باتت الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة تجارة يُنعش سوقها رأس مال الإعلانات التجارية. العديد من مستهدفي الربح عن طريق الإنترنت يلجؤون إلى حيلة تدشين شبكات من المواقع الإلكترونية التي تقدم نفسها باعتبارها مواقع إخبارية أو مواقع معلومات عامة، وتستند في انتشارها على عناوين الإثارة والمعلومات المضللة، بهدف جذب معلنين أكثر، ليسوا بالضرورة على علم بمحتوى المواقع التي تظهر عليها إعلاناتهم.
نشر موقع آرس تكنيكا (ars technica) تحقيقًا صحفيًا في أكتوبر/تشرين الأول الفائت، عن شبكة منظمة من المواقع الإلكترونية عملت على نشر معلومات مضللة ونظريات مؤامرة، استهدفت دعم دونالد ترامب في انتخابات 2016، لكنها أيضًا كانت تحقق أرباحًا جيدة عن طريق الإعلانات، فإعلان واحد صغير يظهر على الصفحة الرئيسية للموقع، كان يدر عليه 30 ألف دولار شهريًا.
ووجد تقرير قائم على تحليل البيانات، نشره موقع نيوزجارد (NewsGuard) أن مواقع نشر الأخبار الزائفة تحقق أرباحًا من الإعلانات بأكثر من ملياري ونصف المليار دولار سنويًا. ورغم أن هذا الرقم قد لا يبدو كبيرًا بالنسبة إلى إجمالي حجم سوق الإعلانات الرقمية التي يتجاوز 400 مليار دولار أميركي، إلا أن رقم 2.6 مليار دولار يبقى رقمًا كبيرًا يُساهم في استمرار ورواج تجارة الأخبار الكاذبة والتضليل.
عدد من هذه الإعلانات يعود إلى علامات تجارية كبرى، مثل أمازون ونايك. وقد وجد مكتب الصحافة الاستقصائية ومقره لندن، أن إعلانات علامات تجارية كبرى تظهر على نحو 60 موقعًا إلكترونيًا ينشر نظريات مؤامرة وادعاءات فائقة التضليل حول كورونا ولقاحاته، من بينها على سبيل المثال الادعاء بأن ذوي النفوذ في العالم هم الذين خلّقوا فايروس كوفيد19 بغرض السيطرة على العالم.
وبالإضافة إلى مساهمة الإعلانات التجارية الرقمية في رواج سوق الأخبار الكاذبة حول كورونا، هناك أيضًا قضية التغير المناخي التي يلعب فيها التزييف والتضليل دورًا يصفه نشطاء ومنظمات معنية بالبيئة بـ"العقبة التي ساهمت على مدار عقود في منع تنفيذ سياسات خضراء تحد من أزمة التغير المناخي".
الكيمتريل وغيره من نظريات المؤامرة المتعلقة بالمناخ، أو تكذيب البيانات الموثوقة بشأن تأثيرات التغير المناخي على الكوكب والبشر؛ تلقى رواجًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية المعتمدة على نشر المعلومات المضللة. ما يُساعد في استمرار كل هذه المنصات هي الإعلانات التجارية الرقمية، أو بالأحرى أكثر من 400 مليار دولار هي القيمة السوقية لتلك الإعلانات.
بدون معايير أكثر وضوحًا وشفافية بشأن تنظيم الإعلانات الرقمية، من المتوقع أن يستمر دعم تجارة الأخبار الكاذبة على الإنترنت، وربما المساهمة في ازدهارها أكثر، خاصةً أنه في معظم الحالات لا تعرف العلامات التجارية المُعلِنة أين سيظهر إعلانها الذي تديره وتسوقه شركات تكنولوجيا مثل غوغل (على المواقع الإلكترونية) أو الشركات صاحبة منصات التواصل الاجتماعي مثل ميتا لمنصتي فيسبوك وإنستغرام.
وكانت منظمة " Stop Funding Heat" نشرت تقريرًا بالتعاون مع معهد " CASM"، وجد أنه خلال الفترة ما بين يناير/كانون الثاني وأكتوبر 2021، ظهر ما لا يقل عن 113 إعلانًا تجاريًا على منشورات تتضمن معلومات مضللة حول المناخ على موقع فيسبوك، بقيمة مالية تتراوح ما بين 58 ألفًا و75 ألف دولار أميركي.
لذلك، فإنه في نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، وبالتزامن مع انعقاد قمة المناخ COP26 في غلاسكو، نشرت شبكة " Conscious Advertising Network " مع أكثر من 250 موقعًا من أفراد ومنظمات معنية بالبيئة، خطابًا مفتوحًا موجهًا لإدارات منصات التواصل الاجتماعي الأبرز، يطالبهم باتخاذ إجراءات تحد من انتشار التضليل حول المناخ، على أن تمتد هذه الإجراءات إلى نظام عرض واستضافة الإعلانات على هذه المنصات.
المصادر:
The Bureau of Investigative Journalism
اقرأ/ي أيضًا:
هل يمكن معالجة أزمة المناخ دون مواجهة المعلومات المضللة؟
نظرية التطعيم العقلي ضد الأخبار الكاذبة في قضايا التغير المناخي