في الليلة الفاصلة بين يومي الخميس والجمعة 14 و15 مايو/أيار الجاري، بعث الجيش الإسرائيلي رسالة إلى وسائل الإعلام يقول فيها إن قوات برية منه "موجودة" في قطاع غزة.
وأثار البيان الذي اعتبرته وسائل الإعلام، غامضًا، تكهنات حول غزو بري للقطاع، حتى أن بعض وسائل الإعلام الغربية والعربية، نشرت عن بدء توغل قوات الاحتلال في غزة.
لكن بعد ساعتين، أصدر الجيش "توضيحًا" يُفيد بأنه “لا يوجد جنود في غزة”. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله إن "مشكلة تواصل داخلية" قد حصلت.
ووفق وكالة أسوشيتد برس، فإنه في الوقت الذي حاول فيه الجيش التقليل من أهمية الحادث باعتباره سوء فهم، قال معلقون عسكريون إسرائيليون إنّ وسائل الإعلام استُخدمت كجزء من حيلة متقنة لجذب مسلحي حماس إلى فخ مميت، ربما يكون قد قتل عشرات المقاتلين منهم.
وقال أور هيلر المراسل العسكري في القناة الثالثة عشرة على التلفزيون الإسرائيلي، وفق المصدر ذاته، "لم يكذبوا. لقد كان تلاعبًا.. ذكيًّا وناجحًا".
وذكرت الوكالة الأميركية للأنباء، إنه في وقت متأخر من يوم الخميس، وبعد أيام من الغارات الجوية، أعلنت إسرائيل أنّها استدعت الآلاف من جنود الاحتياط وحشدت قوات على طول الحدود قبل غزو بري محتمل. وفي مؤشر آخر على التصعيد، بدأت إسرائيل بإطلاق قذائف مدفعية عبر الحدود على أهداف داخل غزة، وفقًا للسكان.
وهو ما مهد الطريق للخداع في وقت متأخر من الليل، وفق تقريرها، وهو ما أكده هيلر، بقوله إنّ" إسرائيل" بدأت في الهرولة على طول الحدود فيما بدا أنّه استعدادات نهائية للغزو. ثم جاء الإعلان لوسائل الإعلام، الذي صدر في وقت واحد باللغتين العبرية والعربية على موقع تويتر.
وحسب ما ذكر هيلر وتقارير إسرائيلية أخرى، أدت التحركات الإسرائيلية الى اندفاع مقاتلي حماس إلى مواقع دفاعية في شبكة أنفاق.
وقال الجيش إن “إسرائيل” استدعت 160 طائرة حربية وقصفت الأنفاق لمدة 40 دقيقة.
وبيّن هيلر أنّ عشرات المسلحين من حماس لقوا مصرعهم، رغم أنّه من الصعب أن يُعلن عن الأمر، واصفًا العملية بأنها "متطورة للغاية وكان لها جانب إعلامي".
في المقابل لم تُعلق حماس على الحادث، في غياب إثباتات على صحة التقارير الإسرائيلية.
وقال هيلر إن المراسلين الإسرائيليين الذين تربطهم علاقات وثيقة بالجيش كانوا يعلمون أنه من المستحيل أن ترسل “إسرائيل” قوات إلى غزة في هذه المرحلة. حتى أنهم نشروا بيانات على "تويتر" أكدوا فيها أنه لا توجد عملية برية، وفق أسوشيتد برس.
خلصت الوكالة، استنادًا إلى تحليلها لبيان الجيش والمكالمات الهاتفية مع المسؤولين العسكريين والتقارير الميدانية في غزة، إلى أنه لم يكن هناك توغل بري ولم تبلغ عن وجوده.
لكن وسائل إعلام أخرى قالت إن الجيش ضللها أو ربما كذب عندما طُلب منه توضيح البيان الأولي واستخدامه الغامض لكلمة "في" للإشارة إلى غزة.
فيليسيا شوارتز، مراسلة صحيفة وول ستريت جورنال، قالت في تغريدة لها على "تويتر" إنها تلقت تأكيدًا صريحًا من الناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، جوناثان كونريكوس أنّ هناك قوات برية في غزة.
لكن الجيش الإسرائيلي وضح فجر الجمعة، أنه لم يدخل القطاع، وذلك خلافًا لما أعلنه في وقت سابق ليلة الخميس، متحدثًا عن مشكلة "تواصل داخلية".
وفي حديثه للصحفيين صباح الجمعة، قال كونريكوس إنّ هناك "سوء تفاهم داخلي".
وأضاف "يمكن أن تحدث هذه الأشياء، في بعض الأحيان، في خضم عملية معقدة".
ووفق أسوشيتد برس لا تزال أسئلة الصحافيين معلقة حول إمكانية استخدامهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي لاستدراج حماس، بعد إعلامهم ببدء عملية برية على القطاع.
ومع تصاعد الاتهامات، نفى المتحدث باسم جيش الاحتلال هيداي زيلبرمان، السبت، أن تكون مؤسسته قد تعمدت تضليل الصحافة الأجنبية بشأن توغل القوات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة ضمن خطة لخداع حماس هذا الأسبوع، وفقًا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وألقى زيلبرمان اللوم على تصريحات لوحدته، وصفها بأنها "خطأ حقيقي".
ووضح زيلبرمان وجود سوء فهم من طرف موظف في فريقه يدعى جوناثان كونريكوس، تواصلت معه وسائل الإعلام الأجنبية لاستطلاع المستجدات، وأكد لهم أن قوات الجيش الإسرائيلي تعمل فعلًا داخل غزة، رغم عدم وجود أيّ قوات فيها.
الوكالة الأميركية، في المقابل، ذكرت أن الجيوش في جميع أنحاء العالم تستخدم حيلة الخداع ضد أعدائها. ومنهم جيش الاحتلال الإسرائيلي نفسه، الذي زيّف قبل عامين إصابات الجنود في موقع هجوم صاروخي لحزب الله، وذهب إلى حد إجلائهم إلى مستشفى في طائرة هليكوبتر.
وطبقًا للتقارير في ذلك الوقت، فقد دبر الجيش الأمر، لخداع حزب الله ليعتقد أنه أوقع إصابات وبالتالي وافق على وقف إطلاق النار.
وأضافت أن البيان المضلل الذي نشره الجيش الإسرائيلي، زاد من توتر العلاقة بينه ووسائل الإعلام الأجنبية.
ونقلت تصريح بيتر ليرنر، المتحدث العسكري السابق لوسائل الإعلام الأجنبية، قال فيه إنّ "الجمهور الإسرائيلي بشكل عام شعر منذ فترة طويلة بتركيز وسائل الإعلام الدولية الكبير على الجانب الفلسطيني من القصة، مع تقليل المخاوف والمعاناة الإسرائيلية".
المصادر
أسوشيتد برس
الجزيرة
