` `

هل تعمل ساعة بيغ بن بمحرك عثماني سُرق من فلسطين؟

حسام الهندي حسام الهندي
ثقافة وفن
15 فبراير 2020
هل تعمل ساعة بيغ بن بمحرك عثماني سُرق من فلسطين؟

الادعاء

محرِّك ساعة "بيغ بن" الشهيرة في لندن سرُق من ساعة القدس الدقاقة، بعد هدم برج الساعة في باب الخليل.

الخبر المتداول

نشر عدد من المواقع، وتداولَ بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي خبراً مفاده أن محرِّك ساعة "بيغ بن" الشهيرة ورمز لندن يعمل بمحرك فلسطيني - عثماني مسروق من ساعة باب الخليل، التي شُيدت عام 1909 احتفالاً بمرور 25 عاماً على تولِّي السلطان عبد الحميد الحكم.

إذ أمر قائد القوات البريطانية، الجنرال إدموند ألنبي، عام 1922 -وفقاً للخبر- بتفكيك ساعة برج الخليل، ووضعها في متحف لندن، ونُقل محرك الساعة إلى ساعة "بيغ بن" لتشغيلها.

 

تحقيق مسبار

الخبر المنتشر لا يستند لأي مرجع تاريخي، أو بحث لمؤرخ، وفقاً للمواقع الإخبارية التي نشرته، فلم يرِد في أي موقع إخباري نشر الخبر الإشارة لأيّ مصدرٍ، أو بحث حول القصة.

وتحمل القصة المنشورة، عن نقل محرك برج الساعة العثماني من باب الخليل إلي ساعة "بيغ بن"، بعض المعلومات الصحيحة تاريخياً، فكانت هناك ساعة في برج باب الخليل، وكانت تُعرف بـ"الساعة الدقَّاقة في القدس"، واشتهرت بعد ذلك بساعة برج العثمانيين، وانتهى العثمانيون من بنائها في القترة من 1907- 1908، مع أبراج ساعات أخرى ما زال بعضُها في فلسطين إلى اليوم.

تشير القصة محل الادعاء، إلى صدور قرار من السلطات البريطانية، بقيادة الجنرال إدموند ألنبي عام 1922، بهدم البرج ونقل الساعة، وهي معلومة غير صحيحة تاريخياً. بدايةً، فإن الجنرال ألنبي ترك فلسطين منذ تعيينه المندوب السامي البريطاني على مصر، في الفترة من 1919 إلى 1925، وقرار هدم برج الساعة جاء بأمر من السير رونالد ستورس، الحاكم العسكري على القدس من 1917 إلى 1962.

وتشير مراجع تاريخية، في (1 و2 و3)  إلى أن الساعة أُعيد استخدامها عام 1922، أعلى برج متواضع بالقرب من ميدان "ألنبي" أو البريد القديم، وفي عام  1934، هُدم البرج الثاني، وفقاً لصورة منشورة على موقع مكتبة الكونغرس، بادعاء تقليل الزحام، ومنذ ذلك التاريخ لا يُعرف أين موقع الساعة بعد الهدم، وهل نُقلت لبريطانيا أم لأي مكان آخر؟ 

غياب موقع الساعة، بعد هدم البرج الثاني، دفع البعض للادعاء بتفكيك الساعة وسرقتها ووضعها في متحف لندن، ونقل محرِّك الساعة إلى ساعة "بيغ بن" الشهيرة، في برج إليزابيث، وهو أمر يصعب التحقق منه، كما أنه يفتقد بعض المنطق، إذ بدأت فكرة بناء ساعة "بيغ بن" مع إنشاء برلمان بريطانيا بعد حريق عام 1834، وعقد عام 1846 مسابقة لاختيار من سيقع عليه بناء الساعة بمعايير دقيقة، واستمرت محاولات تصميم الساعة حتى التثبيت الأول لها في أبريل/نيسان 1859، لم تعمل في البداية بسبب ثِقَل عقارب الدقائق المصنوعة من الحديد، ومع استبدالها بأيدٍ نحاسية أخف، بدأت العمل بنجاح مع بداية 31 مايو/أيار عام 1859، ما يعني أن ساعة "بيغ بن" دقت للمرة الأولى عام 1859، أي قبل الانتهاء من بناء ساعة برج الخليل بقرابة 49 عاماً، ما يعني أن بريطانيا كانت قادرة على تسيير عمل ساعة "بيغ بن" قرابة نصف قرن، قبل وجود الساعة الدقَّاقة في القدس.

ورغم مخالفة القصة المتداولة للمعلومات الدقيقة والدليل التاريخي، فإنها تظل قصة مشكوكاً في صحتها، لعدم وجود دليل على استخدام بريطانيا للساعة أو أي جزءٍ من محركاتها عقب هدم برج الساعة الأول عند باب الخليل، أو الثاني بالقرب من ميدان ألنبي، إضافة لذلك لم يحدد بشكل دقيق مكان الساعة بعد هدم البرج للمرة الثانية، لكن المؤكد أن برج "بيغ بن" أُغلق عدة مرات للصيانة، وربما يكون المحرِّك -إن صحَّت قصتُه- استُبدل بآخر حديث.

تصنيف الخبر

مشكوك فيه

مصادر مسبار

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة