` `

حقيقة الصورة المتداولة على أنها لقاتل القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني

محمد الخالدي محمد الخالدي
أخبار
10 نوفمبر 2021
حقيقة الصورة المتداولة على أنها لقاتل القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني
تعود الصورة لوزير العدل الإسرائيلي الأسبق شموئيل تامير (Getty)

نشرت وسائل إعلام فلسطينية وحسابات على موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، حديثًا، خبرًا مرفقًا بصورة إسرائيلي زعمت أنّه الشخص الذي قتل القائد الفلسطيني عبد القادر الحُسيني في معركة القسطل عام 1948، ويدُعى موشيه كاتزينلسون، مُشيرةً إلى وفاته مؤخرًا عن عمر ناهز 91 عامًا، فما حقيقة الصورة؟ وهل فعلاً كان تعود لقاتل الحسيني؟

صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية


عُرف عبد القادر الحُسيني المقدسي، من مواليد إسطنبول عام 1910، كأحد القادة الذين قاتلوا ضد الانتداب البريطاني منذ عام 1935. وأصبح لاحقًا القائد العام لقوات "الجهاد المُقدّس"، إذ كان أحد المُخططين لإعداد المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، من خلال تنظيم عمليات التدريب والتسليح والتواصل مع قائد الهيئة العربية العليا ومفتي فلسطين أمين الحُسيني من أجل تمويل خطته وتسهيل حركة المقاومين على كل جبهات فلسطين.

كما أنشأ الحُسيني محطة إذاعية في رام الله لدعم المقاومة وتشجيع المجاهدين، ومحطة لاسلكية في مقر القيادة في بيرزيت، وابتكر شيفرة اتصال تضْمن لهم سريّة المعلومات وعدم انتقالها إلى الأعداء عبر المراسلات العادية. كما جنّد أيضًا فريق مخابرات مهمته فقط جمع المعلومات والبيانات وخفايا وأسرار الإسرائيليين، إضافة إلى تشكيل مجموعات الثأر ضد العصابات الصهيونية التي عمدت بشكلٍ ممنهج إلى قتل الفلسطينيين، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، ومؤسسة الدراسات الفلسطينية.

ووفق حديث المناضل الفلسطيني بهجت أبو غريبة عن معركة القسطل، في برنامج شاهد على العصر على قناة الجزيرة، فإنّ اليهود كانوا يحاولون اختراق الحصار المفروض عليهم ما بين "تل أبيب" والقدس، لتمرير قوافل الغذاء والسلاح عبر طريق الوادي المُؤدّي إلى مدخل مدينة القدس، والتي كان يستهدفها المجاهدون الفلسطينيون من المرتفعات أعلى القرى والجبال وإغلاق الطريق بالحجارة.
وأضاف أبو غريبة، أنّه في أوائل شهر أبريل/نيسان عام 1948، قرّر الإسرائيليون احتلال تلك المرتفعات من قرى وجبال لتأمين حركة القوافل وفتح الطريق، والتي كانت من بينها قرية القسطل حيث سقطت بيدهم، وهي أحد أهم المواقع الإستراتيجية العسكرية المُطلة على القدس. وقال، إنّ الحُسيني انتابه الغضب حين سقطت القسطل خصوصًا بعد رفض اللجنة العسكرية التابعة للجامعة العربية بتزويده بالسلاح، إذ عاد من دمشق متوجهًا إلى القدس ثم إلى قرية القسطل على رأس قوة من المجاهدين في محاولة لاستردادها حتى وردت الأنباء أنّه أصبح مُحاصرًا فيها.
تلك الأنباء دفعت بالمجاهدين الفلسطينيين وأهالي القرى والمدن إلى التحرك لإنقاذ الحُسيني، وعُرف ذاك التحرّك باسم "فزعة الحُسيني". 

صورة متعلقة توضيحية

 وفي الثامن من نيسان/أبريل عام 1948، أُعُلن نبأ استشهاد القائد الفلسطيني عبد القادر الحُسيني بعد تحرير القسطل وتخليص جثمانه، إذ كان قائد المعركة التي استمرت في منطقة القسطل جنوب مدينة القدس ضد العصابات الصهيونية لمدة ثمانية أيام.
وبالعودة إلى حقيقة الصورة المُتداولة حول شخصية قاتل الحُسيني، تحقّق "مسبار" من الادّعاء ووجد أنّه مُضلّل، إذ تبين أنّ الصورة ليست للإسرائيلي موشيه كاتزينلسون، بل تعود لوزير العدل الإسرائيلي الأسبق شموئيل تامير في حكومة مناحيم بيغن، والذي توفي عام 1987.

صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية

وبحسب القناة 12 الإسرائيلية، فإنّ مُقاتل الكتيبة الرابعة "المُقتحمون" التابعة لعصابات "البلماخ" موشيه كاتزينلسون قد توفي نهاية الأسبوع الفائت، عن عمر ناهز 91 عامًا.

صورة متعلقة توضيحية

وأضافت القناة، أنّ كاتزينلسون ادّعى في مقابلة صحفية عام 2018، أنّه قتل القائد الفلسطيني عبد القادر الحُسيني وفلسطينيين اثنين آخرين في معركة القسطل عام 1948، من خلال إطلاق النار عليهم.
ويأتي هذا الاعتراف أمام رواية إسرائيلية أخرى عن هوية قاتل الحُسيني، إذ يقول المؤرخ العسكري الإسرائيلي، أوري ميلشتاين إنّ القائد الفلسطيني عبد القادر الحُسيني، أُعدم رميًا بالرصاص خلال معركة القسطل، بعدما أُصيب بعيارات نارية، وأنّ القوة التي أصابته بالرصاص، ثم أعدمته، لم تكن تعرف هويته الحقيقية، وفقط بعد أيام من إعدامه قامت بفحص أوراقه الثبوتية والتعرف عليه.

وقال ميلشتاين، في مقالة نشرها موقع معاريف الإسرائيلي، إنّه "إبان إحدى أكثر المعارك دراماتيكية، أطلق نائب كتيبة في وحدة هموريا التابعة للبلماخ، ويُدعى يعقوف سلمون، النار باتجاه رأس الحُسيني بعدما أصابته عيارات نارية وأسقطته على الأرض". 
وأضاف، أنّ عملية الإعدام، وفقًا ليعقوف سلمون، تمت بموافقة قائد الكتيبة، مردخاي غزيت، الذي شغل لاحقًا منصب مدير ديوان رئيس الحكومة، ديفيد بن غوريون، وسفيرًا للاحتلال في فرنسا.

وبالبحث في الرواية الفلسطينية إزاء كيفية استشهاد القائد الفلسطيني عبد القادر الحُسيني وجد "مسبار" أنّ الحُسيني تعرّض لإصابة شظية في بطنه، نتيجة سقوط قذيفة هاون على سطح غرفة كان يتواجد فيها خلال محاولته تحرير القسطل، بحسب نجله غازي الحُسيني في وثائقي أنتجته قناة الجزيرة.

وأضاف نجل الحُسيني أنّ والده وُجد مُستشهدًا وإلى جانبه 9 يهود مقتولين، مُشيرًا إلى أنّ شظية القذيفة أصابت أسفل بطنه ولم يُكن هناك إصابات أخرى في جسمه، وهذه الرواية تنافي المزاعم الإسرائيلية التي تحدثت عن مقتل الحُسيني رميًا بالرصاص.

وشيّعت الجماهير الفلسطينية القائد الحُسيني إذ دخلت الجنازة إلى المسجد الأقصى من باب الملك فيصل، وأُدخل نعش الفقيد إلى قبة الصخرة المشرفة، حيث تليت عليه آيات من القرآن الكريم، ومن ثم نُقل إلى المصلى القبلي، وصُلي عليه صلاة الجنازة بعد صلاة الجمعة.

صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية

وشملت شعائر الجنازة كذلك نعي المؤذنين له على مختلف مآذن القدس، ودقّت أجراس الكنائس، كما أطلقت 11 قنبلة من المدافع تحية للشهيد.

وتختلف الروايات حول العدد المقدر للمشاركين في الجنازة، لكن صحيفة "فلسطين" في عددها الصادر يوم 10 أبريل/نيسان 1948، قالت إنّ 50 ألف مشيع اشتركوا في الجنازة. 

صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية

دُفن الشهيد عبد القادر الحُسيني غربي المسجد الأقصى، إلى جانب والده موسى كاظم الحُسيني، ومن ثم لاحقًا دُفن إلى جانبهما فيصل الحُسيني نجل الشهيد عبد القادر بعد وفاته في الكويت في يونيو/ حزيران 2000.

المصادر:

وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية وفا

مؤسسة الدراسات الفلسطينية
الجزيرة -  بهجت أبو غريبة
 الجزيرة صورة الفزعة من مقطع فيديو+ معلومات
 المكتبة الوطنية الإسرائيلية
simania
 القناة 12 الإسرائيلية
 معاريف - المؤرخ العسكري الإسرائيلي، أوري ميلشتاين
 ترجمة مقالة المؤرخ العسكري الإسرائيلي، أوري ميلشتاين

الجزيرة – مقابلة نجل الحسيني غازي (الدقيقية 52:27)
تلفزيون فلسطين – صور الجنازة
جامعة بيرزيت الأرشيف الرقمي – صحيفة فلسطين
جامعة بيرزيت صورة – الحسيني

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة