يُعاني لبنان منذ سنوات من أزمات عديدة، زادت شدتها عقب انفجار مرفأ بيروت يوم 4 أغسطس/آب 2020، ووصف البنك الدولي في تقرير له بتاريخ 31 مايو/أيار من العام الجاري، أن الأزمة الاقتصاديّة والمالية التي تضرب لبنان من بين الأزمات العشر، وربّما من بين الأزمات الثلاث، الأكثر حدةً عالميًّا منذ أواسط القرن التاسع عشر.
تزامنت هذه الأزمة مع انتشار وباء كورونا عالميًا، إلى جانب فراغ حكومي لمدة عام، عقب استقالة حكومة رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب في 10 أغسطس 2020، على خلفية انفجار المرفأ.
ورافق الأزمة اللبنانية الحالية انتشار واسع للأخبار الكاذبة التي ضجّ بها الفضاء العمومي، وفيما يلي أبرز تلك الأخبار التي رصدها "مسبار":
تداول مستخدمون مقطع فيديو نشرته صفحات قناتي العربية والحدث على مواقع التواصل الاجتماعي، زعمت أنّه لهجوم أنصار حزب الله وحركة أمل، على سكان حيي الطيونة وعين الرمانة في العاصمة اللبنانية بيروت في أكتوبر/تشرين الأول الفائت. وبيّن تحقّق "مسبار" أنّ الادعاء مُضلّل وأنّ مقطع الفيديو قديم ولم يُلتقط خلال الأحداث التي وقعت في مدينة بيروت خلال تلك الفترة.
وتداولت مواقع إلكترونية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحًا زائفًا نُسب إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، زعمت قوله "الوضع في لبنان أخطر من الحرب العالمية، وإذا لم يتم إنقاذ الشعب سنتدخل في شؤون لبنان".
ولم تكتب مجلة تايم الأميركية على غلافها أنّ "لبنان البلد الوحيد المملوك من قبل المافيا". إذ بالتحقق من الصورة المنشورة وجد "مسبار" أنّها مفبركة.
كما لم تفرض الإدارة الأميركية عقوبات على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فقد نفى متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لوكالة رويترز، صحّة التقارير التي ادّعت أنّ الإدراة الأميركية تدرس احتمال فرض عقوبات عليه.
وتناقلت صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، صورة ادعت أنها للبنانيين يُعبّئون البنزين داخل أكياس بلاستيكية، بعدما قرّرت الحكومة حظر تعبئة المحروقات في الغالونات. وأظهر تحقّق "مسبار" أنّ الصورة مضلّلة، وتعود إلى مارس/آذار عام 2019 في المكسيك.
كما تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، صورة طابور من الصهاريج، مع ادعاء أنها من عملية تهريب بنزين من لبنان إلى سورية. تحقق "مسبار" من الادعاء ووجد أنه مضلل وأن الصورة قديمة، نشرتها وكالة غيتي للصور في 17 يونيو/حزيران عام 2014 من العراق.
ولم تطلب أميركا وفرنسا من رعاياهما مغادرة لبنان خلال شهر أغسطس الفائت؛ فعند مراجعة "مسبار" للموقع الرسمي للسفارة الأميركية في لبنان، تبين أنها لم تنشر أي أخبار متعلّقة بهذا الموضوع، وكذلك الأمر على الموقع الرسمي لسفارة فرنسا في لبنان.
ونفت وزارة الطاقة اللبنانية ادعاءً حول وصول ناقلات نفط إيرانية إلى شواطىء العاصمة اللبنانية بيروت.
كما لم يصرح وليد فياض وزير الطاقة والمياه اللبناني بأنّ مبنى وزارة الكهرباء اللبنانية يعمل بالمولدات.
وانتشر عبر حسابات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، مقطع فيديو ادّعت أنّه يوثّق نقل مريض من مستشفى رزق إلى مستشفى أوتيل ديو في لبنان، مشيًا على الأقدام بسبب نفاذ البنزين من سيارة الإسعاف، فيما وجد تحقق "مسبار" أنّه ادعاء مضلل، إذ إنّ الفيديو يوثّق مشهدًا تمثيليًّا ضمن حملة قادها مجموعة أطبّاء وصيادلة لبنانيين يوم 17 أغسطس الفائت، احتجوا فيها على تردّي الأوضاع المعيشية والصحية التي تمر بها البلاد جرّاء الأزمة الاقتصادية.
وتداولت مواقع إلكترونية وحسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، تصريحًا نسبته إلى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، تعليقًا على تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي، قال فيه "إنّ لبنان لا يحتاج مساعدة المملكة العربية السعودية، فهو تحت الوصاية الإيرانية ورئيسه العماد عون اختار طريق إيران وفنزويلا والممانعة، ولذلك فإنّ باب السعودية مقفل تجاهه". بالتحقق بين “مسبار” أنّه مفبرك.
ولم تقل صحيفة ذا نيويورك تايمز الأميركية، إنّ حزب الله ربح جولة ضد أميركا بجلبه الوقود من إيران إلى لبنان. إذ أظهر تحقّق "مسبار" أنّ الادعاء ينطوي على إثارة، وأنّ المقال الذي نشرته الصحيفة، بتاريخ 16 سبتمبر/أيلول 2021، لم يتضمن نص الجملة الواردة في الادعاء، وإنما تضمن تعليقًا على لسان مهند حاج علي، الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، جاء فيه "هذا يغذي الصورة بأنّ حزب الله قد انتصر في معركة المثابرة ضد الحصار الأميركي، وهذا النوع من الصور هو ما يحاول الحزب أن يعكسه".
وتناقلت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، خبرًا نُسب إلى صحيفة ذا نيويورك تايمز الأميركية، يفيد بأنّ وزارة الخارجية الأميركية أوصت السلطات الإسرائيلية بضرورة تعزيز الأمن على حدودها استعدادًا لتنظيم دخول اللبنانيين إليها هربًا من الوضع الاقتصادي الذي يزداد سوءًا. ووجد تحقّق "مسبار" أنّ الادعاء زائف، ولا أثر له في الصحيفة.
الأزمة اللبنانية الخليجية في مرمى الأخبار الكاذبة
واجه لبنان أزمة دبلوماسية وسياسية مع دول الخليج، بسبب تصريح لوزير الإعلام اللبناني الحالي جورج قرداحي بشأن الحوثيين وحرب اليمن قبل توليه حقيبة وزارة الإعلام، رافقها سيل من الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة، كان أبرزها التالي:
تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، خبرًا مفاده أنّ وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، قدّم استقالته بتاريخ 31 أكتوبر 2021، من منصبه في الحكومة اللبنانية. وبيّن تحقّق "مسبار" أن الادعاء زائف.
ولم تصرح وزيرة الهجرة المصرية نبيلة مكرم بإمكانية استبدال العمالة اللبنانية بالمصرية في الخليج.
وتناقلت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، تغريدة ادعى ناشروها أنها من الحساب الرسمي لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي على موقع تويتر، جاء فيها "ما كنت أظن السعودية العظمى كلها تثور من أجل تعبير عن وجهة نظر، فتقوم بطرد سفير لبنان من السعودية. أتساءل لماذا المملكة لا تقوم بطرد السفير الأميركي حينما ينبري كثير من الوزراء والسيناتورات الأميركيين بتصريحات ضد المملكة؟".
ووجد تحقّق "مسبار" أنّ الادعاء زائف، إذ تبين أنّ الحساب الذي نشر التغريدة، مفبرك وليس الحساب الرسمي لجورج قرداحي.
وطالت الأخبار الكاذبة مدير مجموعة قنوات إم بي سي، علي جابر، حينما تداولت حسابات على موقع تويتر صورة له مرتديًا الزي العسكري لحزب الله اللبناني، ولكنّ تحقّق "مسبار" أظهر أنّها مفبركة وقد تم إضافة صورة وجهه إلى الصورة الأصلية.
كما انتشرت عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تغريدة ادعى ناشروها أنها من الحساب الرسمي لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، يشكر فيها أهل اليمن على تضامنهم معه، بعد تعليق لافتات تحمل صورته في شوارع صنعاء، ووجد تحقق "مسبار" أنّه خبر زائف، وأنّ الحساب الذي نشر التغريدة مفبرك.
ولم تقل جريدة الأنباء الكويتية إنّ هناك مخططًا لتنفيذ اغتيالات سياسية في لبنان.
ومع استمرار الأزمة الاقتصادية اللبنانية، لا يُتوقع أن تتوقف المعلومات المضللة عن الانتشار، لذا ينبغي الحرص على عدم تصديق أو نشر أي خبر دون التحقق من صحته، باتباع مجموعة من النصائح تجدونها هنا.