استيقظ العالم يوم الاثنين السادس من فبراير/شباط الجاري، على خبر وقوع زلزال مدمّر جنوبي تركيا وشمالي سورية، بلغت قوته 7.8 درجات على مقياس ريختر، وراح ضحيته حتى اليوم قرابة 32 ألف وفاة في تركيا، إلى جانب عشرات الآلاف من المصابين.
فيما وصل عدد ضحايا الزلزال في سورية إلى أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمئة، إذ أعلنت قوات الدفاع المدني التابعة للمعارضة السورية في آخر إحصائية لها عن 2274 وفاة، بينما أعلنت وزارة الصحة للنظام السوري عن 1250 وفاة أخرى.
وإلى جانب خسائر الأرواح، تعرضت المباني والبنى التحتية إلى دمار واسع، ووفقًا لآخر تصريحات وزير البيئة والتطور العمراني التركي، مراد قوروم، فإن 41 ألفًا و791 بناءً قد انهار أو به أضرار جسيمة تستدعي الهدم، في الولايات العشرة المتأثرة بالزلزال.
صمود مبنى غرفة المهندسين المدنيين أمام الزلزال يثير التساؤلات
ووسط سيل الأخبار المنتشرة حول الزلزال، حازت تغريدة لرئيس مجلس إدارة غرفة المهندسين الكهربائيين ماهر أولوتاس، نشر فيها صورة مبنى قائم في حين انهارت كل المباني الأخرى حوله، على تفاعل كبير.
وقال أولوتاس في تغريدته "المبنى الظاهر في الصورة هو مبنى غرفة المهندسين المدنيين في ولاية قهرمان مرعش، لا حاجة لمزيد من الكلمات! العلم والهندسة كافيان لبناء هياكل قادرة على أن تصمد حتى في مثل هذا الزلزال الكبير، طالما يتم تطبيق العلم والتكنولوجيا لصالح الناس".
ورصد “مسبار” ردود المتفاعلين على الصورة وقد أشار بعضهم إلى أن صمود المبنى قد لا يعود بالضرورة إلى متانة البناء بقدر ما يتعلق بأنه يتكوّن من طابقين فقط، وفي حين وافق أولوتاس على هذه النقطة، أشار إلى أن التقصير ونقص التخطيط هو أحد أسباب وجود أبنية بارتفاعات غير مناسبة لطبيعة المنطقة المعروفة بأنها معرّضة للزلازل.
وشكك بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي من خارج تركيا، في صحة الصورة المتداولة، إلا أن التغطيات الحية لوسائل الإعلام، نقلت مشهد ثبات المبنى الذي يقع في مدينة قهرمان مرعش على بعد قرابة 70 كيلومترًا شمال غازي عنتاب، وسط دمار اجتاح المباني المجاورة له.
أثار المشهد المتداول تساؤلات حول أسباب انهيار الأبنية بالكامل وعدم صمودها أمام الزلزال، ففي تصريح لقناة فرانس24 قال مصطفى إرديك، الأستاذ في جامعة بوغازيتشي في اسطنبول والخبير في الصندوق التركي لمواجهة الزلازل، إنه "كان متوقعًا تسجيل أضرار، لكن ليس كالأضرار التي نشاهدها الآن"، مردفًا بأن أرضيات الشقق السكنية تكدست فوق بعضها البعض في مشهد غير معتاد لانهيار الأبنية، إذ عادةً ما يجد الناس مكانًا للاختباء فيه إلى حين إنقاذهم من فرق الإنقاذ.
وقف عشرات متعهدي البناء للتحقيق في مسؤوليتهم عن انهيار الأبنية
وفي الوقت الذي أشار فيه بعض الخبراء إلى أن إهمال المقاولين بالالتزام بقواعد البناء المعمول بها بعد زلزال عام 1999، ساهم في مضاعفة حجم الكارثة، أعلن مؤخرًا وزير العدل التركي بكير بوزداغ، أنه تم وقف 134 متعهّد بناء على ذمة التحقيق في ولاية ديار بكر واعتقال ثلاثة منهم، للاشتباه بمسؤوليتهم عن المباني المدمرة.
وأمرت وزارة العدل النواب العامين في الولايات العشر المنكوبة بفتح "مكاتب تحقيق في الجرائم المتعلقة بالزلزال"، وملاحقة المقاولين المسؤولين عن إقامة أبنية مخالفة للمواصفات.
وفي حين وعد رئيس الدولة التركية بإعادة بناء المنازل المتضررة وتسليمها لأصحابها في الولايات المنكوبة خلال عام، تبرز مخاوف جودة الأبنية الجديدة ومدى التزامها بالقوانين، التي أشار الخبراء بأنها كفيلة بمنع وقوع كارثة بهذا الحجم إذا تم الالتزام بها. فضلًا عن مخاوف أكبر حول صمود الأبنية في المناطق التي نجت من هذا الزلزال ولكنها معرّضة لزلازل في المستقبل.
المصادر
اقرأ/ي أيضًا
هل يمكن التنبؤ بموعد وقوع الزلازل؟
تركيا: المعلومات المضللة تسبّبت بأضرار جسيمة خلال عمليات الإنقاذ