` `

كيف نتعامل مع المعلومات المضللة التي تصدر عن الأشخاص المقربين كالعائلة أو الأصدقاء؟

محمود حسن محمود حسن
لايف ستايل
15 سبتمبر 2024
كيف نتعامل مع المعلومات المضللة التي تصدر عن الأشخاص المقربين كالعائلة أو الأصدقاء؟
تصحيح المعلومات المضللة التي ينشرها المقربون منا يتطلب أسلوبًا خاصًا

من المتوقع أن تكون مهمة تصحيح المعلومات الخاطئة أو المضللة أسهل عندما تصدر عن شخص غير مقرب، سواء عبر إخباره بالحقيقة إن كنّا نعرفها أو التعليق على المعلومة لتصحيح الخطأ. لكن عندما يكون مصدر المعلومة الخاطئة شخص مقرب، كأحد أفراد العائلة أو الأصدقاء، يصبح الموقف أكثر حساسية وتعقيدًا.

في مواجهة المعلومات المضللة التي ينشرها الأشخاص المقربون قد نجد أنفسنا أحيانًا ميالين إلى تجنب التصحيح أو التحفظ عليه، محاولةً منا لتجنب الإحراج أو التوتر، أو مراعاة لمشاعر الشخص المقرب حفاظًا على العلاقة وتجنب أي خلاف. 

لكن ماذا لو كان التصحيح ضروريًا عندما يتعلق الأمر مثلًا بنشر المقربين معلومات خاطئة حول مسائل حيوية كالانتخابات أو المعلومات الصحية كالأوبئة سنشعر عندها أننا بحاجة أكبر للرد. هل نتخذ موقفًا حازمًا في التصحيح كما نفعل مع الآخرين، أم تؤثر الروابط العاطفية على طريقتنا في التعامل؟ 

يعالج مسبار في هذا المقال كيفية التعامل مع المعلومات الخاطئة التي ينشرها الأشخاص المقربون منا، ويبحث فيما إذا كان هنالك أسلوب مساعد لتعامل أفضل مع الموضوع.

أسلوب غير مباشر لتصحيح المعلومة الخاطئة

عندما نواجه منشورات عامّة مضللة صادرة عن أشخاص مقربين، من المهم التحقق أولًا من صحتها، وما الصواب حولها، قبل اتخاذ أي موقف. بعد التأكد من أن المعلومة خاطئة، يمكن في بعض الأحيان التعليق بشكل علني وتقديم مصدر موثوق لتصحيحها، مما يقلل من المواجهة المباشرة ويجعل الهدف غير شخصي. 

يمكنك الرد بطريقة لطيفة كالقول: يستحق الموضوع الانتباه، هل لاحظت كيف تنتشر المعلومات المضللة حوله بسرعة؟ رأيت للتو هذا المقطع أشاركه معك. وعلى سبيل المثال يمكن استخدام مصادر موثوقة كمواد تحقق مسبار لتوضيح صحة المعلومة.

حجم التفاعل مع المنشور يحدد الطريقة المناسبة للتصحيح

في بعض الأحيان، يلعب حجم التفاعل مع المنشورات المضللة العامة دورًا في تحديد كيفية اختيار أسلوب التصحيح، فقد يؤدي التفاعل مع المنشورات المضللة إلى زيادة انتشارها.

إذا كان المنشور قد تم نشره حديثًا، يُفضل، كما تشير منظمة (PEN)، إرسال ملاحظة أو رسالة خاصة لتجنب إحراج الشخص وتقليل التوتر، وتحقيق الهدف بتصحيح المعلومة. أما إذا كان المنشور يحظى بتفاعل كبير، فقد يكون التصحيح العلني ضروريًا للحد من تأثير المعلومات الخاطئة. هذا النهج يساعد على إثارة انتباه الآخرين ممن تفاعلوا بشكل إيجابي مع المنشور الخاطئ ويحقق الهدف الأساسي بتصحيح المعلومة بلطف وفعالية.

ضع نفسك مكان ناشر المعلومة الخاطئة

جميعنا عرضة لنشر المعلومات المضللة، وعند التعامل مع منشورات المقربين، من الضروري مراعاة مشاعرهم ومحاولة فهم الزاوية التي دفعتهم لمشاركة المعلومة الخاطئة، فقد ينشر المقربون التضليل عن غير عمد. ولذا قد يشعر الشخص المقرب بالإحراج أو الغضب عند تنبيهه إلى خطأ في منشوره. لذا، من الأفضل أن تكون نبرة الحديث داعمة ولطيفة، حتى لا يشعر الشخص بالنفور أو العدائية. يمكننا مثلًا مشاركة تجربة شخصية حول الموضوع مما قد يساعد في بدء حوار بنّاء وتوضيح الأمور بلطف.

أسلوب مختلف لتصحيح المعلومات المضللة لدى كبار السن المقربين

في فبراير 2024، نشرت مؤسسة راند (RAND) تقريرًا حول عادات الإعلام لدى الأشخاص البالغين من العمر 55 عامًا فأكثر، حيث لوحظ قلق متزايد من نشر كبار السن للمعلومات المضللة عبر الإنترنت.

يزداد الأمر تعقيدًا عندما نريد تصحيح المعلومات التي ينشرها كبار السن المقربون فهم يشاركون المعلومات المضللة بطرق متنوعة، وتتعدد الأسباب وراء ذلك. بعضهم ينقل هذه المعلومات بدافع التسلية أو الفكاهة، بينما البعض الآخر قد لا يدرك تمامًا أنها غير دقيقة. في حالات كثيرة، يكون الهدف من المشاركة هو الشعور بأنهم جزء من الحوار الرقمي، وقد لا تتوفر لديهم الوسائل للتحقق من صحة المعلومات، كتلك التي تتوفر للشباب. 

مازال يعتمد كثير من كبار السن على وسائل الإعلام التقليدية مثل التلفزيون، وقد يثقون أسرع بما يرونه من منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي بحسب مؤسسة راند، وذلك على الرغم من أن بعضهم قد يكون واعيًا بأن المعلومات خاطئة، إلا أنهم قد لا يرونها ضارة، مما يجعلهم عرضة لنقل معلومات مضللة دون نية سيئة​.

تصحيح المعلومات لكبار السن يتطلب أسلوبًا غير تصادمي

كثيرًا ما قد يرغب كبار السن بالحصول على الإعجاب بالمحتوى الذي يشاركونه، من المهم أيضًا أن نكون على دراية بأن بعض المعلومات قد يتم مشاركتها بدون نية سيئة، بل كجزء من الرغبة في التفاعل والمشاركة، الأمر الذي يتطلب منا طرقًا مختلفة من التصحيح والتعامل عن تلك التي نتبعها مع المقربين الشباب. على سبيل المثال، بدلًا من الانخراط في جدل طويل ومعقد حول صحة المعلومات، يمكننا ببساطة اقتراح التحقق من المصادر أو فتح باب للنقاش حول الموضوع بشكل غير تصادمي.

تجنب التقليل من أهمية المحتوى الذي يشاركه كبار السن المقربون

بحسب الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA) من الضروري البدء بالاستماع والتفهم لوجهة نظر كبار السن المقربين دون التقليل من آرائهم أو السخرية منها. على سبيل المثال، يمكن تقديم المعلومات الصحيحة بلطف عبر اقتراح البحث معًا عن مصادر موثوقة، وتجنب التعليق المباشر على جودة المحتوى الذي يشاركونه. بدلًا من ذلك، يمكن الرد بمحتوى موثوق يدعم النقاش ويعزز التعاون بدلًا من الدخول في مواجهة.

أشارت دراسة نشرتها بي إم سي للصحة العامة (BMC) أن مقاطع الفيديو التعليمية والمقالات القصيرة قد تكون وسيلة فعالة لتعليمهم التمييز بين الحقائق والمعلومات الخاطئة، مما يجعلهم أكثر تقبلًا للتصحيح بطريقة غير مباشرة. في حال كانت المعلومات التي يشاركونها ذات طابع عاطفي، يُفضل تجنب التصحيح المباشر وطرح أسئلة تحفزهم على التفكير في مصداقية ما يسمعون.

لتعزيز وعيهم الإعلامي، يمكن تقديم نصائح غير مباشرة حول كيفية التحقق من الأخبار، على سبيل المثال عبر مشاركة فيديو أو مقال حديث بأسلوب لطيف، مثل القول "أشاركك مقطع فيديو تحدث مؤخرًا عن نفس الموضوع، قد يكون يهمك". بهذا الأسلوب، يتم تقديم المعرفة دون أن يشعروا بالتحدي أو النقد المباشر.

لا يجب توقع نجاح مهمة التصحيح دومًا

الهدف من التصحيح ليس الإصرار على إظهار الشخص الذي نشر المعلومة على أنه مخطئ أو أن نكون نحن الطرف الصواب، أو نتوقع نجاح المهمة دومًا، لأن هذا النهج قد يؤدي إلى استخدام أسلوب عدائي. في كثير من الأحيان، يدرك الأشخاص الذين ينشرون معلومات مضللة أنها غير دقيقة، لكنهم قد لا يعترفون بذلك علنًا، وقد يتخذون موقفًا دفاعيًا، خاصة إذا شعروا أن التصحيح هو هجوم شخصي. يزداد الأمر تعقيدًا عندما يكون الشخص الناشر للمعلومة من المقربين، حيث قد يشعر بالإحراج أمام دائرة أوسع من الأقارب والمعارف. 

تجنب التصعيد وتغيير أسلوب التصحيح أو انهاء الموقف

توصي منظمة PEN بأهمية تقييم مسار المحادثة. إذا لاحظنا أن الحوار يميل نحو التصعيد، يمكن توجيه الشخص بشكل غير مباشر إلى مصادر موثوقة وإنهاء النقاش بطريقة بناءة. وفي بعض الحالات، يكون من الأفضل التعامل مع الموضوع بشكل خاص لتجنب إحراج الشخص وتوضيح النية الحقيقية للتصحيح بشكل هادئ.

التركيز يجب أن يكون على تحسين الفهم والمساهمة في نشر المعلومات الدقيقة، دون خلق توتر أو نزاع مع الطرف الآخر. هذا الأسلوب يساعد على تعزيز الفهم المتبادل وتحسين العلاقة بين الأطراف، مما يؤدي في النهاية إلى فائدة الجميع.

ختامًا، تصحيح المعلومات الخاطئة ليس بالأمر السهل. فالدوافع التي تحرك ناشري هذه المعلومات تتنوع، وقد تختلف أيضًا كيفية فهمهم لها. كما أن ردود فعلهم تجاه محاولات التصحيح تتباين، خاصة إذا كانوا من ضمن دائرة الأصدقاء أو الأقارب الذين قد يتوقعون منا تعاملًا خاصًا وأسلوبًا مميزًا في الحوار. 

هذه التحديات تتطلب منا صبرًا وأسلوبًا فريدًا في توصيل الحقيقة بطريقة لا تثير النفور، بل تحافظ على العلاقة الجيّدة بطريقة تضمن التقبل والتفكير النقدي، كما أنه لا توجد طريقة واحدة تنفع مع كل الأشخاص نتيجة الفروق الفردية وغيرها من الأمور، وقد تفيد بعض النصائح السابقة في بعض الحالات، لكنها تبقى محدودة.

اقرأ/ي أيضًا

تبسيط تصحيح المعلومة المضللة يزيد فعالية مكافحتها: منهجية مسبار مثالًا

أبرز الأساليب الحديثة لحملات التضليل الممنهجة وطرائق كشفها

الأكثر قراءة