كثيرًا ما نستخدم الأمثال الشعبية في لغتنا اليومية تعبيرًا عن مواقف بعينها، بل ويعتبر البعض الأمثال الشعبية حقيقة لا تقبل الشك أو المناقشة، لكن هل فكرتم بصحة هذه الأمثال خاصة إذا ما كانت ترتبط بالحيوانات أو الطيور؟ في هذا المقال سنحاول التحقق من صحة بعض هذه الأمثال.
هل فكرتم يومًا كيف تسير الأسماك في أعماق البحار والمحيطات؟ وكيف تشقّ طريقها وسط الشعاب المرجانية لتصل إلى غايتها وهدفها؟
مهمة صعبة تحتاج إلى تركيز ودقة بل وتحتاج إلى ذاكرة قوية من أجل تخزين المعلومات الخاصة بالمسالك والاتجاهات والطبيعة تحت الماء.
يعتقد الكثيرون من غير المتخصصين أن الأسماك لديها ذاكرة ضعيفة، بل يبالغ البعض ويجزم – بغير معلومة – أن ذاكرة الأسماك لا تتعدى ثوانٍ معدودة. وبات يُضرب بالأسماك المثل في ضعف الذاكرة.
على خلاف السائد فإن الأسماك تتمتّع بذاكرة صحية وقوية، تمكّنها من العيش تحت سطح الماء والتأقلم مع طبيعية متنوعة ومتعددة التضاريس. وتستطيع الأسماك تذكر الأشياء لعدة سنوات، بل إنّ بعضها يفوق قدرة البشر في حساب المساحات المحيطة بدقة متناهية.
وبحسب دراسات علمية موثوقة، فإن الأسماك تستطيع الاحتفاظ بالمعلومات في الذاكرة لمدة ثلاثة شهور، كما يمكنها معرفة التوقيت وذلك باستخدام طرق مختلفة. فقد أظهرت دراسة أجريت عام 1994 في جامعة بليموث البريطانية، قدرة الأسماك على الاستجابة لبعض التدريبات المنظمة، حيث قام الباحثون بتدريب السمكة الذهبية على دفع رافعة صغيرة تعمل لمدة ستين دقيقة، فقط مقابل مكافأة تحفيزية للسمكة. وما أثار استغراب الباحثين أنّ السمكة استجابت وبدقة فائقة، ما يعني أنّ لديها قدرة على تحليل وتخزين المعلومات.
ولعلّ الكثير من مربي هذا النوع من الأسماك يعتادون صعود السمكة الذهبية إلى سطح الماء طلبًا للطعام في أوقات محدّدة، يُظهر مدى قدرة هذا النوع من الأسماك على ترقّب الطعام في أوقات محدّدة، ما يدلّ على أن بعض صفاتها قد تطور مع مرور الزمن.
ووفقًا لدراسة أُجريت في فبراير/شباط عام 2017 بجامعة بادوفا في إيطاليا، تستطيع أسماك الغابي الخروج من متاهة متشعبة تتكّون من ستة مسارات مختلفة، وأشار القائمون على الدراسة أنّ أداء هذا النوع من الأسماك – خلال هذه التجربة – يشبه كثيرًا أداء الفئران.
وفي مثال آخر، يُضرب المثل في افتعال مشاعر الحزن بالتماسيح، إذ يستخدم البعض "دموع التماسيح" للإشارة إلى افتعال البكاء، ولكن ما حقيقة هذا التشبيه؟
يعتقد الكثيرون في صحة هذا المثال استنادًا إلى رؤية دموع التماسيح وهي تأكل فريستها، فيعتقد البعض أنها تبكي مفتعلة الحزن على الفريسة التي تأكلها، لكنّ العلماء يرجعون سبب هذه الدموع إلى تحمّسها الكبير للأكل، مايجعل الهواء يندفع عبر الجيوب الأنفية ويتسبّب في تساقط الدموع. لذا، يؤكد المتخصصون أن دموع التماسيح ليس لها علاقة بأي مشاعر حزن أو فرح، إنّما هي نتيجة طبيعية ومجرد استجابة فسيولجية لا غير.
وفي مثال آخر يستخدم كثيرون عبارة "زي القطط بسبعة أرواح" أو "زي القطط بتسعة أرواح" إشارة إلى قدرتها على البقاء حية رغم تعرضها لمواقف صعبة وخطيرة. وما عزّز اعتقاد الكثيرين بهذه المقاربة ربما رؤيتهم للقطط تسقط من بعض الأدوار المرتفعة أو نجاتها من مواقف صعبة كالفرار من تحت إطارات السيارات في اللحظات الأخيرة مثلًا.
على الرغم من التسليم بكلّ هذه المواقف، فهذا لا يعني بالضرورة امتلاكها لقدرات خاصة. ويفسّر العلماء هذه المواقف بكون القطط تتمتّع بقدرات متقدمة في تعديل وضعية جسدها في الهواء في بعض الحالات، كالسقوط من أعلى لتتمكن من النزول على وضعية مخالبها الأربعة، لكن إذا سقطت القطة من أدوار منخفضة، من الطابق الثاني أو الثالث مثلًا، فلن يكون لديها الوقت الكافي لتعديل وضعية جسدها ما سيعرّض حياتها للخطر. كذلك يمكن للقطة أن تموت في اشتباك مع حيوانات أخرى كالكلاب، أو نتيجة أمراض خطيرة كالسرطان وغيرها.
وفي مثال آخر يشير الكثيرون إلى ضعف البصر بعبارة "أعمى كالخفاش"، فهل حقًا لا يستطيع الخفاش الرؤية؟
هذه معلومة مغلوطة تمامًا، فالخفافيش ليست عمياء ولا تعاني مطلقًا من ضعف النظر، كلّ ما في الأمر أن الخفافيش تتمتّع بحاسة سمع قوية ولديها أيضًا قدرة هائلة على تحديد موقع الأشياء وذلك باستخدام صدى الصوت، إذ تصدر الخفافيش نبضات أو موجات ما فوق الصوتية، تنعكس على الأشياء ثم ترتدّ إليها مرة أخرى، ما يساعدها على تفادي الأشياء واصطياد فريستها بسهولة عن طريق تحديد موقعها بدقة عالية.
إقرأ/ي أيضًا:
هذه الحيوانات في محمية المأوى الطبيعية في الأردن
الحيوانات تتفقد المنازل أثناء الحجر الصحي.. صور مضللة
المصادر: