حظيت قضية المعلومات المضلّلة في السنوات الأخيرة باهتمام كبير عالميًا وعلى كافة الأصعدة، إذ أصدرت العديد من الدول والمؤسسات الكبرى قوانين وتشريعات لمحاربتها، بسبب خطورتها على أمن الأفراد والمجتمع.
ومن الفئات المتضررة التي استهدفتها الأخبار المضلّلة خلال السنوات الأخيرة، اللاجئين والمهاجرين، الأمر الذي يزيد الخطر على سلامتهم في مناطق وجودهم نتيجة لخطاب الكراهية والأخبار المضلّلة الموجهة ضدهم.
ذكرت دراسة أصدرها برلمان الاتحاد الأوروبي خلال شهر يونيو/حزيران 2021، بعنوان " تأثير حملات المعلومات المضللة حول المهاجرين والأقليات في الاتحاد الأوروبي"، أنّ البرلمان الأوروبي أصدر قرارين لحماية الأقليات من المعلومات المضلّلة، الأوّل في العاشر من أكتوبر/تشرين الأوّل 2019، والثاني في 15 يناير/كانون الثاني 2020، إذ أدان البرلمان الأوروبي عبر القرارين الدعاية الإعلامية والمعلومات المضلّلة ضد الأقليات والمهاجرين، داعيًا إلى إنشاء أفضل الضمانات الممكنة ضد خطاب الكراهية والتطرف، وحملات التضليل والدعاية المعادية، لا سيما تلك الصادرة عن الدول الاستبدادية والجماعات المتطرفة.
وقدمت الدراسة عددًا من التوصيات حول كيفية تحسين النظام البيئي الإعلامي بشكل عام وكيفية مواجهة المعلومات المضللة المتعلقة بالأقليات على وجه الخصوص، منها أنه يجب أن يتضمن قانون الممارسة المعزز والمخطط له بشأن المعلومات المضللة وقانون الخدمات الرقمية، حماية خاصة للفئات الضعيفة. على سبيل المثال، يجب أن يُطلب من المنصات المختلفة التعاون مع مدققي الحقائق والمشرفين الذين يمثلون الأقليات.
من بين التوصيات أيضًا أنّه يجب على الأقليات تعزيز خطابها الإيجابي المضاد للفت انتباه وسائل الإعلام لمواجهة المعلومات المضللة السلبية عنهم. كما يجب أن يستمر الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في دعم برامج التحقق من المعلومات وتطوير أدواتها.
وأوصت الدراسة كذلك بضرورة استمرار برامج الاتحاد الأوروبي الناجحة التي تُدرّب الشباب من الأقليات على كيفية إنشاء ونشر خطابهم المضاد، بالإضافة إلى برامج تدريب الصحافيين حول كيفية تغطية الأخبار المتعلقة بالأقليات، إذ ينبغي تعليمهم كيفية التعرف إلى المعلومات المضللة حول الأقليات، وذلك لتجنب انتشارها غير المقصود.
"مسبار" يرصد الأخبار المضلّلة حول اللاجئين والمهاجرين خلال الأشهر الفائتة
رصد "مسبار" العديد من الأخبار حول اللاجئين والمهاجرين في العالم خلال الأشهر الفائتة، إذ تداولت مواقع إخبارية وحسابات على موقع تويتر، تصريحًا منسوبًا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في شكل عنوان مقال إخباري، جاء فيه "سنعيد مليون سوري لبلادهم". وأظهر تحقّق "مسبار" أنّ الادّعاء انتقائي، فعنوان الخبر لا يعكس التصريح الكامل للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذ لم يقل "سنعيد مليون سوري لبلادهم"، بل أعلن عن خطة مشروع تحضّره أنقرة ويتيح العودة الطوعية إلى سورية لمليون سوري استقبلتهم تركيا.
وانتشر على موقع فيسبوك، مقطع فيديو ادّعى متداولوه أنّه يظهر لحظة خروج الشاب التركي الذي اعتدى على مُسنّة سورية في مدينة غازي عنتاب. وبالتحقّق وُجد أنّ الادّعاء مضلّل، إذ يعود مقطع الفيديو إلى القبض على متّهم بالتحرّش بطفلة في مدينة ديار بكر في تركيا، في شهر مارس/آذار الفائت، وليس للحظة خروج المعتدي على المرأة السورية المُسنّة.
وبالتحقق من صورتين ادّعى الناشرون أنّهما لسوريين يعبرون الأراضي الأوكرانية بسبب الحرب الدائرة هناك، للوصول إلى بولندا وطلب اللجوء في إحدى دول أوروبا. وجد "مسبار" أنّه مُضلّل وأنّ الصورتين قديمتان للاجئين سوريين على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، والتُقطتا يوم الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021.
وانتشر على "فيسبوك" فيديو زائف لعبور طفل أوكراني حدود بولندا وحيدًا، إذ نفى حرس الحدود البولندي الخبر المتداول في منشور شاركه في صفحته على موقع تويتر. ونشر صورة التقطتها كاميرات المراقبة وقتئذ، تُؤكّد أنّ الفتى كان رفقة عائلته. كما أشار إلى أنّ جميعهم بخير حاليًّا في بولندا.
وتداولت حسابات على موقعي فيسبوك وتويتر، صورة ادّعت أنّها لموجة نزوح تشهدها العاصمة الأوكرانية كييف، بعد إعلان حالة الحرب ضدّ روسيا. ليجد تحقّق "مسبار" أنّ الادّعاء مضلّل وقديم، وتعود الصورة إلى يناير/كانون الثاني عام 1999، وهي لنازحين من كوسوفو، الواقعة جنوب شرق أوروبا، خلال الأزمة التي شهدتها المنطقة، آنذاك.
أخبار مضلّلة حول اعتداءات للشرطة السويدية على أطفال لاجئين
تحقّق "مسبار" من مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، على أنّه لاعتداء الشرطة السويدية على لاجئ سوري لم يتجاوز عمره 16 سنة، وتبيّن أنّ مقطع الفيديو قديم ويعود لاعتداء حارس أمن سويدي على طفل مغربي يبلغ من العمر تسع سنوات في فبراير/شباط عام 2015.
وادّعى ناشرو مقطع فيديو على مواقع إخبارية وصفحات على "فيسبوك" و"تويتر" أنّه يُوثق سحب الشرطة السويدية للأطفال العرب والمهاجرين من ذويهم. ليُظهر التحقّق أنه مُضلّل وقديم، إذ نشرته وسائل إعلام روسية عام 2012، على أنّه لسحب هيئة الخدمات الاجتماعية بمساعدة الشرطة الهولندية، حضانة طفلين توأمين يحملان الجنسية الروسية من والدتهما بعد اقتحام منزلها في بلدة آرنم في مقاطعة خيلدرلند في هولندا.
وتداولت حسابات على موقع تويتر، صورة، زعمت أنّها لتدشين المملكة العربية السعودية، مشروعًا يتألف من 500 منزل إيوائي، للاجئين من الروهينغا في بنغلادش.وتبيّن بالتحقّق أنّها مضلّلة وقديمة، نُشرت في 11 مايو/أيّار عام 2015، على أنّها لإتمام الحملة السعودية لنصرة السوريين في مخيم الزعتري، شمال شرق الأردن.
ولم يعثر “مسبار” على خبر تدشين السعودية، مساكن للاجئي الروهينغا في بنغلادش منشورًا في أي وسيلة إعلام. لكن السعودية قدّمت مساعدات للاجئي الروهينغا بقيمة 10 مليون دولار، عام 2019، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس).
كما لم تعلن مفوضية اللاجئين (UNHCR) أن نصف المبلغ الذي جمعه صانع المحتوى على موقع يوتيوب، أبو فلة، في حملة "لنجعل شتاءهم أدفأ" سيخصص مصاريف إدارية ورواتب لموظفي مفوضية اللاجئين.
وتداولت حسابات صورًا مضلّلة، ادّعت أنّها من حادثة غرق مركب محمل باللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة قبالة السواحل اليونانية. إذ وجد "مسبار" أنّ الصور قديمة وتعود لمهاجرين قبالة السواحل التونسية، التقطها المصور دارين زاميت، لصالح وكالة الأنباء العالمية رويترز، خلال يومي 31 يوليو/تموز والأوّل من أغسطس/آب 2021.
إضافةً إلى ذلك، أعدّ فريق "مسبار" عددًا من المدونات التي سلّطت الضوء على خطورة الأخبار المضلّلة والكاذبة على اللاجئين، مثل مدونة "اللاجئون في تركيا والخطاب الشعبوي المضلّل"، ومدونة "دور التضليل في أزمة المهاجرين: كيف تحوّل فيسبوك إلى سوقٍ لتهريب البشر؟" ومدونة "لاجئونا ولاجئوهم: نزوح الأوكرانيين يُحيي خطاب الاستشراق في تغطية الإعلام الغربي".