يوميًّا تنتشر العديد من الأخبار الزائفة في مختلف المنصّات، ونحاول في "مسبار" رصد تلك الأخبار والتحقّق منها. نقدّم لكم في سلسلة مؤشر مسبار تلخيصاً لأبرز المواد التي عملنا عليها في الشهر، مع تحليل لعناصر الخبر، وتصنيفه، إضافة إلى توصيات لتجنّب مثل هذه الأخبار.
حروبٌ إعلامية
تلعب الأخبار الزائفة دوراً هامًّا في الحروب الإعلامية، كما هو الحال في الحروب العسكرية، إذ حازت الأخبار الزائفة والمضللة التي من الممكن أن تندرج تحت هذا التصنيف حصّة كبيرة من الأخبار التي تحقّق منها "مسبار". مثل الأخبار المتعلّقة بمحور الرباعي (مصر، والإمارات، والسعودية، والبحرين) ونزاعهم مع قطر وإيران وتركيا، من ضمنها الخبران الزائفان عن الإيرانية التي تدرّب لجاناً إلكترونية في مصر، ومخزن الأسلحة الإيرانية في محافظة سيناء المصرية. إضافة إلى الأخبار الأخرى التي تذمّ قطر وتركيا، مثل الخبر الزائف حول استدعاء عُمان لسفيرها في قطر إثر ممارسات الأخيرة التي تؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار، أو الخبر الزائف عن تقبيل أردوغان ليد أحد زعماء الماسونية، الذي تبيّن أنه في الحقيقة أستاذه الجامعي وليس أحد زعماء الماسونية.
كما نالت العمليّات العسكرية في مدينة إدلب السورية حصّة كبيرة من الأخبار التي تحقّق منها "مسبار"، إذ عمل كلّ خبر منها على إظهار أحد أطراف النزاع منتصراً وأعلى قدراً، مثل الترجمة المضلّلة لإحدى خطابات أردوغان التي أعطت مهلة أقصر من المهلة الحقيقية للنظام السوري حتى يغادر نقاط المراقبة التركية في إدلب السورية، مما أظهر أردوغان بصورة المقبل على الحرب، إضافة إلى الصور المضلّلة لجنود روس لم يُقتلوا في معارك إدلب وإنما في معارك متفرّقة. على الجانب الآخر، هنالك الأخبار التي حاولت خلق انتصارات وهمية أو تضخيم إنجازات عسكرية للنظام السوري أو القوّات الروسية، مثل الصور المضلّلة التي ادّعت دمار رتل عسكريّ تركيّ في إدلب، إضافة إلى مجموعة صور مضلّلة أخرى ادّعى ناشروها أنها تُظهر جزءاً من عتاد الحملة العسكرية السورية - الروسية على إدلب.
عقدة الأبيض
يعاني البعض في المجتمعات ما بعد الكولونياليّة من عقدة تفوّق العرق الأبيض، وقد يندرج عدد كبير من الأخبار الزائفة والمضلّلة التي عمل عليها "مسبار" على امتداد شهر فبراير/شباط تحت هذا التصنيف، إذ بالغت تلك الأخبار في تصويرها للمجتمعات الغربية باعتبارها مجتمعات أفضل وأكثر عدالة، أو اختلقت قصصاً خيالية لتحقيق تلك الصورة.
شملت تلك الأخبار خبراً زائفاً ادّعى فصل معلّمة دنماركية من عملها بسبب خطأ مهني، وذلك رغم أنّ زوجها رئيس الوزراء، لكن تبيّن أنّ مته فريدركسن تشغل منصب رئيسة الوزراء حاليًّا، وهي مخطوبة إلى السينمائيّ بو تينغبيرغ. إضافة إلى الأخبار التي لطالما طالعناها عن الرغد في سجون السويد التي تشبه الفنادق، أو إعلان إغلاقها تماماً، لكن اتّضح أن جميعها زائفة. إضافة إلى الخبر المضلّل الذي بالغ في قصة التيس الذي ينتمي لكتيبة الحرس الملكي الويلزي الثالثة، إذ ادّعت أنه يحمل رتبة ضابط ويمتلك جواز سفر وأملاكاً، لكن تبيّن أنّ التيس مجرّد تميمة وتقليد تاريخيّ لدى تلك الكتيبة.
قد يحمل الادّعاء القائل بتقدّم المجتمعات الغربية وتحقيق العدالة على نطاق واسع وجهاً من الصحّة، لكنّ لا يجدر بذلك أن يغطي على الأخبار الزائفة التي تدعم ذلك التصوّر، الأمر الذي قد يساهم في تثبيط محاولات التطوير حول العالم، كما لا يجدر به أن يُخفي أوجه التقدّم والعدالة في مختلف المجتمعات على وجه الأرض.
فايروس كورونا المستجدّ
ترافق انتشار فايروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في العديد من دول العالم، مع انتشار الأخبار الزائفة المرتبطة به في الفضاء الرقمي، والتي ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تفشيها وتداولها على نطاق واسع. تنوّعت تلك الأخبار لتشمل صور ومنشورات ومقاطع فيديو، وتوزعت في معظمها على تصنيفين من تصنيفات "مسبار" للأخبار الكاذبة، وهما "زائف" و"مضلّل".
ومع وصول الفايروس إلى المنطقة العربية ارتفعت وتيرة نشر الأخبار الكاذبة في المحتوى العربي على الإنترنت. وتراوحت من ترويج شائعات حول أعداد الإصابات في دولة ما، وصولاً إلى إصابة أشخاص بعينهم. وتناول بعضها الإجراءات التي اتخذتها السلطات الصينية لمكافحة انتشاره. كما لم يغفل بعض مروّجي الأخبار المضلّلة عن نشر الأكاذيب المتعلقة بطرائق علاج الفايروس والوقاية منه. ونشر "مسبار" مؤشراً مخصّصاً بالكامل لأبرز الأخبار الكاذبة حول الفايروس.
أساطير وخوارق
نطالع كلّ فترة أخباراً تظهر وتختفي في دورة يبدو أنها مستمرّة منذ الأزل. تحقّق "مسبار" من العديد من الأخبار التي يمكن تصنيفها على أنها خرافات وأساطير وخوارق تلقى رواجاً وتصديقاً كبيرين بين مستخدمي الإنترنت.
شملت تلك الأخبار خرافة الهياكل الضخمة التي تعود لقوم عاد الذين ذُكروا في القرآن الكريم، إذ لم يجد العلماء أيًّا من تلك الهياكل الزائفة، وجميعها أعمال إبداعية وفنية. وضمّت مجموعة الخرافات المتعلّقة بالشؤون الدينية خبراً زائفاً عن القرآن الذي وُجد في حطام تايتنك، ومقاطع فيديو مفبركة لمتسابقين في برامج الغناء يتلون القرآن. وذلك إضافة إلى أساطير وعجائب أخرى مثل المرحاض الألماسي الزائف في الإمارات، والصورة الزائفة لقلب المرأة عندما تغضب. كما تحقّق "مسبار" من الخرافة التي انتشرت قبل 15 عاماً عن الفتاة التي سُخطت جرذاً لأنها لم تُطع أوامر الله، وتبيّن أن الصورة التي رافقت الخبر ما هي إلا عمل فنيّ.
ربّما يفضّل الإنسان القصص والأحداث المتخيلة التي تصوّر واقعاً مغايراً، لكن علينا أن نترك ذلك لعالم الإبداع والأدب والسينما، وأن نظلّ متيقّظين للأخبار الكاذبة التي تلعب على هذا الوتر.
نوستالجيا
يبدو أنّ للماضي سحراً قد يُعمي متداولي الأخبار عن الزيف والتضليل الذي قد يعتريها. تحقّق "مسبار" على امتداد الشهر من عدّة أخبار تتعلّق بأحداث وشخصيات من الماضي، عقد القِران الذي حضره الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر لفتاة يتيمة، والذي تبيّن بعد التحقّق أنه عقد قِران ابنة الشيخ عبد الرحمن تاج، شيخ الأزهر، عام 1960.
كما تحقّق "مسبار" من صورة مضلّلة تتعلّق أيضاً بعبد الناصر، ادّعى ناشروها أنها توثّق خروجه من اجتماع للأمم المتحدة احتجاجاً على تخصيص كلمة لمندوب دولة الاحتلال، لكن اتّضح أنّ الصورة التُقطت عقب مؤتمر حول إغلاق خليج العقبة عام 1967. كما شملت تغطيات "مسبار" تغريدةً مزيّفة لعلاء مبارك، نجل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، نُشرت عقب وفاة الأخير.
من الجدير بالذكر ضرورة الالتزام بالتثبّت من الأخبار، وعدم السماح لبريق الماضي أن يغطّي بالقصص الزائفة القصصَ الحقيقية.
مبالغة وتلميع
كثير من الأخبار التي تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتعرّض للتزييف أو التعديل على سياقاتها بهدف تحسين صورة شخص أو دولة ما، ورصد "مسبار" عدداً من تلك الأخبار.
تحقّق "مسبار" من الخبر المزيّف الذي يدّعي إعلان أردوغان قراره منح الجنسية التركية لمسلمي الإيغور، والخبر الزائف عن حصول وزير الخارجية الإماراتي، عبدالله بن زايد، على لقب أجمل رجل في العالم. إضافة إلى الخبر الانتقائي الذي هوّل من هبوط طائرة أردنية أثناء هبوب العاصفة كيارا على المملكة المتّحدة، إذا اتّضح هبوط العديد من الطيارات في نفس الوقت ولم يكن إنجازاً استنثائيًّا.
منوعات
مثلما هنالك أخبار عربية ومحلية زائفة ومضلّلة، هنالك أخبار عالمية زائفة لاقت رواجاً في المنطقة العربية، وتحقّق "مسبار" منها. مثل الأخبار الكاذبة التي حاولت التشكيك في حملة التعاطف مع الطفل الأسترالي كوادن، الذي تعرّض للتنمّر، والخبر الزائف الذي تحدّث عن تصريح لوكالة ناسا للفضاء الذي قالت فيه أنّ يوم العاشر من فبراير/شباط، هو اليوم الوحيد الذي تقف فيه المكانس دون مساندة. إضافة إلى مقطع فيديو زائف يُعاد تدويره منذ عام 2017، يدّعي أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتابه الرعب بسبب صرخة أحد الحاضرين حوله بجملة "الله أكبر".