مساء الأحد، 24 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، نُقل 15 فلسطينيًا إلى مستشفى الشهيد ثابت في مدينة طولكرم بالضفة الغربية إثر تعرضهم لإصابات "متوسطة وطفيفة"، جراء سقوط شظايا صاروخ على منزل غير مأهول في حارة المربعة في مخيم طولكرم.
نقلت وسائل إعلام عربية الخبر بروايتين، ادعت إحداهما أن الشظايا لصاروخ أطلقه حزب الله، وجاء في الأخرى أنّ الشظايا لصاروخ اعتراضي أطلقه نظام القبة الحديدية الإسرائيلي.
يستعرض مسبار في هذا المقال تناقضات تغطية بعض وسائل الإعلام العربية للحادثة، في مقابل رواية الهيئات المحلية الفلسطينية، كما يسلط الضوء على خطر التضليل المترتب عن مغالطة الافتراض الزائف، التي تقع فيها وسائل الإعلام في غياب أدلة تحسم الوقائع.
قناة العربية: سقوط صاروخ أطلقه حزب الله في مخيم طولكرم
مساء الأحد الفائت، نقلت قناة العربية الخبر برواية تدّعي أن ما سقط على مخيم طولكرم هو صاروخ أطلقه حزب الله اللبناني.
لاحظ مسبار أيضًا أن القناة بالغت في تقدير أعداد الجرحى، عندما ادعت أن "العشرات" أصيبوا في الحادثة، في حين بلغ عدد المصابين 15 شخصًا بحسب فيصل سلامة، رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم طولكرم، و13 شخصًا وفق بيان للهلال الأحمر الفلسطيني.
تراجعت القناة جزئيًا عن روايتها في تقرير اعتمدت فيه تقديرات الهيئات الفلسطينية المحلية لعدد المصابين، إلا أن عنوان التقرير لم يخلُ من الإثارة، فقد بات يُشير إلى أن "صواريخ" لحزب الله تسببت في إصابة 13 شخصًا في طولكرم، بدل صاروخ واحد.
وجاء مضمون التقرير مناقضًا لعنوانه، إذ أوضحت فيه القناة أنّ ما أصاب الأشخاص الـ 13 هي "شظايا صاروخ" أطلقه حزب الله وليس "صاروخًا" أو "صواريخ" كما جاء في روايتيها السابقتين.
أما عبر صفحتها "العربية فلسطين" على فيسبوك، فقد كانت الرواية مغايرة تمامًا. نشرت "العربية فلسطين" مقاطع توثق عملية نقل المصابين جراء "سقوط صاروخ في طولكرم"، دون أن تحدد مصدره.
وفي منشور لاحق، نقلت الصفحة رواية الهلال الأحمر الفلسطيني التي جاء فيها أن "صاروخًا اعتراضيًا" سقط على منازل في طولكرم، وتسبب في إصابة 13 مواطنًا بإصابات طفيفة ومتوسطة.
لم تقدّم قناة العربية أيّ أدلّة تدعم فرضية كون حزب الله مصدر الصاروخ أو شظاياه، إلا أنها وإلى حين كتابة هذا المقال، لم تحذف أو تعدّل مقطع الفيديو، الذي ادعت فيه أن صاروخًا أطلقه حزب الله أصاب العشرات بجروح في طولكرم.
قناة الحدث: سقوط صاروخ أطلقه حزب الله في مخيم طولكرم
قدمت قناة الحدث نمط تغطية مشابه لنمط تغطية قناة العربية، إذ نشرت حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي، مساء الأحد، مشاهد الانفجار ذاتها التي نشرتها العربية، وادعت أن صاروخًا أطلقه حزب الله سقط في مخيم طولكرم بالضفة الغربية.
وعلى غرار العربية بالغت "الحدث" بالطريقة ذاتها في تقدير أعداد المصابين، كما نشر موقعها الإلكتروني تقرير قناة العربية بتناقضاته.
وتراجعت قناة الحدث في وقت سابق من نهار أمس الاثنين عن روايتها، عندما نقلت أن شظايا صاروخ "لم يتبين مصدره" أصابت 15 فلسطينيًا في طولكرم، إلا أنها لم تحذف أيًّا من منشوراتها السابقة في هذا الخصوص.
قناة الحرة تستخدم عنوانًا مضللًا
نقلت قناة الحرة خبر سقوط شظايا الصاروخ على طولكرم تحت عنوان يدفع القارئ للاعتقاد بأن الشظايا لصاروخ أُطلق من لبنان.
لكن مضمون التقرير يكشف عن رواية مناقضة، فبحسب مراسلة القناة، تعود الشظايا التي سقطت على طولكرم وخلفت أضرارًا مادية وإصابات إلى صاروخ إسرائيلي اعترض صاروخًا أًطلق من لبنان.
على الجهة المقابلة، نشرت وسائل إعلام عربية وناطقة بالعربية الخبر بصياغة تنسب الشظايا إلى صاروخ اعتراضي إسرائيلي، وذلك بالاستناد حصرًا إلى تصريح فيصل سلامة وبيان الهلال الأحمر الفلسطيني.
وتراجعت قناة الجزيرة عن رواية الهلال الأحمر الفلسطيني، عندما نقل تقرير لخدمة "الجزيرة مباشر" عن وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن مصدر شظايا الصاروخ غير معروف.
تضليل نتيجة افتراض زائف
تختلف الروايتان بشأن مصدر الصاروخ، لكنّهما تتشابهان في كونها افتراضًا غير مؤسّس، لا يستند إلى أدلة حاسمة أو مصادر ذات معرفة متخصّصة.
عادة ما تكشف الافتراضات الزائفة انحيازًا تأكيديًّا لدى الأفراد ووسائل الإعلام، فيكون الافتراض امتدادًا لاعتقادات وأفكار مسبقة لدى الفرد، أو تصورات أكثر تناغمًا مع الخط التحريري لوسيلة الإعلام.
يتعارض ذلك جوهريًا مع مبدأي الدقة والتريث في الممارسة الإعلامية، إذ لا يُفترض بالصحفي أو بوسيلة الإعلام أن ينشرا، بصيغة التوكيد، أيّ معلومات لا توجد أدلة على صحتها، كما توصي المواثيق الأخلاقية بعدم التسرع في نقل المعلومات، وتعتبر أن خبرًا متأخرًا دقيقًا أفضل بكثير من خبر سريع مضلل أو غير دقيق.
قد يُثبت المستقبل القريب صحة إحدى الفرضيتين، وتصبح بذلك إحدى الروايتين صحيحة، لكن ذلك سيكون قد تحقق بمحض المصادفة، في حين يفترض بالتغطية الإعلامية أن تُقدّم الحقائق كما هي لا كما يُحتمل أن تكون.
اقرأ/ي أيضًا
منظمة "كاميرا" تواصل الضغط على وسائل الإعلام لتوجيه خطها التحريري لصالح إسرائيل
أبرز الادعاءات المضللة التي رافقت احتفالات موسم الرياض في السعودية