يوم 4 أغسطس/آب العام الفائت، انشغل العالم العربي والعالم أجمع بحادث انفجار مرفأ بيروت، الذي راح ضحيته 214 شخصًا، وأُصيب به 6500 آخرين، وشُرّد إثره آلاف اللبنانيين، فضلًا عن إسهامه بتفاقم الأزمة الاقتصادية اللبنانية وزيادة الوضع المعيشي سوءًا في البلاد.
انتشرت في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي آنذاك، مشاهد مروّعة لمبانٍ مدمّرة ومصابين ينزفون، وأطفال ونساء يبكون من هول الحدث، وترافقت الصور ومقاطع الفيديو بأخبار وتحليلات عن أسباب الانفجار وآثاره وتداعياته.
وكما هو مألوف مع الأحداث الرائجة التي تحوز على اهتمام شريحة واسعة من الناس، كان للمعلومات المضللة حصة كبيرة من الأخبار المنتشرة عن الانفجار، نستذكر معكم أبرزها في هذه المدوّنة تزامنًا مع حلول الذكرى الأولى للحادث الأليم.
من الادعاءات التي انتشرت بكثافة فور الإعلان عن الانفجار، مقطعي فيديو ادّعى متداولوهما أنّهما يُظهران سقوط قنبلة على المرفأ، في محاولة للإشارة إلى سبب وقوع الانفجار.
ادّعى متداولو المقطع الأول أنّه لطائرة مسيّرة ترمي قنبلة فوق منطقة المرفأ، ولكنّ تحقق "مسبار" كشف أنّ المقطع الأصلي منشور على موقع يوتيوب قبل حدوث الانفجار، ويُوثّق في حقيقته طائرة إسرائيلية مسيّرة (درون) ترمي زجاجةً وكيسًا فوق منطقة اشتعلت فيها النيران.
وزعم متداولو المقطع الثاني أنّه يوثّق لحظة سقوط قنبلة هيدروجينية فوق مرفأ بيروت، إلّا أنّه تبيّن أنّ الجسم الظاهر في المقطع ليس قنبلة من أي نوع، إنّما مجرّد طائر كان يحلّق في المنطقة لحظة الانفجار.
وفي السياق ذاته، انتشر مقطع ثالث يُظهر تصويرًا حراريًّا ويدّعي سقوط صاروخ موجه تسبب بانفجار المرفأ، ولكن "مسبار" وجد أنه مفبرك، فالمقطع الأصلي الذي صُوّر زمن الانفجار بكاميرا هاتف، لا يظهر فيه سقوط أيّ صاروخ.
ومن المشاهد التي انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي على أنّها لمظاهر الدمار في المدينة إثر الانفجار، صورة كشف تحقق "مسبار" أنّها قديمة ومنشورة منذ عام 2012، وتصوّر جانبًا من الخراب الذي سببه انفجار سيارة مفخخة في حي الأشرفية في العاصمة اللبنانية آنذاك.
كذلك انتشرت صورة لطفل قيل إنّه فقد عائلته نتيجة الانفجار، إلّا أنّ الصورة لطفل سوري فقد أفرادًا من عائلته في قصفٍ جوي لمدينة حلب عام 2014.
وجال مقطع فيديو مواقع التواصل الاجتماعي، قال ناشروه إنّه يوثق وفاة زوجة السفير الهولندي في لبنان، لكن في الحقيقة من يظهر في المقطع لحظة الانفجار ليست زوجة السفير إنّما طبيبة لبنانية تُدعى دارين عيّاش، وقد نجت من الحادثة.
وضمن سياق حملات التضامن الدولية مع لبنان، انتشرت عدة ادعاءات زائفة ومضللة، رصد "مسبار" منها صورة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، جرى تداولها على أنّها لزيارته للمصابين اللبنانيين في المستشفيات السورية، إلّا أنّ الصورة تعود في حقيقتها إلى عام 2012 وتُظهر زيارة الأسد لعدد من جرحى قوات النظام.
وتداول مستخدمون صورة قالوا إنّها تُظهر رفع علم لبنان في مدينة بنغازي الليبية، ولكنّ "مسبار" بيّن أنّ الصورة مفبركة إذ تم التعديل في الصورة الأصلية للفندق التي نشرت منذ أعوام، وإضافة علم لبنان.
ونشر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، تغريدة توحي أنّ "إسرائيل" هي تقف وراء إضاءة كنيسة البشارة للروم الأرثوذوكس بألوان العلم اللبناني، الأمر الذي تبيّن زيفه، فإضاءة الكنيسة جاءت بمبادرة خاصة من مجلس الطائفة الأرثوذكسية في المدينة.
ورصد "مسبار" كذلك تصريحين زائفين نُسبا لرئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري، حول المساعدات الدولية المقدّمة للبنان إثر الحادث، جاء في أحدهما أنّه أعلن أنّ جميع المساعدات المصرية للبنان منتهية الصلاحية، ولكن تم نفيه رسميًّا من قبل المكتب الإعلامي للحريري.
وتداول مستخدمون قوله إنّ "جميع الرؤساء هاتفوني وقالوا: هل تريد مساعدات؟ عدا الرئيس أردوغان، قال لي: طائراتنا المحملة بالمساعدات تقترب من حدودكم"، ولكن تحقق "مسبار" كشف زيف الادعاء وعدم صحته.
ويمكنكم الاطلاع على المدونة التي نشرها “مسبار” منذ قرابة عام على هذا الرابط، للاطلاع على الأخبار الزائفة التي فنّدها عقب انفجار مرفأ بيروت.