` `

كيف تعامل إسرائيل الأطباء الفلسطينيين بعيدًا عن عدسات الكاميرا؟

فريق تحرير مسبار فريق تحرير مسبار
أخبار
4 يناير 2025
كيف تعامل إسرائيل الأطباء الفلسطينيين بعيدًا عن عدسات الكاميرا؟
اعتقلت إسرائيل الطبيب حسام أبو صفية من مستشفى كمال عدوان

بعد الانتشار الواسع لصورة الطبيب حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة، والتي ظهر فيها مرتديًا زيه الطبي الأبيض وهو يسير وسط الركام، محاطًا بآليات عسكرية إسرائيلية، في 27 ديسمبر/كانون الأول الفائت، نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي مقطع فيديو يوثّق اللحظات الأخيرة قبيل اعتقاله. وأظهر الفيديو الحصار الذي فرضه جيش الاحتلال حول المستشفى، مع إعلان أحد الجنود عبر مكبر الصوت أن جميع من في المبنى محاصرون.

كما تضمنت المشاهد لحظة دخول الطبيب حسام أبو صفية إلى آلية تابعة للجيش، واستقبال الجنود له بالترحيب. وظهر في مشهد آخر لأحد الضباط وهو يسأله عمّا إذا كان المستشفى قد أُخلي بالكامل.

شهادات تؤكد الاعتداء على أبو صفية خلال اعتقاله

على النقيض مما عرضه الفيديو المتداول والذي أظهر الجنود الإسرائيليين وهم يرحبون بالطبيب حسام أبو صفية، قال الطبيب منير البرش، المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، في مقابلة مع قناة الجزيرة، إن أبو صفية تعرض لاعتداء من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي، وتم ضربه بالهراوات والعصي بشكل مبرح وأجبر على خلع ملابسه وألُبس ملابس المعتقلين، وأنّ الجيش اتخذه كدرع بشري  للبحث داخل مستشفى كمال عدوان.

وأضاف البرش أن ضابطًا أجبر الطبيب أبو صفية على خلع ملابسه قبل أن يبدأ الجنود في ضربه ضربًا مبرحًا، وفق ما وصفه المعتقلون الذين أُفرج عنهم لاحقًا.

في سياق متصل، قال شاهد عيان لوكالة شهاب الإخبارية، إن الجيش استدعى أبو صفية، واعتدى عليه بالضرب، إذ طلب منه إخلاء المستشفى مع إبقاء 25 من أفراد الطاقم الطبي فقط.

وذكر الشاهد أنه تم نقل أبو صفية مع عدد من الأطباء والمرضى إلى مدرسة الفاخورة، وأعاد الجيش استدعاءه مع أربعة من الأطباء والمرضى إلى ساحة المدرسة. وأضاف "تم تجريدهم من ملابسهم وضربهم بشكل جنوني بواسطة أسلاك الكهرباء، وكنا نسمع صراخهم وصوت ضربات السلك".

من جهته، أوضح المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أنه تلقى شهادات تؤكّد تعرض أبو صفية، للاعتداء بالضرب من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي فور خروجه من المستشفى يوم 27 ديسمبر الفائت. كما تم استهدافه بشكل مباشر بقنابل الصوت أثناء محاولته إخلاء المستشفى بناءً على أوامر الجيش الإسرائيلي.

ووفقًا للشهادات التي جمعها المرصد، اقتاد جيش الاحتلال أبو صفية إلى مقر التحقيق الميداني في منطقة الفاخورة بمخيم جباليا، حيث أُجبر على خلع ملابسه وتعرض للضرب المبرح، بما في ذلك جلده باستخدام سلك غليظ يُستخدم لتمديد الكهرباء في الشوارع. كما تعمد الجنود إهانته أمام المعتقلين الآخرين، بما فيهم زملاؤه من طاقم المستشفى. وبعد ذلك، تم اقتياده إلى جهة مجهولة قبل نقله إلى معسكر "سدي تيمان" التابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وأكّد عدد من الشهود أن الجنود الإسرائيليين قاموا بضرب الطبيب أبو صفية في ساحة المستشفى والاعتداء عليه جسديًا بعد دقائق من وصوله إلى دباباتهم.

وكشف معتقلون سابقون أطلقت إسرائيل سراحهم، مؤخرًا، لشبكة "سي إن إن" عن تفاصيل تتعلق بمكان احتجاز الطبيب بعد اعتقاله. وأكدوا أنه، محتجز في قاعدة "سدي تيمان" العسكرية في صحراء النقب

كما أفاد معتقلون سابقون من القاعدة أنهم شاهدوا أبو صفية هناك، وأكدوا أنه كان محتجزًا في نفس المنشأة مع مسعفين آخرين تم اعتقالهم خلال المداهمة. 

وتحدث المعتقلون عن سوء المعاملة التي تعرض لها أبو صفية، إذ قال أحدهم إنه سمع اسم الطبيب خلال المناداة على السجناء، في حين قال آخر إنه عومل بشكل سيء و"تعرض للضرب حتى نزفت عينه”.

ولم يظهر أبو صفية للعلن منذ مداهمة القوات الإسرائيلية للمستشفى في الأسبوع الفائت. وفي 28 ديسمبر الفائت، أصدرت وزارة الصحة في قطاع غزة بيانًا مقتضبًا قالت فيه إن "قوات الاحتلال اعتقلت الطبيب حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان".

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان له إنه اعتقل الطبيب حسام أبو صفية بزعم انتمائه إلى حركة حماس، وذلك للتحقيق معه.

وكان أبو صفية قد فقد نجله إبراهيم في 26 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي للمستشفى. وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، تعرض لإصابة نتيجة قصف استهدف المستشفى، لكنه رفض مغادرة مكانه واستمر في علاج المرضى والجرحى.

إصابة أبو صفية جراء قصف على مستشفى كمال عدوان في نوفمبر الفائت
إصابة أبو صفية جراء قصف على مستشفى كمال عدوان في نوفمبر الفائت

الاحتلال استهدف مستشفى كمال عدوان بزعم وجود مقرات لـحماس

يوم 27 ديسمبر الفائت، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن إطلاق عملية عسكرية في منطقة مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، شمالي قطاع غزة، مؤكدًا أن العملية جاءت بناءً على "معلومات استخباراتية" تفيد بأن المستشفى كان يُستخدم كمركز لحركة حماس.

وقال في بيانه "بدأت العمليات في منطقة مستشفى كمال عدوان في الساعات القليلة الماضية بعد ورود معلومات استخباراتية حول وجود بنية تحتية إرهابية وعناصر تنفذ أنشطة إرهابية". 

حماس: أكاذيب الاحتلال حول مستشفى كمال عدوان تهدف لتبرير جريمة تدميره

من جهتها قالت حركة حماس، إن مزاعم الاحتلال الإسرائيلي بوجود مقاومين ووسائل قتالية داخل مستشفى كمال عدوان هي "أكاذيب مفضوحة" تهدف لتبرير الجريمة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي بتدمير المستشفى. 

وأكّدت الحركة في بيانها أنها تنفي بشكل قاطع وجود أي مظهر عسكري أو وجود لمقاومين في المستشفى، مشيرة إلى أنه كان مفتوحًا أمام الجميع بما في ذلك المؤسسات الدولية والأممية.

تصريح من حركة حماس حول مزاعم الاحتلال بوجود مقاتلين داخل مستشفى كمال عدوان
بيان حركة حماس حول مزاعم الاحتلال بوجود مقاتلين داخل مستشفى كمال عدوان

وأضافت الحركة أن جيش الاحتلال روج لمزاعم مشابهة ضد مستشفيات أخرى في قطاع غزة، مثل مستشفى الشفاء، والتي تم دحضها عبر تقارير وتحقيقات دولية.

كما طالبت الحركة في بيان آخر، بضرورة إرسال مراقبين أمميين إلى مستشفيات غزة للتحقق من صحة ما يروّج له الاحتلال الإسرائيلي حول استخدامها لأغراض عسكرية، بهدف تفنيد تلك المزاعم.

احتجاز وضرب: شهادة أطباء مستشفى ناصر

في 15 فبراير/شباط الفائت، اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، وهو أحد المستشفيات القليلة التي كانت لا تزال تعمل في تلك الفترة. وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف المستشفى بناءً على "معلومات استخباراتية تفيد بأن المستشفى كان يؤوي مقاتلين من حركة حماس". كما زعم أن المستشفى كان "يحتجز فيه بعض الرهائن الإسرائيليين"، وهو ما نفته حماس بشدة، مؤكدة أن لا علاقة لها بالنشاطات العسكرية داخل المنشآت الطبية.

في حديث لبي بي سي، روى طاقم مستشفى ناصر تفاصيل عن تعرضهم للإذلال الجسدي والنفسي خلال الاقتحام. إذ وصف أحمد أبو صبحة، أحد الأطباء في المستشفى، كيف تم تعصيب أعينهم واحتجازهم لأيام، بالإضافة إلى إجبارهم على خلع ملابسهم وتعرضهم للضرب المتكرر، مضيفًا أنه تم إطلاق كلاب مكممة عليه، وأن جنديًا كسر يده أثناء احتجازه.

وخلال اقتحام المستشفى عرض الجيش الإسرائيلي صورة لمجموعة من الجنود والضباط وهم يتحدثون مع مدير المجمع الطبي، الطبيب عاطف الحوت. بينما كانت القوات الإسرائيلية تسعى لتلميع صورتها أمام العالم، أكد الطبيب الحوت أن الأوضاع التي تعرض لها الأطباء والمرضى خلال الاقتحام كانت شديدة القسوة. وأضاف "كان كل من يحاول تحريك رأسه أو القيام بأي حركة يتعرض للضرب".

الجيش الإسرائيلي نشر صورة للطبيب عاطف الحوت وهو يتحدث مع جنود إسرائيليين
الجيش الإسرائيلي نشر صورة للطبيب عاطف الحوت وهو يتحدث مع جنود إسرائيليين

استهداف الطواقم الطبية خلال اقتحام مستشفى الأمل

في فبراير الفائت، اقتحم جيش الاحتلال مستشفى الأمل في مدينة خانيونس جنوبي القطاع، واعتقل 9 من أفراد الطاقم الطبي والمرضى خلال عملية اقتحام استمرت عدة ساعات. وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن الجيش دمر المعدات الطبية، وعذّب الطاقم الطبي بربط أيديهم وتعصيب أعينهم، بالإضافة إلى ضربهم وإهانتهم. 

أظهرت صور مسربة أطباء ومسعفين ومرضى مكبلين تحت تهديد الجنود، كما قامت قوات الاحتلال بسرقة أموال وأجهزة حاسوب من المستشفى ومن المصابين، بحسب شهادات بعض الموجودين. جاء هذا الاستهداف في وقت زعم فيه الاحتلال استهداف المنشآت الطبية لأغراض عسكرية، في تناقض صارخ مع استهدافه المتكرر للطواقم الطبية والمدنيين في غزة.

صورة لأطباء ومرضى مكبلين في مستشفى الأمل أثناء اقتحام الاحتلال للمستشفى
صورة لأطباء ومرضى مكبلين في مستشفى الأمل أثناء اقتحام الاحتلال للمستشفى

الأمم المتحدة: الغارات الإسرائيلية على مستشفيات غزة تدفع النظام الصحي نحو الانهيار

خلص تقرير نشرته مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان يوم 31 ديسمبر الفائت، إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية على مستشفيات غزة منذ أكتوبر 2023 أسفرت عن دمار هائل في النظام الصحي، مما أثر بشكل كارثي على قدرة الفلسطينيين في الوصول إلى الرعاية الطبية. 

وثّق التقرير الهجمات التي استهدفت المستشفيات والمرافق الطبية بين 12 أكتوبر 2023 و30 يونيو 2024، مشيرًا إلى أن هذه الهجمات قد تشكل جرائم حرب في حال كانت الهجمات تستهدف المدنيين والمرافق الطبية غير المستخدمة لأغراض عسكرية.

تقرير الأمم المتحدة حول الاعتداءات الإسرائيلية على مستشفيات غزة
تقرير الأمم المتحدة حول الاعتداءات الإسرائيلية على مستشفيات غزة

الاحتلال يستهدف المنظومة الصحية في غزة بشكل ممنهج

قال المكتب الحكومي في قطاع غزة، في 24 ديسمبر الفائت، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهدف المنظومة الصحية في القطاع بشكل مخطط ومدروس منذ السابع من أكتوبر 2023. 

وأوضح المكتب أن جيش الاحتلال دمر وأحرق المستشفيات والمراكز الطبية، مما أدى إلى إخراجها عن الخدمة، مشيرًا إلى مقتل أكثر من 1000 طبيب وممرض، واعتقال أكثر من 310 آخرين، تعرض بعضهم للتعذيب والإعدام داخل السجون الإسرائيلية. 

وأضاف أن الاحتلال منع إدخال المستلزمات الطبية والوفود الصحية، بما في ذلك مئات الجراحين، إلى قطاع غزة، ما فاقم من الأزمة الإنسانية والصحية، مشيرًا إلى أن المستشفيات أصبحت أهدافًا معلنة منذ بدء العملية العسكرية على شمال غزة في الخامس من أكتوبر الفائت، وأكد أن ذلك يعكس خطة ممنهجة لتدمير المنظومة الصحية وإسقاطها.

الاحتلال الإسرائيلي يستهدف المنظومة الصحية في غزة
حكومة غزة: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف المنظومة الصحية في غزة

اقرأ/ي أيضًا

الخارجية الإسرائيلية تبحث تخصيص 150 مليون دولار لتوسيع حملات الهاسبارا

بيان مفبرك يُنسب لعائلة شذى الصباغ ويتهم كتيبة جنين بجريمة استهدافها

الأكثر قراءة