` `

الخروقات الإسرائيلية لاتفاقية وقف إطلاق النار بين الدعاية الإسرائيلية والتضليل الإعلامي

محمود سمير حسنين محمود سمير حسنين
سياسة
5 ديسمبر 2024
الخروقات الإسرائيلية لاتفاقية وقف إطلاق النار بين الدعاية الإسرائيلية والتضليل الإعلامي
صورة من جنوب لبنان بعد قصف الجيش الإسرائيلي له قبل اتفاقية وقف النار

اتهم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حزب الله بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، يوم الاثنين الثاني من ديسمبر، زاعمًا أنّ مهاجمة إسرائيل 20 هدفًا في لبنان كان ردًا على هذا الخرق، وتوعد الحزب بهجوم قاسٍ وحرب أوسع إن خُرقت اتفاقية وقف إطلاق النار. متجاهلًا بذلك الخروقات الإسرائيلية المتتالية التي أبلغ عنها مسؤولون فرنسيون، وأكدت عليها الولايات المتحدة الأميركية. 

نتنياهو يتهدد حزب الله ولبنان باستئناف الحرب
نتنياهو يتهدد حزب الله ولبنان باستئناف الحرب

مشيرًا إلى كلام نتنياهو، قال يسرائيل كاتس وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي الجديد، إنّ الحرب هذه المرة ستتسع وستطاول الدولة اللبنانية، ولن تفرق إسرائيل حينها بينها وبين حزب الله، زاعمًا أنّ الهجوم الإسرائيلي يوم الاثنين والذي تسبب في مقتل 12 لبنانيًا، كان بمثابة اختبار أول ورد على خرق حزب الله الاتفاقية، ومهاجمته موقع عسكري إسرائيلي. 

حزب الله يرد على خروقات إسرائيل لاتفاقية وقف إطلاق النار
حزب الله يرد على خروقات إسرائيل لاتفاقية وقف إطلاق النار

من جهتها، نشرت صحيفة واي نت العبرية يوم الأول من ديسمبر الجاري، خبرًا يفيد بأنّ مبعوثين رسميين فرنسيين لمراقبة تطبيق اتفاقية وقف إطلاق النار بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، قد أبلغوا عن 52 خرقًا إسرائيليًا للاتفاقية، منذ بداية الإعلان عن الاتفاقية يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، وبداية التطبيق فجر اليوم التالي لتوقيع الاتفاقية.

ويقول المبعوثون إنّ تلك الخروقات قد أسفرت عن مقتل ثلاثة لبنانيين، بالإضافة لملاحظتهم استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي طائرات مسيّرة تحلق بمستوى منخفض فوق مدينة بيروت، وهو ما لفت انتباه فرنسا، وعبرت عن خوفها من انهيار الاتفاقية واستئناف الأعمال العسكرية بين الطرفين. 

فرنسا تحذر إسرائيل من مواصلة خروقاتها للاتفاقية
فرنسا تحذر إسرائيل من مواصلة خروقاتها للاتفاقية

يضيف المسؤولون الفرنسيون بأنّ إسرائيل تحركت بدون الرجوع أو استشارة اللجنة الدولية المعنية بمراقبة عملية تطبيق اتفاقية وقف إطلاق النار بين الطرفين، وفشلت في الإبلاغ عن الانتهاكات المزعومة من جانب حزب الله إلى اللجنة الدولية، وهاجمت بدورها قوات تابعة لحزب الله بزعم أنهم يشكلون تهديدًا على الحدود الجنوبية اللبنانية، ما أسفر عن مقتل مدنيين لبنانيين، مؤكدين أنهم خرقوا الاتفاقية بتحركاتهم.

من جهته قال أحد المسؤولين الفرنسيين إنّ "اللبنانيين ملتزمون بشكل كامل بالحفاظ على وقف إطلاق النار، ومنع حزب الله من إعادة ترسيخ وجوده في جنوب لبنان، ولكن يجب منحهم الوقت لإثبات أنفسهم". 

أما الجانب الإسرائيلي فقد رد عبر مسؤول رفيع المستوى في جيش الاحتلال، قائلًا إنّ لجنة المراقبة الدولية لن تكون جاهزة للعمل بكامل طاقتها حتى يوم الاثنين أو الثلاثاء الثاني والثالث من ديسمبر الجاري.

وفي السياق ذاته، عبرت الولايات المتحدة عن قلقها إزاء الخروقات الإسرائيلية المتواصلة منذ اليوم الأول لتوقيع الاتفاقية، حسب موقع واي نت. إذ نقلت تقريرًا يوم الثاني من ديسمبر الجاري، يفيد بأنّ أميركا حذرت إسرائيل من خرق اتفاقيتها لوقف إطلاق النار مع حزب الله اللبناني، مؤكدة ما أشارت إليه فرنسا سابقًا، إذ قال أحد المسؤولين للصحيفة أنّ أميركا قلقة بسبب "خروقات إسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، أبرزها تحرك طائرات إسرائيلية مسيّرة في سماء بيروت". 

أميركا وفرنسا يؤكدان على إسرائيل أهمية ضبط النفس وعدم تعريض الاتفاقية للفشل
أميركا وفرنسا يؤكدان على إسرائيل أهمية ضبط النفس وعدم تعريض الاتفاقية للفشل

وأكدت المصادر على أنّ البعثة الفرنسية تعمل على قدم وساق مع السلطات اللبنانية والجيش اللبناني، لحث حزب الله على عدم انتهاك أو خرق الاتفاقية، لكن على إسرائيل إعطائهم المساحة والوقت الكافيين لتطبيق بنود الاتفاقية، منها الالتزام برجوع سكان الجنوب اللبناني لبيوتهم وحياتهم الطبيعية.

تقارير إعلامية تفيد بخروقات إسرائيلية لاتفاقية وقف النار وأخرى تتغاضى عنها

نقلت مراسلة شبكة سي إن إن الأميركية كلاريسا وارد يوم الثاني من ديسمبر الجاري، أنه بعد تواصلها مع مصدر بقوات حفظ السلام التابع للأمم المتحدة، أفاد بأنّ هناك ما يقارب 100 خرق لاتفاقية وقف إطلاق النار من جانب إسرائيل وحدها، فيما ادعت إسرائيل أنها لا تخرق الاتفاقية بل تطبقها. وأفادت المراسلة أنّ رد حزب الله، والذي تمثل في إطلاق صواريخ على منطقة عيتا الشعب التي تحتلها إسرائيل، لم تسفر عن أية خسائر، وسقطت في مناطق مفتوحة. 

مراسلة سي إن إن تفيد بأنّ إسرائيل خرقت اتفاقية وقف إطلاق النار بينها وبين لبنان 100 مرة
مراسلة سي إن إن تفيد بأنّ إسرائيل خرقت اتفاقية وقف إطلاق النار بينها وبين لبنان 100 مرة

وفي نفس الصدد نشرت صحيفة تروث أوت الأميركية تقريرًا يشير للخروقات الإسرائيلية لاتفاقية وقف إطلاق النار، إذ نقلت عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان توثيقه لأكثر من 18 خرقًا إسرائيليًا للاتفاقية منذ بدء تنفيذها يوم 28 نوفمبر الفائت، وأفاد التقرير أنّ "إسرائيل خرقت اتفاق وقف إطلاق النار 18 مرة في جنوب لبنان حتى مساء الخميس 28 نوفمبر/تشرين الثاني، بما في ذلك شن غارة جوية على منطقة البيسارية في صيدا وقصف قرى حدودية بالمدفعية، مما أدى إلى إصابة شخصين في بلدة مركبا.

وصعّد الجيش الإسرائيلي هجماته على الأراضي اللبنانية يوم الأول من ديسمبر، وخاصة البلدات الواقعة على طول الحدود، مما رفع عدد الانتهاكات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار إلى 62 على الأقل "وأضاف التقرير إلى أنّ  القصف الإسرائيلي استهدف "عدة بلدات لبنانية، بما في ذلك يارون وعيترون وعيتا الشعب والطيبة والخيام وحلتا وسهل مرجعيون وكفرشوبا وشبعا، كما فرض الجيش الإسرائيلي حظر تجول في المنطقة الواقعة بجنوب نهر الليطاني من الساعة الخامسة مساءً حتى السابعة صباحًا، وأقام طوقًا أمنيًا يمتد من المنصوري في تري إلى الهبارية في العرقوب".

يضيف التقرير، أنّ جيش الاحتلال قد "أطلق النار على عدد من اللبنانيين أثناء تشييع أحد الضحايا في البلدة يوم الجمعة 29 نوفمبر/تشرين الثاني، وذلك على الرغم من الحصول على التصاريح اللازمة من قوات حفظ السلام المؤقتة التابعة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) وقيادة الجيش اللبناني قبل الحدث، كما شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفًا مدفعيًا ورشاشًا على بلدة عيتا الشعب، وعلى أطراف بلدات مركبا وطلوسة وتل نحاس، وتقدمت الدبابات الإسرائيلية إلى مناطق لم تصل إليها من قبل خلال المعارك التي دارت قبل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار". كما جاء في التقرير الصادر يوم الثاني من ديسمبر الجاري. 

الأورومتوسطي يرصد انتهاكات إسرائيل لاتفاقية وقف إطلاق النار مع لبنان
الأورومتوسطي يرصد انتهاكات إسرائيل لاتفاقية وقف إطلاق النار مع لبنان

بل ويضيف تقرير الصحيفة الأميركية المستقلة، أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي قد أطلقت النار على صحافيين كانوا متواجدين في مدينة واقعة على الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، فقط بعد ساعات قليلة من توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار مع حزب الله الأسبوع الفائت، مما أسفر عن وقوع جرحى ومصابين إثر الهجوم. 

صحيفة أميركية مستقلة توثق انتهاكات إسرائيل لاتفاقية وقف إطلاق النار
صحيفة أميركية مستقلة توثق انتهاكات إسرائيل لاتفاقية وقف إطلاق النار

أما في تغطية صحيفة ذا غارديان البريطانية فنقرأ عنوان "إسرائيل ترد على الهجوم الصاروخي لحزب الله بغارة جوية على جنوب لبنان"، ويظهر العنوان أنّ إسرائيل في حالة دفاع عن النفس ضد الهجوم الصاروخي لحزب الله، والذي أتى ردًا على الخروقات الإسرائيلية المتتالية.

ذا غارديان تستخدم عنوان مضلل لوصف انتهاكات إسرائيل
ذا غارديان تستخدم عنوان مضلل لوصف انتهاكات إسرائيل

وبالتدقيق في مثال آخر، نشرت شبكة بي بي سي البريطانية بنسختها العربية، خبرًا بعنوان "قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان ردًا على قصف لحزب الله"، وهو ما يظهر أيضًا الاحتلال الإسرائيلي بمظهر المدافع عن النفس، متجاهلًا حقيقة أنّ رد حزب الله اللبناني قد أتى بعد عشرات الخروقات الإسرائيلية لاتفاقية وقف إطلاق النار. ذلك وإذ يتبنى الخبر الرواية الإسرائيلية في مقدمة الخبر، استشهادًا بتصريحات جيش الاحتلال الإسرائيلي ووزير دفاعه، ومن ثم ذكر بيان حزب الله الذي يذكر فيه أنّ الرد قد أتى بعد خروقات متكررة من قبل إسرائيل للاتفاقية. 

صورة متعلقة توضيحية
بي بي سي تتبنى الرةاية الإسرائيلية
بي بي سي تتبنى الرواية الإسرائيلية

ننتقل إلى وكالة أسوشييتد برس الأميركية، ففي تغطية خبرية نشرتها يوم الأول من ديسمبر الجاري، تقول في العنوان “غارة إسرائيلية تضرب جنوب لبنان، لكن يظل وقف إطلاق النار متماسك”، ونلحظ في العنوان عدم وجود إشارة لخرق إسرائيل اتفاقية وقف إطلاق النار، بهجومها الجوي على جنوب لبنان. وعند قراءة التقرير، لا تذكر أسوشييتد برس أية تقارير تفيد بخرق إسرائيل اتفاقية وقف إطلاق النار، وأرجعت اتهام إسرائيل بخرق الاتفاقية إلى رئيس الوزراء اللبناني. 

أسوشيتد برس لا تذكر انتهاكات إسرائيل المتكررة لاتفاقية وقف إطلاق النار مع لبنان
أسوشييتد برس لا تذكر انتهاكات إسرائيل المتكررة لاتفاقية وقف إطلاق النار مع لبنان

وفي تقرير آخر لأسوشييتد برس، نشر يوم أمس الثلاثاء الموافق الثالث من ديسمبر الجاري، لم يذكر العنوان أيضًا لفظ خرق إسرائيلي للاتفاقية، وعند قراءة التغطية لاحظ مسبار استخدام لغة تقلل من التحذيرات الفرنسية الأميركية لإسرائيل بسبب خرقها المتواصل لوقف النار، كما ذكرنا سابقًا. 

صورة متعلقة توضيحية

اقرأ/ي أيضًا

هل رفع الاتحاد الأوروبي العقوبات عن حلب بعد سيطرة فصائل المعارضة السورية عليها؟
كيف تهدد المعلومات المضللة عن المساعدات المالية التماسك الاجتماعي في لبنان؟

الأكثر قراءة