فحص "مسبار" 241 خبراً ومنشوراً وفق التصنيفات المُعتمدة، كالمُحتوى الزائف والمضلّل والساخر والانتقائي، في كل من المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي في شهر أكتوبر/تشرين الأول الفائت، وحازت الأخبار المضللّة على الحصّة الأكبر من مواد التحقق، بمجموع 149 مادّة، وتلتها الأخبار الزائفة بمجموع 72 مادّة، كما هو موضّح في الشكل (1) أدناه. إضافة إلى 14 تدوينة غطّت مختلف المواضيع المتعلقة بعالم الأخبار الكاذبة.
كما احتلّت الأخبار الزائفة والمضلّلة والشائعات المُنتشرة في الفضاء الرقمي، والمتعلّقة بالمُحتوى السياسي، حيّزاً كبيراً في مواد التحقق في شهر أكتوبر/تشرين الأول الفائت، بمجموع 67 مادّة، كما هو موضّح في الشكل (2). لكنّ أبرز ما يمكن ملاحظته في التصنيفات أدناه هو تنوّع المواضيع التي عمل عليها "مسبار" خلال الشهر، وشملت الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة الأميركية وإصابة ترامب بكوفيد-19، وجريمة مدينة الزرقاء في الأردن وحادثة طفلَيْ دجلة، وإصابات زائفة بكورونا لشخصيات شهيرة، والصراع الأرميني - الأذربيجاني، والرسوم المسيئة للنبي محمد، وغيرها من المواضيع.
انعكست بعض الأحداث الهامة التي شغلت الرأي العام على عدد التقارير التي أنجزها "مسبار" حول دول معينة، إذ حازت دول مثل أميركا وفرنسا على حصة كبيرة من التقارير بسبب الأخبار الزائفة والمضللة المتعلقة بمواضيع الانتخابات والرسوم المسيئة. يمكن الاطلاع على تصنيف التقارير بحسب الدولة عن طريق الشكل (3) أدناه.
الانتخابات الأميركية وإصابة ترامب بكوفيد-19
يصحب الانتخابات في أيّ مكان حول العالم استقطاب شديد، ويعزّز هذا الاستقطاب ماكينة من الأخبار الزائفة والمضللة التي تحاول تشويه الطرف الآخر. تمثّل ذلك في أوضح صوره في المناظرة التي جمعت كلّ من المرشح جو بايدن ودونالد ترامب، إذ تراشق الاثنان بمعلومات زائفة ومضللة وانتقائية. إضافة إلى ادعاءات زائفة مثل أن بايدن كان يرتدي ميكروفوناً سريًّا أثناء المناظرة، وادعاء آخر مضلل حول امتلاك بايدن لمنزل تصل تكلفته إلى ملايين الدولارات.
عندما أعلن ترامب عن إصابته بفايروس كورونا المستجد، انهالت العديد من الأخبار الزائفة والمضللة حول الموضوع. مثل الصورة المضللة التي ادعى ناشروها أنها تُظهر الرئيس الأميركي داخل المستشفى بعد إصابته، والخبر المضلل الذي ادعى إقامة صلاة في أميركا للدعاء بشفاء ترامب، ولن تكتمل حفلة الأخبار الزائفة دون مسلسل سيمبسون وتنبؤاته، إذ ادعى ناشرو الخبر أن المسلسل تنبأ بوفاة ترامب وإصابته بكوفيد-19.
جريمة الزرقاء وطفلَيْ دجلة
هزت جريمة الزرقاء في حق مراهق قُطعت يداه الرأي العام في الأردن، وصاحبتها دعوات بالتشديد الأمني على البلطجية وفارضي الإتاوات، لكن تزامن الحدث مع انتشار أخبار زائفة ومضللة، مثل مقاطع الفيديو المضللة التي ادعى ناشروها أنها تُظهر لحظة اعتقال مرتكبي الجريمة وأخرى للحملة الأمنية التي استهدفت القبض على البلطجية وفارضي الإتاوات.
ولم تسلم الحادثة المؤسفة لإلقاء طفلين في نهر دجلة من الأخبار الزائفة والمضللة، مثل مقطع الفيديو المضلل الذي ادعى ناشروه أنه يُظهر لحظة انتشال الطفلين، والصورة المضللة للطفلين والتي اتضح أنها لطفلين في أذربيجان.
إصابات كورونا زائفة
يخفّ زخم الأخبار الكاذبة حول كوفيد-19 مع مرور الأيام، لكن ما زلنا نواجه أخباراً زائفة عن إصابة بعض المشاهير بالفايروس، مثل اللاعب المصري محمد صلاح، ونجم المنتخب الأرجنتيني السابق مارادونا، إضافة إلى المدرب واللاعب الإيطالي السابق جينارو غاتوزو، وغيرهم الكثيرون.
صراع أرمينيا - أذربيجان
منذ تجدد النزاع بين أرمينيا وأذربيجان حول إقليم ناغورنو كاراباخ، انطلقت العديد من الأخبار الزائفة والمضللة. مثل مقطع فيديو ادعى ناشروه أنه لإيرانيين وهم يشاهدون المعارك الدائرة بين البلدين، ومقطع آخر يُظهر طائرة من طراز ميغ-25 مشاركة في المعركة لكن اتضح أنّ المقطع الأصلي مأخوذ عن لعبة فيديو. إضافة إلى النفي الصادر عن مدير إدارة التعاون في وزارة العدل الأذربيجانية بخصوص استيراد الأسلحة من الاحتلال الإسرائيلي، لكن تبيَّن وجود معطيات تدلّ على أنها تستورد الأسلحة من هناك بالفعل. كما انتشر مقطع فيديو ادعى ناشروه أنه لجندي أذربيجاني يتلو القرآن في الهواء بعد تحرير منطقة على يده وزملائه، لكن تبيّن أن المقطع الأصلي يعود لمؤذن تركي يحب أداء الأذان في الهواء الطلق.
تاريخ
في كلّ شهر تحظى الموضوعات التاريخية بحصة لا بأس بها من الأخبار التي يعمل عليها "مسبار". مثل الادعاء المضلل بأن أول عملية زراعة كلى في الشرق الأوسط أُجريت في السودان في حين أنها كانت في إيران، والصورة المضللة التي ادعى ناشروها أنها تجمع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ورئيسة الاستخبارات الأميركية جينا هاسبل، واتضح أنها صورة لميركل في شبابها مع صديقاتها. كما انتشرت صورة مضللة مع الادعاء بأنها لمهاجرين أوروبيين أثناء تسللهم إلى الإسكندرية قديماً في حين تبين أنها لمستوطنين يهود في طريقهم إلى فلسطين.
وتزامنت ذكرى حرب أكتوبر 1973 مع انتشار بعض الصور التاريخية المضللة، مثل الصورة التي ادعى ناشروها أنها لجنود مصريين أثناء أسرهم لجندي من الاحتلال، في حين أنّ الصورة كانت ضمن حصة تدريبية للجيش المصري. وصورة مضللة أخرى ادعى ناشروها أنها من حرب أكتوبر في حين أنها لجندي إيراني في حرب الخليج.
الرسوم المسيئة للنبي
أججت تصريحات ماكرون والرسوم المسيئة للنبي محمد حملات شعبية في الدول الإسلامية لمقاطعة المنتجات الفرنسية، وتزامن ذلك مع انتشار العديد من الأخبار الزائفة والمضللة. مثل مقاطع احتجاجات مختلفة جميعها مضللة وفي مناسبات لا علاقة لها بالحدث، وأخبار مضللة عن اقتحام السفارة الفرنسية في السودان وهجوم على منزل الرئيس الفرنسي ماكرون.
إضافة إلى خبر مضلل عن حشد كبير في تركيا نصرة للنبي محمد، تبين أنه احتفال قديم بعيد المولد النبوي. وادعى آخرون نشوب حريق في ميناء لوهافر الفرنسي نتيجة غضب الله على هذه الدولة بسبب الرسوم المسيئة، وتبيّن أن الحريق حصل عام 2019 في مدينة ميلوز شمال شرقي فرنسا. وانتشرت ادعاءات زائفة أخرى حول رؤساء وبّخوا ماكرون مثل أردوغان والسيسي.
ختاماً، فإن توزيع وطبيعة الأخبار الزائفة والمضللة تتأثر بشدة بالأحداث العالمية والأخبار الرائجة في لحظة معينة في الزمن، ما ينعكس مثلاً على حصة كل دولة من تقارير "مسبار" شهريًّا. إذ حازت فرنسا الشهر الماضي على تقريرين فقط، في حين أنها حازت هذا الشهر على 23 تقريراً، بحكم مسألة الرسوم المسيئة التي أججت حركة الأخبار الزائفة والمضللة حول الموضوع.