير تُشير إلى أن إسرائيل استهدفت عمدًا العاملين في مجال الإغاثة والقوافل في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر في حالات عدة.
ووفقًا لتقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) في 19 أغسطس، قُتل أكثر من 280 من العاملين في مجال الإغاثة، معظمهم من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في غزة منذ 7 أكتوبر.
وفي مايو/أيار، وثّقت منظمة هيومن رايتس ووتش ما لا يقل عن ثماني غارات إسرائيلية استهدفت قوافل ومواقع العاملين في مجال الإغاثة في غزة، منذ أكتوبر 2023، رغم أن المنظمات الإغاثية قدّمت للسلطات الإسرائيلية إحداثيات مواقعها لحمايتها. وأسفرت هذه الغارات، التي لم تسبقها تحذيرات من المسؤولين الإسرائيليين، عن مقتل أو إصابة ما لا يقل عن 31 من العاملين في مجال الإغاثة ومرافقيهم.
وفي إبريل/نيسان، قُتل سبعة من أعضاء منظمة المطبخ المركزي العالمي (WCK)، عندما استهدفت طائرة مسيّرة قافلتهم المكونة من ثلاث مركبات، التي كانت محددة بوضوح، بعد مغادرتها مستودعًا للمساعدات في دير البلح. وذكر مؤسس المنظمة، خوسيه أندريس، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت القافلة بشكل منهجي، سيارة بعد سيارة، رغم أنها كانت على اتصال مع المنظمة وتعلم بتحركات العاملين في مجال الإغاثة.
إضافة إلى ذلك، في الخامس من فبراير/شباط الفائت، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على قافلة تابعة للأمم المتحدة كانت تحمل إمدادات غذائية أساسية في وسط غزة، مما أدى في النهاية إلى منع وصول الشاحنات إلى الجزء الشمالي من القطاع، حيث يواجه العديد من الفلسطينيين خطر المجاعة.
اقرأ/ي أيضًا
إسرائيل تستمر باستخدام أدلة هشّة ومضللة لتبرير سياساتها في تجويع أهالي غزة
مجددًا.. إسرائيل تقصف المدنيين النازحين إلى غرب خان يونس بعد وعود بضمان سلامتهم