في تقرير صدر في الخامس من ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلنت منظمة العفو الدولية أن إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، بناءً على أدلة واسعة جمعتها المنظمة. التقرير، بعنوان "تشعر وكأنك دون البشر: الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة"، يوثق كيف أن العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ألحقت دمارًا كارثيًا بالفلسطينيين، معتمدًا على مزيج من القتل والتجويع والتشريد والدمار المتعمد للبنية التحتية.
بحسب التقرير، أسفر الهجوم الإسرائيلي عن مقتل أكثر من 42,000 فلسطيني، بينهم 13,300 طفل، وإصابة ما يزيد على 97,000 آخرين. ودُمرت مدن بأكملها بما في ذلك المستشفيات وشبكات المياه، بينما أدى الحصار الكامل إلى منع دخول الكهرباء والمياه والوقود، مما تسبب في مستويات كارثية من الجوع وانتشار الأمراض، خاصة بين الأطفال والنساء الحوامل. كما أُجبر حوالي 1.9 مليون فلسطيني على التهجير القسري، ما تركهم بلا مأوى في ظروف غير إنسانية.
وثقت منظمة العفو تصريحات رسمية لمسؤولين إسرائيليين (102 مسؤول)، بينهم كبار القادة، تحرض على الإبادة أو تبررها، بما في ذلك دعوات صريحة لـ"محو غزة". وأظهرت الأدلة، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو وشهادات الشهود، أن الهجمات الإسرائيلية استهدفت المدنيين بشكل متعمد ومتكرر، ما يؤكد نية واضحة لتدمير الفلسطينيين كجماعة، وهو ما يرتقي إلى مستوى الإبادة الجماعية وفقًا للقانون الدولي.
اعتمدت المنظمة في تحقيقها على مقابلات مع 212 شخصًا، وتحليل أدلة بصرية وبيانات الأقمار الصناعية، وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين. وأكد التقرير أن المزاعم الإسرائيلية بشأن استهداف حماس أو الجماعات المسلحة لا تصمد أمام الأدلة، حيث أن الغالبية العظمى من الضحايا كانوا من المدنيين، وأن الدمار كان مفرطًا وغير متناسب مع أي هدف عسكري. وخلصت المنظمة إلى أن السياسات الإسرائيلية متعمدة وتهدف إلى تدمير الفلسطينيين في سياق نظام الفصل العنصري والحصار غير القانوني والاحتلال المستمر.
دعت منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف الإبادة الجماعية، بما في ذلك فرض عقوبات على المسؤولين الإسرائيليين واعتقالهم لتقديمهم إلى المحكمة الجنائية الدولية. كما طالبت بمحاسبة حركة حماس على حادثة السابع من أكتوبر 2023.
وأكد التقرير أن إخفاق المجتمع الدولي في مواجهة الفظائع الإسرائيلية يعكس تقصيرًا جماعيًا مروعًا، ودعت إلى تحرك دولي قوي ومستدام لضمان العدالة ووضع حد للإبادة الجماعية المستمرة، مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بتسريع تحقيقاتها وإضافة جريمة الإبادة الجماعية إلى قائمة القضايا قيد النظر.
التحيز الإعلامي في تغطية تقرير منظمة العفو الدولية
في أعقاب تقرير منظمة العفو الدولية، ظهرت تغطيات إعلامية دولية منحازة بشكل واضح للموقف الإسرائيلي، حيث تم توظيف اللغة وانتقاء المصادر وتجاهل الأدلة لتهميش التقرير وتعزيز الموقف الإسرائيلي.
فوكس نيوز تشكك في مصداقية العفو الدولية
في تغطيتها لتقرير منظمة العفو الدولية، أظهرت فوكس نيوز انحيازًا واضحًا للموقف الإسرائيلي، من خلال استخدام لغة مشحونة وانتقائية في المصادر وتشويه لمضمون التقرير، قدّمت القناة صورة تهدف إلى إضعاف مصداقية المنظمة وإبراز إسرائيل كطرف "مدافع عن النفس".
ركزت التغطية على وصف التقرير بأنه "مسيس ومبني على بحث سيئ"، مستندة إلى آراء شخصيات مثل أورد كيتري وديفيد أديسنيك، المرتبطين بمؤسسات داعمة لإسرائيل مثل "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات". وادعى هؤلاء أن التقرير يسيء استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية"، مؤكدين أن سياسات إسرائيل لا تتناسب مع تعريفه القانوني.
بدلًا من تحليل الأدلة الميدانية التي استند إليها التقرير، ركزت التغطية على مهاجمة منظمة العفو الدولية نفسها، متهمة إياها بازدواجية المعايير لعدم تصنيف أزمات أخرى مثل السودان وشينجيانغ كإبادة جماعية.
في الوقت ذاته، أهملت التغطية الإشارة إلى الأوضاع الإنسانية الكارثية في غزة التي أبرزها التقرير، مثل الحصار ومنع الإمدادات الأساسية، وبدلًا من ذلك، ركزت على ذكر عدد الشاحنات التي دخلت غزة كتبرير للإجراءات الإسرائيلية. كما لم يتم تضمين أي أصوات محايدة أو مؤيدة لتقرير منظمة العفو، مما جعل التغطية أحادية الجانب.
نيويورك بوست: التحامل المسبق وتشويه المنظمة
بدأت نيويورك بوست تغطيتها من خلال ادعاء هجومي وصف منظمة العفو الدولية بأنها "ذات تاريخ طويل من معاداة إسرائيل". واستخدمت الصحيفة في مقال لها لغة مشحونة ضد تقرير المنظمة مثل "ملفق" و"مبني على أجندة سياسية"، وهاجمت المنظمة بدلًا من مناقشة الأدلة المقدمة في التقرير.
ركزت التغطية على تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الذين وصفوا الهجمات بأنها "رد دقيق على إرهابيي حماس"، بينما تجاهلت شهادات وتقارير أممية وثقت استهداف المدنيين. كما غاب عن المقال الإحصائيات حول أعداد الضحايا المدنيين وحجم الدمار.
اعتمدت الصحيفة على مصادر مثل يوجين كونتوروفيتش المعروف بانحيازه لإسرائيل، مع تغييب أي أصوات محايدة.
سكاي نيوز: تهميش الأدلة وتعزيز الموقف الإسرائيلي
رغم أن سكاي نيوز البريطانية تناولت بعض المعلومات الواردة في التقرير، إلا أنها خصصت مساحة أكبر لتعزيز الرواية الإسرائيلية، مما أدى إلى تغييب السياق الفلسطيني وتهميش الأدلة المتعلقة بالإبادة الجماعية.
قدمت سكاي نيوز تصريحات مطولة للمتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، الذي وصف التقرير بأنه "جزء من حملة معادية لإسرائيل" و"تكرار لمزاعم سابقة".
أيضا تم عرض تقرير منظمة العفو بشكل موجز للغاية، حيث لم يتم استعراض الأدلة الميدانية التي تدعم اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية
أيضا استبدلت القناة وصف منظمة العفو لهجوم حركة حماس بأنه "المميت" بمصطلح "إرهابي"، مما عكس تحيزًا واضحًا نحو تحميل الهجوم طابعًا سياسيًّا وأخلاقيًّا سلبيًّا يتماشى مع الرواية الإسرائيلية، حيث تُصنَّف حماس دائمًا كمنظمة إرهابية.
اقرأ/ي أيضًا
هل أجرت ذا تايمز أوف إسرائيل حوارًا مع الجولاني حول التطورات في سوريا؟
الخروقات الإسرائيلية لاتفاقية وقف إطلاق النار بين الدعاية الإسرائيلية والتضليل الإعلامي
