قال رياض جراد المعلق في برنامج "روندي فو 9" على قناة التاسعة التونسية مساء أمس الاثنين 4 يناير/كانون الأول، في حديثه عن العدالة الجبائية إنّه يمكن للدولة أن تفرض الضريبة على آلاف المسابح الخاصة في تونس، وأوضح أنّه في تجارب مقارنة فإنّ عدة دول أوروبية تطبق هذا الإجراء.
وأوضح أنّ الدولة يمكن أن تزيد من مبلغ الضريبة على معلوم الطابع الجبائي المخصص للسفر كما يمكن أن ترفع من الضريبة على السيارات الفاخرة.
وسخر بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من اقتراحه، واعتبره البعض قابلًا للتحقيق.
وبعد الجدل الذي أثاره بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، شارك جراد في حسابه الرسمي منشورًا، قال فيه إنّه بعد الجرد تبين أنّ هناك حوالي 30 ألف مسبحًا خاصًا. وأضاف "بعمليّة حسابيّة بسيطة، 3000 دينار كضريبة في العام ستمنح الدولة ما يقرب من 100 مليار.
وقال في منشور آخر حول جدل مداخلته حول الضريبة على المسابح الخاصّة، "هذا المقترح أقرّته الحكومة في قانون المالية لسنة 2017 في فصله الـ30 و قد تمّ إسقاطه من قبل لجنة الماليّة بالبرلمان، في ذلك الوقت".
فهل يوجد في تونس 30 ألف مسبحًا خاصًا؟
بحث "مسبار" عن الرقم الذي جاء على اللسان المعلق التونسي رياض جراد، ووجد أنّه متداول منذ عام 2016، خلال مناقشة قانون المالية عام 2017 في مجلس نواب الشعب التونسي.
وجاء الرقم ضمن تقرير إخباري حول "إسقاط الفصل 30 المتعلق بفرض معلوم على المسابح من مشروع قانون المالية لسنة 2017"، الذي صاغته حكومة يوسف الشاهد، آنذاك.
ونسب، حينها، للمديرة العامة للدراسات والتشريع الجبائي بوزارة المالية، سهام بوغديري، قولها في دفاعها عن الفصل أمام نواب لجنة المالية، إنه "وفق نتائج التعداد العام للسكان والسكنى، يبلغ عدد المسابح حوالي ثلاثين ألف مسبح ما يعني آثارًا مالية في حدود ثلاثين مليون دينار تونسي".
وبالعودة إلى التعداد العام للسكان والسكنى في تونس لعام 2014، وهو آخر تعداد قام به معهد الإحصاء التونسي، لم يعثر "مسبار" على العدد المذكور ضمن الإحصائيات والمؤشرات المسجلة. ولم يعثر على تصنيف للمسابح في التعداد من الأساس.
كما لم ينشر الرقم في أي مصدر رسمي سواء مؤسسة إحصائية أو وزارة معنية.
وتواصل "مسبار" مع حسن غزلاني المكلف بالإعلام في معهد الإحصاء، المؤسسة العمومية التي تقوم بجمع المعلومات الإحصائية الخاصة بالبلاد، وأكد أنّ المعهد لم يصدر أي إحصائية بخصوص عدد المسابح الخاصة في البلاد ولم يدرج ذلك في التعداد العام للسكان والسكنى، الذي يتولى المعهد إنجازه كل 10 سنوات.
وحاول "مسبار" التواصل مع ديوان قيس الأراضي والمسح العقاري، حول الرقم المتداول ولم يتلق إجابة حتى كتابة هذا التقرير.
دول أوروبية تفرض الضريبة على المسابح الخاصة؟
تحقق "مسبار" من المعلومة التي وردت على لسان رياض جراد ووجد أنّها صحيحة، إذ إن دولًا مثل فرنسا وبلجيكا تفرض ضريبة على حمامات السباحة.
يعتمد مستوى الضرائب على حوض السباحة في بلجيكا على مداولات كل بلدية، وبالتالي يختلف المبلغ.
مثلا في مدينة تورناي تم تحديد ضريبة بلدية سنوية على حمامات السباحة الخاصة الموجودة في 1 يناير من السنة الضريبية للأعوام 2023 إلى 2025. ينطبق هذا على حمامات السباحة الخاصة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من قبل الشخص الذي يتمتع بها، وأفراد أسرته والأشخاص الذين يدعوهم. وتم تحديد الضريبة على النحو التالي:
300 يورو سنويًا لكل حمام سباحة لا تقل مساحته عن 10 أمتار مربعة ولا يزيد عن 50 مترًا مربعًا.
450 يورو سنويًا لكل حمام سباحة تزيد مساحته عن 50 مترًا مربعًا وأقل من 100 متر مربع.
700 يورو سنويًا لكل بركة مساحتها 100 متر مربع أو أكثر.
مع حالات إعفاء ضريبي لأحواض سباحة صغيرة تقل مساحتها عن 10 متر مربع (حسب البلدية)، بالإضافة إلى أحواض مرتفعة غير مثبتة في الأرض، والتي يمكن أن يتم تفكيكها.
أما في فرنسا فتنفذ الضرائب والرسوم المتعلقة بحمامات السباحة على ثلاثة مستويات:
ضريبة السكن: إذ يدخل المسبح في المبنى الملحق بالعقار. وبالتالي، فهو يخضع لضريبة السكن مثله مثل مكان الإقامة الرئيسي.
ضريبة الأملاك: تخص حمامات السباحة فوق سطح الأرض التي لا يمكن نقلها وكذلك الهياكل المدفونة والخرسانية. يعتمد مقدارها على القيمة الإيجارية للعقار.
وضريبة التطوير: تُدفع مقابل أي إقرار ضريبي لحمام السباحة. تدخل بعد الحصول على رخصة البناء للقيام بأعمال التطوير على الأرض.
ويممكن الاستفادة، تحت الإنشاء الجديد، من الإعفاء من ضريبة الأملاك والإسكان، وفق شروط يحددها القانون.
ويشار إلى أنّ السلطات الفرنسية اكتشفت في أغسطس/آب 2022، أكثر من 20 ألف مسبح " غير معلن لديها.
واستخدمت السلطات برنامجًا طورته شركة استشارات فرنسية اسمها "كابجيميني" بالتعاون مع شركة غوغل. وعلى امتداد أقل من عام، قامت بمسح جوي في 9 مناطق لتكتشف العدد الكبير من المسابح.
وقالت وسائل إعلام فرنسية، حينها، إنّ العائدات الضريبية التي ستفرض عليها ستبلغ قيمتها نحو 10 ملايين يورو.
يذكر أنّه يوجد في فرنسا، ما يقرب من 3.2 مليون حمام سباحة خاص، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن اتحاد محترفي حمامات السباحة (FPP) المنشورة في إبريل/نيسان 2022 .
المصادر
اقرأ/ي أيضًا
منظمات حقوقية: مرسوم سعيّد الذي يجرّم ترويج الأخبار الزائفة خطر على حرية التعبير
هل حقًّا استغرقت صياغة مسودة دستور 1958 في فرنسا أسبوعًا واحدًا فقط؟
