` `

الخوف من الأحداث التاريخية كمصدر لترويج الأخبار الكاذبة

نور حطيط نور حطيط
أخبار
6 ديسمبر 2021
الخوف من الأحداث التاريخية كمصدر لترويج الأخبار الكاذبة
الخوف الناتج عن أحداث تاريخية قد يولد أخبارًا ومعلومات مضللة (Getty)

الأفكار الواردة في هذا المقال لا تُعبّر بالضرورة عن آراء مسبار.

"أفضل طريقة للدفاع عن نفسك هي عدم تصحيح المعلومات الخاطئة، بل معارضة ذلك بقصة إيجابية"، جيد ويلارد.

يقول المؤرخ إريك هوبسباوم "يوجد فرق كبير بين السؤال الذي يطرحه الباحث التقليدي عن الماضي مثل: ما الذي حدث في التاريخ؟ ومتى ولماذا؟ وبين السؤال الذي ألهمَ مجموعة كبيرة من الأبحاث التاريخية في العقود الأخيرة، وهو تحديدًا سؤال: كيف شعر الناس أو يشعرون بشأن ما حدث في التاريخ؟".

إنَّ الخوف الناتج عن أحداث تاريخية قد يولد أخبارًا ومعلومات مضللة، وأحداثًا وتنبؤات مزيفة، وبما أنَّ العقل الإنساني منحاز إلى تصديق كل ما يناسب الأفكار التي يؤمن بها، يصبح أيّ تفسير من شأنه طرد القلق والخوف، سهل التعلق به وتصديقه.

مثلًا، الصدمات التي خلّفتها ألمانيا النازية في أوروبا، زرعت في ذهنية الأوروبي هواجس متعلقة بقيام ألمانيا الحديثة باحتلال أوروبا مرة ثانية. ولأن تاريخ ألمانيا مثير إلى درجة الخوف، ولأنها تمثل مركزًا بالنسبة إلى قوتها الاقتصادية والسياسية؛ يرى ستيفان روس موهل، مؤلف كتاب "المجتمع المطلع وأعداؤه.. لماذا تهدد الرقمنة ديمقراطيتنا؟" أنَّ السبب الرئيس في اعتبار ألمانيا "مادة دسمة للأخبار الزائفة"، هو تاريخها المثير، خصوصًا ألمانيا القرن العشرين. 

أُتخِمتْ شعوب أوروبا بذاكرة عنيفة عن ألمانيا، جعلتها مركزًا مهمًا لإثارة الكراهية والاستفزاز وتهييج المشاعر. فعلى سبيل المثال، كشفت تقارير “Silvia Stöber” التابعة للمؤسسة السمعية العمومية الألمانيّة “Tagesschau”، والتي تعمل لصالح “Faktenfindern”، أنَّ وسائل الإعلام البديلة في أوروبا الشرقية، تبنت رواية تزعم أنّ الألمان يخططون لاحتلال أوروبا والدول المجاورة لها على غرار ما جرى خلال الحرب العالمية الثانية. 

من جهة أخرى، يمكن للخوف من أحداث تاريخية مضت، أن يكون مُحفّزًا لتحصين المجتمع من الأخبار المضللة، إذا أخذنا الصراع الروسي-الأوكراني مثالًا سيتضح لنا ذلك. وكما نعلم، فإن أزمة روسيا وأوكرانيا تعود لسنة 1991 أي عقب انهيار الاتحاد السوفياتي واستقلال أوكرانيا، حيث كانت الأخيرة مسرحًا للصراعات بين القوى المختلفة.

لم تكن أوكرانيا بلدًا قادرًا على مواجهة العاصفة الاقتصادية التي حلّت بها في تسعينيّات القرن الفائت. وفي سنة 1994 حين سيطرت الأوليغارشية على مفاصل السلطة ازداد الفساد، لتُنظَّم بعد عشر سنوات من ذلك الحين، مظاهرات تندد بالنتائج الانتخابية التي قالت المعارضة إنّها مزوّرة، مطالبةً بإعادة إجراء الانتخابات، ومتهمة روسيا بتدخلها في فوز فيكتور يانكوفيتش وحزبه الموالي لروسيا. وسُميّت وقتها بالثورة البرتقالية التي أطاحت بيانكوفيتش. ومنذ عام 2011 إلى اليوم، تمر أوكرانيا بأزمات دبلوماسية متعاقبة.

لن نفصّل تاريخيًا سبب توتر العلاقة بين روسيا وأوكرانيا، إنّما ما أنتجه هذا الصراع. فالمخاوف الأوكرانية لا تزال هي نفسها، والحديث عن الأخبار الزائفة أصبح أكثر تداولًا مع عودة تعريف مصطلح Fake News، فالصحافية داريا أورلوفا، العضو في المرصد الأوروبي للصحافة، تعتقد مع الصحافية ليجا أوزولينا، أنَّ أوكرانيا ودول البلطيق لا تزال هدفًا واضحًا أمام روسيا التي تأخذ من السلاح الحديث المتمثّل في "الأخبار المضللة والكاذبة" ذريعة لتحقيق أهدافها، على حد قولهم.

هذا "البعبع" المجاور والمحاذي لأوكرانيا زاد من حذر الدولة المُستهدِفة، فقد عمد خبراء في الإعلام وشباب وطلاب من أوكرانيا، على إنشاء موقع “STOPFAKE” لمحاربة الأخبار الكاذبة سنة 2014.

وتنتشر الأخبار الزائفة كذلك في بلدان أوروبية أخرى نتيجة الانقسامات السياسية التي تأتي على غرار أحداث تاريخية متعاقبة وعميقة. على سبيل المثال بولندا، التي أظهرت استطلاعات الرأي فيها عام 2017، أن 43٪ من الصحافيين "الذين شملهم الاستطلاع كانوا يتناقلون أخبارًا زائفة على مدار تلك الفترة". ووفقًا لتقرير مركز الإعلام والبيانات والمجتمع (CMDS) فإنَّ الكثير من الوسائل الإعلامية في البوسنة والهرسك تستهدف الربح دون أن تقدم أي قيمة صحفية حقيقية وتُعدّ مصدرًا للأخبار الزائفة. 

 

المصادر:

Les fausses nouvelles et la désinformation : quelques exemples de l’Europe Centrale et de l’Est

How Misinformation Became a Profitable Business in Eastern Europe

الأكثر قراءة