تنقل العديد من المواقع العربية والأجنبية بين الفينة والأخرى تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي يذكر فيها معدّلات الذكاء، مدّعياً أنه الأذكى أو أنّ غيره أقلّ ذكاءً منه خاصة بين مجايليه سواء المعارضين أو المؤيدين منهم.
ونسبت المواقع تصريحاً له في وقت مبكر من العام 2018 قال فيه "في الواقع، أكبر عاملّين أساسيّين في حياتي هما رجاحة العقل والذكاء الشديد"، ومضيفاً "لقد تحوّلت من رجل أعمال ناجح جداً إلى نجم تلفزيوني لامع، ثم أصبحت رئيساً للولايات المتحدة من محاولتي الأولى، أعتقد أنّ هذا يؤهّل المرء لا أن يكون ذكيًّا بل عبقريًّا... عبقريًّا راجح العقل جدًّا".
وجاء هذا التصريح عام 2018 ردًّا على مؤلف كتاب "الغضب والنار" مايكل وولف، وفي العام ذاته ردّ أيضاً على أشهر ناقديه الممثل روبرت دينيرو واصفاً إيّاه بالقول "يتمتّع بحاصل ذكاء متدنٍّ جداً"، وكان دي نيرو قال في نيويورك خلال حفل توزيع جوائز "توني" المسرحية"F*** Trump" .
كما تحدّى الرئيس ترامب وزير خارجيّته السابق ريكس تيلرسون عام 2017 بإجراء اختبار الذكاء خلال مقابلة أجراها ترامب مع إحدى المجلات ردًّا على تساؤل حول نعت تيلرسون له بـ"الأبله"، وقال ترامب حينها "أعتقد أنّها أخبار كاذبة، لكنه إذا فعل ذلك، فأعتقد بأنه يجب علينا مقارنة نتائج اختبار الذكاء (IQ) لكلٍّ منّا، وعندها يمكنني أن أخبرك من الفائز".
المدهش أنّ جميع تصريحات ترامب صحيحة، لكن ما ليس صحيحاً هو إجراء ترامب لاختبار ذكاء، فهناك موقع أميركي وحيد اعتبره عبقريًّا، وهو موقع Beforeit’snews في مقال بعنوان "دونالد ترامب عبقريّ، لكنّ هذا مجرّد معدّل ذكائه!".
وقال المقال أنّ ترامب تخرّج من كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا عام 1968، وحصل على درجة بكالوريوس العلوم في الاقتصاد والأنثروبولوجيا.
وسرد المقال "كان السيد ترامب طالباً في وارتون، ووقتها كان من الممكن استخلاص نسبة دقيقة لمعدل الذكاء عبر درجات SAT المعروفة في امتحان القبول الجامعي، وبالنظر إلى المتطلّبات المعتادة للقبول في كليّة عليا مثل وارتون، أقدّر أنّ السيّد ترامب لديه 156 حاصل ذكاء في الحد الأدنى".
والـSAT عبارة عن امتحان يقدّمه الأميركيّون من أجل متطلّبات القبول في الكليات والجامعات الأميركيّة، ومن هنا قدّر المقال حاصل الذكاء هذا بحسب "النظر إلى المتطلبات المعتادة للقبول في كليّة عليا مثل وارتون"، وقارنه بمقياس معدل ذكاء الذي حددته مؤسسة "منسا" العالمية وتُعتبر أعلى درجة فيه هي 200.
وهذا ما اعتبره موقع "سنوبز" لكشف الحقائق بأنه غير منطقيّ، متابعاً أنّ الأوراق الجامعية الرسمية والإدارية التي تخصّ دونالد ترامب غير متاحة، لذلك من المستحيل معرفة درجات الكفاءة الدراسية الحقيقية لديه.
ويتابع المقال الأول تبريره لوصف ترامب بالعبقريّ، بأنّ معدّل ذكاء ترامب بالمقاييس الحديثة يساوي 156 "ما يعني أنّ دونالد ترامب أكثر ذكاءً من 99.99 بالمائة من الناس على كوكب الأرض، فليس ترامب مؤهلاً للعضوية في منسا وحسب، بل يمكنه الانضمام إلى جمعية تريبل ناين".
ومؤسسة منسا العالمية تجري اختبارات الذكاء، وتضمّ ذوي نسب الذكاء المرتفعة الذين نجحوا في اجتياز 200 اختبار، وتستمر بعض الاختبارات لمدة ساعة، في حين أنّ بعضها الآخر بدون إطار زمنيّ محدّد.
وتتعلّق هذه الاختبارات بالمهارات المكانية والكمّية واللفظية؛ فالأسئلة المكانية تتعلّق بالأشكال والقياسات؛ في حين تتعلّق الأسئلة الكمّية بالمسائل الرياضية، أما الأسئلة اللفظية فتتعلّق بالكلمات والنحو، وتقبل مؤسسة منسا أولئك الذين يحصلون على أكثر من 98% في نتيجة الاختبار، أي ما يعادل معدّل ذكاء يصل إلى 130 درجة تقريباً. وبعد كثافة تعليقات ترامب حول الذكاء وعبقريّته، عرضت مؤسسة "منسا" على ترامب إجراء اختبارات الذكاء لديها، لكنّ هذا لم يحدث حتى هذه اللحظة.
في حين جمعية التريبل ناين تقبل مستوى أعلى في الذكاء من "منسا"، كما أن عدد أعضائها أقل بكثير، وتأسست عام 1978.
وكشف موقع سنوبز أنّ الكاتبة غويندا بلير، المؤلفة والصحافية الأمريكية المعروفة بكتابتها السيرة الذاتية عن دونالد ترامب وعائلته عام 2001، في كتاب يحمل اسم "آل ترامب، ثلاثة أجيال تبني إمبراطورية"، أوضحت أّن الرئيس المنتخب ترامب قُبلَ في جامعة وارتون بفضل لطافة موظف قسم قبول الطلبة!
وقالت أنّ"درجات ترامب في جامعة فوردهام كانت محترمة، ودخل إلى جامعة وارتون بشكل أساسيّ لأنه أجرى مقابلة مع موظّف القبول، الذي كان زميلاً لشقيقه الأكبر في المدرسة الثانوية! وبالتأكيد عرف حينها طاقم العمل في قسم قبول الطلاب في كليّة وارتون أنّ ترامب ينتمي إلى واحدة من أغنى عائلات نيويورك".
المصادر:
CNN
BBC
مونت كارلو
SNOPES
Before its News
BBC