في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، نشر حساب "إسرائيل بالعربية" منشورًا زعم فيه أن الادعاءات المتداولة بشأن نوايا التوسع الإسرائيلي ليست سوى أكاذيب، نافيًا صدور أي تصريحات رسمية بهذا الشأن عن المسؤولين الإسرائيليين.
وجاء في نص المنشور “هذه أكاذيب يروجها بعض العرب والمسلمين والفلسطينيين وأنصارهم بشكل عام، وإليكم تفنيدها بالحقائق... كذبة: يريد اليهود التوسع والاستيلاء على لبنان والأردن وسيناء وأراضٍ أخرى، من النيل إلى الفرات. الحقيقة: هذه كذبة سافرة، فالسياسات الرسمية الإسرائيلية ومعاهدات السلام، مثل تلك الموقعة مع مصر والأردن، تعكس التزامًا بحدود آمنة ومعترف بها، وليس بالتوسع الإقليمي. وقد أثبتت إسرائيل عدم رغبتها في التوسع من خلال انسحابها من سيناء ولبنان، وحتى من قطاع غزة بصورة أحادية الجانب. إضافة إلى أن شعار ”من النيل إلى الفرات لا تجده على لسان أي سياسي ولا في أي بقعة من إسرائيل".
يفنّد “مسبار” في هذا المقال المزاعم التي أوردها حساب "إسرائيل بالعربية" ضمن سلسلة منشوراته المسماة "أكاذيب وحقائق"، والتي تهدف إلى الترويج لسرديات إسرائيلية مضللة.
ويركّز المقال على تحليل الجزء الثالث من هذه السلسلة، موضحًا تناقض الادعاءات الإسرائيلية مع تصريحات عنصرية صادرة عن مسؤولين إسرائيليين، تكشف عن مخططات توسعية تشمل أراضي في لبنان والأردن وسيناء وغيرها، وهي تصريحات تنفي بشكل واضح مزاعم إسرائيل بشأن الالتزام بـ"معاهدات السلام" التي تدّعي احترامها.
تصريحات عنصرية تكشف مخطط التوسع الإسرائيلي
تضمن الفيلم الوثائقي "وزيرا الفوضى" تصريحات لوزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، حول رؤيته لدولة يهودية "تحترم القيم اليهودية". وعندما سألته الصحفية عما إذا كانت سيادة إسرائيل ستقتصر على المسافة بين البحر ونهر الأردن، أجاب قائلًا "سيحدث ذلك خطوة بخطوة"، مضيفًا أن "مصير القدس هو أن تمتد إلى دمشق". وأكد في حديثه: "القدس وحدها حتى دمشق".
يشير هذا التصريح إلى رؤية أيديولوجية تستند إلى قناعات يمينية متطرفة، تؤمن بأن حدود إسرائيل يجب أن تمتد لتشمل مناطق واسعة تتجاوز الحدود الحالية، وصولًا إلى احتلال أجزاء من دول مجاورة مثل سوريا ولبنان والأردن.
كما نشرت وسائل إعلام تصريحات نُسبت إلى سموتريتش، قالت إنه أدلى بها عام 2016 للقناة الثانية الإسرائيلية، التي توقفت عن البث عام 2017 وانقسمت إلى قناتين جديدتين، "12" و"13". وأشارت التصريحات إلى أن "إسرائيل يجب أن تضم العاصمة السورية دمشق، والأردن، وأجزاء من مصر ولبنان والسعودية والعراق". وكان سموتريتش عضوًا في الكنيست الإسرائيلي عن حزب "البيت اليهودي" اليميني المتطرف.
وعقب انتشار تصريحات سموتريتش، أكدت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية أن تصريحاته التي أدلى بها عام 2016 تعكس فكرًا عقائديًا تحريضيًا. كما أعرب الناطق الرسمي باسم الوزارة عن رفض الأردن واستنكاره لهذه التصريحات التحريضية والإقصائية، واصفًا إياها بأنها تشكل خرقًا للقانون الدولي والأعراف الدولية.
التصريحات التي تكشف نوايا التوسع الإسرائيلية لم تتوقف عند هذا الحد، فقد صرّح وزير المالية، خلال مؤتمر بعنوان "الشرق الأوسط الحقيقي"، بأن دولة فلسطين لن تُقام، داعيًا إلى بسط السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية من خلال قرارات استيطانية تهدف إلى إنشاء مدن جديدة وجلب آلاف المستوطنين للاستقرار فيها. كما توعّد الفلسطينيين الرافضين لهذا المخطط بالهجرة القسرية أو مواجهة تعامل أكثر صرامة من قبل الجيش الإسرائيلي.
وزير التراث الإسرائيلي يشارك منشورًا يروّج لاحتلال سيناء
في شهر يوليو/تموز الفائت، أعاد وزير التراث الإسرائيلي، عميحاي إلياهو، نشر منشور يروّج لفكرة احتلال شبه جزيرة سيناء المصرية. ودعت التغريدة إلى اقتناء قميص مطبوع عليه شعار "الاحتلال الآن" وخريطة تضم الضفة الغربية، وقطاع غزة، وسيناء، والجولان. وأضاف إلياهو في نص المنشور: "الشعب يطالب بالاحتلال، الاحتلال الآن".
في الوقت ذاته، نشرت المستخدمة أيليت لاش تغريدة تحث الجمهور على شراء قميص يحمل ما وصفته بأنه خريطة لإسرائيل –تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء– مع شعار "الاحتلال الآن". كما تضمنت التغريدة رابطًا لموقع إلكتروني يبيع منتجات تحمل هذا الشعار، ويدعو إلى توسيع السيادة الإسرائيلية في سيناء وجنوب لبنان، وصولًا إلى الأردن.
وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن المتحدث باسم الوزير إلياهو، وكذلك المتحدث باسم وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير، لم يستجيبا لطلبات التعليق بشأن المنشور. كما أفادت بأن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفض التعليق عند سؤاله عن رأيه في منشور الوزير.
دانييلا فايس تؤكد أن حدود إسرائيل تمتد من النيل إلى الفرات
في مقابلة مع مجلة "نيويوركر"، صرّحت دانييلا فايس، القيادية في حركة الاستيطان الإسرائيلية بالضفة الغربية، بأن حدود "وطن اليهود" تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات. وأوضحت أن الفلسطينيين يمكنهم البقاء في المستوطنات الإسرائيلية، بشرط قبولهم بسيادة اليهود عليها.
ووصفت فايس الاستيطان بأنه "نهاية تشتت اليهود وبداية نهضة الأمة اليهودية". وأضافت أن الحدود التي تراها لوطن اليهود تشمل نهر الفرات في الشرق ونهر النيل في الجنوب الغربي.
وتُشير تصريحات فايس إلى رؤية توسعية تتجاوز حدود فلسطين التاريخية، حيث تلمح إلى ضم أراضٍ من دول عربية مجاورة، وتروّج لفكرة أن دولة إسرائيل لن تكتفي بفلسطين وحدها، بل تسعى إلى ضم أراضٍ واسعة تمتد بين النهرين.
دلالات على التوجهات الإسرائيلية في المنطقة
في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل الترويج لرواية تُظهر حرصها على حدود آمنة ورفضها للتوسع، تكشف تصريحات سياسييها ورسوماتهم عن توجهات توسعية تتعارض مع التزاماتها المُعلنة بالمعاهدات الدولية. تشير هذه التصريحات إلى سعي إسرائيل لتوسيع سيطرتها داخل فلسطين وربما إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية بما يعزز نفوذها في المنطقة.
عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أيلول/سبتمبر الفائت، خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خريطتين ضمن رؤيته لما أسماه "الشرق الأوسط الجديد". الأولى، "خريطة النعمة"، شملت دولًا عربية مثل مصر والسعودية والإمارات، مع تغييب دولة فلسطين. أما الخريطة الثانية، "خريطة النقمة"، فقد شملت دولًا اعتبرها خصومًا مثل العراق وسوريا وإيران. في كلا الخريطتين، ظهرت الضفة الغربية وقطاع غزة كجزء من دولة إسرائيل.
رغم عدم وجود إشارات مباشرة إلى توسيع حدود إسرائيل خارج الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن تغييب فلسطين تمامًا ورمزية التحالفات الإقليمية التي عرضها نتنياهو قد تحمل دلالات استراتيجية تعيد تشكيل المشهد السياسي في المنطقة، بما يخدم المصالح الإسرائيلية.
وزير المالية الإسرائيلي يروج لخريطة إسرائيل الكبرى
في خطاب ألقاه في العاصمة الفرنسية باريس في مارس/آذار 2023، اعتلى وزير المالية الإسرائيلي منصة زيّنت بخريطة مزعومة لما يُعرف بـ "إسرائيل الكبرى"، تضم فلسطين والأردن، وتحمل شعار "الأرغون"، المنظمة العسكرية الصهيونية الشهيرة في أرض فلسطين. استغل الوزير هذه المناسبة ليلقي خطابًا متطرفًا أنكر فيه وجود الشعب الفلسطيني بشكل كامل، حيث قال "لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني، هذه هي الحقيقة التي يجب سماعها في البيت الأبيض". وأضاف أيضًا "الشعب الفلسطيني ليس إلا اختراعًا يعود عمره إلى أقل من 100 سنة"، مؤكدًا أن الفلسطينيين الحقيقيين هم اليهود مثل أجداده الذين عاشوا في القدس لعدة أجيال.
تؤكد تصريحات مسؤولين إسرائيليين بأن هنالك شريحة من مسؤولين إسرائيليين تتبنى خطابًا يروج للتوسع الإسرائيلي في المنطقة العربية، ما يتنافى مع ما نشرته صفحة إسرائيل بالعربية من أن هذا الخطاب غير رائج في أوساط الطبقة السياسية في إسرائيل.
اقرأ/ي أيضًا
هل يحق لإسرائيل استهداف منشآت مدنية في غزة كما أشارت وزيرة خارجية ألمانيا؟